نهاية الطيش في بني حشيش
د.كمال  البعداني
د.كمال البعداني

مأرب برس - خاص

إن وصول مجموعة من المتمردين الحوثيين إلى بعض المواقع في بني حشيش بداية الأسبوع الماضي كان له أكثر من دلالة، لعل أولى هذه الدلالات هو حالة اليأس التي أصابت قيادة التمرد عندما أدركت جدية الدولة هذه المرة للقضاء على الفتنة، فعمدت هذه القيادة إلى استخدام أحد كروتها الأخيرة "وهو الضرب تحت الحزام" في ضواحي العاصمة وذلك في محاولة يائسة لتخفيف الضغط على جبهة صعدة بعد الضربات الموجعة التي سددها الجيش للمتمردين هناك، كان الحوثيون يعتقدون أن الضجة الإعلامية لمثل هذا الحدث كفيلة برفع معنويات أفرادهم المنهارة في صعدة، وربما كانت حسبتهم أن الدولة ستشعر بالحرج وتأمر بإيقاف ملاحقة المتمردين في صعدة، ومن ثم المساومة مع المتمردين في بني حشيش، هذه كانت حساباتهم ولكنهم فوجئوا "أن عبده غلط بالحساب" وحصل ما لم يكن في خاطرهم، لذلك لا نستغرب في الأيام القادمة من ظهور بعض الحركات من قبل المتمردين في هذه المنطقة أو تلك والتي لم نعهدها من قبل، نعم لا نستغرب من ذلك فإنه يأتي من قول الشاعر:

لا تحسبوا رقصاتي بينكم طرباً فالطير يرقص مذبوحاً من الألم

نعم إنها رقصة الموت فلا نفزع من ذلك.. الدلالة الثانية من هذه العملية هي ظهور كذبهم وخداعهم لمن كان لا يزال مخدوعاً بهم، فقد كانوا يقولون من قبل أن هناك قادة في صعدة يريدون استمرار الحرب وأنها من مصلحتهم، بل نجد أن "صالح هبرة" وهو الذي مثل الحوثي في اتفاق الدوحة قد أرسل كما ذكرنا في مقال سابق برسالة إلى رئيس الجمهورية يطلب منه سحب ملف صعدة من القائد/ علي مسحن حتى تستقر الأوضاع هناك، والآن السؤال الذي ينبغي أن يجيب عليه هبرة هو "هاهم المتمردون في بني حشيش وهي لا تتبع لواء صعدة بل تتبع العاصمة صنعاء ومن ضواحيها فماذا سيقول صالح هبرة؟ لصالح من التمرد في بعض مناطق بني حشيش وهل سيطلب من رئيس الجمهورية أن يسحب ملف بني حشيش من القائد/ أحمد نجل الرئيس حتى تستقر الأوضاع هناك؟".

اعتقد أن الوقت لم يسعف صالح هبرة لكي يطلب مثل هذا الطلب، إنه مسلسل لا ينطلي إلا على سذج ومغفلين وليس على قادة ورجال دولة، وعلى الرغم من سرعة التعامل مع التمرد هناك "في بني حشيش" فإن ما حصل يجعلنا نقف مع أنفسنا ونتساءل ونقول: أين الرصد الاستخباراتي للدولة وأين البعد الإستراتيجي؟ لقد كان أبناء اليمن قبل أيام يتندرون في مجالس القات على حكومة السودان -رغم تعاطفهم معها- ويسألون كيف وصل المتمردون إلى ضواحي الخرطوم دون معرفة الحكومة السودانية؟، ولم نكن نعلم ما يخبئه لنا القدر، لماذا لم تعمل الدولة حسابها في هذه المنطقة خاصة وهي تعرف أن هناك من يغذي أهالي المنطقة بالفكر الذي يحمله المتمردون في فترة كبيرة تحت سمع وبصر الدولة؟ إن الدعاة الذين يدعون لهذا الفكر هناك يفعلون ذلك تحت حجة المحافظة على مذهب الإمام زيد، وحاشاه رضي الله عنه أن يكون الخراب والدمار والقتل وقطع السبيل من مذهبه، فكلنا نعرف أي مذهب تتبع هذه الأعمال، فما حصل في العراق خير برهان، إنها الأفكار الإمامية الاثنا عشرية الذي حذر منها الإمام زيد نفسه وكذلك الإمام الهادي رحمهما الله جميعاً، فالإمامية الاثنا عشرية هي التي قضت على الدولة الزيدية في طبرستان والديلم في القرن الثامن الهجري والذي كان قد أسسها "الإمام الناصر الأطروشي" حفيد الحسين بن علي رضي الله عنهم جميعاً وذلك عام 301هـ، نعم قضت عليها ومنعت كتب الزيدية في تلك المناطق بحجة أنها كتب كفرية، والغريب أن البعض من هؤلاء الدعاة من لا يزال يطلب من الدولة السماح له بفتح جامعة، وأنا شخصياً أوافقه على هذا الطلب على شرط أن يكون المقر الرئيسي لهذه الجامعة هو مقبرة الشهداء في العاصمة صنعاء وتكون الفروع في كل مقابر الجمهورية والذي دفن فيها كل من استشهد في صعدة أو حرف سفيان وبني حشيش، فهل سيرضى صاحب الطلب بذلك؟ وفي الأخير الشكر والتقدير للشرفاء في بني حشيش وهم كثر والذين لم يسقطوا في هذا المستنقع ووقفوا مع الدولة ضد التمرد، ضد هذه الفئة المارقة، أما جيشنا اليمني العظيم من أبناء القوات المسلحة والأمن فنقول له "بيض الله وجهك" فكلما داهمنا الخطر كررنا إليك النظر، فأنت السياج الحامي الذي إذا تمكنوا منه فعلوا بنا الأفاعيل،

فتحية لكم أيها الجيش العظيم وأنتم تقدمون دماءكم وأرواحكم من أجلنا ومن أجل الأمن والاستقرار، تحية لكم في بني حشيش وألف تحية لكم في حرف سفيان وفي مناطق صعدة المختلفة وعلى امتداد وطننا اليمني الكبير، اعلموا أن انتصاركم هو انتصار للوحدة اليمنية وتثبيت لها، فنسأل الله أن ينصركم وأن يشفي جرحاكم،وأن يرحم شهداءكم، ولابد من كلمة أخيرة أوجهها للرجل الأول في هذا البلد فأقول له "ها أنت قد رأيت بنفسك ما يصنع هؤلاء الناس، فإن هؤلاء ودعاتهم لا يهمهم مذهب زيد ابن علي بل الذي يهمهم ذهاب دولة علي" .


في الإثنين 02 يونيو-حزيران 2008 04:35:50 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=3802