صالح العقيلي ذو العقل الراجح .. والسمت الهادئ عاش مغمورا ومات عزيزا
بقلم/ احمد زين باحميد
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و 11 يوماً
الخميس 19 أغسطس-آب 2010 12:51 ص

كثر هم الذين بكوا.. وكثيرات هن اللاتي انتحبن بصمت..كيف لا والراحل رحمه الله مربي فاضل .. واخ صادق . . ورجل يفيض حنانا وحبا .. انه صالح بن احمد بن محمد باجمال المشهور ( بصالح العقيلي ) احد الجيران مر بجانبي مساء فاوقف عربه كان يقودها جاء لي وعيناه تذرفان دمعا : - رحمه الله على العقيلي اصطفاه الله اليه على مشارف رمضان وفي يوم جمعة ، و اردف كم هي المرات التي تحدث عنه الناس نعتوه باقذع الكلمات واسوا العبارات لكنه قابلها بصفح وابتسامه .

الكل يشعر بالخسارة ..حرقه في القلوب ولوعه في النفوس رحل العقيلي ذوالعقل الراجح والسمت الهادئ .. والرجل الذي عاش مغمورا ومات عزيزا كريما حبيبا الى نفوس من عرفوه على طريق الدعوة المباركة .. رحل خادم القران كما وصفه احدهم .. على يديه تربى الكثير من الشباب، وعلي يديه تتلمذت كثير من الفتيات.. كان محور حياته القران وخدمته ، وكتاب الله وتعليمه .. منبر المسجد يفتقد خطيبه الاسبوعي ، ومحراب المسجد يفتقد واعظه المداوم. ,, صوته يتهدج وتنفتح الاواج وهو يبدا الخطبه \"الحمد لله رب العالمين ولا عدوان الا على الظالمين..\"

بعد الوحدة وفي اول لقاء لعلماء اليمن في صنعاء كان الاستاذ صالح العقيلي ومعه الشيخ حسين عبدالقادر عبيدان قاضي المحكمة بالمحافظة رحمه الله والاخ العزيز احمد سالم الكلفوت يمثلون شبوة في ذلك اللقاء بينما اعتذر في تلك الفترة الوالد المرحوم عبدالله بن ناصر بن صائل عن الحضور لكبر سنه ، لقد كان الاستاذ صالح العقيلي يمثل جيل من شباب الدعوه ذلك النموذج الذي جسد الاسلام والدعوة كنموذج لبنيان عظيم وشاهق لايتجزاء لان المسلم مطالب بالسلوك الاسلامي من ناحية الاداء،وبالايمان المتكامل بالاسلام من ناحية اليقين وان التوازن ضروري بين العلم والعمل فان انشغال داعية او اكثر باحد الجوانب الفكرية او الادارية او التنفيذية حتما ستؤدي الى الانتقاص من احد الجوانب ولان مثل هذا في مجال الدعوة الى الله يقود الى خسارة الشخص وهو اثمن واغلى ما تملك دعوتنا المباركه ، لذلك لم يكن العقيلي ذلك الخطيب الشخص علي المنبر ولم يكن ذلك الواعظ في المحراب ،كان رحمه الله عليه الرجل المربي الذي تراه هنا وهناك مع هذه الفئة العمريه وتلك من هذا العمل اوذاك. . كان روحا تسري في المدينه بهجة ..وعملا. وبسمه تغمر الاخرين كانت الدعوه علما..وعملا..وسلوكا ونحن نلمس اوليات هذا العلم في كتب الاصول وفي بعض كلام العز بن عبد السلام ولدى ابن تيمية وابن القيم ومدرستهما وفي مقدمة ابن خلدون ثم عند شاة ولي الله الدهلوي مع بداية الالف الثانية .

وحاول كل من الشوكاني وصديق حسن خان في العصر الحديث بعض المحاولات فيه وتدخل محمد رشيد رضا وابن باديس الى حد ما ، ولكن المحاولية الناضجة الكاملة كانت على يد الامام الشهيد حسن البناء رحمه الله وتعتبر مجموعة رسائله اول فكر شامل مع الايجاز الذي فيها ، وعنها تفرعت كتابات الدعاة مقترنة بفكر الاستاذ المودودي الذي ذهب في الصفاء والاكتمال مذهبا بعيدا . ثم شهدت السنوات الاخيرة تنوع الاساليب وتفجر المعاني التفصيلية مع تفنن في العرض حتى غدى الفكر الاسلامي في اتم حالات وضوحة .

انه التوازن الدائم بين الفكر العلمي والعملي التطبيقي ، انه تجسيد لحياة شاب كان بيننا لكنه غاب عن حياتنا الدنيوية ليخلف لنا ذكريات حبيبة واعمال جليلية .. وفتية وفتيات يصدحون بالقران صبح مساء .. وتركنا في رمضان قادم 1431 للهجرة النبوية المشرفة بلا ( عقيلي ) لكنه بدون شك بمئات رباهم العقيلي وغرس فيهم قيم الحب والصدق والايمان على الصراط المستقيم.