اللوزي: اليمن ستلغي العقوبات البدنية على الصحفيين
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و يومين
الأحد 22 أغسطس-آب 2010 11:05 م

حاوره لـ "الشرق" القطرية/ شاكر الجوهري:

• قرر الرئيس علي عبد الله صالح في خطاب يوم عيد الوحدة، 20/5، إطلاق سراح صحفيين يمنيين كانوا معتقلين، وإسقاط القضايا المرفوعة ضدهم.. كيف تنظرون إلى هذه الخُطوة؟

- لا بُد أن يفهم أنه في إطار الصلاحيات الدستورية الخاصة بفخامة الرئيس، أصدر عفواً متعلقاً بالحق العام.

أما فيما يتعلق بجرائم النشر التي تطول حقوق المواطنين، والحريات الخاصة، فإن السلطة القضائية تقوم بعملها في هذا الشأن.

وقد استفاد من قرار فخامة الرئيس ستة صحفيين كانوا موقوفين بسبب كتابات مست الوحدة الوطنية، وحرضت على العنف، وعلى الفتنة، وتسيء إلى الدولة اليمنية، بخلاف نصوص قانون الصحافة والمطبوعات.

قرار فخامة الرئيس يؤكد حرصه، وتفاؤله وتسامحه، بأمل أن يستفيد هؤلاء، وألا يعودوا مجدداً للكتابة فيما يسيء للوحدة الوطنية، وما يحرض على المناطقية والمذهبية.

الحقيقة أنه نشر الكثير من التحريض الذي يعبر عن التعصب الطائفي والمذهبي، مما يفتك بأمن واستقرار عدد من الدول.

قانون الصحافة يحرم، ويمنع الكتابات التي تدعو إلى الكراهية والعنف والمساس بالوحدة الوطنية.

• هل من بين الذين أطلق سراحهم محكومين أم أن الجميع كانوا لا يزالون موقوفين قيد المحاكمة؟

ـ بعضهم كان قد حكم، والبعض الآخر كان موقوفا عن الكتابة والبعض الآخر كانت القضايا المتعلقة به قيد النظر من قبل المحكمة المختصة بالقضايا الصحفية.

3 قضايا فقط حركتها الوزارة

• قيل إن هناك مائة وعشرين قضية مرفوعة على صحفيين إضافة لهؤلاء الستة؟

ـ الحقيقة أنها قضايا طبيعية، تمثل صورة ايجابية من صور المجتمع الحر الذي يخطئ أفراده بغض النظر عن المهنة التي يمتهنونها.

هنالك عشرات القضايا التي ترفع على الصحف من قبل مواطنين، في كل بلد من البلدان، بما في ذلك الدول الأوروبية، وذلك فيما يخص الجرائم العلنية.. أي الجرائم التي ترتكب بواسطة النشر، من خلال التشهير الكاذب أو القذف والسب، أو هتك الحريات الخاصة.

في الولايات المتحدة رفع ممثلون قضايا على صحف بتهم انتهاك خصوصياتهم. وقد صدرت أحكام في مثل هذه القضايا اشتملت على تعويضات مالية.

نحن لا نريد أن ينتهك عرض مواطن يمني، سواء أكان مسؤولاً، أو تاجراً، أو يعمل في أي مهنة، أو أن تجرح كرامته.

من لا يناصره القضاء، ويأخذ له حقه، سيلجأ إلى وسائل أخرى، وبالفعل تعرض صحفيون لاعتداءات حين لم ترفع قضايا بشأن تعرضهم لمواطنين من خلال كتاباتهم.

• كم عدد القضايا المرفوعة من قبل وزارة الإعلام من أصل الـ120 قضية المرفوعة على صحفيين؟

ـ ثلاث أو أربع قضايا، وهي متصلة بالتحريض على الفتنة، وتدعو للولاء الطائفي والمناطقي، وتحرض ضد الوحدة.

مصادرات في أضيق الحدود

• كان من الطبيعي أن يتزامن ويتلازم مع مبادرة الرئيس بالعفو عن المحكومين والموقوفين في قضايا التمرد عفو آخر عن الصحفيين، في إطار حالة الانفتاح التي شهدها اليمن يوم عيد الوحدة، خاصة أن القضايا المتعلقة بالنشر الصحفي متصلة بالتباينات السياسية بين الأحزاب والقوى السياسية في اليمن..

ـ هذا صحيح، لكنك حين تدقق في هذا الأمر ستجد أن الذين رفعت عليهم قضايا يكتبون في أربع، أو خمس صحف.. بعضها حزبي، وبعضها الآخر خاص يملكه أفراد. بينما هناك أكثر من 68 صحيفة خاصة يملكها أفراد تسير أمورها بسلاسة وتمارس كامل حريتها، ويبلغ سقف حريتها السماء، ولا ترفع عليها أي قضايا.

أيضاً بالنسبة لوزارة الإعلام، عندما يتم الخروج على القانون وتخرق الصحيفة ما هو محظور نشره، فإن القانون يمنح وزير الإعلام أو من ينوب عنه، الحق في الحجز الإداري على العدد الذي يتضمن جريمة من جرائم النشر.

هذا الحق لم يمارس إلا في حدود ضيقة. مورس بشأن ستة أو ثمانية أعداد بالنسبة للصحافة الخاصة، بينما لم يمارس هذا الحق مطلقاً طوال عشرين عاماً من عُمر دولة الوحدة، بحق الصحف الحزبية. وكان هذا القانون صدر في ديسمبر 1990. وأنا اعتبر أن هذا القانون من أفضل القوانين العربية.

أقول هذا رغم أن بعض الصحف الحزبية تنشر أخباراً مضللة وغير صحيحة، وموضوعات شديدة القسوة تحمل تعسفاً في استخدام الحرية، والتعبير بشكل سلبي. ومع ذلك كان التسامح القيادي والحكومي، وتسامح وزارة الإعلام لأبعد الحدود، وذلك حرصاً على عدم الوصول إلى مزيد من تعقيد الوضع السياسي، والاحتقان المرافق له.

من هنا أقول إن موضوع الصحافة وحريتها تم تضخيمه لأبعد الحدود، حتى بالنسبة لإجراء فخامة الرئيس، وما نتجه إليه من تعديل لقانون الصحافة والمطبوعات.

• سنأتي للحديث عن التعديلات لاحقاً، ولكن لوحظ أن القضايا التي رفعت لم تتضمّن قضايا بشأن موضوعات مارست مخالفات تكاد ترتقي إلى مستوى القدح بحق رئيس الجمهورية..؟

ـ نعم..

• يبدو هنا أن رئيس الجمهورية متساهل هنا فيما يخصه من تجاوزات، ويتنازل عن حقه، ومع ذلك، فيبدو أن القانون يجيز وقف الصحف عن الصدور في بعض الحالات.

ـ لا يوجد نص يعطي حق إيقاف الصحف عن الصدور لغير السلطة القضائية، وفي جرائم محددة.

• هل كان هنالك صحف موقوفة قبل قرار العفو الذي أصدره الرئيس؟

ـ لم توقف في اليمن أي صحيفة عن الصدور، ولم يصدر أي قرار قضائي بوقف صدور أي صحيفة.

صدرت عن القضاء أحكام بإيقاف صحفيين عن الكتابة لمدة عام، أو ستة أشهر.. لسنوات معينة، أما الصحيفة التي ارتكبت الجرم على صفحاتها فقد كانت تواصل الصدور.

وبالمناسبة، لا يوجد في القانون نص يبيح لوزارة الإعلام وقف أي صحيفة عن الصدور. ما يجيزه القانون للوزير، هو الحجز على عدد معين من صحيفة، والدفع بشأنه للقضاء. وأعطت هذه المادة الحق للصحيفة بأن تتظلم أمام القضاء في ذات اليوم، لتبطل قرار الحجز الإداري الصادر عن وزير الإعلام.

ومع ذلك، لم تقدم، أو تجرؤ أي صحيفة على الاعتراض أمام القضاء على قرار بالحجز أصدره وزير الإعلام، لأنها تعرف أنها ارتكبت فعلاً من جرائم النشر.

فيما يتعلق بالقانون الساري في هذا الموضوع، هناك توسع يشمل 12 فقرة، ضمن المادة المتعلقة بالمحظورات. وهذا ما نتطلع الآن إلى اختزاله، ونبقيه في حدود أربع فقرات، بحيث لا تتعدّى الحدود المتاحة دولياً، والمنصوص عليها في وثيقة العهد تحت عنوان "الحقوق السياسية والمدنية، العنف والحرب والكراهية، والآداب العامة".

• ما العقوبات التي تريدون استثناءها من القانون الجديد؟

ـ نريد أن تتحول العقوبات البدنية إلى عقوبات مالية.

• ما العقوبات البدنية المنصوص عليها حالياً؟

ـ مثل: الحبس.

• هل توجد عقوبات بالضرب؟

ـ هنالك عقوبة التعزير، والحقيقة أنه بموجب قانون العقوبات، يحق للقاضي أن يحكم بالجلد على أي مواطن يُمارس القذف، سواء من خلال صحيفة، أو في مكان عام.

• يقال أيضاً إنه من بين التعديلات المطروحة على القانون..

ـ قانون الصحافة والمطبوعات عليه تعديلات. وهناك قانون جديد الآن للإعلام السمعي والبصري، سيكفل ترخيص إذاعات ومحطات تلفزة خاصة.

• هل صحيح أن قانون الصحافة والمطبوعات يعطي موظفي وزارة الإعلام صفة الضبطية العدلية؟

ـ ليس في قانون الصحافة والمطبوعات، وإنما في قانون السمعي والبصري، الذي سينظم امتلاك القطاع الخاص ورجال المال والأعمال حق تشغيل محطات تلفزيونية وإذاعية.

• هل سيُحصر هذا الحق في رجال المال والأعمال؟

ـ لا، لا.. لأنه عمل استثماري يستهدف الربحية بأكثر مما يستهدف الخدمة الاجتماعية والعامة. وبالتالي، مجرد المتابعة والرقابة والتضييق على هذه المنشآت، لأن هناك موارد ينص القانون على أن يؤول جزء منها للدولة، خاصة فيما يتعلق بالرقابة على الإعلانات وغيرها. وهذا الأمر جار في كل البلدان العربية التي سمحت بإقامة الإذاعات والتلفزات الخاصة.

مشروع القانون لدينا يتحدّث عن اتجاهين:

الأول: أن يقام قطاع خاص ضمن بنية وزارة الإعلام، لأنه يهتم بهذا الجانب.

الثاني: تقام هيئة جديدة تمارس الحق السيادي في هذا الموضوع، كما هو حال التجربة الأردنية، حيث إلى جانب المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، توجد الهيئة العامة للمرئي والمسموع. وهذه الهيئة هي التي تصدر ترخيصات باستخدام الترددات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، حتى للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون.

• أعتقد بأن هناك جهة دولية تنظم توزيع الموجات والترددات؟

ـ الاتحاد الدولي يُنظم كل ما يتعلق بالموجات الإذاعية المتوسطة والقصيرة، لأنها تتشابك وتتداخل في الأجواء المختلفة، أما بالنسبة لموجات الـ"إف. إم" فهي يوجد لها نطاقان عام وإقليمي محدود. يمكن أن تقام إذاعة "إف. إم" على مستوى محافظة عدن، أو في إطار أمانة العاصمة، أو أي محافظة أخرى.

ومع ذلك، فحتى موجات الـ"إف. إم" تخضع لاتفاقات بين الدول المتجاورة في إطار القانون الدولي، الذي ينظم عمل الاتحاد الدولي.

• ما الشروط التي توضع لمنح تراخيص إطلاق محطة إذاعة أو تلفزة؟

ـ لا توجد شروط معيّنة غير الشروط المتعلقة بإنشاء شركة لها قدرات مالية عالية، وأن تكون هذه الشركة أو المؤسسة أو المنشأة الإذاعية أو التلفزيونية قادرة على أن تقوم بمسؤوليات العمل الإذاعي والتلفزيوني، وأن تسدد رسوماً محدودة للدولة.

في الأردن يصل رسوم ترخيص محطة تلفزيونية إلى 140 ألف دينار تُدفع للدولة، أما في اليمن فقد حصرنا هذا المبلغ في حدود 40 مليون ريال (100 ألف دولار).

ونحن لم نخترع شيئاً جديداً.. لقد استفدنا من قوانين دول أخرى بالخصوص. وقد استفدنا حتى من القانون الفرنسي فيما يتعلق بهذا الأمر، والقانون الأميركي، والقوانين الصادرة في دولة الإمارات، وسلطنة عُمان، حيث يوجد قانون مُهم جداً استفدنا منه في تشكيل المجلس الأعلى للإعلام السمعي والبصري، الذي يشترك فيه إلى جانب الجهات الرسمية ممثلون لجهات مجتمعية تخصصية كأساتذة في الجامعات، وخبراء في العمل الإعلامي.

ماذا عن المواقع الالكترونية.. علمت أن القانون الجديد سيضع ضوابط وشروطا؟

ـ ليست شروطاً. ما يؤخذ على القانون وأثار ضجة كبيرة من قبل الأحزاب السياسية، وبعض الشخصيات، أن القانون نص على أنه لا يحق بتاتاً امتلاك الأحزاب السياسية لمحطات إذاعية وتلفزيونية.

• لماذا؟

ـ اكتفينا بأن تكون لديهم صحف. وكثير من البلدان تعمل بهذه القاعدة، حتى في الدِّول المتقدمة، لا توجد أحزاب تمتلك إذاعات وتليفزيونات، وحتى صحفا بالنسبة لبعض الدول.

بالنسبة لنا، حظر القانون ترخيص أي إذاعة أو تلفزيون يعمل على أساس مذهبي، وتروج للمذهبية والطائفية.

وقد درسنا ظروف العراق فوجدنا أن جزءا كبيراً من المحنة والكارثة الدموية المبتلى بها، وتكلفه الدماء يوميا، وأحد أسبابها المباشرة هو التحريض المذهبي عبر وسائل الإعلام، التي تعمل على إلغاء العقل، كما تكفّر الآخرين، وتزعم احتكار الحقيقة الدينية لها ولمذهبها.

المشرع رأى أن من مصلحة البلاد ألاّ تدخل في متاهة مثل هذه الإذاعات والتلفزات.

عندما يتطوّر المجتمع، ستنضج الحياة، وتفرض أشكالاً أخرى.

• الآن إلى المواقع الإلكترونية..؟

ـ بالنسبة للمواقع الإلكترونية، فإن قانون الإعلام السمعي والبصري ينص على أن المعايير الأخلاقية والمهنية المتضمّنة في هذا القانون تنطبق على المواقع الإعلامية الموجودة على شبكة الانترنت.

• دون المدونات الشخصية؟

- نعم.. دون المدوّنات الشخصية، ودون المواقع الإلكترونية للصحف.

• ما الفرق بين الموقع الإلكتروني والصحيفة الإلكترونية؟

- الموقع الإلكتروني شامل.. يشمل الصحيفة والبث الإذاعي، والبث التلفزيوني. لذا، فإن قانون الإعلام السمعي والبصري يشمل كذلك الإعلام الإلكتروني.

القانون من هذه الناحية اعتبر الموقع الإعلامي الشامل منشأة من منشآت الإعلام السمعي والبصري.

• وهل يدفع في هذه الحالة مبلغ مائة ألف دولار..؟

ـ لا.. لا.. لا يدفع.. يدفع هذا المبلغ فقط عندما يقيم منشآت تخدم الموقع الإعلامي. عندما يقيم أستوديو لإجراء مقابلات، ويأتي بـالـ"إس. إن. جي"، والكاميرات وأدوات المونتاج..الخ.. هذه تخضع للمعايير.

للأسف- إن بعض ذوي العقول الضيّقة اعتقد بأن الرسوم مقررة كذلك على الموقع الصحفي. الصحيفة الإلكترونية هي نقلة حديثة للصحافة التقليدية، لكن يحكمها أساساً قانون الصحافة والمطبوعات. ولذا، فإنه في التعديلات المقترحة على قانون الصحافة والمطبوعات، هناك تعريف للصحيفة الإلكترونية، وهي: المقروءة على موقع موجود على شبكة الإنترنت.

أما المدوّنات، فهي جزء من حياة الناس مثل: ربطة العنق وحقيبة يد المرأة.

• كم عدد الصحف الإلكترونية اليمنية الإخبارية الآن..؟

ـ الحقيقة، أنها كثيرة. لم نحصرها بعد، ولم تنشأ بعد علاقة بين وزارة الإعلام وهذه المواقع؛ لأنهم لا يأتون إلى الوزارة للحصول على تراخيص.

توجد ثلاثة أو أربعة مواقع متميِّزة، يديرها ويقف وراءها إعلاميون مهنيون. لكن نستطيع أن نقول إن جزءا كبيراً، ربما 80 بالمائة من المواقع الأخرى هي مواقع وقتية ذات أهداف سياسية معنية لا تخدم غايات متصلة بالارتقاء بالمهنية الإعلامية لجهة نشر الأخبار، وتحقيق السبق الصحفي. أحياناً نشعر أن هذه المواقع مختصة بممارسة المكايدات والصراعات، والتشويه، وخدمة أغراض معيّنة.

أنا أخشى أن هذه المواقع، حتى على المستوى العالمي -للأسف الشديد- تضع البشرية، خاصة بالنسبة للبلدان النامية، في حلقات من مستنقعات قذرة، لا نجد نهراً صافياً فيها إلا في حدود ضيّقة، حين يقدّم الخبر الصحيح والتعليق العقلاني الواضح والمهني.

توجد بطبيعة الحال مواقع اعتز بها، تقدم عملاً مهنياً راقياً.

• وكل المواقع تعمل بدون تصريح..؟

ـ لا تحتاج إلى تصريح. نحن نرغب، ونأمل أن نحاط علماً بهذه المواقع، وبالمسؤولين عنها، حتى ندخلهم ضمن إطار الإعلاميين المعترف بهم، ونقدّم لهم البطاقات الخاصة بتسهيل مهامهم، بحيث يستطيعوا أن يقدِّموا البطاقات إلى الجهات كافة.

بعضهم لأنه يعمل في صحف أخرى، لديه هذه البطاقة.

ومع التعديل على القانون الجديد، سنعطي كل زميل يعمل في الصحافة الإلكترونية بطاقة صحفية، وندعوه إلى المناسبات والمؤتمرات، ويكون له بالتالي كيان معترف به ضمن النظام القانوني.