بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
مأرب برس – خاص
هناك العديد من المكاسب الاقتصادية التي تجلبها الاستثمارات الأجنبية إلى الدول المستقبلة، خاصة إذا أحسنت تلك الدول التعامل مع المشاريع الاستثمارية، حيث يأتي على رأس تلك المكاسب خلق الفرص الوظيفية ، نقل التكنولوجيا المتقدمة، رفع العائدات المالية والضريبية، تحسين كفاءة الشركات المحلية، وتعزيز النمو الاقتصادي. ولذلك تعمل الكثير من الدول جاهدة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاعاتها الاقتصادية لاسيما عندما تبدو توقعات النمو للاستثمارات المحلية ضعيفة.
في السنوات الأخيرة سعت الكثير من الدول النامية لإزالة الحواجز التي تقف في وجه الاستثمارات الأجنبية، وفتحت المزيد من القطاعات الاقتصادية أمام المستثمرين الأجانب، وسعت لتحسين البيئة العامة للاستثمار من خلال تقديم حزمة من الحوافز وانتهاج عدد من السياسات الهامة في الجوانب المالية والنقدية والتنظيمية.
وفي هذا السياق تأتي اليمن كإحدى هذه الدول النامية الساعية للاستفادة من الاستثمارات الخارجية العربية والأجنبية، ولذلك فهي تعمل على خلق بيئة استثمارية مشجعة. ففي العام 1995 أسست اليمن الهيئة العامة للاستثمار كجهة حكومية مسئولة عن الاستثمارات من حيث الترويج والتنظيم ، وفي السنوات الأخيرة طبق مبدأ النافذة الواحدة لتصبح هيئة الاستثمار المؤسسة الوحيدة المعنية بقضايا الاستثمار الأجنبي و المحلي. وبذلك الإجراء ذللت الكثير من الصعاب التي كانت تقف عائقاً أمام المستثمرين وخاصة تشعب وتعدد الجهات المعنية بالاستثمار. كما شهد قانون الاستثمار عدداً من التعديلات التي جعلت منه أكثر ملاأمة لإقامة المشاريع الاستثمارية.
من أهم التعديلات التي أدخلت في عام 1999 هو إلغا الشرط الخاص بضرورة حصول المستثمر العربي او الأجنبي على تراخيص لإقامة أي مشروع استثماري، حيث استبدل الترخيص بتسجيل المشروع. التعديل الأخر يتعلق بإلغاء دور الحكومة في تحديد أسعار السلع والمنتجات مع الإبقاء على السلع الأساسية. وفي العام 2002 صدر قانون الاستثمار رقم 22 والذي بموجبة لا تفرض أي شروط إظافية على تأسيس أو توسيع أو تجديد المشاريع الاستثمارية. كما قدم القانون الجديد للمستثمرين عدد من الحوافز منها الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب على الموجودات الثابتة للمشروع، والإعفاء من الجمارك على المشاريع المتعلقة بالإنتاج الزراعي والسمكي، الإعفاء من ضرائب الأرباح لمدة سبعة أعوام قابلة للتمديد لـ ثمانية عشر عام، الإعفاء من ضريبة الدخل و ضرائب العقارات، الإعفاء من الضرائب المفروضة على رأس المال ورسوم العقود، والإعفاء من رسوم الترخيص لاستخدام التكنولوجيا لمدة خمسة أعوام.
كما يمنع القانون تأميم المشاريع التابعة للشركات الأجنبية ويزيل القيود أمام إمكانية تحويل الأرباح إلى خارج اليمن ويمنح المستثمر الأجنبي إمكانية امتلاك الأرض للمشروع بدون الحاجة إلى وكيل يمني أو رخصة استيراد وتصدير من وزارة الصناعة والتجارة. وفيما يتعلق بالسياسات النقدية فقد تبنت اليمن منذ شهر يوليو 1996 نظام تعويم العملة المحلية بدلاً عن التثبيت، والذي جاء كجزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. كما عمل البنك المركزي اليمني بكل وسائل السياسة النقدية على المحافظة على استقرار سعر الريال والسيطرة على التضخم وتهيئة بيئة ملائمة للنمو الاقتصادي وجاذبة للاستثمارات. وبذلك نجح البنك المركزي بخلق استقرار نسبي لسعر العملة على مدى السنوات القلية الماضية، حيث جاء هذا الاستقرار بفعل التدخل من خلال تزويد السوق بما يحتاجه من العملات الأجنبية.
بالرغم من هذه السياسات المتبعة من قبل الحكومة، يبدو ان الاتجاه العام لتدفق الاستثمارات الى اليمن اتخذ شكلاً متقلبا، بل ويمكن القول أن اليمن لم تتمكن خلال السنوات الماضية من جذب قدر هام من الاستثمارات. فبين العامين 1987 و 1992 وصل المتوسط السنوي لقيمة الاستثمارات الأجنبية 198 مليون دولار أمريكي بينما وصل إلى أعلى مستوى في العام 1993 والذي بلغ ما يقارب مليار دولار، حيث جاء معظمة من الشركات النفطية التي دخلت إلى اليمن للاستثمار في قطاعي النفط والغاز. وفي النصف الثاني للتسعينات أتخذ الاتجاه العام لتدفق الاستثمارات شكلاً سلبياً ، بيد انه أخذ في التحسن منذ العام 2000، حيث شهدت الأعوام 2005 و2006 و2007 توقيع عدد من العقود مع الشركات الأجنبية في مجال الاستكشافات النفطية والتي تعد بتدفق مزيد من الاستثمارات في السنوات القليلة المقبلة . كما لوحظ بعض التحسن منذ عقد مؤتمر الاستثمار في عام 2007 حيث شهد العام الحالي 2008 البدء بعدد هام من المشاريع الاستثمارية في المجال السياحي والعقاري والتي يقوم بها عدد من المستثمرين العرب والأجانب.
يأتي هذا التقلب في تدفق الاستثمارات نتيجة للسياسات الحكومية المعنية بتحسين المناخ الاستثماري والتي نجحت في بعض الجوانب بينما أخفقت في جوانب أخرى. جوانب النجاح تتمثل بالاستقرار النسبي للعملة المحلية وتحويل العجز المالي إلى فائض ، والسيطرة النسبية على التضخم، واستصدار قانون الاستثمار لعام 2000 الذي يعطي مزيداً من الحوافز للمستثمرين. ولكن أخفقت هذه السياسات بمعالجة قضايا هامة ، أهمها الافتقار للبنية التحتية الحديثة خاصة خارج المدن الرئيسية، والافتقار للمدن الصناعية المنظمة والمجهزة بالبنى التحتية القادرة على جذب المشاريع الهامة.
القضية الأخرى تتعلق بالحاجة لبعض القوانين والإجراءات والآليات المؤسسية ذات الصلة بحماية الاستثمار. فبينما استصدرت الحكومة للعدد من القوانين وبخاصة قانون الاستثمار لعام 2002 وإنشاء هيئة لمكافحة الفساد، هناك حاجة لعدد من القوانين لاسيما ما يتعلق بتحديث القضاء، وخاصة المحاكم التجارية، وكذلك ما يتعلق بالتخلص من البيروقراطية والفساد الإداري، وكذلك قوانين حماية الملكية الشخصية والفكرية، وبعض القوانين الأخرى الهامة التي تحمي وتعزز من ثقة المستثمر الأجنبي.
علاوةً على ذلك، لا تنتج المشاكل المعيقة للاستثمار بصورة رئيسية عن نقص في القوانين والتشريعات لكنها تأتي نتيجة الفشل في تطبيق بعض القوانين الموجودة والصادرة عن السلطات السياسية. في نفس الوقت، لا يعاني المناخ الاستثماري في اليمن من غياب الإرادة السياسية أوالرغبة لزيادة حجم الاستثمارات ولكن يشكو من مشاكل إدارية وغياب للبيانات الدقيقة ذات الصلة بالفرص والإمكانيات الاستثمارية المتوفرة في الكثير من القطاعات الاقتصادية. إلى جانب ذلك، لا تزال عملية الترويج للاستثمار في اليمن بحاجة للدراسات الجدوى الاقتصادية، والموارد المادية والكوادر البشرية المدربة، وكذلك الخطط الاقتصادية القائمة على أرقام وبيانات دقيقة.
هناك أيضاً قضايا أخرى تشمل التباطؤ في عملية خصخصة المشاريع الكبيرة والتي يمكن أن تجذب قدر كبير من الاستثمارات الأجنبية، عدم اكتمال مشروع الإصلاح الإداري والذي يعد جزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي، وضعف الاستثمار في القطاعات الإستراتيجية كالثروة السمكية والسياحة والمعادن والمشاريع الصناعية والمنطقة الحرة بعدن. كما أن الاستثمارات الكبيرة تواجه عدد من الإجراءات الغير ضرورية وفي بعض الأحيان خدمات غير فعالة.
في الختام، يمكن القول أن السياسات التي اتبعتها اليمن منذ أوائل التسعينات بهدف تعزيز وتسهيل تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية إلى قطاعاتها الاقتصادية المختلفة قد أحدثت بعض التحسن في البيئة الاستثمارية، ولكن القدرة على استقطاب مستويات هامة من الاستثمارات تتطلب سياسات شاملة تستهدف كل جوانب المناخ الاستثماري وتعالج كل القضايا والمشكلات التي تواجه الاستثمار والمستثمرين بما في ذلك تحديث البنية التحتية، وسن القوانين والتشريعات اللازمة، وتعزيز الجوانب الأمنية والاستقرار العام، وتقديم الخدمات العامة السليمة، والتطبيق الشفاف للقوانين، والترويج للاستثمار، وإعداد المعلومات والبيانات الدقيقة والدراسات الاقتصادية المتعلقة بالفرص الاستثمارية المتاحة..إلخ. كل هذه الأمور مجتمعة تمثل التحدي الأكبر لليمن حتى تتمكن من خلق مناخ أكثر ملاأمة وأقوى جاذبية للاستثمارات العربية والأجنبية.