مبادرات خليجية غير مجدية
د . محمد صالح المسفر
د . محمد صالح المسفر

(1)

قضى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وقتا طويلا وهم يتنقلون بين الرياض وابو ظبي لايجاد مخرج للازمة اليمنية الراهنة، اجتماعات تلو اجتماعات ومبادرات حمالة اوجه، كانت الاولى اكثر وضوحا والتي تنص على تنازل الرئيس عبد الله صالح لنائبه والرحيل عن السلطة، لكنهم فيما بعد اصدروا مبادرة تناقض الاولى، ولعلي اقول ان اخر مبادرة لهم من ابوظبي اكثر وضوحا لكنها الاكثر اجحافا بحقوق الشعب اليمني واكثر كرما مع رئيس فقد شرعيته بعد خروج الشعب في كل ارجاء اليمن عن طاعته وسحبوا منه الشرعية التي منحوها له عام 2006 وامام العالم كله وليس عبر صناديق انتخابات اتصفت بالتزوير.

( 2 )

تنص المبادرة الاخيرة على تشكيل حكومة وحدة وطنية تتكون من 50% من اعضاء الحزب الحاكم + 40% من احزاب المعارضة + 10% من ممثلي ساحات التغيير في كل ارجاء اليمن. يعقبها اصدار عفو عام عن كل الذين ارتكبوا جرائم قتل ضد المتظاهرين في ساحات التغيير بموجب اوامر رئاسية، وكذلك تقديم ضمانات وافية بعدم مساءلة الرئيس وحاشيته ومساعديه وعدم ملاحقتهم قضائيا او ثأرا مما فعل خلال مدة حكمه، بعدها يقدم الرئيس استقالته الى مجلس النواب خلال ثلاثين يوما، ثم تجري انتخابات رئاسية خلال ستين يوما.

يقيني ان ما يدور في عقول وزراء خارجية مجلس التعاون هو كيف يوفقون بين مصالح جماعة ارتبطت بالرئيس علي عبد الله والمحافظة على كرامة الرئيس بان لا يخضع للمساءلة عن ما فعل بالشعب وما فعل بالمال العام.

الكاتب لا يشكك في القدرات السياسية لوزراء الخارجية ولا يشكك في عبقرية الامين العام السياسية الدكتور الزياني الا انني اجزم بان مبادرتهم هذه لم تنل الوقت الكافي من النقاش. فكل الوزراء منشغلون بمهام خاصة وعامة وعلى ذلك جاءت مبادرتهم انفة الذكر مختلة التوازن السياسي.

اذ كيف يتم التوفيق بين مطالب الشعب عامة برحيل الرئيس ونظام حكمه وهتافاتهم تقول 'الشعب يريد اسقاط النظام' واقتراح المبادرة ان يعطي الحزب الحاكم 50% من قوة السلطة التنفيذية، بمعنى آخر اذا تشبث هؤلاء بتولي المناصب السيادية وقيادات المحافظات اليمنية والامنية، ورفضت القوى السياسية في ميادين التغيير المعارضة ذلك المقترح فما هو الحل؟

وكيف تجيز المبادرة ان يكون لممثلي الشعب الذين ضحوا بمصالحهم وسالت دماؤهم بفعل قوى الامن لاكثر من شهرين بمنحهم 10% من الوزارة المقترح تشكيلها، وكيف يؤدون اليمين الدستورية امام رئيس انتهت صلاحيته دستوريا؟ والسؤال اما تعلّم مجلس التعاون من مبادرات الامر الواقع التي فرضها نظام مبارك المخلوع على الفلسطينيين بشأن غزة وما زال الامر معلقا حتى هذه اللحظة؟ كنت اتوقع ان تكون الصورة مقلوبة. كان المفروض ان تنص المبادرة على تنحي الرئيس عن صلاحياته لهيئة تتكون من (العلماء + الاحزاب والجماعات السياسية المعارضة + ممثلي شباب ساحات التغيير + شيوخ القبائل + المنشقين عن الحزب الحاكم) وكل جهة من هذه الجهات تختار ممثلا عنها في هذه الهيئة لفترة انتقالية مدتها ستة اشهر نظرا لظروف اليمن، وليس للرئيس حق الاعتراض على اي منهم، على ان تقوم هذه الهئية بالاعداد لانتخابات برلمانية خلال ستة اشهر ايضا تعقبها انتخابات رئاسية .

ان المبادرة الخليجية آنفة الذكر ستقود الى حرب اهلية لا جدال في ذلك تتحمل المملكة السعودية وعمان نتائجها.

ان عبد الله صالح لن يرحل بموجب هذه المبادرات، ان احد نصوصها يقول: يقدم الرئيس استقالته الى مجلس النواب الحالي وحتما سترفض لان الغالبية من الاعضاء يسيرون في فلك الرئيس وهنا تحدث الكارثة التي لا فرار منها. نعلم ان الخليجيين يتخوفون من انهيار الامن اذا غاب عبد الله صالح، ونحن نؤكد بان الامن منهار في ظل سلطته وهو المحرض على اضطراب الامن وبث الرعب في قلوب حكام الخليج من تنظيم القاعدة، ويقيني بان هذا التنظيم سيختفي باختفاء علي عبدلله صالح. في عهده قامت اكثر من خمس عشرة حربا مسلحة وفي عهده تعرض امن المملكة في الجنوب لمخاطر، السعوديون اعلم بها. معلوم ان الفقر والمرض والامية تنهش اليمنيين وثروات الرئيس وافراد اسرته والمحسوبين عليه تتعاظم وسيكشف التاريخ ما نقول، اليمن عنده مصادر ثروة متعددة لو كان به حكومة رشيدة ليس فيها فساد ولا مفسدون لاصبحت اليمن اغنى من كثير من الدول الخليجية المنتجة للبترول .

اخر القول: الجيش اليمني مطالب بالحياد التام كما فعل جيش مصر وجيش تونس والضغط على الرئيس للرحيل عن السلطة دون تأخير، ومشايخ القبائل يجب ان يتخلوا عن الرشاة والمفسدين من اجل مستقبل ابنائهم ووطنهم، وشرفاء الحزب الحاكم يجب الا يربطوا مصالحهم ببقاء الرئيس في سدة الحكم .اليمن حافظوا عليه قبل فوات الاوان.

*القدس العربي


في الثلاثاء 26 إبريل-نيسان 2011 03:09:57 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=10015