الحُصيني الاديب والناقد الذي استهلكه العمل الاداري
د.عبدالمنعم الشيباني
د.عبدالمنعم الشيباني

ربما لم يطرق كثيراً اسماع عشاق الأدب والنقد اسم هذا الناقد والأديب اليمني الجميل في اناقته الروحية والمظهرية، صاحب اهم أطروحة في ( ادب علي أحمد باكثير، القسم الروائي على الاخص) مكتشفاً أهم إنجازات وإضافات الشاعر والروائي اليمني (الحضرمي) الراحل باكثير، رائداً ومجدداً..لستُ هنا لأكتب شيئاً عادياً بل قصة أديبٍ حقيقيٍّ يجمع بين" الشعرية " و"الأكاديمية"، وبين مواهب إدارية إستثنائية وملكاتٍ أدبيةٍ لم يسمح وقته الأكاديمي بإبرازها حتى هذه اللحظة، وما قرأناه عنه في المنتديات إلا نزراً يسيراً ونقطة ضؤ صغيرة من عوالم الإبداع الأدبي لهذه القامة البديعة.. ازعم انني اعرف مواهب هذا الرجل الأديب والناقد أكثر من أي شخص آخر، وكم كنتُ أود أن أكون معه من دون انقطاع في رحاب النقد والأدب، إنه الدكتور عبد القوي محمد احمد الحُصيني، عميد كلية التربية والآداب والعلوم ( التربة- جامعة تعز-ثم كمشروع جامعة مستقلة في التربة).. اقول في فاتحة هذه المقالة معلناً ان ما اكتبه من سطورٍ مبرأً من اغراض المصالح الذاتية او الاغراض الانتهازية (هذه ليست ادواراً احسنها)، بل شذراتِ وفاءٍ لأستاذٍ واديبٍ يعلِّم الناس الاناقة الروحية والجمال الفكري الإنساني، وفكرياً هو المربي الاول في فكر الإخوان والمؤسس الأول في المنطقة، ومع احترامي للشخصيات التربوية العاملة في الميدان بالشمايتين كلِّها، الا ان وفائي للدكتور عبد القوي الحُصيني وفاء عاشقٍ للجمال، اعشق فكر هذا الرجل اخوانياً مستنيراً وعلمانياً معتدلاً، كإقنيم من اقانيم الجمال الفكري الراقي، انه اجمل من يرتل القرآن واجمل من يتكلم في الشعر والادب والفكر، قامةً جميلةً اعشقها، وفكراً مزدهراً يغمر من حوله بالعطاء.. اعشق فيه روح العلمانية بلمسة اخوانية سحرية منفتحة على الالباب، وهو شاعرٌ بديعٌ غير انه مقلٌّ تماماً كـ زياد ابي غنيمة وهو اديبٌ موسوعةٌ وناقدٌ فريدٌ وهو رائدٌ ومؤسس لكليات المجتمع في منطقته (التربة-ذبحان-حجرية) وأحد ابرز ركائز المجتمع المدني، هذا العملاق بفكره والمؤسس للجامعة بذكائه الاداري هيهيات تنال منه اصابع الفساد الخفية والظاهرة لأنه رائدٌ عملاقٌ ضحَّى بوقته كلِّه وشبابه كلِّه من اجل تأسيس جامعة في قلب الشمايتين (جامعة التربة).. هذا رجلٌ عملاق اقولها-من غير ان انتظر من استاذي العظيم جزاءً ولاشكوراً- اعرفه جميلاً وادارياً محنكاً استطاع ان يلقن المؤتمريين ارباب الفساد دروساً في فن النزاهة واستطاع ان يلقن قيادات الإصلاح التقليدية ابلغ الدروس في الفكر الثتاقب والنظر البعيد.. لن تذهب مشاريعك-يا ابن الزهراء-سدىً وانتَ من اسقيتها بماء عرقك وحرارة اخلاصك كمؤسس اول ووحيد لجامعة يحلم المجتمع بها في قلب قلب الحُجرية يامؤسسها الاول ويارائدها الأول.. هذا هو باختصارالدكتور الحُصيني رجل التأسيس ابداً للفكر والعمل وللصرح العلمي الأكاديمي ورجل تضحياتٍ من اجل المجتمع وبناء مؤسسات المجتمع...للحُصيني منجزاتٌ هو صديقها وجامعاتٌ هو مؤسسها وصروحُ علم ٍهو بانيها وجهودٌ جبارة ٌهو باذلها من اجل المجتمع المدني والجيل المتعلم المنشود.

انه الاديب العملاق والناقد المتمكن عبد القوي الحُصيني الذي استهلكه العمل الاداري على حساب النقد والادب، انه من بذل كلَّ غالٍ ورخيصٍ- ولم يزل- حتى كان قاب قوسين او ادنى من لحظة الإعلان عن اعتماد(جامعة التربة) جامعةً مستقلةً.. من سؤ حظ هذا الأديب ملكاته القيادية وقوة تأثيره الإجتماعي حتى تحول –في أغلب أو قاته إن لم تكن كلها- إلى مصلح اجتماعي، ولا أذكر ان عبد القوي الحصيني قد تناول طعامه -ولو مرةً واحدةً- مع السيدة الفاضلة (ام جهاد)- ذلك أن الناس والمجتمع لم يتركوا له ذلك، إذ سرعان ما يفدون إلى "الديوان" من كل حدبٍ وصوبٍ، رجالاً ونساءً، من اولي المشكلات المختلفة (إجتماعية، تعليمية تربوية،جنائية، بل ومشكلات عاطفية و أخرى أكثر خصوصية) لا يطرحونها إلا على "سعادة الدكتور عبد القوي" ليحلها، هكذا ينازع المجتمع الدكتور الحُصيني وقته للنقد والأدب والكتابة، وهكذا لا يجد الدكتور الوقت الذي يخلو فيه إلى فضاءات الأدب والتحليق المبدع، والأدهى من ذلك استقطاب رجال السياسة والأحزاب له ( وخاصةً من ارباب السلطة والحكومة والوجاهة ومن "ملوك الطوائف" لا حصر لهم) ، كلهم يطمع أن يضمه إلى صفه نصيراً أو معيناُ له في قضيةٍ انتخابية أو سياسية معينة أو تأسيس "مملكة جديدة" أو "مشيخة ناشئة" ودائماً يظل الحصيني عامل توازن بين الأجنحة المتصارعة او مصلحاً بينها، ودائماً يظل صاحب الرأي الأمثل لوضع دساتير الممالك آنفة الذكر.. متى يجد هذا الرجل الوقت ليلوذ إلى نفسه وعواطفه وأوراقه المبعثرة؟..ماذايريد الناسُ من عبد القوي الحُصيني؟ الم تنجب المنطقة سواه لحل مشكلاتها والصلح بين الأجنحة المتنافسة؟! ليدعوا الرجل وشأنه يفرغ للأدب والنقد ولـ علي احمد باكثير !

أثق بهذا "العميد رئيساً لجامعةٍ وأثق به " عميداً للأدب العربي لا عميداً لكليةٍ فحسب أو رئيساً لجامعة يمنية وهو لكل ذلك أهلٌ وأزيد ، ربما –أقول ربما-يعرفني الدكتور الحصيني مخلصاً "غير منافقٍ" يجمعنا الحرفُ والعشقُ للأدب والسينماء المصرية ولـ رابعة العدوية ، وما أقوله في الرجل أقلُّ من الوصف وأن الحُصيني فوق ما أصف، وهو الأجدر بقيادة العمل الأكاديمي رئيساً لكلِّ جامعات اليمن.. وقد كان هذا الرجل – ولم يزل –مثلاً للكاتب اعلاه "في الفكر والأدب وجمال شخصيته الآسرة"..، طالما حدثته عن مشاريع أدبية لكن سرعان ما تبرد حماسته على إثر تدفق( تلك الوفود) تطلب منه المدد العاجل لحل معضلاتها الإجتماعية، وآخرون ( فوضويون مشارعون) يريدون الدكتور ان" يشارع" لهم...أما أمرٌ آخر متصل بعنوان المقالة هو أن العمل الإداري والأكاديمي في الجامعة قد استهلك وقت وحياة الحُصيني الأدبية، وكثيراً ماشتكى أدباء عربٌ من هذه المسألة، استهلاك الواجبات الأكاديمية والإدارية لعصارة شبابهم الإبداعي الإنتاجي، وهذه الظاهرة أكثر انطباقاً على الأديب الأكاديمي الحُصيني من غيره من الأدباء، فمنذ التأسيس لكليات الجامعة الفتية بالتربة (الحجرية ذبحان تعز) إلى مشاريع أكاديمية وطموحات نهضوية بالكليات والأقسام لا تنتهي، إنها مشاغل الإدارة وهموم العمل الأكاديمي تنسي الأديب نفسه وتخطفه من منصة الضوء الأدبي، ولهذا كثيراً ما يلغي الحُصيني مواعيد الندوات الأدبية لمصلحة العمل الأكاديمي، إذ صار الهم الأكاديمي ( طبينةً) و(ضرةً) تنازع أديبنا" المخطوف، المخطوف من النقد والمخطوف من علي احمد باكثير والمخطوف من (ام جهاد)... ولستُ ابالغ ان قلتُ أن عبد القوي الحصيني صاحب أكبر منظومة أصدقاء من الأدباء والشعراء والنقاد والنحاة والمفكرين والفقهاء واللغويين والأكاديميين ورؤساء الجامعات والشخصيات الفكرية والسياسية ليس في اليمن فحسب بل في عواصم عربية كثيرة أهمها القاهرة وعمَّان والرياض ودمشق..، هذا الرجل العملاق عالمٌ أدبيٌ واسعٌ وفضاءٌ فكريٌ أوسع وأرحب، وهواجدر من يتكلم باسم التراث الأدبي الخالد لـ علي أحمد باكثير.

وختاماً لستُ أزعم أنني ناطقٌ رسميٌ باسم الحُصيني(استاذي الحقيقي في الفكر الإخواني الجديد بروح العلمانية المتوازنة) ولكن عاشقٌ للأدب والأدباء وأرباب اللغة والشعر والفكر والنقد وهو يجمع كل ذلك وهو اجدر من يقود المجتمع بفكره الجديد كمؤسس حقيقي وكـ رائد من رواد المجتمع المدني والأكاديمي في اليمن.. ان الدكتور الحُصيني منحة ربانية للمجتمع المدني والوسط الأكاديمي ثم الفكري والادبي فلنصلِّ خلفه رائداً للعطاء وقدوةّ في التأسيس وفاتحةّ للإنجاز ورئيساً للجامعة، ولنصلِّ خلفه قيادياً في المجتمع التربوي والأكاديمي وقيادياً ادارياً جديراً بالمهام الكبرى كـ رئيس جامعةٍ مستقلةٍ هو من اسسها.. ليس عجباً ان نحبكم ايها الرائد والناقد الجميل، ياعبد القوي الحُصيني، ولا ابالي ان عيَّرني الوشاةُ بذلك فقد عيَّروا من قبل (عبد الرحمن القس) حبَّه لـ (سلاَّمة) :-

قالوا أحبَّ القسُّ سلاَّمةً ** وهو التقيُّ الورعُ الطاهرُ

كأنما لم يدرِ طعمَ الهوى ** والحبَّ الا الفاسقُ الفاجرُ

يا قوم اني بشرٌ مثلُكُمْ ** وقاهري ربُّكمُ القاهرُ

لي كبدٌ تهفو كأكبادكمْ ** ولي فؤادٌ مثلكمْ شاعرُ

*شاعر وناقد يمني 


في الخميس 05 إبريل-نيسان 2012 06:25:37 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=14948