الحركة الإسلامية في اليمن ( التجمع اليمني للإصلاح ).. إلى متى ؟!!
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 14 سنة و 11 شهراً و 14 يوماً
الجمعة 11 ديسمبر-كانون الأول 2009 06:08 م

لقد كثر الحديث عن موقف الحركة الإسلامية ( الأخوان المسلمين ) في اليمن متمثلة في التجمع اليمني للإصلاح من الأحداث الراهنة التي تعصف بالوطن (الحركة الحوثية) و(الحراك الجنوبي) وعن عدم وضوح رؤيتها ..إن لم تكن تتهمها صراحة بالتهاون والتردد والتفريط وعدم اخذ زمام المبادرة .. ويتضح جليا أن كل من يتحدث أو يكتب في هذا الشأن فانه ينظر للأمر من وجهة نظره الضيقة أو من توجهه الفكري الخاص أو من زاوية تم حشره فيها عمدا وربما بتكليف تنظيمي خاص ويريد من الحركة الإسلامية بكامل هيئاتها وخبراتها الميدانية الطويلة أن تنصاع مباشرة لرأيه القاصر الذي حمله إلينا أو لما تم حشو دماغه به من الترهات والشبهات .. فصار الكثيرون بوقا لغيرهم يرددون قولا لا يعرفون أبعاده وأثاره .. والحركة لا تحركها هذه الشنشنات فما يوجهها ويصنع قرارها رجال أهل حكمة وتجربة ودين يجتهدون في تمحيص الوضع و دراسته من كل جوانبه ويقيمون الواقع من كل أبعاده شرعا ومصالح مرسلة وغيرها ضمن أطر محددة وفي محاورات شوروية حتى إذا صدر القرار كان موفقا وموافقا لعدة أمور : ـ الشرعية والإنسانية ـ مصلحة الدعوة والحفاظ على أبنائها ومنجزاتها ـ قاعدة درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ــ الحفاظ على حياة الناس ومكتسباتهم ـ الصبر على أذى الحاكم وعدم الخروج عليه إلا بضوابطه ـ تجنب العاطفة والهوى والحمية في اتخاذ القرارات ـ استفراغ الجهد وبذل الوسع والمعذرة من الله عز وجل ... وبفضل الله ثم بفضل هؤلاء الرجال تجنبت الحركة في اليمن الكثير من المنزلقات والمصاعب والمكائد المدروسة والمتعمدة التي صادفتهم في رحلتهم الحميدة وحافظوا على كيانهم قويا ومتماسكا .. ولو أنها انجرفت لمثل هذه العواطف والأقاويل والتي أحيانا قد تكون واقعية ومنطقية ولها حمية وغيرة على الدين لندمت ( ولات ساعة ندم )

ولا يصح مطلقا لأي كان أن يختزل تاريخ الحركة الناصع والمشرف منذ أربعينيات القرن الماضي في حدث معين حاليا ويتم تقييمها سلبا عليه ..ومن الظلم والإجحاف أن نحجم منجزات الحركة العملاقة في اليمن على مثل هذه الأحداث التي تتفرغ إليها ممثلة بكامل هيئاتها وأحيانا بكل مراتبها التنظيمية لتتخذ سلطتها العلياء قرارها وفقا للشرع ولقراءات الواقع وتجارب الفترات الماضية محليا وعالميا , لقد تعلمت الحركة درسها بعد أكثر من أربعة عقود من الزمان بأنه قد آن الأوان أن لا يكونوا سيفا بيد الحاكم أو غيره يضرب بهم خصومه فإذا ما استقر له الأمر عاد عليهم بالويل والظلم والتحجيم .. تعلموا أن لا يكونوا تلك العصا الغليظة التي يتكئ عليها المسئول حين يحس بالضعف والوهن وإذا ما استرد عافيته رمى بها في أقرب زاوية مهجورة ... والتاريخ يسطر أن الحركة لم تقصر في أداء دورها من اجل تثبيت الأمن والاستقرار في اليمن وكانت في فترات سابقة من عمرها زاهدة عن سدة الحكم برغم قدرتها على اعتلائه بكل سهولة ويسر , فلم تكن الحركة يوما محل تنافس على السلطة مع الحكام بل كان يكفيها أن يستقيم أمره مع كتاب الله وسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) لتقوم بدورها في البناء والتربية ضمن الرعية .. ولكن توهم الحاكم وإصغاءه لبطانة الفساد أو إرضاء لجهات خارجية هو الذي جعله يصنع من نفسه ندا وعدوا لهم واخذ الوهم يكبر في داخله بأنهم محل ريبة وخطر على حكمه .. والحركة تنظر للأمر على أنها الوزير الناصح الداعم للحاكم المسلم الذي يطبق الأحكام ويرعى مصالح العباد ويدعم حركة الدعوة ويشجع مشاريع الخير.. حتى إذا ما أخطاء أو زاغ وقفت له ناصحة ومجاهدة حتى يعود .. إلا أنها حاليا ارتطمت بالصخرة الصماء التي لم يعد ينفع معها النصح ولا المحاورة وبرغم ذلك اختارت طريقا سلميا قويما لتبيان رفضها لهذا الظلم والفساد .

ــ فيأتي التساؤل اليوم ما هو دوركم من حركة الحوثي ؟ فنقول : الحوثي هو ربيب النظام الحاكم ورضيعه الذي ملاء جوفه بلبن الكراهية والخصام لمحاضن الحركة ومناشطها بحجة موازنة جهات الدعوة في محافظة صعدة وغيرها من المدن .. وربما كان يهيئه ليكون فزاعة لدول مجاورة , وكبر الرضيع وشب عن طوقه ووجد في نفسه قوة غرسها فيه مربوه من ساسة السلطة والحكم .. فانقلب على سيده واخذ السوط الذي تربى عليه حينما كان صغيرا فضرب به مولاه.. واستنجد الحاكم بالحركة التي كانت تشد من أزره وفقا لرؤيتها الشرعية ومصالح الدعوة لتحارب عنه وليضرب أعدائه بهم حتى يتنعم هو وحاشيته في بلاطهم الملكي وبرجهم العاجي ..ولكنهم لم يستجيبوا له فقد استنفذوا كل وسائل الحوار والتقارب معه فلم يجدهم ذلك نفعا فاختاروا طريق رص الصف مع عدد من القوى في الساحة لتكوين ما عُرف باللقاء المشترك ومن ضمنهم الحزب الاشتراكي اليمني والذي يردد كثير من المرجفين بان الحركة الإسلامية ليس لها منهج ولا ضابط فهاهي اليوم تضع يدها مع من حاربته بالأمس .. فكيف يتفق المختلفان ويلتقي النقيضان .. ويتحرج كثير من شباب الحركة أمام هذا الطرح ويظنون ذلك مثلبة في حق قيادتهم الراشدة والواقع أن ذلك وسام شرف وفخر يتقلده رجالنا الأشاوس فهم قد اثبتوا أنهم يدورون مع الحق حيثما توجه ولا يتقيدون بالأشخاص والهيئات والرموز .. فحينما تواجهوا مع الاشتراكي كان يحركهم الأمر الشرعي بالحفاظ على وحدة اليمن وقتال الداعي إلى الفرقة والتفريق وليس لشخصهم أو كيانهم .. فهم قد صنعوا الوحدة مع الجميع وحققوا أمنية الأمة قاطبة .. وحينما وضعوا يدهم معه فيما بعد ضد السلطة الحالية كان كذلك يوجههم المطلب الشرعي بمواجهة الظلم الذي استشرى والفساد الذي طغى وتوحيد الصف ضده وتفويت الفرصة عليه بضربهم بعضا ببعض أو تهديدهم وإضعافهم وهم فرادى ..فهم أبناء وطن واحد .. ولو أنهم أرادوا المصلحة والمنفعة لاستجابوا لدعوة الرئيس وعروضه المغرية والمتكررة لهم بمنحهم عددا من الحقائب الوزارية الهامة مع امتيازات أخرى عظيمة.. ولكنهم رفضوا كل ذلك لأنهم ـ كما نحسبهم ولا نزكيهم على الله ـ أهل حق ومبدأ يثبتون عليه بعون الله ولكل مقام مقال ..

وقدم اللقاء مشروعه ( الإنقاذ الوطني ) للبلاد وليت مسئولينا اخذوا به لنجوا ونجت اليمن من أزماتها الراهنة .. ولكنهم ما كانوا يحتاجون لمثل هذا المشاريع السديدة فقد أغمضوا أعينهم عن الحق وأصموا أذنهم عن سماع النصح وان تكلم كبيرهم أرغى وأزبد .. وهدد وأرعد !!!

فكان قرار الحركة الحكيم عدم خوض أي معارك في صف السلطة الحاكمة ليس لعدم اهتمامها بما يجري ..أو لعدم قدرتها على الدفاع عن حومة الدين وسيادة الوطن ولكنها أرادت أن توصل رسالتها للرئيس :( إن هذه نتيجة أفعالك) ولن ندفع الثمن عنك وكما قال أمين عام الإصلاح عبد الوهاب الانسي لصحيفة الخليج:(( السلطة تريد ليس فقط في هذا القضية، ولكن في أية قضية أخرى أن يدفع غيرها ثمن هذه المشكلة لا هي )) واختارت الحركة العمل على الدعوة إلى ما فيه الخير والصلاح للشعب والوطن من خلال النضال السلمي المنضبط والمتزن مع أشقائهم الآخرين

وأخيرا .. الحركة تعرف حجمها وقدرتها وأن نزولها إلى الساحة والميدان وفقا لرغبة الغوئائيين وأصحاب الأهواء ستكون له عواقبه الوخيمة وآثاره المريرة .. لذا فإنها تنأى بنفسها أن تكون سببا في ذلك.. فتصبر دائما وتسأل الله العافية .. مواصلة العمل السلمي والدعوي السليم وتربية شبابها وأبنائها الغيورين المتحمسين للمواجهة على هذه الصفات المجيدة والأخلاق الحميدة..

ولكن .. إلى متى ؟!