أوسمة رفيعة للمتظاهرين
بقلم/ عزام الكمالي
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و يوم واحد
الأربعاء 30 مارس - آذار 2011 11:28 م

"" أليست تظاهرات الطلاب هي وحدها دليل عافية الجيل الطالع ؟وحين تمضي بنا الأحداث في مستنقع راكد من الفضائح والسمسرات والإهمال لحاجيات الشعب الأساسية والمتطلبات القومية والتطلعات المصيرية للمثقفين .

أية كارثة قومية تحيق بنا إذا لم يتظاهر أحد ولم يرف جفن ,ولم تزكم الفضائح أنف ولم تصرخ حنجرة فتية :لا !

ومع ذلك ,وبدلا من أن توزع الحكومة الأوسمة على المتظاهرين لأنهم وحدهم بصيص الأمل في ليلنا الطويل ,نجدها تتفنن في قمعهم""

غادة السمان "صرخة تحذير في وطن التخدير"

13 إبريل 1973.

يقينا لم تيقظ مظهرات الشباب على طول البلاد العربية وعرضها عقدة الشعور بالذنب لدى السلطات الحاكمة بعد وإلا لكانت هذه السلطات قد استيقظت عند أول هزة أمل في هذا الليل العربي الحالك ولكانت خطابات زين العابدين بن علي المتوسلة للصفح أكثر من كافية فلا حاجة للنظام المصري والنظام الليبي والنظام اليمني بتكرارها على مسامع طلبة المدارس والمعاهد والكليات وخريجي الجامعات البدون عمل .

وهاهم الشباب ممثلي إرادة التبديل والتغيير في كل المجتمعات يجابهون بوسائل القمع التي باتت حكرا على السلطات العربية ..تتفنن في اضطهادهم بها على الدوام .

تنكيل, تسطيح ,خداع, تكبيل , قمع ,تطفيش , مخاطبة غرائز , بث الرعب ,ترهيب , ترغيب .. عقود من الزمن ولت ..أعمارنا على وشك الانحسار ..وليس لسلطاتنا سوى الدرس نفسه تكرره كل يوم فينا في فصول المدرسة في صحف الصباح في أثير المذياع ,على شاشة التلفاز وحين نبلغ سن اليأس نتخرج من الجامعات بشهادة عاطلين عن العمل.. فاقدين للأمل , ليس لدينا من خبرات في سيرنا الذاتية سوى التصفيق والتمجيد والرقص على خيباتنا .

المعادلة تغيرت وشباب اليمن بات اليوم أكثر قدرة على تنظيم نفسه فيما التلفزيون اليمني عاكفا على زرق جرع تخدير في عقول المواطنين بكل ما يستطيع من قوة وما يمتلك من وقت ومال .. تارة يستضيف باعر وتارة يستضيف خبير في تنمية المدارك العقلية .. متجاهلا حقيقة أن الشعب اليمني بشبابه وشيوخه بمثقفيه وعسكريه بقبائله ومسلحيه كما هو حال المواطن العربي في أي قطر في تظاهراتهم واعتصاماتهم بلغ ذروة العقل والشعور بالمسئولية تجه الوطن وتجاه قضاياه ومستقبله .

 ما أحوجنا إلى الثورة .. ما أحوجنا إلى التظاهر والاعتصام ونصب الخيام بدلا عن نصب الكمائن وحياكة المؤامرات والعبث بثروات الشعوب المادية والبشرية..ما أحوجنا إلى صمت قناة اليمن الفضائية .. ما أحوجنا إلى قفل البرلمان اليمني بالشمع الأحمر.. وما أحوجنا إلى أن يتوقف كل كاتب يضن أنه ما يزال بإمكانه تجريع شبابنا كتابته السخيفة كل صباح منتظرا ..من الشباب الثائر مغادرة ساحات الاعتصامات والثورة ..ما أحوجنا إلى يتوقف كل كاتب يضن أنه ما يزال بإمكانه تجريع شبابنا كتابته السخيفة كل صباح منتظرا أن يصدقوه أن مطالبهم حقوقية تماما كما هي مطالب الحيوانات الداجنة في حظائر ومزارع مسئولنا .

شباب اليمن اليوم ليسوا عجائز الأمس ..الفتية والفتيات المعتصمون في ميادين الكرامة في يمننا الحبيب ليسوا إرهابيون وليسوا مخربون وليسوا عابثون وليسوا دمي كرتونية تحركها من خلف الستائر زعامات حزبية أثرت من عرق الشعب المغلوب على أمره لمجرد أنه صدقها ذات يوم ..وليسوا مستعدين لتكرار مأساة الماضي وخلق كيان حزبي كرتوني كالأشكال السابقة التي استطاع نظامنا استنساخها بسهولة ويسر .

شباب اليوم في ميادين الاعتصام والثورة السلمية هم شمس الحياة في ليلنا اليمني الراهن الذي نعيشه قسرا ,ومن يريد إطفاء هذه الشمس سيحترق ومن يريد أن يلهو على مقربة منها سيحترق ..لقد أعادوا لنا كبريائنا كمواطنين يمنيين كنا أولى قوة وبأس شديد ..وهاهم اليوم يصيغون شكل الوطن الذي يردونه لنا بكل كبرياء وعزة ومجد ..وطن وليس قوقعة ..وطن وليس ضيعة ..وطن وليس حلبة صراع ..وطن وليس بقرة حلوب ..وطن وليس قصر ..وطن وليس مستوطنة ..وطن وليس مدينة سكنية يتحول ساكنوها إلى فئران تجارب يتم حشدهم إلى ميادين الرقص والتطبيل و جلسات الزار ..وطن وليس فقاسه متسولين كما هو حاصل حاليا .

شباب اليوم في ميادين الاعتصام والثورة السلمية هم الحقيقة المجردة للشعوب التي ينبغي أن تكون موجودة على امتداد الخريطة العربية .