اليمن وسياسة الحكوال !!!
طارق عثمان
طارق عثمان

مأرب برس – خاص

حتى لا يتحكول ( يتعثر ) البعض بالعنوان

أجد نفسي مضطرا الى تفسير كلمة (( الحكوال )) ... ففي اللهجة الدارجة لكثير من مناطق اليمن تستخدم هذه الكلمة ( الحكوال ) للتعبير عن قيام احد المتصارعين واثناء تشابك الايدي والاجساد بمباغتة الخصم ووضع الساق خلفه ثم دفعه بقوة ليقع على الارض ....

 ولخطورة هذه التكتيك القتالي في حسم الصراع بشكل غير متوقع كنا ونحن صغار نشترط قبل الدخول في معركة سواء أكانت حقيقية أو استعراضية ( صفاط ) عدم اللجوء الى ( الحكوال )... لذا فسماع عبارة " من غير حكوال " أمر مألوف قبل الشروع في معركة جديدة وهي بمثابة وضع قوانين لمعركة شريفة ...

 شخصيا ذقت ألامرين من (الحكوال) وانا طالب في الابتدائية فقد كنت دائم الالتزم بقانون " من غير حكوال " طبعا ليس وفاء بالعهود المقطوعة قبل المعركة بل قلة حيلة فأنا لا أجيده ... وعندما كنت انقض العهد واباغت خصمي بالحكوال لا أفيق الا وقد امتلأ رأسي اما بالدم او بالنتوءات والكدمات ( الفرادع ) المختلفة ، ومن اتيحت له فرصة الاطلالة على رأسي وهو خالي من الشعر سيتأكد من الاثر المدمر للحكوال على من لا يجيده ....

هذا التقنية القتالية هي اهم ما ميز السياسة اليمنية خلال عدة عقود وقد أطاحت بكل من دخل في معركة مع رأس النظام ...

سقط زعماء احزاب فانشقت عنهم احزابهم أو انشقوا عنها أو انشقت الارض وابتلعتهم عندما دخلوا في معركة حقيقية او " صفاط " مع أفضل محكول عرفته اليمن ...

سقط مشايخ قبائل فتركوا القبيلة وأخلاقها أو تركتهم عندما دخلوا المعركة بالعرف القبلي ...

وسقط مشايخ علم عندما دخلوا الحلبة ليشتبكوا في معركة صفاط ثقيل لا يجيدونها وصدقوا حكاية " من غير حكوال " فخرج بعضهم بعد جولات معدودة إما وقد حلق لحيته أو نتفت منه وهو مشغول في البحث عن مشروعية ( الحكوال ) وعقوبة المحكولين ...

سقط رؤساء وزارات ووزراء وكبار ضباط واصدقاء كثر لأنهم اما لم يجيدوا الحكوال أو لم يأخذوا حذرهم منه...

ومن بقي على الحلبة الى الان أما شخص يمتلك مرونه وليونة عالية من امثال باجمال أو صلابة شديدة من أمثال الشيخ الاحمر أو شخص يشجع ويهتف للمحكول مثل البركاني أو شخص لم يأتي دوره والجميع ينتظر.. 

هذه السياسة أسقطت الناصريين مغشيا عليهم وأسقطت الاشتركيين مضرجين بالدم وأسقط الاصلاحيين مثخنين بالجراح ... لذا فقد لجأ هؤلاء جميع الى تعضيد بعضهم البعض من خلال اللقاء المشترك حتى تكثر السيقان فلا يقع أحدهم ضحية لحكوالة بارعة تذهب به الى مقبرة خزيمة ... فتشابكت أيدهم ليقيلوا عثرة بعضهم وتشابكت ارجلهم لتصبح عصية على ( الحكوال) ...

حاول هؤلاء في الانتخابات الرئاسية الاخيرة ان يضعوا قانون ( من غير حكوال ) لكن لم يفلح الامر فتحكول الجميع بالتزوير وبالتغرير وبالتمرير وبقضية الحارس الارهابي الذي ظهر على خشبة المسرح في الفصل الأخير ... وقبل ذلك استخدمت هذه الحرافة لإخراج الالاف الى ميدان السبعين هاتفين " أكمل الحكوال أقصد المشوار "...

سياسة ( الحكوال ) هذه هي من تدعو المواطن الى نبذ الفساد والتبليغ عن المفسدين والتشديد على الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في فتح ملفات الفساد ... ثم بحركة حكوال متميزة لا يجيدها اعتى لاعبي الجودو تغلق ملفات الفساد ويطاح بالنزاهة ارضا ، وأخر ما تناهى الى سمعنا هو "إغلاق ملفات الاراضي المنهوبة في عدن " بحركة حكوال فريدة يتلقاها جهاز الرقابة والمحاسبة ...

سياسة ( الحكوال ) هذه هي من تسمن البعض وتجعله يكبر ثم يكبر ثم تنقض عليه وبحركة خاطفة يكون قفاه على الارض يتحسس رأسه من الالم وهو الذي كان يظن نفسة الصديق الحميم وهو في حقيقة الأمر لم يكن الا اداة مستخدمة لزوم التدريب واللياقة والاحتكاك والتسلية حتى لا تذهب الحرافة والمهاره اثناء خلو الحلبة من المنافسين الذين يعتد بهم ...

مايحدث في صعده اليوم هو واحده من اكبر معارك ( الحكوال) التي استعصى فيها الطرف الاخر الذي يخبىء ساقه بين صخور الجبال عن الوقوع بعد ان فطن الى الحرافة وبعد ان تقوى واصبح يريد ان يكون لاعبا اساسيا داخل الحلبة لا متفرجا عاديا ... طرف دُعم ليكون اداة" التشيع "( للحكوال ) والايقاع باداه اخرى " السلفية " والتي كان دورها المساعده ( للحكوال) بخصم عنيد هو الاصلاح ... فكثرت السيقان واختلط الامر وانقلب الصفاط زعل ...

الامثلة لا تعد ولا تحصى للدلالة ان هذه السياسة هي مايميز التاريخ اليمني في عقوده الاخيرة ولايتصور ان يتم سردها في مقال مهما طال ..

ولكن في الاخير أعتقد ان الوطن مبطوح ولاسبيل إلى طرحه ارضا فهو ملتصق بالأرض اصلا منذ زمن بعيد لذا لا بد من التوقف عن هذه السياسة التي لم تثمر إلا مزيدا من السقوط والمتساقطين فلنهتف جميعا بليـــــــــــــــز " من غير حكوال " ..


في الجمعة 16 فبراير-شباط 2007 02:41:00 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=1156