اليمن نحو وحدة حقيقية
بقلم/ اكرم الثلايا
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 9 أيام
الإثنين 18 أكتوبر-تشرين الأول 2010 05:07 م

منذ نعومة الأظافر والوحدة اليمنية والعربية تغرس في وجداننا وتشب في عقولنا أحلام طيفية , وأتذكر أن لي زميل وكان مؤثرا في أحلامنا الوحدوية وكنا رفاقا في الأفكار وتصورنا الوحدة لبنة أساسية لجميع العرب , وشطحت بنا الآمال أننا قد نحقق الوحدة العربية الشاملة فشاركني وشاركته خيال ما يمكن أن تحققه الوحدة اليمنية, وكنا نطمح ان نساهم بفعالية في يمن الوحدة بعد ان ننهي دراستنا الجامعية كغيرنا من شباب وأحفاد سبأ وحمير, وما ان تم ذلك حتى صدمنا بالواقع الذي جر اليمن لحرب صيف 94م ونتائجها المأساوية والمستمرة حتى اليوم ,ثم اختار صديقي الحميم أن يكون جزء من نسيج العمل الرسمي وأصبح اليوم محافظا محترما, واخترت الحرية والاستقلال في عملي وحصل ذلك وجرتني الأحداث إلى الكتابة المستقلة اليوم, وكل تلك الأحلام التي زرعت فينا بمدارسنا في جنوب اليمن وشماله , فيما يبدو انه عهدة سلمها لنا معلمونا كطموح لم يتحقق لهم في شبابهم , ولكن الزمن اثبت أن من قتل أحلام معلمينا وآباءنا هم نفسهم اللذين قتلوا طموحاتنا في الوحدة ... أنهم السياسيون, أنهم القادة من خدعونا وأقنعونا بأنهم أهلا لحماية يمن الوحدة , وأتذكر جيدا ما روي لنا ان الوحدة سوف ترفع من شأننا بين الأمم وسترقى بنا إلى مصاف دول الجوار وسنتفوق عليهم بكوننا قوة بشرية منتجة أكبر وغير ذلك من هرطقات الساسة.

تاريخ حاضر

- في 30 نوفمبر1989م استغلت القيادات والساسة في شطري اليمن اللحظة التاريخية والتعطش الشعبي للوحدة والفراغ الدولي في المنطقة ووقعا اتفاقية وحدة شطري اليمن العظيم وبعاطفة هوجاء خالية من عقلانية المرحلة ومرحلية التغيير التدريجي المدروس بندا بندا , فانضمام زوجة أو زوج جديد على أي أسرة ومن نفس العائلة يحتاج لوقت للاندماج يستمر سنوات أحيانا , والمجتمعات عندما تنهج نظاما اجتماعيا معينا لا تتحول إلى منهج أخر بمجرد توقيع اتفاقية ,,, وقد تحققت الوحدة وتغنى بها المتغنون وسجع لها الساحرون والشطار من المسئولين , ولم يخطط أي سياسي أو مسئول أي خطة للاندماج الاجتماعي لليمنيين كأفراد وجماعات وطبقات فكرية متغايرة , في حين يعتقدون بان لولا هم لما قامت الوحدة...

- إن دهاء الرئيس علي عبدا لله صالح السياسي الذي لا ينكر هو أحد أسباب بقاء المؤتمر الشعبي العام الغير مرغوب فيه في سدة الحكم والمستمر بضعف بعضا من المعارضة وانتهازية أخرى وقبلية ثالثة وارتهان أخرى للممولين وليس لقوة المؤتمر كتجمع تاريخي, وها نحن اليوم والزمن يحاول أن يـفهم الساسة القادة أنه لابد من تغيير الفكر لتغيير سلوك المجتمع العدائي للحكومة والدولة , فالفساد وهو أحد لوغارتميات الإرهاب الذي لا علاقة لنا به كأفراد شعب, فهذه مهمة القوات المسلحة والأمن وهي مهمة جليلة ولكن ليس على حساب التنمية الاجتماعية والاقتصادية , فلا تعني لي ولغيري الوحدة شي إذا لم أستطع أن أسافر مع عائلتي من مدينتي التي اسكن بها إلى مدينتي الاقتصادية عدن, والتذرع بقطاع الطرق والجماعات المسلحة والإرهاب لا يبرر أبدا بقاء الحكومة قائمة حتى الآن , فيما نرى عدد من الأجانب توفر لها الحماية الأمنية الخاصة لتنقل في إرجاء اليمن وتوظف لهم كل الإمكانيات البشرية والمادية ولحراسة المنشآت غير اليمنية , ولا أدري إذا كان مسموح لهؤلاء المشاركة في الانتخابات اليمنية لترجيح كفته المؤتمر الشعبي العام.

لا يلتقط الدر إلا كبارا

- بعد عشرون عاما من الوحدة ماذا حققت اليمن غير الوحدة السياسية , إذا كان هذا المنجز العظيم قد تحقق! فماذا حقق الساسة في السلطة والمعارضة ؟, تمرد طائفي لا أحد يعرف على أي قاعدة نشئ , حراك انفصالي في الجنوب ويرد عليه بالعنف المسلح وهو كل يوم يشتد ويتسع نطاقه , القاعدة تضرب أينما تشاء ويزداد المسترزقون منها , فساد مستشري وكل مسئول يسيطر على كل ما تحت يده منتظرا انهيار الدولة ليحمل أنقاضها على كتفيه إذا لم يكن يعمل على سرعة انهيارها حتى وصل إلى اكبر المؤسسات المالية , ظلم وتسلط ونهب المقربين والمحسوبين على فخامة الرئيس, وولاية من لا يخاف الله ولا يحترم حق المواطنة والقانون ولا يرحم حالنا ونحن نصبر على كل الأحداث الجسام التي تنفق عليها المليارات من قوت أولادنا وبل وهناك ديون بمليارات الدولارات سيتحمل أحفادنا عبء سدادها , وانتخابات مفتوحة لا موعد لها , هذا كله إذا ما اجتمع في يومياتنا يبرر ما قد يحدث من ثورة ضد الظلم والطغيان والفساد والاستبداد ونهب أموال الناس والتحكم بفرص نجاح أعمالنا والهروب من الوحدة إلى أي جهة حتى لو كان مجهول ليحقق للناس العدالة والمساواة واحترام الحقوق والحريات في كل أنحاء اليمن فاليأس يسيطر على العباد , وبرائي وقد أكون مجحفا ومتشاءم أن بلادنا تمر بحالة ثورة سلبية لا يستطيع أن يضع حدا لها في الوقت الراهن ألا السيد الرئيس ولا طريق لذلك ألا من خلال حل جوهر المشاكل السالفة الذكر والقضاء على الفساد بحكمة (لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها بل ألحق الرأس بالذنب) والتخلي عن فكرة التوريث في السلطة والمعارضة وإفساح المجال للعلم من خلال الدماء الجديدة, وأجراء الانتخابات في موعدها الدستوري مع ضمان السلامة والشفافية , والتخلي عن بعض الصلاحيات الرئاسية لرئاسة الحكومة لتتحمل مسئولية انجازاتها وإخفاقاتها ليمكن محاسبتها علنا ,,, وألا فاليمن قد يسير في طريق المجهول الذي لا يلد غير قوى مجهولة ستغير بحكم الواقع, ولما لا يكون الشعب متجهه نحو وحدة يمنية حقيقية في ثورة إيجابية من رحم الثورة السلبية ,,, فلا يلتقط الدر إلا كبارا.

العرب والجوار

لقد تحققت الوحدة اليمنية واعتنقت نظاما جمهوريا تعداديا ديمقراطيا مغايرا لأنظمة الجوار الوراثية في ظل ظلام دامس في تاريخ الأمة العربية الحديث, نور سرعان ما بهت من سياسات عربية افتقدت لأدنى مقومات العمل الجماعي وحسن الجوار , فقد قدم اليمنيين بعد حرب صيف 94م ثمنا باهظا للسلام وطريقا أخر للتوحد العربي , فوقع اليمن اتفاقيتي ترسيم الحدود مع كلا من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان, وتخلت حكومتنا عن مناطق نجران وجيزان والأجزاء اليمنية من عسير , وأجزاء أخرى من الأراضي اليمنية لسلطنة عمان , فماذا جنى اليمنيين من هذه الاتفاقيات , هل عادت العمالة اليمنية إلى السعودية وفتحت أبواب عمان لتساهم في بناء اليمن الموحد؟ هل تدفقت الاستثمارات السعودية الخليجية على اليمن كما حدث في مصر الشقيقة بعد حرب الخليج الأولى؟ هل استقرت اليمن أمنيا وقبليا..؟ بينما هرعت الجيوش والمليارات لموجهه الحوثيين في الجانب السعودي من الحدود اليمنية السعوديةّ!! , ناهيك عن التجاذبات والتباينات السياسية بين اليمن والمملكة بين حين وأخر منذ قامت الوحدة اليمنية والذي لم يخلو من لغة المال عبر اللجان السعودية المتعددة , كما قامت بعض الجمهوريات العربية بمقاطعة اليمن على استحياء على أنقاض حرب الخليج, ومؤخرا تركت الساحة اليمنية لتدخلات إيرانية ودولا أخرى وهو حق مشروع تتطلع له معظم الدول ان تنشأ وترعى لها مصالح في بلادنا , وان كان هناك من السلبية فيها فليس العيب فيهم ولكن العيب فيمن لم يتخذ الإجراءات اللازمة لصد السلبيات والاستفادة من الايجابيات , وخاصة أن بعض هذه الدول مثل الإمارات وقطر والكويت قد فتحت أبوابها لنا ثم عادت وأغلقتها , ولا اعلم أن كانت قطر ستنتظر لوقت أطول ولا حدود لهذه الدول مع بلادنا وان كان هناك ضرر فيمكن إيقافه عن بعد ودون تأثير حدودي على الأرض.