بعد الملاحقة وطرد وزيرة إسرائيل ..اشتعال المواجهات من جديد بين الجزائر وإسرائيل مرض خطير يجتاح العالم.. وعدد المصابين به أكثر من 800 مليون مصاب .. تفاصيل مخيفة الحرب تنتقل الى الفضاء بين أمريكا وروسيا...محطة الفضاء الدولية في خطر توكل كرمان: محور الشر الإيراني أساء إلى قداسة القضية الفلسطينية وعدالتها فصائل المعارضة السورية تفاجئ الجميع وتحقق انتصارات ميدانية ضد المليشيات الايرانية وقوات الأسد أول تعليق من أردوغان بخصوص مبادرة بايدن لوقف النار في غزة قيادي حوثي بمحافظة إب يقوم بالاعتداء على مجمع 26 سبتمبر بسبب اسمه ويفرض تغييرات قسرية داعمة للإمامة طارق وبن عزيز يناقشان وضع الجيش ورفع اليقظة والجاهزية الأمم المتحدة ترعى مؤتمراً دوليا «حاسماً» في السعودية ماذا قال مدرب ليفربول عن صلاح ومبابي بعد المباراة المثيرة؟
واهم من ظن ان صالح سوف يترك السلطة تحت ضغط النضال السلمي بأدواته الاعتصام , والمسيرة , والعصيان المدني فحسب.
فهذه الأدوات تكون فاعلة ويُعول عليها لوحدها عند مواجهة الدكتاتور الذي لديه قدر نسبي من الوعي الثقافي والحس الحضاري ، وفي بيئة اجتماعية تتسم بالحد الادنى من الحضور المؤسسي وبنية الدولة الحديثة كنموذجي بن علي و مبارك .
أما في نموذج آخر كنمط القذافي والاسد وصالح فإن فاعلية أدوات النضال السلمي لوحدها لن تحقق الهدف المرجو 100% لكنها قد تصل الى مستوى الـ 80 % ، وهذه نسبة مرغوبة ومتقدمة جداً في مقابلة التركيبة العصاباتية والعصبوية المعقدة لهذه النظم والعقل السياسي المصاحب للقرار والنخبة .
هذا النمط من الدكتاتور والذي نحن محله تجد من السهولة أن تقرأه وتتوقع سلوكه وردود فعله ، حتى أنها تأتي مطابقة تماما لما زعم المراقب ، بل إن البسيط من الناس قد يسبقك في التوقع وحصول النتائج في قراءة هذا النمط.
يساعدك في ذلك أن التفكير المسموع لهذا المستبد ينبثق من الخلفية التاريخية والطبيعة التي كان عليها ـ فتحسن حينها قراءة المآلات ، وقراءة المشهد في صورته الاخيرة .
أجزم هنا ان الباحث والمحلل السياسي بحاجة ماسة الى أن يبحث أولا في علم النفس الاجتماعي ، وعلم نفس المستبد ، وهو ما يسمى الآن التحليل النفسي للزعماء، ولعله مفردة مستقلة من فروع علم النفس أو متطلب إجباري لدارس العلوم السياسية الآن .
(لن أوقع على قطع راسي ) ( سأقاتل حتى آخر طلقة ) (زنقة زنقة ) ( من طاقة الى طاقة ) بمعنى ( أني هالك على أية حال بقيم الداخل او الخارج ومن ثم فأنا على دبابتي حتى آخر طلقة ، ثم اقتل واقتل أسبق إليهم قبل أن يجتزوا هم عنقك )..هذا النمط للدكتاتور الجاهل والمتخلف هو الاسوأ على الاطلاق ، وقد شاهدناه في وجوه عدة على المشهد الافريقي .
صالح يريد ولا يريد ، يقرر ثم يتراجع ، يقسم ثم يحنث لأن الحسابات لديه مهولة جدا ولا يمكن مقارنتها البتة بملفات وما هما عليه مبارك وبن علي، لذلك فلن يوقع على أي مبادرة ولن يغادر على اية حال مادام في يده زناده الا ان يسلب منه أو يكسر ، أو ينتزع هو عنوة .
حاجته ليست الى ضمانة واحدة بل الى منظومة متعددة وفي مجالات عدة , منها ما تتعلق بالدماء وأخرى في الاموال ، وثالثة في مجال إعاقة التنمية وتدمير المؤسسات ، ورابعة بشأن التفريط في السيادة .
ففي شأن الدماء ــــــــ واحدة منها مثلا ــــ فإن القبيلة تطلبه والثورة تطلبه ، والحوثيون والناصريون والاشتراكي وأبناء الجنوب وغيرهم بملفاتهم ينتظرون ، كما ان المؤسسة العسكرية هي الأخرى حاضرة بوثائق وملفات تسأل عن دماء ابنائها التي سالت شلالات في امور كيدية ، ومناورات رخيصة ، عبر صالح بشأنها في استخفاف ولا مبالاة من تلقاء نفسه بأنه ليس من خسر وأنه سيجند غيرهم .
لكن الاهم في تقديري يتعلق بملف الارهاب ، الهاجس الذي لم يفطن اليه احد حتى الان في معمعة التفكير والصراع النفسي لدى صالح ، فماذا لو تكشفت حقائق ووقائع وفُتحت ملفات بعد رحيله تكشف ضلوعه ، وقد ربما يكون أحد أهم القواعد والمنطلقات ، في هذه الحالة فالمسألة أبعد وأشد ، وياروح ما بعدك روح ، ولن تجدي هنا مسالة الضمانات التي يثار الآن الجدل بشأنها ، ولعل هذه الجزئية تُستشف أكثر مع وصول الاخبار عن حرق ملفات ووثائق ، والاستهداف النوعي لبعض قيادات وكوادر القاعدة .
صالح يتسم بمركب نفسي عجيب لا يشبهه فيه دكتاتور آخر ، فهو مزيج من الحاقد الحسود ، والالد الخصم ، والغادر الفاجر ، واللحوح الكذاب ، والجاهل الحاد في ذكائه , والمناور على طول الخط .
قطعا هو الآن في حيرة وتردد ، وعجز وارتباك عن تملي مصلحته أين وكيف تكون ، وفي اتخاذ قرار .
فهو عند رؤيته مدرعاته من أمامه وحوله البلاطجة ترتفع روحه وزخمه ، لكنه حين تلوح الجنائية الدولية ومصير من قبله في مخيلته ترتد اليه الروح وهو حسير ، فيحصل له أن يتصادم فيه هذا وذك بقوتي الشد والجذب ، ومن ثم يحصل هذا الحال من الفعل والقول السياسي .
وكأني في هذا السياق بمستشاره عبده الجندي يصيح أمامه ( حرام أنها أزمة وتعدي ، وعلي محسن وحميد الاحمر مرتبكين ومش قادرين على شيء ) طبعا القول للجندي .
وبمناسبة الجندي يجد المرأ في نفسه الحسرة على شخص كهذا لديه العديد من المقومات كانت ستنهض به الى مصاف زعماء المجتمع وقيادات الفكر لو كان قدره أنه مواطن في مجتمع ديمقراطي كفرنسا أو حتى اسرائيل .
فشخصية الجندي من حيث هي تتسم بحضور الجاذبية في الاناقة وإشراقة المحيا ، فضلا عن البداهة وحضور النكتة والبسمة في موعدها ، زد على الاريحية , والنفس الطويل ، وشيء من الطيبة ، والصبر ، وفوق ذلك معتقد فكري إنساني ومسيرة ممتدة من النضال لو صدقت في خاتمتها لحملت صاحبها الى مسار أن يذكر على الصعيد الانساني .
وإن تعجب ، فعجب أن يسقط الجندي في منظومة القيم والانسان وتسبقه في الذكر والتكريم الانساني توكل كرمان التي لا تتحاوز عمر أحد ابنائه .
والحق أن الخلل مرده صالح وليس الجندي ، فصالح هو من أفسد علينا القيم والرموز قبل إفساده للسياسة والاقتصاد والادارة والمجتمع .
تكتيك صالح :
ــ صالح يلعب على الوقت ويهدف من وراء مجلس التعاون بعثرة أوراق الثورة ، وهروبا من حصول موقف دولي ـــــــــــــ الادانة ــــــــــ فطالما والقضية محل حوار وبيد أطراف ، فلا بد من اعطاء فرصة ، والابتعاد عن أي تصريح قد يُحمل على أنه لصالح طرف على آخر بما من شانه ان يفشل الوساطة ، ويسئ لأطرافها .
ــــ ويتجه صالح الى جر دور تركي لن يكون لها فيه فعل ، بقدر ما هو لإبقائها على الحياد كحد أدنى ، فهاجس صالح هنا هو أن تذهب تركيا بشان اليمن ما ذهبت اليه قطر بشان ليبيا في المحافل والجنائية الدولية .
مكاسب صالح :
والواقع أن أدوات أخرى ستسقط صالح ولكن على هيئة ليست فيها ذرة من كبرياء بعد أن تكون الثورة بأدواتها الحاصلة قد قصقصت صالح من كل الجهات ، وقد تمثل الآن كالعود اليابس فهو في ضمور يتآكل حسب متوالية هندسية من ذاته هو . زد على فقده تماما وهذا الاهم الغطاء الاخلاقي والادبي الذي كان يحفه ، وهو ما يعبر عنه بالشرعية ، بعد أن سئمة أنصار الداخل فنابذه فريق وتوارى على نفسه الآخر .
وتقزز منه الاقليمي والدولي بعد أن أظهر لهم صورته الحقيقية مكبرة ، وكذبه المتصل في مختلف المواقف والمبادرات .
خسر صالح باستمرار وفي كل المسارات ، لم يبق أمامه سوى تفجير الموقف عسكريا رغم فشله المتوالي في محاولات عدة خطط لها وأراد .
فإن تجرأ صالح أكثر واقتحم العقبة ، وهذه الاخيرة عنده بمثابة آخر ما في الجعبة وهي القاصمة والتي لا تبقي ولا تذر في تلويحه المستمر للداخل والخارج .....فكيف ستكون النهاية للمشهد ، وهل قدرها صالح بدقة ؟
الذي يُتوقع إن نجح صالح في الدفع بها نحو التفجير ولم يكن أمام الآخر سوى ركوب الأسنة أو الذي ليس منه بد ـــــــــــــ على أنها فرضية يقتضيها التحليل وليست ولن تكون بفضل الله خيارا أبدا رغم كل القسوة والنيل والاستفزاز ــــــــــــ فإن مسرحها لن يتجاوز بضعة كيلومترات في أمانة العاصمة ، وستحسم في أقل من ثلاثة أيام إن لم تكن ساعات لصالح الشعب وثورته ، لأن من أجاد وأبدع في سلميتها ، وصفائها ، سيبدع أكثر حال فرضها عليه الآخر ، ومن أبدع في تقديم نموذجا فريدا لم يُسبق إليه في كيف أن يكون شهيدا ويفتدي وطنه على هذا النمط الجمالي الفريد والنادر سيبدع قطعا أكثر في كيف يقدم نموذجا آخر هو له أهل ، وهي عنده غاية إن جاءت في حينها وبضوابطها.
الخيارات المتاحة :
لم يعد أمام صالح سوى ثلاثة خيارات ..
الاول : ان يتجه الى الشعب في ساحة التغيير ويلقي خطابه الأخير ، يعتذر فيه عن كل ما سبق ، ويعلن أنه لوحده من يتحمل كل وزر أخطاء وتجاوزات المرحله , ثم يطلب من شعبه العفو ومن الله المغفرة ، ويتبعها بقراره مغادرته السلطة وإرجاعها لمالكها الشعب ، ويمكنه في الموازاة طلب الضمانة إن أرادها من قيادات المؤتمر الوطني الذي يضم في طياته مشائخ وقيادات وكبار رجالات اليمن ، فهم إن أعطوها فلا اعتقد أن احدا من الشعب سيرفض أو يتراجع عن مكرمة لرموزه لرموزه وهبوها باسم الشعب ..... وهذه افضل ضمانة يجدها ويستحيل أن يحصل عليها صالح بضغوطات الواقع والاقليم ، إن لم تأتي طواعية ، وهبة ...
الثاني : الثاني ان يلعق صالح السم من خاتمه ويموت بقليل من كبرياء كما فعلها اكثر من دكتاتور سبقة ، ليبقى القول عاش دكتاتوريا ومات بكبرياء الدكتاتور ..
الثالث : هو الذي ليس منه بد وسبق أن المحنا اليه، ونسال الله سبحانه أن لا ينجح صالح في ذلك ، وأن تظل سلمية حتى آخر شوط .