المسافة بين بن شملان ودار الرئاسة ، نعم ستكون مفا جأت
كاتب/مهدي الهجر
كاتب/مهدي الهجر

" مأرب برس - خاص "

هناك من يعتقدون نتيجة لقراءاتهم المختلفة باستحالة أن تلد الانتخابات الرئاسية والمحلية القادمة أي تغيير ،فالجمعة هي الجمعة ، والخطبة هي الخطبة ، ونسبة ال20% هي السقف ،وماعدا ذلك ضربا من الخيال ،ويستند هذا الفريق في طرحه إلى ما يزعم أنها رؤية واقعية تقوم على مسح دقيق للمركب الاجتماعي والسلطوي وللمعطى الأمني والعسكري ،فضلا عن تقاطع المصالح مع الإقليمي والدولي ،وهي كلها تتجه لترجيح كفة الشعبي العام رئاسية ومحليات ..

ومع التقدير لهذه القراءة ووجاهة معطياتها ، إلا أنها تتسم بالجمود في أدواتها والظاهرة محل التحليل ،ذلك أن أهم سمة يتميز بها السلوك الإنساني عبر أطواره المختلفة هي التغير بل والتغير الحاد في الكثير من مساراته ،وعلى ذلك تتبلور الظاهرة كإفراز لهذا السلوك ..

والأصل أن يتجدد التحليل ومع أدواته في مواكبة هذه الظاهرة والتعمق في هذا السلوك ..

قد تكون هذه القراءة ايجابية في مواجهة الظاهرة السياسية وسلوك الناخب اليمني في أيام خلت انتهى محددها بعام 2000 م ،والسبب في ذلك أن تلك المحطات والمراحل شهدت ثبات شبه نسبي للأحداث والتفاعلات الأخرى ،فاتسمت معها الظواهر بما يشبه الجمود والتكرار ،غير أن الأحداث المختلفة مع مجيء الألفية الثالثة شهدت تداعي وتلاحق مفرط ومهول على كل المعمورة ،بما كانت له آثاره على البيئة اليمنية .

لا احد ينكر أن هناك ثورة إعلامية وسياسية، وفي مجال الأفكار والاتجاهات، وأهمها ما يتعلق بالمقاومة الفكرية والسياسية كلها عززت من تنامي الوعي والرفض لما هوجامد وتقليدي ،وتعرية وفضح نظم الاستبداد والتخلف ،وإيجاد فجوة كبيرة بين الأنظمة العربية وشعوبها زادت أكثر بفعل المستجدات الإقليمية والدولية الأخيرة .

ولعل الحضور الشعبي والجماهيري الذي تصدر أكثر في الآونة الأخيرة مساحة وفعلا ،مرده عجز الأنظمة عن مواكبة الوعي والحالة النفسية والديناميكية الشعبية ،حيث لا زالت هذه الأنظمة تحكم بعقلية السبعينات ومنتصف الثمانينات ،بل وزادت ضمورا وابتذالا في كثير من القضايا ،كان الأجدى لهذه الديناصورات أن تجدد وتتجدد ,لكنها لم تبارح طبيعتها ،تبدو تلك المقولة حقيقية ، من شب على شيء شاب عليه .

وهكذا فقراءة أخرى وبمفردات جديدة هي الأدق والأصح في تملي المشهد والتنبؤ بتحولاته المستقبلية .

الشارع هنا هو محل الفعل والمفاجأة ، ولم تعد الأنظمة اليوم في ظل ما هو حاصل بقادرة على توجيه مؤشر البوصلة وإحكام السيطرة ، وان كانت فهي محاولات مرتعشة لمستميت تحس بأنفاسه تتهدج وروحه تنتزع ،هذا ما نحسه على مستوى المنطقة .

ولعل قراءة النفيسي في تقييمه للمشهد العربي هي الأكثر قربا ,بتأكيده على أن المرحلة اليوم تشبه تماما مرحلة الخمسينات والستينات في المنطقة العربية حيث غلبت عليها الثورات والانقلابات ويقظة الروح الشعبية .

ولعلك تتيقن بذلك وأنت ترى ما أفرزته الانتخابات الفلسطينية لشارع يعي تماما ماذا يصنع وما هي العواقب والتداعيات المستقبلية داخليا وإقليميا ودوليا .

كانت القراءة التقليدية – السالفة الذكر- للظاهرة والحدث تستبعد تماما فوز حماس بفعل حضور معوقات عدة ،نفس الأمر وفي ذات السياق مشهد الانتخابات المصرية ،رغم البلطجة الحادة للنظام ،وتلك المنافسة المحددة للمعارضة ,إلا أن المفاجأة هي التي كانت ،الشاهد هنا والذي يعنينا ،أن المفاجآت هي الخبر العاجل ،وان ما كنا نحسبه مستحيلا ما عاد كذلك ،بل إن الشارع العربي يفجأك ويدهشك بما لا تتصوره في تتال وتلاحق ،تظهره الفضائيات تباعا في خبر عاجل ..

في الانتخابات النيابية للعام 2003م ما كان الشعبي العام يتوقع أن تلقي به المدن الرئيسية ,ولولا انه وجد نفسه في الأرياف وبعض المحافظات المنهكة لكان حاله غير ماهو عليه الآن ،وان كان له حضورا في بعض المدن الرئيسية كعدن وتعز فالجميع يعلم طبيعة هذا الحضور ،وعند اوراس الخبر اليقين .

كما أن انتفاضة الفقراء في مواجهة الجرعة الأخيرة كانت هي الأخرى مفاجأة لم يتوقعها احد،بعد ما أعدت السلطة عدتها واستجمعت قواها ,وفاجأت الشعب ليلا وعلى حين غرة بإعلانها الجرعة ,للحيلولة دون قيام المعارضة بتسيير مسيرات احتجاج .

المفاجأة هنا هي تلك التي قام بها الأشعث الأغبر المكدودة قدماه بعفوية منه وتلقائية وبدون توجيه من احد إلا من نفسه ،وهو الذي ألفوه أيسا ساكنا ووديع ، شعاره الدائم ما لنا وللمشاكل ،ورانا جهال ،عبد المعز معول ومعجز ما هش حق الرفلة ،حاله حال سبيله ..

هذا العديم فجأة انتفض كا لمارد ,وهب كعاصفة أوشكت أن تأتي على بنيانهم من القواعد .

كذلك الأمر مع أحداث صعدة ،رغم ملابساتها المختلفة والمواقف منها ،إلا أنها هي الأخرى ما كان احد يتصور تداعياتها ونتائجها ..

المعادلة اليوم بالفعل تغيرت ،والفاعل الأكبر هو الشعب ،ربما في الجزء الكبير منه بتلقائية وعفوية ،ولعل حيويته فاقت قدرات القوى السياسية المحركة في المواكبة .

وعلى ذلك فاني مراهن بفوز بن شملان بسهولة وبرقم ،شريطة أن يستفيد المشترك من كل ممكن متاح تهبه البيئة السياسية والاجتماعية وفي إطار المشروع ،وفي ظل حيوية قصوى وتوظيف كامل للطاقات. .

المفاجأة هنا بالنسبة للمؤتمر وليس لنا ،في أن أدوات البلطجة والنزق المعهود وعلى غرار الرضمة وأخواتها ،ما عادت اليوم مقبولة ولا ممكنة البتة

،وليعلم فنادمة واعفاط الشعبي العام أن أي تهور أو شطط اليوم سيواجه بنضال سلمي مدني ,وسيكون على أية حال ملفات مفتوحة ،قد تجر معها سابقات منسية لملاحقات قانونية ولأشخاص بعينها كانوا بحجم الذبابة أو الفيل ،إن لم تسعها الجزائية هنا ففي عولمة القضاء سبيل ،ولعل في المشاهد القريبة عبر ودروس .

ختاما ...إن التداول سنة إلهية بحاجة إلى مزيد من الدفع ،وان التغير حتميات ،حتى لا تتعفن وتفسد الحياة ،وان ما كان معقولا وشبه متوافق عليه بالأمس لدواعي ما ،ليس مهضوما اليوم

وان المسافة بين بن شملان ودار الرئاسة تفصلها خطوات .

الوقائع بمعطياتها ,وليس من قبيل الزخم الدعائي.

نعم ستكون هناك مفاجات..


في الأحد 27 أغسطس-آب 2006 08:48:00 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=451