الجنين المشوه في صعده
د.كمال  البعداني
د.كمال البعداني

إن القلب ليفزع وإن العين لتدمع وإنا على سفر قادة التمرد لمحزونون .. هل يعقل أن القيادة السياسية التي أدارت حرب الانفصال هي نفسها التي تدير حرب صعده ؟ هل يعقل أن الطابور الخامس يستطيع الوصول والتأثير على مركز القرار بهذه الصورة المفزعة والمخيفة ؟ هل يعقل أن هذا الفكر الذي يحمله المتمردون قد تسلل إلى دار الرئاسة في غفلة من رأس الدولة ومنا جميعاً ؟ أسئلة مخيفة ومرعبة وتصرفات من الدولة تجعل الحليم حيران ! هكذا بكل سهولة قادة التمرد يغادرون شعاب صعده وجبالها الحدباء الى دوحة الخير والعطاء في قطر لينعموا بخيراتها ويسكنون قصورها وأيديهم ملطخة بالدماء مخلفين وراءهم عويل الثكالى وبكاء اليتامى وأنين الجرحى في أغلب مناطق اليمن ؟ فهل هذا هو جزاءهم العادل الذي كانت الدولة تهددهم به ؟! إذاً ما دام عقاب المتمردين في بلادنا بهذه الصورة فأنا شخصياً أعلن تمردي على الدولة ، ولن أقوم بتسليم سلاحي الأقل من المتوسط إلا إذا تم إبعادي الى أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة ، فأنا لا أريد الدوحة فقد أتعرض لمضايقات هناك من أبناء الحوثي بسبب مواقفي أثناء الحرب ، ومع ذلك فإني أخشى أن يقوم الطابور الخامس بإقناع الدولة بإبعادي الى الصومال أو تشاد بدلاً من أبو ظبي ، وبما أني أعرف تأثير هذا الطابور على القرار في بلادنا فأنا هنا أعلن إنهاء تمردي دون قيد أو شرط ولا داعي لإحضار العلماء من أنحاء اليمن لينظروا في أمري كما صنعوا مع تمرد الحوثي ، فأنا حريص على ماء وجوههم لأني أعرف دولتنا جيداً ، وإني أسأل حكومتنا وأقول هل أنصفتم الجيش والأمن وأبناء هذا الشعب والذي قدم خيرة أبناءه وسُكبت دماءهم في جبال صعده وشعابها ؟ وبينما هو يقترب من نقطة النهاية ليقتص من القتلة ويقضي على الفتنة فإذا بكم تقولون له كفاية الى هنا ( المخرج عاوز كده ) ، وإني أتساءل أيضاً وأقول ماذا لو كانت قطر موجودة في عهد الإمام المهدي عباس والذي قام بنفي يحي بن محمد الحوثي ومن معه الى جزيرتي \\\" زيلع \\\" و \\\" كمران \\\" بعد أن تم جلدهم وتعزيرهم في شوارع صنعاء وضربت الطبول فوق ظهورهم في عصر الإمام الشوكاني بسبب إعلانهم العقيدة الرافضية وسب الصحابة في الجامع الكبير وإثارة الفوضى في شوارع صنعاء يوم 14 رمضان 1216هـ ، فهل لو كانت قطر موجودة بقصورها وفنادقها كان الإمام المنصور ابن المهدي عباس سيرسل الحوثي ومن معه الى هناك ؟ أشك في ذلك ..

يا الله رحماك يارب الى من تكلنا الى عدو يتجهمنا أم الى قريب ملكته أمرنا ؟ فهل يعقل أن الحرب كانت عبثية كما كان يردد الطابور الخامس والذي أجدني مضطراً الى الإعتراف بأن هذا الطابور كان أذكى منا وأفهم منا ببواطن الأمور ويبدو أن إسمه الحقيقي هو الطابور المتخصص فهو متخصص بفتح النوافذ والأبواب المغلقة ، فهل كان لابد من تقديم هذه التضحيات الجسيمة لكي يعترف الحوثي بالنظام الجمهوري والدستور ثم يغادر الى قطر ؟ وهل كانت حرب صعده فعلاً لعبة كما كانت تردد بعض الصحف إذ في كل مرة يوشك الجيش على القضاء على التمرد تأتي التوجيهات بالتوقف ثم نعاود اللعبة مرة أخرى من جديد ؟ وهل لابد في كل مرة أن نترك خميرة لتمرد قادم ؟ إن القبائل في صعده لم تصحوا من نومها إلا بعد جهدٍ جهيد بسبب خذلان الدولة لها في المرات السابقة ، وبينما هي الآن في عز نشوتها وإنتصاراتها فإذا بها تفاجأ بهذه الدراما الحزينة ، لذلك لا نستغرب أن تدخل هذه القبائل في بيات شتوي ونوم أهل الكهف ولن نستطيع أن نوقظها في التمرد القادم والآتي لا محالة وستذكرون ما أقول لكم ، لقد تحمل أبناء الشعب غلاء المعيشة وتحملوا أعباء الحرب وتبعاتها الإقتصادية التي مست كل بيت مؤملين الحصول على مولود جميل في صعده إسمه ( نصر ) ، الا أن هذا الشعب قد فوجئ بجنين مشوه أخرج قبل موعده ، على العموم لعل عند الله شؤون فإذا نزل القدر عمي البصر ، فيا كل أم فقدت ابنها لك الله ، ويا كل أب فقد ابنه لك الله ، ويا كل زوجة فقدت زوجها لك الله ، أما أنتم يا أبناء قواتنا المسلحة والأمن حسبكم أنكم أديتم واجبكم نحو دينكم ووطنكم مستلهمين قول خالد ابن الوليد ( قاتلنا من أجل رب عمر وليس من اجل عمر ) وعليكم الإستعداد لمواجهة التمرد القادم فأنتم العون بعد الله ، ربنا احكم بيننا وبين دولتنا بالحق وأنت خير الحاكمين .. والى اللقاء في تمرد قادم فالخميرة موجودة في قطر والدقيق في اليمن ولا حول ولا قوة الا بالله .. أنتهى المقال ...

المقال سالف الذكر نشرته صحيفة أخبار اليوم بتاريخ 18 / 6 / 2007م بعد نهاية الحرب الرابعة والتي أُعلن خلالها بأن الحوثي ومن معه سيغادرون الى قطر وينتهي التمرد في صعده وقد تعرض كاتب هذه السطور ( صاحب المقال ) آنذاك وكذلك الصحيفة الى هجوم إعلامي حاد وتم إتهامنا بأننا لا نفهم في السياسة ولا نحب مصلحة البلد وأننا نرتدي نظارات سوداء ، وأننا وأننا الى آخر ما هنالك ، والآن وبعد مضي ما يقارب من الثلاث سنوات على نشر المقال فمن حقنا أن نسأل حكومتنا ونقول لها ماذا كانت النتيجة بعد هدنة الحرب الرابعة ؟ وسنتبرع نحن بالرد على هذا السؤال فنقول ، قادة التمرد لم يغادروا الى الدوحة حسب الإتفاق آنذاك ولم ينتهي التمرد وحصل ما توقعناه وأندلعت الحرب الخامسة التي وصلت الى ضواحي العاصمة ثم انتهت بهدنه وتشكيل لجان مشتركة بعدها بأشهر أندلعت الحرب السادسة والتي لا تزال تدور رحاها حتى الآن ( تقريباً ) وفي الحربين الخامسة والسادسة لم تشارك القبائل في صعده بجانب الجيش كما حصل في الحروب السابقة بإستثناء القليل منها ومن مشائخها الذي لا يمكن إغفال دورهم الوطني ، والسبب هو عدم ثقتهم بالدولة والتي كانت تقف موقف المتفرج في الحرب بين القبائل المواليه للدولة وبين المتمردين بعد كل هدنه ، والآن ظهر لنا وبصورة مفاجئة الدكتور عبد الكريم الإرياني يتحدث عن آليات الحرب السادسة وإنهاء العمليات العسكرية بعد موافقة الحوثي طبعاً ، الدكتور الإرياني هذا السياسي الداهية والذي قال ذات يوم رحم الله امرأً عرف قدر عمره في إشارة الى كبره في السن ، وعلى ما يبدو أنه قد قال هذه العبارة فقط من أجل تطمين الآخرين والا فالأيام أثبتت أنه يمتلك أوراق قوية يستطيع من خلالها حشر أصحاب القرار في زوايا ضيقة ، ثم بعد ذلك يتم تقديمه على أنه المنقذ والمخلص من هذا كله ، ومن الملفت أنه وفي ما يخص ملف صعده لا يظهر الدكتور على الواجهة الا إذا كان الأمر مرتبط بالخارج كما حصل في نهاية الحرب الرابعة والتي توجت بإتفاق الدوحة والذي كان هو عرّابه ، بينما لم يظهر في الحرب الخامسة والتي انتهت بقرار داخلي ، والآن هاهو يظهر كما قلنا في الحرب السادسة والأيام حبلى بالمفاجاءات ، على العموم إذا ما أنتهت الحرب السادسة بهذه الصورة عن طريق تشكيل لجان وآليات كسابقاتها من الحروب فما علينا الا الاستعداد لحرب سابعة قادمة لا محالة ، يكون مسرحها اليمن والسعودية ، هذا لا بد أن يفهمه الجميع وكما يقول المثل اليمني ( ليلة العيد تبان من قبل العشاء ) والله من وراء القصد....


في الإثنين 08 فبراير-شباط 2010 04:07:38 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=6480