أمريكا وفقاعة الإستخبارات المركزية
بقلم/ علي إبراهيم العلي
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 13 يوماً
الثلاثاء 12 يناير-كانون الثاني 2010 06:29 م

لا ادري إلى أي حد تستخف أمريكا بعقولنا , لكن هذا ليس عجيبي منها , فالاستخفاف والضحك على الشعوب في سبيل تمرير سياساتها التي تريدها في العالم , شيء طبيعي من بلد لا يردي ان تهتز صورتها النمطية حول العالم .

لكن العجيب هو أن تجد من بيننا من يصدقها ويدافع عن هذه السياسات ؟؟ !!

وكما يقال في المثل ( كثير الكذب يصدق نفسه .. ) وهذا الحاصل بيننا اليوم أن أمريكا من كثرة ما نراى من كذبها السياسي والذي تقصد في كثير منه بل في اغلبه هو تمرير سياساتها الخاصة , قد تكون عجزت عن تمريرها علنا او بشكل طبيعي عبر القوانين , فتلجا إلى الاحتيال ( العبيط ) لتفرض ما تريد فرضا بدلا من تمريره ديمقراطيا وقانونيا .

والتاريخ يثبت صحة ما أقول ولا اقدر أن اضرب أمثله فالأمثلة كثيرة جدا جدا , وهذا الأمر يجتمع فيه الدهاء والحنكة السياسية , إذ أن دول بحجم أمريكا تمتلك زمام الأعلام العالمي والترويج لأي فكرة تريدها وأن توصم من تريد بأي تهمة وتُسِّخر كل وسائل الأعلام لتأكيدها او نفيها وأيضا أصدقائها من عملائها واحبابها الذين ينتشرون في كل مكان في العالم .

وهذا من السياسة الذكية الخفية التي تُحاك في الكواليس , إذا أن السياسة المكشوفة سوف تُزيل القناع البرَّاق الذي تصف أمريكا بها نفسها , فهي ارض الديمقراطية وارض الكرامة والمدينة الفاضلة ووو .

والحل يكمُن في الجمع بين التلميع الظاهر للسياسة والفكر الذي تطمح له أمريكا وتريده للعالم وهذا يكون بشكل علني ومعروف للجميع وتبثه القنوات الفضائية ويتحدث به اوبماما ومساعديه كأمثال ( جئنا لنخلص العالم من الأرهاب , او نحن اصحاب الديمقراطية , او نخن دعاة الحرية وو ) إلى الكثير من الخطابات المتلفزة والكلمات المنمقه , وبين السياسة الحقيقة التي تسير عليها امريكا في الخفاء وتجند لها ما تريد .

طبعا لا بد أن تسلط الأعلام بشكل مكثف على هذه الأمور الظاهر بغرض صناعة رأي عام قوي يخدم هذه التوجهات , ولأن أمريكا تقبض بزمام اغلب وسائل الأعلام ولا شك ان الأمر سيكون له ثمار واضحة في العالم .

فلو وجدت امريكا عجزا في في ميزانيتها وسبب ذلك هو الأنفاق الهائل للتسلح والبحث وصبحت الموارد الأمريكية شبه عاجزة ان تفي بهذا المطالب التي يمكن ان يطلق عليها استعمار جديد .

لذلك لن تجد ان تستخدم القناع الخفي بلباس اخر وبأسلوب اخر ونلوي ذراع العالم لتحقق ما تريد , وما افتعلته الشركات الأمريكية من مصيبة ( انفلونزا الخنازير ) وهو فيروس مطور خرج من المختبرات الأمريكية وترعرع عبر وسائل الإعلام الأمريكية حول العالم تهويلا وتضخيما لتجد في الأخير الشركات الأمريكيه هي التي تكتشف اللقاء ليباع للعالم باغلا الأسعار ( والذي بدورة سيسدد الكثير من عجز الميزانية الأمريكية ).

وتفاصيل هذه القضية طويل لن نخوض فيه , إلا انه من الضروري ان نعلم ان كواليس السياسة لا تحرم هذا او تجرمه بل ربما تصف الضحية بالغبي والبليد وبما ان اللعبة ليست حبكة شركة او وزارة او دولة بل تدار في كواليس غاية في الدقه والتكتم مما تشتهر به اجهزة المخابرات .

اما الوجه الباطن فهو المحاولة على الحفاظ على الوجه الظاهر البراق الجميل وبين المطامع الحقيقية والنوايا التي تكفل البقاء في الزعامة والضرب بيد من حديد على كل من يفكر أن يمس امن أمريكا او أفكارها حول العالم او حتى يزاحمها في الزعامة , وهذا ليتم لا بد من كثير الهالة الإعلامية ( الهوليودية ) لتهويل القدرات الأمريكية العسكرية والتقنية الأستخبارتية وتفردها في العالم التي هي في الحقيقة فقاعه كأي فقاعه هوليودية تنتهي بنتهاء الفلم المعروض ؟ انا هنا سأكون واقعيا ولا أريد أن أقول أن أمريكا لا تمتلك القدرات او الأمكانيات العسكرية والعلمية ولكن اريد أن القول أنها لا تمتلك تلك القدرات التي تخوف الناس بها وتنشرها عبر وسائل الأعلام المسخرة أصلاً لخدمتها .

فلن ينسى الأمريكان فتنام والفخ التي أوقعوا انفسهم فيه , ولن تنسى العراق والعذاب الذي اوقعت نفسها فية وتتمنى لو تخرج منه باي ثمن , وافغانستان وما فيها من خسائر ووو .

والسبب هو أن أمريكا من - كثرة كذبها صدقت نفسها - فوقعت أمام أمرين لا ثالث لهما الأول : انها كما اخبرت عن نفسها قوة لا تقهر وكما شبع العالم استماع لها عبر هوليود او غير ذلك من الأبواق .

الأمر الثاني انها امام واقع قد تنهار فيه تلك الهاله الأعلامية للقوة التي لا تقهر وحتى تحافظ على ماء وجهها امام العالم (فصدقت كذبها ) وأوقعت نفسها في العراق وأفغانستان وفتنام , ولم تخرج إلا بخزي وعار .

إن المتأمل في الأفلام الهوليودية التي تروجها امريكا عن قوتها التي لا تقهر وبين ذلك الاختراق العجيب لمخابراتها في أفغانستان والذي مكَّن لشاب أن يصل إلى عقر قوتها وإيقاع تلك العملية بكبار الضباط لهو امر واضح ان ما تملك امريكا سوى فقاعات كلام من التهديد والتهويل .

واما ذلك الشاب الذي اراد ان يفجر الطائرة مؤخرا – فمسرحية كوميديه طريفة – ما هو إلا سياسة ابتدأت برغبة الاستخبارات بالتجسس على المكالمات الهاتفية ( والذي كان مجرد جس نبض للشارع الأمريكي ) والذي تفاجأ بقوة رد الفعل للمعارضين , فبنت على اثره قناعة تامه بعدم جدوى سياسة المواجهها ولكن قد تنفع سياسة التخفي وتمرير السياسات عبر الباب الخلفي -كما يقال- لذلك ابتكرت طريقة المواجهة الحتمية المصطنعة و المفتعله .

فافتعلت قضية الطائرة وجندت لها شاب لا نعلم كم تم تدريبة من الشهور والسنين , ونحن نؤمن ايمانيا يقينيا ان امريكا ليست عاجزة عن التلاعب في السياسات والأخبار وتحريفها لأنها في الغالب احدى صناعاتها القوية لتغيير الرأي العام حول العالم .

كما افتعلت امريكا من تهديدات إيران للمنطقة سببا كبيرا ومبررا لوجودها في دول الخليج وبدت كأنها تلاعب - قطا أليفا - يسمى السلاح النووي الإيراني رغم أن الكثير يؤمن أن أمريكا هي في اشد وفاقها مع إيران الشيعية والتي هي شوكة تنخز بها الدول العربية والخليجية خصوصا لو فكرت بالتخلي عن خدمات البيت الأبيض .

كما شعرت أيضا أمريكا بسودان يقوى و ينهض فلو تدخلت لإسقاطه علنا لكان هذا يدنس صورتها النمطية امام العالم لكن لجأت إلى ما هو معروف من تأجيج الصراعات ودعم أطراف كثيرة لشغل الدول العربية بصراعات ومشاكل داخلية ليضل العرب في خمول دائم وبقرة حلوب لتغذية أمريكا واقتصادها .

إن امريكا تعلمت درسا قاسيا أن تدخلها المباشر سيكون له عواقب كبيرة في تشويه صورتها التي بنتها هوليود ولكن لجأت إلى أسلوب -قديم حديث- وهو ( فرِّق تسد ).

فدعم أي صراع وأي تمرد هو كفيل بزعزعة الأمن الذي ينتج عنه حالة اقتصادية متدهورة وينتج عنها بطاله ساخطة وينتج عنها انحراف بكل أنواعه وصورة الفكري والعقائدية حتى .

رغم إيماني العميق بأن تنظيم القاعدة مخطأ في أفكاره الداخلية والخارجية إلا أني أؤمن أكثر بأن أمريكا وسياستها سوف تجد نفسها يوما من الأيام تلعب بشكل مكشوف تماما وقد بدا للناس اليوم كثير من ألاعيبها في المنطقة .

الكثير من الشعوب العربية حية بشعورها ولتآلفها , ولكن هذا سوف يتصادم و رغبات أمريكا , لذلك سخرت أتباعها وجنودها كجندتهم في المنطقة لينفذ كل ما تريد , وإلا فما معنى ان تسن امريكا قوانين حقوق الإنسان وتضم الجمعيات الحقوقية وعندما يمس حق من حقوقها فإنها بعد أن تمص الضحية إلى العظم ترسله إلى الأنظمة العربية ليقوموا - بعمل مساج رقيق على جسده ؟؟!! -وهم على يقين تام ماذا يعني هذا الفعل ؟؟ ولكنه شأن الجندي المطيع لسيده , حيث تجتمع المصالح المشتركه .

إن طعنه من أخيك لتقتلك في بلدك وتستنفذ الخير الذي تملكه وتنشغل عن التنمية والقدم في صراع داخلي هو عين ما تريده امريكا في أي بلد ترى أن نموه وتقدمه قد يسبب لها إزعاج .

بينما أي بلد تراى انه بقرة حلوب لها تسعى معه بسياسة العصا والجزرة ولا اشبه بذلك من دول الخليج التي هي قواعد لأمريكا تتحرك طائراتها لتدمير الكثير من البلاد الإسلامية فإن ظهر التذمر كانت العصا ( هي إيران واكتساحها الخليج او ضربة إيرانية تكتوي بنارها الدول العربية والخليجية وما ينتج عنها من ويلات الحرب ).

السياسة الأمريكة أصبحت في كثير من جوانبها مفضوحة بسبب التكرار الممل للأحداث الفاشلة التي تمر بها أمريكا ليختلف التنظير عن الواقع لكن امريكا تتعلم فتغير سياساتها لتتفادى الأخطاء الكبيرة , ولكن نحن العرب والمسلمون لماذا لا نتعلم من خطأ غيرنا ؟؟.