وزير الدفاع يصل الإمارات لبحث جملة من الملفات العسكرية
تطبيق إباحي يفجر خلافا واسعا بين المفوضية الأوروبية مع أبل
كاف يعلن الموعد النهائي لقرعة الكونفدرالية ودوري أبطال إفريقيا
«إي إس سبورت» تكشف عن هوية جديدة لتعزيز السياحة الرياضية
حركة «حماس» تعلن رفضها الكامل لكل مطالب إسرائيل بخصوص نزع سلاحها
خطة ترامب لغزة خيار مستحيل.. الغارديان: تسخر من موقف الدول العربية بسبب ضعفها التاريخي بشأن فلسطين
مقتل وإصابة أكثر من 9 الف مواطن يمني بسبب ألغام المليشيات الحوثية
انهكوه تعذيبا وأهملوه طبيا ...وفاة أسير في سجون المليشيا التي يشرف عليها عبدالقادر المرتضى
توكل كرمان: الإعلان عن حكومة موازية في السودان إقرار بهزيمة وسقوط مشروع اسقاط البلاد
ندوة سياسية تناقش أدوار ثوار11 فبراير في الحفاظ على منظومة الدولة ومقارعة الانقلاب
حسنا فعل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حين أصدر السبت الماضي عفوا رئاسيا عن الصحافيين يتضمن المسجونين منهم الصادرة بحقهم أحكام قضائية، والذين لديهم قضايا منظورة أمام المحاكم أو عليهم أحكام قضائية في الحق العام. هذا العفو يغلق ملفا ما كان مفيدا ولا حكيما فتحه من الأساس وبالتالي فالأنسب الآن الإسراع بإنهائه لأن تفاقمه سيضر الحكومة اليمنية أكثر من إضراره البديهي بحرية الصحافة والرأي والتعبير في البلاد.
من أشهر ما يتداوله المقربون من الزعيم الراحل ياسر عرفات قوله الدائم أن على رجل الساسة أن يتحاشى تماما الدخول في صدام مع ثلاث: الصحافي والشاعر وخطيب المسجد لأن ضرره كبير بغض النظر عن مدى صواب مآخذك على هؤلاء الذين سينطلقون يشهرون بك في صحفهم وقصائدهم وخطبهم ولن ينالك منهم ومن زملائهم إلا كل شر مستطير حتى وإن كانوا هم الخاطئين أو حتى البادئين بالخطأ. لقد أثبتت كل التجارب السابقة أن ما من سلطة عربية دخلت في إشكال مع صحافي إلا وخرجت منه بأفدح الأضرار على سمعتها الداخلية والخارجية. الأنكى أن هذه السلطة مهما حاولت مستميتة تبرير ما قامت به فلن يصدقها أحد حتى ولو افترضنا جدلا أنها كانت محقة. إنها معركة خاسرة قبل أن تنطلق والحصيف من تجنبها بكل ثمن حتى وإن كظم غيظه حتى شارف أن ينفجر به فذلك أسلم له وأكرم. الاشتباك القانوني والقضائي مع الصحافيين مجلبة للصداع وسوء الصيت فالأنسب دائما مجادلتهم بالكتابة، السلاح الذي يجيدون استعماله باقتدار أما جلبهم لأقبية وزارات الداخلية واعتقالهم و'جرجرتهم' في المحاكم فهي تنم في الحقيقة عن ضعف فادح من قبل مؤسسات الحكم في مجارات سجالاتهم أو الرد على أخبارهم وأطروحاتهم فتفضل جرهم للسلاح الذي تجيده هي: القمع والمضايقة والتنكيل ولم لا الرمي وراء القضبان. المشكل أن هؤلاء الصحافيين، وبعد أن تفعل بهم كل ما تفعله الأجهزة الأمنية والقضاء غير المستقل، ينطلقون بعد ذلك أكثر شراسة فيما كانوا يلامون عليه أو من أجله لوحقوا وسجنوا مما يفقد ما جرى بهم كل وجاهة سياسية عملية حتى ولو تغاضينا عن الوجاهة الأخلاقية في البداية والنهاية.
هكذا كان حال المغرب مثلا في قضيته مع الصحافي أبو بكر الجامعي وتونس مع توفيق بن بريك ومصر مع إبراهيم عيسى والأمثلة كثيرة في أكثر من دولة عربية. ولو وازن الساسة في حالات عديدة بين ما يريدون الوصول إليه من 'تأديب' الصحافي وبين حجم الإساءة التي ستلحق بالسلطة وبسمعة البلد ككل لارتأوا وضع حد لما أضمروه لا سيما وقد أصبحت للمنظمات الدولية الخاصة بحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير 'ماكينة' رهيبة للتشهير في كل المحافل بطريقة لا يجدي معها 'توضيح من مصدر رسمي' ولا غيره. هذه المنظمات الدولية اكتسبت سمعة عالمية ويميل أغلب الرأي العالمي إلى تصديقها واستعمال بياناتها حجة بليغة في كثير من ملفات الأخذ والرد. مشكلتنا في البلاد العربية أننا نسارع للاحتفاء بتقارير مثل هذه المنظمات عندما تشيد بنا في جزئية بسيطة أو عندما تتحدث عن الولايات المتحدة أو العراق أو إسرائيل لكننا نسارع للتشهير بها والتنديد إذا ما انتقدتنا حتى ولو على حق.
مرة أخرى، حسنا فعل الرئيس علي عبد الله صالح فهو أسلم ألف مرة من كل عناد أو مكابرة. وفي تونس مثل شعبي يقول عن شخص معاداته مصيبة وكذلك تركه أنه كالقط الأسود إذا نهرته أصابك بخدوش وإذا تركته التهم عشاءك. هكذا هم الصحافيون الذين من الأفضل، لكل ذي رأي حصيف، تركهم يأكلون العشاء على أن يصيبوا وجهه بخدوش غائرة.
*القدس العربي.