نصر طه: قراءة نقدية
د.عبدالمنعم الشيباني
د.عبدالمنعم الشيباني

ربما يعرفني حضرات القراء الأعزاء كاتباً في النقد الأدبي لا كاتباً في السياسة،فأنا متخصص في الأدب غير أن السياسة غدت فرعاً للأدب،وربما لا يخفى على القارئ الكريم انتماء الكاتب أعلاه-متواضعاً خاشعاً - ولقد درجتُ على الكتابة التأصيلية نقداً ولم أزل (طويلب) آخذ العلم من أهله المتخصصين بكل حب وتواضع- أو هكذا أزعم..وتشدني الدراسات التحليلية للنصوص من وجهة نظر تأريخية أو نفسية..والنظريات النقدية الأدبية الجديدة ترى أن النص كل ما يصدر عن كاتب أو شخص أو مؤسسة من وجهات نظر أو آراء فكرية أو سياسية وإن لم يكن مكتوباً في الكتب..والتوطئة هنا أود –مستعيناً بالله- تقديم ومضة نقدية تحليلية نفسية مختصرة لآراء وتصريحات وكتابات السيد نصر طه مصطفى- الإخواني الوسطي سابقاً، المؤتمري المتعصب للسلطان لاحقاً..أرجو أن يوفقني الله للطرح الموضوعي المنهجي كباحث في الأدب الإنجليزي والإصابة الفكرية الأخلاقية كمنتمٍ لمدرسةٍ تنأى بكل أدب ٍ نبويٍ جمٍ عن تجريح الأسماء والأحزاب والهيئات لأن غايات الدعوة الشريفة لا تعبر عنها الا وسائل شريفة مثلها..

ولكن ليتوقع الأستاذ نصر قراءةً تفكيكية- ولو عابرة- (عشر دقائق فقط بحمد الله وعونه مدة كتابة هذه القراءة النقدية)..لقد صدم نصر طه مصطفى نفسه وفكره وتأريخه الموضوعي الجميل وقراءاته السليمة للأحداث عبر سلسلة مقالاته الشهيرة وحروفه الحرة والمستنيرة في جريدة (الصحوة) ومجلة (نوافذ) وغيرها..و لم أر في حياتي أحداً (يحسو من دمه ويحتلب)اليوم-كما عبر البردوني الراحل شاعر اليمن العظيم- كمثل السيد نصر طه الذي لمًا يشبع –بعد- من جلد ذاته وفكره وتأريخه الناصع الذي بناه في قلوب أنصار الحرية من دعاة منهج الإخوان وتراثه الفريد في التصدي للإستبداد بحكمة وصبر واعتدال، وتربية المجتمع بنفس الطريقة..كم أطمع أن يرجع السادة القراء الى مقالة كتبتها في هذا الموقع الحر مهداة الى نبيل علي الصوفي بعنوان ( وقفة الحيران على استقالة نبيل من الإخوان)..،حيث أورد الكاتب أعلاه والناقد أدناه متواضعاً خبازاً شيبانياً - مقاربة متوازية بين " سقوط نبيل الصوفي في اليمن" وسقوط " بسام العموش في الأردن" ووقوعهما في فخ السلطان-استسمح القراء عذراً جميلاً لاستعمال كلمة " سقوط"، اللفظة استعملها الدكتور الراحل فتحي يكن(رحمه الله) في كتاباته التربوية التنظيمية..جاء في المقالة التي تتألف من حلقتين أن ليس الا" دين الله او دين الملك"،اشارةً الى فداحة التحول وخطر استقطاب السلطان للمفكر الإسلامي وعواقبه الفكرية والدرامية والتراجيدية الوخيمة على مستقبل المُستقطب(بضم الميم وفتح الطاء)..وللمقالة علاقة وثيقة بموضوع هذه الحلقة، والسؤال هولماذا يجلد نصر نفسه وتأريخه ومنهجيته وشعبيته كل هذا الجلد؟؟ هل يريد أن ينتقم من نفسه أم من عبد المجيد الزنداني وعبد الوهاب الديلمي ومحمد الصادق وعلماء الإصلاح من أولي الفضل والإجتهاد الذين يأمرنا منهج الدعوة ومبدأ الولاء موالاتهم ومناقشاتهم والرد –بأدب الشرع- عليهم وإن استدعى الأمر أن (نعرعر) لهم سنفعل ولكن (عرعرة إسلامية):مصطلح اخترعه المؤرخ اليمني (ذو الدم الخفيف) عبد الملك مرشد الشيباني..

إن قراءة نفسية عابرة تشير إلى أن نصر طه يستبطن (انفعالاً حاداً معارضاً )لآراء فقهاء الإصلاح يرى أنها" قمعية إقصائية" لحقه في التعبير الفقهي الجديد أو الإجتهاد الإعلامي الأجد..،غير أنه يهرب مما حقه الحوار والمقارعة الفقهية الحرة المكفولة شرعاً وممارسةً في التيار المذكور –حسب قواعد الشرع وأدب الإختلاف- إلى أحضان من لا يعترف لأحد بالحرية أصلاً، وهكذا ينتقم نصر من نفسه مرتين...

إن خبرة نفسية بفقهاء الإصلاح (التيار المحافظ)-مجاراةً للمصطلح المستعمل ليس إلا-تدل أنهم ليسوا وحوشاً ولا تتريين قماعين للرأي ، بل ينصتون للرأي الفقهي الآخر ولديهم من فسحة التحمل حتى (حد العرعرة)ولا أظنهم يغضبون فهم أساتذة الجيل الإصلاحي الجديد، والقائد المربي لا يثور لمن نقده يا نصر ولا يقدمه للمحاكمة والتنكيل..، هذا لم يحصل قط ولن يحصل في تأريخ دعوة الإصلاح المباركة..

القراءة النقدية هنا أن نصر ربما تصور هذا " التيار القمعي" بهذه المواصفات بعد أن " فارق الجماعة وانقطع عن دروسها التربوية والفقهية والفكرية" فهو الآن في مرحلة " سقوط تحولي نفسي" أملى عليه أن يقول مالم يتوقع نفسه أن يقول أو مالا يريد أو يتمنى أن يقول..،لأن البيئة النفسية الجديدة والسياسية لـ نصر تنكر أو تتنكر أو " تفتري" على بيئةٍ نفسيةٍ وفكريةٍ ترعرع في ظلها وأحبها وعاش تحت رايتها منصفاً وموضوعياً أفرزت أحلى كتابات حرة وأجمل نوافذ على الإطلاق..

لماذا ينحر نصر نفسه ويذبحها على منصة الإعلام السلطاني الدعائي و"ينقلب على عقبيه" كل هذا الإنقلاب؟؟ قراءة تحليلية ربما تشير إلى أن التحول الفكري والسياسي من وادٍ الى وادٍ آخر تبعه انفصام نفسي جديد مضر بصحة "المتحول" حتى (حالة الشيزوفرونية –الفصام الحاد) يهوي بسيفه العبثي على نفسه أولاً منتحراً، ثم على رفاق (تياره القديم وشعبيته القديمة)شاتماً ناقداً أو مسفهاً، ولست متجنياً إن قلت (شوزوفرونية)،فالدليل حنين نصر طه إلى ذلك الماضي الجميل فكرياً وتربوياً مع أعز رموز الفكر والتربية الذين تختلف معهم فلا ينكلون بك ولا يحاكمونك، والدليل هو مبالغة نصر في الإنتقام من هذا التيار بطريقة "غير شعورية" يود من جديد مد حبال الوصل معهم فلا تسعفه البيئة الجديدة فيلجأ لذمهم والتجني عليهم..

ختاماً لا أظن عشر دقائق تكفي لقراءة نفسية في أعماق نصر طه ولكن ان سمح الوقت ربما أعود إليه حيناً آخر..

# شاعر وناقد أدبي

a.monim@gmail.com


في الخميس 25 مارس - آذار 2010 08:18:40 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=6742