تفاصيل مروعة عن جريمة قتل فتاة في صنعاء 18شهيدا بغزة والاحتلال ينسف منازل بشمال القطاع وجنوبه ندوة حقوقية في مأرب تسلط الضوء على أوضاع المرأة اليمنية بعد انقلاب الحوثيين تحقيق 42 ألف مستفيد من خدمات الوحدة الصحية في القطاع العاشر بمخيم الجفينة تفاصيل حصيلة 3 أيام من الحرب و الاشتباكات في سوريا الكشف عن أكبر منجم جديد للذهب في العالم قد يقلب الموازين ويغير التاريخ عاجل: المليشيات الحوثية وتهدد بإعتقال مشائخ ووجهاء محافظة إب المعتصمين بدار سلم وتفرض حصارا بالاطقم المسلحة على مخيمات المعتصمين الباحث اليمني نجيب الشايع يحصل على درجة الدكتوراه بامتياز في مجال جراحة المخ والأعصاب الرئيس العليمي يصل الإمارات مليشيات الحوثي تواصل إرهاب الأهالي بمحافظة إب وتلجأ الى فرض الجبايات بالقوة والاكراه ومن يرفض يتم الاعتداء عليه
لقد أسال (زواج الصغيرات) الكثير من الحبر، والكثير من العبرات، كما ملأ الصدور بالكثير من الأوجاع والآهات، وزغلل الكثير من العيون، وأصبح الحديث فيه وعنه ذا شجون؛ ولعل الأشد فيه شجونا؛ أنه كلما ذُكِر العلماء أو الفقهاء؛ تداعات الأكلة لينهشوا في لحومهم من دون ذنب؛ وإلا فما شأن العلماء بالهوس الجنسي (غباري)، والفكر الكنسي والقساوس والرهبان (توكل كرمان)، وغيرهم ممن تعرض للنيل من العلماء وسلقوهم بألسنة حداد وبكلمات غلاظ لا تليق بمقامهم ومكانتهم في المجتمع اليمني المسلم بلد الإيمان والحكمة.
وقد كان يكفي من كل ذلك القليل؛ لو فكرنا فيه بعقولنا، وتجردنا قليلا عن ذواتنا، ولم نخض فيه طويلا بعواطفنا وثاراتنا. وكذلك كان الأجدر بنا الالتفات إلى أسباب الظاهرة ودواعيها والنظر إليها بنظرة (دينية /علمية) متفحصة وواعية؛ لا تغفل لحظة واحدة كتاب ربنا وقرآننا وقانونا المسطر في اللوح المحفوظ؛ فالشرع والعلم في تصور المسلم لا يختلفان ولا يتناقضان ولا يتعاركان؛ فما بالنا نحن نختلف ونتعارك ونتصارع، وقد كان الأجدر بنا بدلا من ذلك كله أن نترك المجال للعلماء المتخصصين في الطب والدين. وهكذا عندما تناقش المواضيع بروح العداوات والثارات تتحول إلى مهازل كلامية ومهاترات ومكايدات يأنف القارئ الجاد أن يتتبعها؛ فتجد الطاقات تهدر والأوقات تضيع من دون طائل.
وبرأيي يكفي (الصغار) ما سال من الحبر، وما بُذل فيه من الوقت والجهد والطاقات الفكرية، وتعالوا بنا نلتفت إلى (الكبار)، وإلى ما هو أهم؛ إلى مصالح الوطن الكبرى؛ الوطن الذي ما زال يلفه الكثير من الغموض والكثير من الأسئلة أو الاستفهامات؛ الوطن الصائر إلى المجهول؛ فما أجدى بنا أن نوفر للوطن ومعضلاته الكبار بعضا من الحبر وبعضا من الوقت وبعضا من الجهد وبعضا من الطاقة الفكرية التي تاهت وابتذلت في (زواج الصغار)؛ فمستقبل وطننا ومعالجة ما فيه سوف يوفر لنا وللصغار الكثير من الأمن والكثير من الاستقرار والكثير من العيش الرغيد.
فدعوا الصغيرة فإن لها ربا يحميها ويحرص عليها أكثر من حرصكم؛ فلن تكونوا أكثر حرصا عليها من خالقها ودينها ومن شرعها؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وشرعه حريص علينا وعليهن وهو بنا وبهن رءوف رحيم. كما أن للصغيرة ربا/أبا يحميها؛ فلن تكونوا أحرص على صغيرته وفلذة كبده منه. وأظن - كما يظن القراء والمتابعون - أنكم قد كفيتم ووفيتم وقد أدلى كل منكم بدلوه فيما فات، فتعالوا بنا فيما هو آت لنلتفت إلى قضايا وطننا الأخطر والأكبر؛ وتيقنوا أن ما يقع فيه الصغيرات؛ إلا نتيجة محسومة لما يحصل في الوطن من المعضلات الكبار. فيا إخوتنا الوطن اليوم بحاجة إلى أن تتكاتف الجهود لا تفترق، وأن تمتزج الأفكار وتتلاقح لا أن تتنافر، فلا تنشغلوا بالمهم عن الأهم، فو الله لو صلحت أوضاع الوطن الكبيرة لانسجمت معها الصغيرة أيما انسجام.
فبالله عليكم من ذا الذي يريد أن يزوج ابنته الحالمة الصغيرة (الزهرة) في أول تفتحها إلا الخوف عليها من الذبول، فقد تنقطع بها أسباب الحياة قبل أن تنضج. ولو كان يعرف أن الماء والظروف البيئية سوف تساعده وتستمر في التدفق لما استعجل على قطفها قبل أوانها. فكل من يعمل ذلك هو مكره لا بطل. هذه القضية باختصار شديد، وبدون مناكفات أو عراكات من دون طائل؛ فهي لا تحتاج إلى كثير فلسفات أو تحليلات، أو تخمينات، كما لا تحتاج إلى مزيد من سن القوانين والتشريعات؛ ولست أرى أن القانون سيكون أحرص على الصغيرة من ربها ونبيها وأبيها وأمها؛ لكنه الفقر والخوف منه؛ فهو رأس كل بلية. ولو كان الفقر رجلا لقتلته علي رضي الله عنه.
ولم يذكر القرآن الكريم – الذي للأسف نجعله آخر اهتماماتنا – القتل للأولاد إلا في سياق الخوف من الفقر والجوع؛ قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (الأنعام:151) وقال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) (الإسراء:31) أظن أن في هذا إشارة كافية لمن كان له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد. فإذا كان بعض من البشر يفكرون أحيانا بأن يقتلون فلذات أكبادها خشية الفقر ورهبته من أن يحصل في المستقبل؛ فكيف بمن يجثم الفقر فوق رؤوسهم ويكبت وأكبادهم ويكتم أنفاسهم!! أفلا يكون تزويج الصغيرات لهم أسهل وعليهم وأيسر من القتل؟؟ أرأيتم كيف أن تفسير الموضوع بسيط وسهل، وقد يسره لنا القرآن فهل من مدكر ؟
فلم نغالط أنفسنا ونبحث عن الحلول في الاتجاه الخطأ فما يغني عنا سن التشريعات والفقر والجوع هو عدو زواج الصغيرات الأول والأخير، وقد كان فيما سبق يمثل لهن (عزرائيل). فهلا بحثنا عن قانون أو تشريع يحد من الفقر، أو حتى حكم قضائي يقضي باجتثاثه واستئصاله من يمننا ومن أوساطنا ؛ حينها أعدكم أنكم لن تجدوا زهرة تقطف قبل أوانها ما دام السيل دفاقا تحتها ويمد حديقتها بالخير والحياة.
نعم لسنا الآن بحاجة إلى سن مزيد من القوانين والتشريعات بقدر ما نحن بحاجة إلى أن نفهم قرآننا الذي هو أسمى وأحكم قانون على الوجود لأنه أعلم بما يُصلح البشر ويَصلح لهم؛ فالمشكلة تكمن إذا في أننا نركن إلى الذين ظلموا وإلى نظرياتهم الغربية والشرقية التي يكاد نتنها يعفن عقول الكثير من المسلمين ويعمي أبصارهم وأفكارهم عن الدستور القرآني؛ الذي يسعى إلى اجتثاث المشكلات من أصولها، ولا يرضى بأنصاف الحلول أو بالمسكنات والمهدئات. قرآننا الذي يجعلنا في غنى عن تلكم النظريات الوافدة؛ التي انبهر بها البعض.
فيا من تخافون على الصغيرات من الزواج المبكر عليكم بالعدو الأول [الفقر] وجهوا إليه سهامكم وأقلامكم، وقفوا كلكم في صعيد واحد، وحاولوا استئصاله من دياركم، وإن لم تقدروا على استئصاله فحاولوا أن تضعفوه أو تحجموه؛ فهو العدو الأول والأكبر وبغير ذلك فإننا نجهد أنفسنا من غير طائل ونغطي عيوننا عن المسببات ونركز على المهدئات والمسكنات، وهل رأيتم ظاهرة زواج الصغيرات إلا في البلدان الأكثر فقرا وجوعا.