عندما يصبح الفقر..... ثقافة انتاج
بقلم/ فاطمة واصل
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 12 يوماً
الإثنين 15 مارس - آذار 2010 01:08 م

رغم ان ما اصبح يشكو منه المواطن العربي واليمني خصوصا هو تدني مستوى الدخل وعدم القدرة على سد احياجات الفرد والأسرة لعدم تكافؤ المصروف مع المردود فإن مفهوم الفقر أو تعريفة اختلف فيه كثيرون من المهتمين….فالفقر كمصطلح لغوي

قال فيه أهل اللغة الفاء والقاف والراء أصل صحيح، يدل على انفراج في شيء، من عضو أو غيره؛ من ذلك: الفَقَار للظهر، الواحدة فَقَارة، سميت للحُزُوز والفصول التي بينها؛ قالوا: ومنه اشتق الفقير, وكأنه مكسور فَقَار الظهر، من ذلته وفاقته؛ ومن المادة قولهم: فَقَرتهم الفاقِرة: وهي الداهية، كأنها كاسرة لِفَقَار الظهر، قال تعالى: { تظن أن يفعل بها فاقرة } (القيامة:25) وسد الله مَفَاقِره: أي أغناه، وسدَّ وجوه فقره وحاجته .

اما بالنسة لتعريفات العصر الحاضر كان الفقر يعرَّف في الماضي القريب بعدم كفاية الدخل لشراء الحد الأدنى من السلع والخدمات. واليوم يُفهم هذا المصطلح عادة بصورة أوسع على أنه يعني عدم توفر القدرات الأساسية للعيش الكريم. ويسلم هذا التعريف بالسمات الأوسع للفقر، مثل الجوع، وتدني مستوى التعليم، والتمييز، والضعف، والاستبعاد الاجتماعي

أما في ضوء الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، يمكن تعريف الفقر بأنه وضع إنساني قوامه الحرمان المستمر أو المزمن من الموارد، والإمكانات، والخيارات، والأمن، والقدرة على التمتع بمستوى معيشي لائق وكذلك من الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأخرى.

والفقر كمعايشة:

كل ما أسلف من تعاريف يؤكد أنه قصر في الدخل يؤدي الى عجز فائق على مستويات انسانية أخرى وهذا ما تعانيه دول العالم الثالث شكل عام واليمن شكل خاص. هذه الكارثة الاجتماعية التي تتفاقم يوما بعد يوم أثرت على مستوى الفكر والاداء والاطلاع وعلى مواكبة اليمن لكل مستحدث من شأنه ان يعينها على تخطي حواجز تخطتها دول اخرى منذ عقود.

يشتكي موظف الدولة ثاني يوم من استلام المرتب من عدم قدرته على سد رمق افواه تشتكي حاجتها لكوب حليب أو علبة زبادي، ترتفع الاسعار للنيل من كل من تحمله قدماه على أرض اليمن لبيقى يعاني حمى المصاريف التي تزداد والديون التي تتكتل واطفاء الشوق الى رفيق أنسه ومخفف آلامه "القات". أطفال في المدارس تتوق شفاههم لكاس من الحليب الصافي الصحي، والى شطيرة ممتلئة بالبيض أوالجبنة فتعود لأوجههم نضارتها ولخدودهم ألق الربيع. نساء يسكن البيوت لصنع ملوجة قد ترافق الشاي على الافطار اولا ترافقه اما لغلاء السكر أو لانعدام الغاز أو لارتفاع قيمة كيس الدقيق.، احداهن ترضع طفلها وقد مزق فيها الجوع كل ممزق منتظرة الفرج بطلة زوجها ومعه دجاجة تجاوزت الألف ريال لتقسم اسبوعا كاملا، أخرى تراعي طفلها الذي مرض تناوله الدواء الذي اشترته من الصيدلاني عله يفك ازمة حتى يدق بابهما الشفاء لعجزها عن تحمل تكاليف زيارة المستشفى. واخريات يسكن القرى تكفيهم زيارة دجاجة في الشهر لعشرة أشخاص. فتيات بعمر الزهور يفكرن في الزواج من غني لفك أزمة أسرهن المادية وللعيش بنعيم ينسيها مبيت الجوع والجوارب الممزقة.........ولو كان مؤقتا.

والفقر كإنتاج

كل هذه الاشياء الظاهرة والجلية والمعروفة للعيان اصبحت حديثا يتداول في اغلب المجالس اليومية ما ضم المثقفين منها أو الجاهلين بأسباب العلم...... لكن المشكلة اصبحت تكمن في فقر العقول فما اشبع الجسد اشبع العقل معه .... عقول الناس كلها افتقرت للتفكير لصبها جل اهتمامها في توفير لقمة او شراء علاج لمريض.في ساحة العمل يتداولون ثقافة السلف أو الاصح الشحت لانه اصبح من النادر سداد الديون،.............."والمسامح كريم".

هذا على مستوى الأفراد اما على مستوى الدولة فقد كثرت قروض اليمن حتى اصحنا لانعير اهتماما لكمها أو لقيمتها لانها في النهاية لن تضيف الى الفقر الا فقرا ورقما في سلسلة الديون ونظرة على غرار غيرها من سيئات النظرات عن اليمن لاننا اصبحنا نصنعه وننتجه ثم نستجدي الايادي البيضاء لوأده.

في مؤتمر الرياض الذي لم تذاع من وثائقة ومن جلساته الا ما ندر ولم يصرح عن نتائجة إلا حسب ما خطط له مثل إنهاء السعودية الشقيقة التزاماتها من دعم اليمن بمبلغ مليار دولار.... يبقى هناك من المدفون الكثير..... ربما درءاً للضرر بعد أن فقدت الحكومة كثيرا من مصداقيتها أو ربما حفاظا على سياسة انتهجت منذ حقب.

في العاشر من مارس في دولة قطر يبث مباشرة على تلفزيون قناتها المتميزة وقائع افتتاح مؤتمر دعم التنمية والاستثمار في جزر القمر والذي استمر يومين حيث اعلنت الدوحة عن منحة بقيمة 13 مليون دولار ومنظمة المؤتمر الاسلامي عن أخرى بقيمة 10 ملايين دولار.

وقدمت جامعة الدول العربية المليون ونصف المليون دولار لدعم 3 مشاريع في جزيرة موهيلي.. كان رئيس جمهورية جزر القمر يستجدي لمساعدة بلده على تخطي الأزمة التي عجزت سنينا عن حلها... (ربما كان استجداء) لكنه كان صريحا واضحا وعلى لسان رئيس دولة ،كان الدافع حبا لوطن ورغبة في نهضة ....كم كانت شجاعتنه الأدبية مبهرة.. أما أن يتم الاستجداء خلف الكواليس باسم حب الوطن .... فقد مللناه وما عدنا نصدقه فكل ما نستجديه أو ربما نطلبه علناً ونشحته سراً هو نفخ في قربة مقطوعة نظرا لاتساع الجيوب ورائحة الجشع التي أزكمت الانوف.

إن حل مشكلة الفقر يجب ان تبدأ بانتزاع هذا الورم الخبيث من العقول أولا وجعل هذا توجها جماهيريا من قبل السلطة والأفراد ورجال الدين من خلال تسهيل المشاريع الصغيرة لذوي الدخل المحدود جدا "المصاب بفقر الدم" والاستفادة من امكانيات المجتمع ولو كانت بسيطة وتفاعل الاغنياء والتجار لدعم مثل تلك المشاريع وان تفتح الحكومة ذراعيها لكل ما من شانه أن يسكن الفقر في الحجر الاقتصادي بدلا من وضع العراقيل ورفع اسهم المستفيدين من نثريات وحق ابن هادي فلا أمان في وطن يحتله الفقر، ولا حب يسود ه وسوس الفقر ينخر .

والفقر كنتيجة:

لعن الله الفقر..... ورحم الله يمانون لعنوه، سبوه ثم عادوا والتحفوه .