لهذا غاب الرئيس عن قمة الدوحة
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و يوم واحد
الخميس 22 يناير-كانون الثاني 2009 08:07 م

   حاله من الغليان و السخط عمت عموم محافظات الجمهورية من الموقف السياسي المفاجئ لليمن جراء غيابها عن قمة الدوحة التي خٌصصت لمناقشة أوضاع غزة , خاصة وأنها كانت من أكثر الدول تفاعلا على الصعيدين الشعبي والرسمي من تطورات الأحداث التي كانت تتالي في كل يوم ..إن لم نقل في كل ساعة .

وكان الرئيس على عبدا لله صالح من اشد الزعماء العرب حمية على القضية الفلسطينية ومازال , حيث ظهرت مشاعره في العديد من المواقف السياسية والتصريحات الصحفية والخطابات العامة , ولقد كان الجميع فخورا بتلك المواقف الشجاعة .

لن أستعرض في سياق هذه السطور سيل التصريحات والمواقف التي يمكن القول أنها مثلت أقوى خطاب سياسي من زعيم عربي تجاه القضية الفلسطينية وضد الكيان الإسرائيلي في المنطقة .

لكن العجيب أن موقف اليمن تغير خلال أربعة وعشرين ساعة, مما تسبب في حالة من الغليان الشعبي وخاضت العديد من وسائل الإعلام حول ذلك الموقف فمنها من شكك في مواقف الرئيس ومنها من تجاهل الحدث برمته .

لكن الوضع يحتم على أي مراقب أن لا ينطلق مع مشاعره مبكرا أمام ذلك الموقف الذي يمكن القول أن الرئيس قد حسب له ألف حساب وأن غيابة كان مصحوبا بألم وحسرة " شخصيا لا اشك في ذلك" .

اليمن وترابط المصالح

لا نستطيع أن ننكر الواقع السياسي لليمن وارتباطه بالعديد من دول الجوار , التي تأتي المصالح مشتركة في طليعة ذلك كله .

قد لا يمكن للقيادة السياسية في هذا التوقيف كشف كل ألأوراق على حقيقتها وتداعياتها لأنة قيل قديما " ليس كل ما يعلم يقال " .

 وحول ما حدث فقد أرجع البعض إلى أن سبب غياب اليمن عن قمة الدوحة نتاج ضغوطات خارجية رضخت لها اليمن وفي ذلك مساس بسيادتها الوطنية وسياستها الخارجية , وآخرون قد يكون الرد منهم هو الصمت في هذه اللحظة من الموقف الصعب .

خيارات أحلاهما مر

لعلي لا أكون مبالغا إن قلت أن اليمن وتحديدا قيادته السياسية وقعت بين خيارين أحلاهما مر.. أمام قمة الدوحة وقمة الكويت .

 فإما الانصياع إلى رغبة كانت مسبقة بالحضور يعززها دعم شعبي جامح " خيار الدوحة " أو الدوس على تلك النوايا والنظر إلى المصالح الإستراتيجية للبلد وتعزيز قوى التلاحم بين جيران اليمن من دول الخليج خاصة الشقيقة السعودية , وأطن أننا لن نسمع تفسيرا في الوقت الراهن أكثر مما أٌعلن في حينها " أن الغياب عن قمة الدوحة يأتي في تعزيز الدور العربي والخروج بموقف موحد " لأن تقديم مبررات غير ذلك يعد نشوزا عن قواعد السياسة والدبلوماسية .

مصالح مشتركة صداقات دائمة

يمكن القول على أن دولا ممن تربطها باليمن مصالح وصلات ذات قربي قد ترجت أن يكون موقف صنعاء معززا لموقف عربي موحد وأن لا يكون شريكا في تفريخ القمم في لحظات بدأ الجسد العربي في التشرذم والذوبان سياسيا .

أن سياسات الدول تربطها دائما مصالح مشتركة لا صدقات دائمة , فأينما كانت المصلحة كانت الصداقة , ولا ننسى أن كل طرف تربطه بجيرانه مصالح مشتركة وطموحات مستقبلية تتطلب الحكمة المحافظة على كل ذلك ..

وعلى الحكيم أن يبحث عن المصلحة العليا لليمن بعيدا عن مواقف العاطفة وهيجان المواقف لأننا قد ذقنا من لحظات كهذه في وقت سابق ويلات ما زال اليمن يعاني منها الكثير.

أحزان في مخزون الذاكرة

 يجب أن نتذكر موقف اليمن من أزمة الخليج التي وقف اليمن في حينها قيادة وشعبيا أمام نداء العاطفة الهائجة في الشارع فكان موقف اليمن من الكويت أثناء اجتياحه من قبل العراق وما جرى من تداعيات بين اليمن ودول الخليج أرست رياح تلك العاصفة السياسية عن أثار موجعة وأليمة لليمن .

في حينها كان الجميع يظن أنه على حق " وقد يكون ذلك " لكن حسابات الدول ومصالحها لا تدار بتلك الطريقة التي خسرنا بها الكثير وقادت البلد إلى ويلات اقتصادية وسياسية مازلنا نعاني جراحها حتى اللحظة , جراء قرارات كانت العاطفة ولهيب المشاعر هي بركان الموقف .

أظن أن القيادة السياسية قد تعلمت الكثير من تجارب الصراع والنفوذ وتداخل قضايا المنطقة وحسابات ترجيح المواقف بين طرف وآخر الشيء الكثير, لأنة من المستحيل أن نظل بعيدا عن كل ما يجري من حولنا .

من يدري قد تكشف الأيام خبايا أمور تؤكد أن مشاركة اليمن في قمة الدوحة كانت ستجلب له الكثير من التعقيدات التي لسنا في حاجة لها في الوقت الراهن .

تساؤلات تبحث عن حل

قمة قطر التي كنت من مشجعيها أضع لنفسي وبين قراء هذه السطور أمورا تبحث عن إجابات شافية لأنها قد تخلط الأوراق فتجعل من الحليم حيران كما يقال .

قطر شاركت في القمة السعودية التي دعا إليها الملك عبد الله بن عبد العزيز وكانت مقتصرة على الأسرة الخليجية فقط , لكنها خرجت ببيان كانت قطر من ضمن الموقعين علية وهو موافقتها على الاتفاق على نقل " ملف غزة " إلى قمة الكويت ليتم مناقشتها في ضوء إجماع عربي شامل .

وبعد خروج قطر من تلك القمة مارست الدوحة موقفا مخالفا لما وقعت علية وهو التأكيد على قمة الدوحة التي تحولت في ما بعد إلى قمة تشاوريه فقط .

قطر التي كانت لها مواقف نستطيع القول أنها جيدة بل ووضعت نفسها في موقف " أظهرها أنها من أكثر الدول انحيازا " إلى غزة .. هكذا كان المشهد يقول في حينه .

لكن الأمر المحير هنا لماذا لم تقم قطر بموقف شجاع يتماشى مع مواقفها السياسية تجاه المكتب الإسرائيلي في الدوحة, حيث ظل ذلك المكتب يمارس نشاطه حتى بعد إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار ولم يتوقف إلا اليوم الثاني لإعلان الفصائل الفلسطينية وقف إطلاق الصورايخ , وتمخض موقف قطر تجاه المكتب الإسرائيلي في الدوحة بإبلاغ وزارة الخارجية القطرية المكتب التجاري الإسرائيلي قرارها بإغلاقه فقط , دون ألإشارة إلى ترحيل العاملين فيه أو منع مزاولة نشاطه مستقبلا , ويا لت أن قطر قررت أن تتخذ قرارا مشابها كفنزويلا أو غيرها .


Mareb2009@hotmail.com