جحيم الزواج في هذا البلد العربي

الأربعاء 13 يونيو-حزيران 2018 الساعة 03 صباحاً / مأرب برس-مارب
عدد القراءات 4281

 

تحول حلم الزواج في العراق إلى عبء كبير يؤرق الشباب والعائلة العراقية، مع ارتفاع مهور الزواج التي أدت إلى عزوف معظم الشباب عن الزواج، وزيادة العنوسة بين النساء.

كل ذلك سببه التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، والذي أدى إلى انتشار البطالة التي جعلت الشاب العراقي عاجزاً عن التوفير والادخار والتهيئة للزواج، حسب ما يرى مراقبون مختصون.

والمهر هو رسم شرعي وقانوني يفرض على العريس لضمان حقوق العروس المادية، فيكون المقدم وسيلة لتجهيز كامل للعروس ولبيت الزوجية، والمؤخر هو ضمان مادي تعتبره العوائل العراقية رفعاً أو تقليلاً من قيمة الفتاة وشأنها.

-سلعة

وخلال حديث مع مراسل "الخليج أونلاين" أبدى العديد من الشباب العراقيين المقبلين على الزواج، والذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و30 عاماً، تذمرهم من غلاء المهور التي يفرضها ذوو الفتاة على الشاب، ما جعلها تحول دون تحقيق حلمهم في تكوين أسرة.

علي محمود البالغ من العمر (27 عاماً) قال في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": إن "أغلب الشباب لديهم رغبة كبيرة في الزواج، لكن هذه الرغبة قُتلت في داخلهم بسبب مغالاة بعض الأسر في المهور، التي جعلتها بعض الأسر وسيلة لكسب المال، وجعلت الفتاة سلعة تباع وتشترى، دون مراعاة الظروف الاقتصادية التي يعيشها البلد، وانتشار البطالة بين صفوف الشباب".

وأضاف: إنه "لا يوجد شاب لا يرغب في تكوين أسرة وإكمال نصف دينه، لكن هذه الرغبة أصبح من الصعب تحقيقها في العراق؛ لكون أغلب الشباب العراقي إما عاطل عن العمل ويعاني من البطالة، أو يعمل في وظيفة مؤقتة وبأجر يومي لا يفي باحتياجاته الشخصية الفردية وهو في عالم العزوبية، فكيف إذا انتقل إلى عالم العائلة!".

ومن جهته، قال الشاب مروان سعيد (30 عاماً) في حديث لمراسل "الخليج أونلاين"، إنه تخرج من كلية الحاسبات بجامعة بغداد منذ أكثر من 8 أعوام، وبتقدير جيد جيداً ومن الـ10 الأوائل على دفعته، وعمل في ورشة لصيانة الحاسبات بعد أن يئس من الحصول على وظيفة تُلائمه، مبيناً أن راتبه الشهري لا يكفي لسد احتياجاته الشخصية وعائلته المكونة من 4 أشخاص.

وأضاف أن فكرة الزواج ألغيت تماماً من عقله بسبب المهور والشروط المادية التي يضعها أولياء أمور الفتيات، واصفاً إياها بالصخرة الصماء التي تتحطم عليها أحلام وآمال كثير من الشباب في الزواج، وتفشل محاولة أي شاب لإكمال نصف دينه.

وتساءل: "كيف يستطيع الشاب العاطل عن العمل أو حتى الذي يعمل في القطاع الخاص براتب أو أجر لا يزيد على 400 دولار شهرياً، أن يعيل أسرة، في ظل الغلاء الفاحش في الأسعار؟!".

ولفت إلى أن "الجشع أصبح أمراً طبيعياً عند كثير من الآباء، حتى أصبحت الفتاة في نظر الكثير منهم سلعة تباع وتشترى، ينالها من يدفع أكثر".

-ظاهرة اجتماعية سلبية

ووفقاً لإحصائيات سابقة فإن نسبة العوانس في العراق تزيد على 30%، وتنحصر بصورة رئيسة بين الفتيات اللواتي يشعرن أنه يتوجب عليهن الانتظار طويلاً لتحقيق أمنية الزواج وتكوين أسرة.

من جانبه قال المحامي محمد المرزوقي، الذي يعمل في محكمة الكرخ وسط بغداد: إن "90% من عقود الزواج التي سجلتها المحاكم العامة في بغداد، وخصوصاً قاطع الكرخ، مبالغ في قيمة بعض العقود فيها".

وأضاف في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": "مجتمعنا وللأسف الشديد بات يهتم بالبهرجة الزائفة، والأعراف التي تفرض على العريس تقديم مهر مبالغ فيه لعروسه، للتفاخر به بين الأهل والأقارب والمعارف، أو كضمان للعروس في المستقبل".

وتابع قائلاً: "من خلال متابعاتنا المستمرة لظاهرة ارتفاع مهور الزواج، لاحظنا فرض أرقام كبيرة جداً لا تقل عن 10 آلاف دولار، وأحياناً تصل إلى 50 ألف دولار".

ولفت إلى أنه "في أغلب الأحيان نلاحظ عدم الارتياح على وجه العريس، وفي بعض الأحيان تحدث مشاجرات بين أهل العريس والعروس بسبب خلافهم على مبلغ المهر رغم اتفاقهم المسبق، ممّا يحول دون عقد القران بين الزوجين".

وحول هذا الموضوع وصفت الباحثة الاجتماعية إيمان حسين غلاء المهور بأنه أصبح ظاهرة اجتماعية سلبية أخذت تتفشى في المجتمع منذ سنوات، ويترتب عليها بشكل رئيس عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع معدلات العنوسة بين الفتيات أيضاً.

 

وأوضحت لـ"الخليج أونلاين" أن "هذه الظاهرة ذهبت ضحيتها الكثير من الفتيات، بسبب إجبارهن من قبل الآباء على الزواج من أشخاص مسنين وحتى مرضى لكنهم ميسورو الحال، ويستطيعون دفع تكاليف الزواج، أو يزيدون على ذلك، دون مراعاة مشاعر الفتاة والتفكير بسعادتها".

وأضافت: إن "الشاب إذا ما فكر يوماً بالزواج فعليه أن يوفر 10 آلاف دولار كحد أدنى حتى يوافق أهل الفتاة، الذين أصبحوا حجر عثرة أمام أحلام الشباب والفتيات"، مشيرة إلى أن "عزوف الشباب عن الزواج زاد بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ما زاد من نسبة العنوسة في العراق التي أدت إلى زيادة الانحلال الأخلاقي وانحراف الشباب والفتيات عن الدين".

ودعت الباحثة الحكومة العراقية إلى توفير فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل لتأمين مستقبلهم، كما دعت وسائل الإعلام ورجال الدين إلى دعوة الآباء إلى عدم رفع المهور من خلال برامج دينية، وتوعيتهم بمخاطر هذا الأمر.