خفايا التحالفات القادمة بين ترامب والسعودية والإمارات لمواجهة الحوثيين في اليمن .. بنك الاهداف في أول تعليق له على لقاء حزب الإصلاح بعيدروس الزبيدي.. بن دغر يوجه رسائل عميقة لكل شركاء المرحلة ويدعو الى الابتعاد عن وهم التفرد وأطروحات الإقصاء الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً تقرير دولي مخيف....الإنذار المبكر يكشف أن اليمن تتصدر المركز الثاني عالميا في الإحتياج للمساعدات الإنسانية حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية ملتقى الموظفين النازحين يتجه لمقاضاة الحكومة في حال عدم إستجابتها لمطالبهم ما الدول التي إذا زارها نتنياهو قد يتعرض فيها للإعتقال بعد قرار الجنائية الدولية؟ خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب
مأرب برس – لندن – خاص
إن قضية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام لم تكن يوما نوعا من البرستيج، أو نوعا من الدعاية الإنتخابية والسياسية مثلما إستعملها ويستعملها البعض للترويج السياسي والمذهبي هذه الأيام ، لأن قضية الإمام الحسين نهج وطريق لا يسلكه إلا الشجعان والمؤمنين بدينهم وقضاياهم التي لا تتعارض مع الدين ،ومن ثم هي مدرسة تعلّم الصبر والخطابة والبلاغة والحكمة والشجاعة والثبات، لهذا جاء ذكر الحسين بن علي في أدبيات الثائر اليساري (تشي غيفارا) وأدبيات زعيم المقاومة الهندية( غاندي) الذي قال: تعلمت الصبر من الحسين الثائر، وأما القائد الصيني المشهور ( ماو تسي تونغ) فلقد قال لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية الذي سبق الرئيس عرفات رحمهم الله عندكم الحسين الثائر وتسألني كيف الثورة؟ عندما سأله رئيس منظمة التحرير الفلسطينية السابق : علمني الثورة يا ماو؟
فهذا هو الحسين بن علي، والذي هو حفيد الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلّم، وسيد شباب أهل الجنة ،لهذا فهو ليس بحاجة لخدش الخدود وتمزي
ق الملابس وشج الرؤوس والضرب على الصدور والأكتاف، فإذن الغاية منها مجرد مزايدات سياسية وشخصية وبويتية، والغاية تعبوية لصالح رجال الدين والذين هم بكثرو وعلماء الدين والذين هم قلّه ، لأن الفئة الأولى تعني كل من لبس رداء رجل الدين ووضع على رأسه العمامه دون المرور على ما يحتويه الرأس من العلم والمعرفة والثقافة، أما الفئة الثانية هم الذين يحملون برؤوسهم العلم والفقه والثقافة والمعرفة، لذا فليس كل من وضع بقدميه المداس، ولبس فوق ملابسه الجبّة أو الصايه ( ام القفيص) وجعل فوق رأسه العمامة البيضاء أو السوداء وبأصابعه الخواتم والبيد الأخرى مسبحه وأطال ذقنه أصبح عالما وفقيها، فهناك من الإحتيال الكثير الكثير ، وهناك من التكسّب من خلال هذه الملابس وهذه الإكسسوارات الكثير، ولكن تبقى هناك فئة وهي فئة العلماء والذين هم نذروا حياتهم لهذا التوجه وهذا الإحتصاص وأصبحت الملابس خاصه بهم ولهم ، وبالمناسبة هناك فرق في الصاية بين التي يلبسها شيوخ ورجال القبائل العرب في العراق والتي تغلق بحزام من الوسط ومعها جاكيت بلونها، أما الصايّة الخاصة برجال الدين فتغلق من الرقبة بـ ( قفيص) وليس هناك جاكيت بلونها بل هناك عباءة على الأكتاف، وبالعودة الى صلب الموضوع.
فلقد قال الباحث الإيراني ( مرتضى الإيرواني) في بحثه الذي يحمل عنوان (طرق احياء عاشوراء في كلام الأئمة) والمنشور في مجلد الإمام الخميني وثقافة عاشوراء ص 241 وهو يؤيد كلامنا عندما قال ( فالمنبر والمجلس والمحاضرات الحسينية المدروسة لها من التأثير الجماهيري ما ليس لغيرها من الوسائل الأخرى ـــ أي دعاية إنتخابية وإجتماعية هالويّة/ إضافة من كاتب المقال ــ لأنها محل إجتماع الأفراد على إختلاف طبقاتهم وميولهم ، ولا يستطيع أي خط سياسي مهما أوتي من تنظيم تعبئة هذه الجماهير وجمعها ــ من دون إجبار ــ بالشكل الذي نراه في مجالس الحسين عليه السلام، فقد تقام عشرات المجالس في اليوم الواحد في البلد الواحد، ونراها مكتظة بالحاضرين يسوقهم الشوق الى الحسين ، ويقودهم حبه ، لا يبالون في سبيل ذلك بحر وبرد ، ولا شمس ولا مطر ولا زحام).. وهذا إقرار أن الناس يأتون حبا بالإمام الحسين، وليس حبا بالسيستاني ولا بالخامنئي، ولا بالسيد حسن نصر الله ، ولا برئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عبد العزيز الحكيم الطبطابائي الذي يتباهى أمام شاشات التلفاز وسط جلاوزته وهو يساعد الطباخين في الشوارع، والذين يطبخون الطعام مجانا أكراما للناس وحبا بذكرى إستشهاد الإمام الحسين في معركة الطف في مدينة كربلاء عام 61 هجرية.
لذا من المخجل أن تجيّر الجماهير الذي جمعها حب الحسين سياسيا أمام الإدارة الأميركية وشعوب العالم ومن أجل تسيوق سياسي، ولكن لو سألنا هؤلاء أي رجال الدين الذين أصبحوا يسوقون كل شيء سياسيا ،ولمصالحهم السياسية والدنيوية، فكم بنى السيستاني والحكيم والجعفري والصغير من المدارس والمستوصفات الخيرية ودور الأيتام ومأوى الى المشردين في العراق؟ فالجواب : لا شيء، ونحن نتحمل المسؤولية الكاملة، لأن هؤلاء ومنذ جاء أهلهم الى النجف وكربلاء والمدن المقدسة الأخرى قبل عقود وبترتيب إيراني إنجليزي وهم كالمنشار ( يصعد يأكل وينزل يأكل) أي أن جميع الحقوق الشرعية، وهي بالمليارات وليس بالملايين، ولا تتعجبوا إخوتي العرب، فلقد قال مسؤول السياحة الدينية في مجلس الحكم السيد (رؤوف الأنصاري/ وهو من حصة الإسلاميين) أن السياحة الدينية في العراق ولوحدها تعطي 20 مليار دولار سنويا ،وهناك بحوث تثبت أن الحقوق الشرعية والنذور والتبرعات التي تصل الى المرجعية في النجف، ومن جميع أنحاء العالم تقدر بـ ( 5 ــ 7) مليار سنويا ، يقابل ذلك أن المرجعيّة الشيعية لم تقم بتعبيد او تبليط شارع واحد في العراق،أو تعمل افطارا جماعيا للفقراء والمساكين في ايام شهر رمضان المبارك، وحتى لم يحدث هذا في زمن الحصار الظالم على العراق وهذه حقائق وليس هراء أو خيال، ونحن مستعدون للمناظرة التلفزيونية وفي أي مكان في العالم.
فلماذا لا تعطى الأموال التي تُصرف على الطعام والبذخ والشاي والسكر والعصائر والرز والخبز والمواد الأخرى إضافة للبنزين الذي يصرف كمحروقات لسيارات الشرطة والدفاع ودوائر الدولة التي تراقب وتحمي هذه المواكب البشرية، فلقد تم الإعلان قبل إسبوع أن هناك ( عشرة آلاف عنصر أمن يحرسون المواكب الحسينية في كربلاء) فلماذا لا يحرسون العاصمة بغداد من القتل والنهب والسلب؟ ولماذا لا يصدر السيستاني ومساعديه ومنهم الكبار الثلاثة وهم آيات الله (أسحاق الأفغاني وبشير الباكستاني ومحمد سعيد الحكيم الإيراني) فتوى تّعليق زيارة الحسين لهذا العام كي تخصص المبالغ لإيواء العائلات المشردة والمهجرة في الشوارع العراقية، ولإبعاد الناس عن خطر الموت والتفجير، وعلى الأقل يكون التعليق لمرة واحدة فالجواب ان هذا لن يحدث ، لأنه دعاية أنتخابية لهم، ولأنهم يريدون حصول التفجيرات وسط هذه الجموع البريئة كي يكرسوا مخططاتهم الطائفيةـ فالقضية سياسية وليست لها علاقة بالتدين وحب أهل البيت بالنسبة الى هؤلاء الناس أي الذين يتاجرون بها وبنوايا الفقراء والمساكين والأبرياء، فالأضرحة المقدسة من وجهة نظر هؤلاء مجرد بنوك تعطي مالا طيلة أيام السنة.
اللطم والضرب بالسلاسل والسيوف بدعة خطيرة
إن قضية اللطم على الصدور وبطريقة مبالغ بها ، وكذلك الضرب بالسلاسل الحديدية ( الزنجيل) على الأكتاف ، ومعها طريقة ضرب الرؤوس بالسيوف وشجها ،وحتى ضرب رؤوس الأطفال الرضّع صعودا، فكلها بدع وخرافات وليس لها علاقة بالدين وبنهج أهل البيت عليهم السلام، فهي خطأ بل تعدي على الذوق العام، وعلى الأخلاق وعلى سمعة آئمة أهل البيت والإسلام، أي هي تشويه مبرمج ومقصود للإسلام، ولا ندري ما سر التشبث بكل شيء إيراني ومن قبل جميع أطراف الحكومة تقريبا والمرجعيات الإيرانية في العراق، ولكنهم لا يتشبثون أو لا يأخذون بالمنع الذي أصدره آية الله علي الخامنئي في إيران بالنسبة لضرب الرؤوس والضرب بالسلاسل، وقال عنها أنها منظر غير لا ئق ولا يجوز تطبيقها، فلماذا لا يأخذون بهذه الفتوى، ولماذا يصرون على نقل نفايات إيران من البدع والخزعبلات مثل اللطم والضرب بالسلاسل والسيوف والزحف على البطون ويطبقونها في العراق والذي يدعون أنه ديموقراطيا ؟.
لذا فمن الناحية الإيمانية فلقد قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) ، أما الإمام جعفر الصادق فلقد قال ( إن الله عز وجل فوّض الى المؤمنين أموره كلّها ولم يفوّض اليه أن يذل نفسه/ كتاب وسائل الشيعة ، الحر العاملي ج2 باب 12 )، أما من الناحية العقلية ، فإن كل عاقل ومدرك لا يرضى بهذه الممارسات المقززة للذوق العام وللنفوس والمثير للمنظمات الدولية والإنسانية، خصوصا وأن العالم أصبح قرية صغيرة ،حيث أن البث الفضائي أصبح ناقل لأي حدث في العالم، فكل عاقل يحكم بعدم جدوى وفائدة هذه الممارسات، فضلا عن كونها مهدرة لأموال كثيرة، ومهدرة للطاقات البشرية، فبدلا من جلب عشرة آلاف شرطي ليحرسوا ممارسات لا دينية ولا شرعية، فيكون من الأفضل أن يقوم هؤلاء بحملة جماعية لتنظيف العاصمة بغداد ورفع النفايات والأنقاض من شوارعها واحيائها على سبيل المثال، أو القيام بتنظيف محافظة النجف وكربلاء من الأنقاض والنفايات، أو توزيع الأموال على العاطلين عن العمل، أو المباشرة بعمل جماعي لتصليح المنشآت والبنايات العائدة للدولة ولخدمة المواطنين وهكذا.
أما لو جئنا من الناحية السياسية فإن تلك الأفعال تشوه الإسلام والمسلمين، وهو ما لا يريده الإمام الحسين للمسلمين وللإسلام ، ولا حتى العلماء والمراجع الرشيدة والتي هي على خلاف مع المراجع التي داهنت الإحتلال ولا زالت تبحر ببحر البيع والمزاد وهي مرجعيات ( المارينز) التي أصبحت تتاجر بالدين والنفط والجلود والتمور، وتغض النظر عن المتاجرة بالجنس والمخدرات والمعلومات الخطيرة وغيرها.
ولكن لو جئنا الى ركن المحاججة مع هؤلاء الذين يسوقون الفقراء والمساكين نحو حذفهم وتجهيلهم وأزدياد أميتّهم كي يكونوا حطبا لحروبهم ومجابهاتهم الحزبية والمناطقية والمذهبية ،وكي يكونو جدارا للدفاع عنهم من خلال غسيل الأدمغة ونشرالخزعبلات، فنحن نعرف بأن صاحب القضية هو صاحب القرار، يعني انه اذا أراد اي رب اسرة و عائلة أن لا يقيم مآتم لفقدان والده، فليس هناك قوة بالعالم تجبره على القيام بذلك، إلا إذا كان الأمر بالإكراه ،وبفارق القوة والسلطة ويكون حينها على مضض، فكيف يصر هؤلاء على إيذاء الإمام الحسين وإخوته وعياله عندما يصرون على أمور هو الحسين نفسه قد نهى عنها ؟.
فلقد قال لأهل بيته قبيل وداعهم الأخير ( ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم/كتاب جلاء العيون/ للمجلسي / عن مقتل الحسين ص276 ) وهذا يعني لا تسبوا ولا تشتموا القوم في الجهة المقابلة، ومن ثم لا تصرخوا وتولولوا فما بالك وأن معظم المحاضرات الآن هي شتم وقذف بدلا من التنظير الى هذه الأخلاق، وهذه العظمة وهذا الحرص .
ولقد أوصى أهل بيته بقوله ( إذا أنا قُتلت فلا تشققن عليّ جيبا ولا تخمشن وجها ولا تقلن هجرا / كتاب الإرشاد / للمفيد / 2/94)، ولكنهم يعاندون ويتمسكون بقول الإمام المنتظر عليه السلام، عندما قال تعبيرا مجازيا وهو ( ولأبكين عليك بدل الدموع دما / زيارة الناحية) وهو مجازا ولا حقيقة ، لهذا تراهم يميلون للقشور ويتركون اللب دوما ، فهم يلجأون و لجأوا لثقافة التسطيح والتغرير ومنذ أن قدموا للعراق من فارس والهند وباكستان وغيرها.
ولكن المرجع آية الله السيد محمد حسين فضل الله ( مرجع لبناني شيعي ولد في العراق عام 1939م ودرس في النجف ) فيحاججهم رغم شتائمهم وهجومهم عليه فقال ( بعض الناس يقول أنا أضرب على صدري لأن زينب لطمت صدرها ، أو أني أجرح نفسي مواساة للحسين، نقول: صحيح نريد أن نواسي الحسين أن نجرح حيث جرح، في الموقع الذي جرح فيه الحسين، جُرح وهو يجاهد في سبيل الله، فإذا أردنا أن نواسي الحسين فلنُجرح في مجال الجهاد في سبيل الله مثلا: إذا أردنا أن نلطم على صدورنا على أساس أن السيدة زينب لطمت على صدرها ،ــ فهي فعلت ذلك ــــ وهي تحتج على قتل الحسين وتريد أن تقف بوجه الظالمين)
ولكن كيف وأن آية الله السيستاني قد رفع ركن الجهاد من رسالته العلميّة، ونحن مستعدون للمناظره أيضا ، بل أفتى بمنع محاربة المحتل لأنه لا يوجد جهاد في غياب الإمام المعصوم حسب قوله، ونمتلك نص الفتوى، لقد أصبحوا يزايدون بهذه الجماهير أمام قوات الإحتلال كي يقولوا أنهم لهم شعبية ومؤثرين في المجتمع العراقي!!.
ولكن الذي جاهد في سبيل منع هذه البدع والخرافات وتحمل الشتائم، وأتهم بأبشع التهم ظلما وعدوانا حتى جعلوه أجنبيا وخارجا عن المذهب ( مثلما إتهموا ونهشوا كاتب المقال وأصدروا فتوى بقتله) هو العلامة المجتهد ( محسن الأمين / رحمه الله) الذي كتب في تنزيه وتهذيب الشعائر الحسينية مما علق بها من بدع وأمور خاطئة، ولقد قاد الإصلاح رغم الحروب التي شنوها ضده وأصدر رسالته بعنوان ( التنزيه عام
لذا فالهدف من المقال هو نحو مشروع حسيني ناصع يجمع ولا يفرق المسلمين، بدليل أن هناك من اليهود والمسيحيين إستشهدوا دفاعا عن الحسين في واقعة كربلاء في 61 هجرية، وهم من العاملين في الركب أو من الموالين ،لأنهم وجدوا عند الإمام الحسين العدل والإنصاف والحق وتطبيق شعار لا إكراه بالدين، لذا فثورة الحسين ونهج الحسين مكانه صالات الفكر والمساجد النقيّة كي تتعلم الأجيال مبادىء وثوابت وقيّم وشجاعة وصبر الحسين ومن معه عليهم السلام، وليس من خلال ما نراه من بدع تشوه الإسلام والمسلمين، وكذلك تُسذّج قضية الحسين والتي هي عنوانا للإباء والتحدي للظالمين، لذا ليس من حق هؤلاء أن يشوهوا تاريخنا الإسلامي ورجالنا العرب العظام.
كاتب ومحلل سياسي
مركز البحوث والمعلومات
samiroff@hotmail.com