إعتصام شبوة . . رجال كالجبال
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 8 أيام
الجمعة 18 مارس - آذار 2011 09:56 م

استوقفني بعد صلاة الفجر قائلا : لم أنم البارحة وظللت بين الحين والحين أتطلع من سطح موقع نومي على ساحة المخيم وبوابته تحسبا لأي تعد عليهم .. ولكني كلما أطللت عليهم رأيت شباب النظام مرابطين ومتراصين على بوابات المخيم وأسواره كالبنيان المرصوص .. لا يحملون في أيديهم سلاحا من أي نوع إلا سلاح العزيمة والتوكل والثقة في حفظ الله ونصره .. قال عندها وبلا شعور وجدتني أردد : رجال .. رجال ..

عصر يوم قبلها السبت 12 / 3 / 2001 م اهتزت طرقات مدينة عتق وارتجت جنباتها تحت قوة هتافات شباب ائتلاف الثورة الشعبية السلمية معلنة بداية فعاليات اعتصامهم في مدينة عتق عاصمة م / شبوة .. شباب قرروا صنع التغيير وتحقيق الخير جمعهم حب الوطن وكراهية الظلم .. ووحدهم حب الحق وكراهية الفساد .. ورصهم معا حب العدل وكراهية الطغيان .. أقبلوا بقلوب تملأها الطمأنينة وبأرواح كلها عزيمة وبألسنة ذاكرة وأيد طاهرة .. يطمعون في تحقيق النصر ببذل الأسباب المؤدية إليه .. لا يهمهم ما يحدث لهم فقد اختاروا طريقهم .. وأوصى أحدهم أهله وولده .. وطيب الأخر خاطر أمه ووالده .. وودع ثالثهم صحبه وأقرانه وحمل على كتفه بطانيته ودس فيها مصحفه وكفنه .. وطنوا أنفسهم على لا بد للتغير من إرادة وتضحية ولا بد للنصر من ثبات وفدائية .. فلله درهم جميعا من رجال وشباب وفتية .. كم وقفت أتأملهم فقط .. أتفرس في وجوههم .. أحاول اختراق مكنونات أعماقهم .. وقراءة أفكارهم .. فيرتد إلي البصر صارخا : علام تبحث ؟! وماذا تريد ؟! هؤلاء رجال أمنوا بربهم فزادهم الله قوة وهدى .. فأووا إلى مخيم في العراء فجعله الله لهم فسحة من السكينة والإخاء .. يستشعرون فيه بمشاعر وأحاسيس لم يتذوقوها من قبل بين أهلهم وأحبابهم ,, تكاتف ومودة وتعاون وآلفة .. فاللهم زدهم ولا تنقصهم صدقني يا علي .. لقد حان موعد رحيلك .. فاختصر علينا الوقت وعجل به .. لعلنا نخلي سبيلك !

عجائب في قلب المحنة :

1 ـ في هذا الزخم يتساءل المرء عن غيره لماذا لا ينضمون إليه .. إلا يرون الباطل وكيف استفحل وانتشر ؟! ألا يشاهدون الفساد كيف دام واستمر ؟! ألم تؤثر فيهم دماء المعتصمين المسالمين وهي تسفك وأرواحهم وهي تزهق .. ألسنا هاهنا من أجلهم .. سنعود إلى منازلنا ولن نحوز وظيفة ولا غنيمة ولا مصلحة ولا مركزا دنيويا .. إلا ما كان لنا من فضل نرجوه بين يدي الله سبحانه .. نحن هنا لتحقيق الخير والرخاء للجميع .. تربد إسقاط النظام الذي أذاقهم الويل والقهر .. فما لهم لا يقبلون علينا ولا يسألون ؟!

2 ـ قوات تأسست في الأساس لحماية الوطن وأهله .. فانتقلت بأمر طاغية للفتك بهم .. فلا بارك الله في الذي أمر به .. ولا خير ولا فخر في من أطاعه ونفذه .. فيا رجال الأمن والجيش لا تتركوا الطاغية يستميلكم بكلامه المعسول عن حماية الثورة ومنجزاتها .. والدفاع عن الوطن وأمنه .. أسالوه فقط : ندافع عنها ممن ؟! فسيرد عليكم من هؤلاء المعتصمين ! عندها سيستبين لكم الطريق السوي .. فالمعتصمون أهلكم وربما إخوانكم وأصدقاءكم وأفراد قبيلتكم .. فكيف صاروا أعداء للوطن ؟ فليكن ردكم عليه : كذبت والله ما عدو البلاد اليوم إلا أنت ومن معك واقبلوا إلى إخوانكم المعتصمين .. حققوا معنا الغد الجميل وليكتب التاريخ بماء الذهب أن الأمن والجيش والشعب واحد .. ضد الفساد السائد .. وكل طاغية قائد .. الثقة فيكم كبيرة .. فلا تخذلونا !

3 ـ أعضاء المؤتمر وبلاطجة النظام ومؤيديه .. ماذا تفعلون ؟ أين عقولكم الحكيمة وفطرتكم السليمة ؟ ألم يأن لكم أن تتخذوا الموقف الشجاع في ترك التبعية لمن يضرب أهلكم ويخرب نفوسكم ! كيف صارت الوظيفة والمنفعة الزائلة مقدمة عندكم على تحقيق الخير الدائم ؟ أمن أجل حفنة ريالات ووجبة غداء وقات ووعود تعلمون زيفها ذهبتم تؤيدونه وتقوون صفه ظلما وعدوانا .. أبالله عليكم هل ما يمنحكم إياه يسوى قطرة دم لمعتصم مسالم تسفكونها بغير حق .. فسجلوا في كتاب شرف التاريخ أنكم قلتم لا .. لا .. دماء أحبابنا خير لنا من الدنيا وما فيها .. قولوها .. لن نطيعك ولن نؤثرك عليهم .. والعاقبة للتقوى ..

4 ـ دعاة وعلماء ما زالوا يدورون في فلك الحاكم ويزينون له القتل والدمار .. ويمنحونه حق الاستمرار .. بأي حجة ؟! لا أدري فهذه الاعتصامات سلمية شرعية .. لم تخرج مقاتلة ولا تحمل سلاحا .. وإنما هي تقوم بإيصال صوتها للحاكم الجائر .. ارحل .. فقتيلهم نحسبه شهيدا .. وان كان بقول الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها .. فلتعلموا أننا نحاول إعادة تنويمها لآتها قد استيقظت بفعل جرائم الحكام المستبدين .. وكل من في اليمن يعلم إلى أي مدى وصل الفساد والظلم في كل جوانب الحياة والمعيشة .. وان كان تحرزا وتحسبا لما سيئول الأمر إليه .. فإنني أجزم أن الأمر اليوم لم يعد يُحتمل ويستحق التضحية لحصول التغيير .. ولله در الحسين وعبد الله بن الزبير ..

ـ أخيرا .. كم تمنيت أن أذكر في مقالي هذا جميع أسماء شباب مخيم شبوة .. شباب الثورة والتغيير .. أفرادا ولجانا وزوارا .. ولكنني أيقنت أنهم لا يريدون ذلك ولا يرغبون فيه .. لأنهم وحسب فراستي المتواضعة فيهم قد رفعوا شعار التجرد والتضحية : حسبنا أن الله يعرفنا ..