لأنوثة تستغيث..رحم الله سراويل رجال باب الحارة!!
هناء ذيبان
هناء ذيبان

 ثمة ظلم فاحش, تعانيه شعوبنا من مستبدين, يجمعهم الغباء .. وطغاة يقفزون على حقائق التاريخ والتطور الإنساني المذهل, وعلى حقائق الدين والحضارة, ضانين أنهم بذلك يستطيعون الاستمرار في استغفال الشعوب ، والمضي بها إلى أدنى مستويات التخلف والضعف .. !!

 طغاة حولوا الأوطان إلى بضاعة يمكن جلبها ساعة عسرة , إلى أي مستنقع يريدون .. طغاة ألغوا معادلة الشعب والحكم العادل, لصالح معادلة العبيد وحكم العائلة .. هم ذاتهم تم استنساخهم واستزراعهم على امتداد هذه الجغرافيا المستباحة !!.

اليوم سوريا بما تعنيه من موقع, ودور وتاريخ ومستقبل وتأثير , تقف على مفترق طرق خطير ومصيري .... 

 انتفض الشعب السوري برقي وحضارية, فجاءت ردة فعل النظام منسجمة مع تاريخه الأسود.. أوغل في البدائية والوحشية .. مفرطا بالقتل والترويع والبطش.. 

 سال في هذا الثورة دم كثير, وفي كل مكان..ارتكب النظام المجازر فاقت حصيلتها في يوم واحد المائة والعشرين شهيدا, سالت دماؤهم على مساحة القطر السوري كله.

 إنهم شباب ثائر يجترح اليوم المعجزات . ملايين الحناجر الشابة تهتف للحرية والعدل والحق .. تهتف للوطن، والوحدة .. وتحتفي بالشهادة والشهداء.. وتنادي بسقوط دولة الاستبداد والقتل والقمع .. !! 

سورية.اليوم بحر هائج من صرخات الألم, واستغاثات المستضعفين , وليس ثمة من يصغي إليها، أو يسترق السمع إلى أنينها وشكواها, إلا من جبل قلبه من أوتار الرحمة وألحان الشفافية، وفيض بركات السلم، وغيض الإنسانية، ورقة الإحساس بالوجود، وغور التأمل في الكون..

الشجاعة هناك تستغيث ، فلا ترى إلا صمت الجبناء وثرثرة المنافقين والدجالين, ونقيق المتضفدعين وتموج المتوجين..

والحب هناك يستغيث، فلا يجد إلا الأنانية والبغض والكراهية, والتلاعب بالأحاسيس والمتاجرة بها.

والرحمة تستغيث، فلا تصطدم إلا بقلوب متحجرة كالصخور الصلدة، لا تعرف طعما للرحمة، ولا تستطيع كل أزاميل الإنسانية أن تنقش فيها حرفا من المحبة والتسامح.

والنبل يستغيث، فلا يقع إلا على نفوس وضيعة، خلت من النزاهة والشمم والكبرياء، فباتت عبيدا لسلطان المادة والأنانية والمصلحة والمنفعة الذاتية.

والكرامة تستجير، فلا تجد إلا نفوسا تمرغ بأوحال الوضاعة وقلة الضمير, والاتجار بالشرف وحقوق الأوطان والبشر.

والمروءة تستنجد، فلا تواجه إلا المتخاذلين والانتهازيين وأبناء الشوارع الذين همشتهم الحياة؛ فأصبحوا بلا حياة، لا يسمعون من يناديهم.

والطهر يستصرخ النفوس النقية، فلا يرتطم إلا بجدران القذارة ولوثة المجرمين من طغاة العالم, الذين دنسوا كل ذرة طاهرة في الحياة.

والإنسانية تستغيث، فلا تكتحل عيناها إلا بألوان العصبيات العرقية والمذهبية والسياسية, والتكتلات الاقتصادية القائمة على المصالح المادية المشتركة..

والأنوثة تستغيث، فلا تقع مداركها إلا على ذكور يتشبهون بالإناث، وإناث يتشبهن بالرجال, فرحم الله سراويل رجال باب الحارة..!!

     
في الخميس 22 ديسمبر-كانون الأول 2011 10:01:24 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=12948