آخر الاخبار
يمنيات في رحلة البحث عن زوج
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و يومين
الخميس 21 يونيو-حزيران 2007 11:54 ص

عندما تحدثت (سهام .ع) 31 عاما عن التقاليد التي تتحكم في نظام الزواج باليمن اخفت في الواقع شيئا مهما تحدثت عنه زميلاتها ..»هي لم تتزوج لأن أسرتها تعتقد أنها من فئة اجتماعية يطلق عليهم اسم السادة ..هؤلاء لا يزوجون بناتهم إلا لمن هم مثلهم حتى إن وصلت الفتاة إلى سن اليأس «.

حال سهام لا يختلف عن حال الكثير من الفتيات في اليمن حيث قضية اختيار الزوج لا تزال مسؤولية الأب أو كبير الأسرة فقط فيما تضع التقاليد الكثير من القيود أمام إمكانية اختيار الفتاة للزوج وفي أحيان تصادر عليها حق الموافقة المسبقة.

للظاهرة في اليمن جذور تاريخية واجتماعية غير أن الحديث عنها يدور عادة في الخفاء وأحيانا بأسماء مستعارة (زواج الأقارب ، زواج النسل «الشغار»، الزواج بالإكرا ه ).

وطبقا لأحدث الدراسات فان 39 بالمائة من الزيجات المسجلة في اليمن تحدث بين أقارب ..ونسبة المتزوجات من ابن الخال أو الخالة تصل إلى 10.5 بالمائة وأكثر منها المتزوجات من ابن العم أو العمة 10.6 بالمائة فيما تبلغ نسبة المتزوجات من أقارب خارج الفئتين بحوالي 47.4بالمائة.

وثمة مؤشرات كشفتها دراسة للجنة الوطنية للمرأة بشأن تدخل سلطة التقاليد والسلطة الأبوية في تحديد الزوج للفتاة اليمنية حيث تؤكد ان حوالي 61 بالمائة من الفتيات المتزوجات تعرفن على طالبي الزواج بواسطة الأهل فقط وحوالي 25 بالمائة لم يسبق لهن التعرف على الزوج إلا بعد تقدمه للزواج في حين أن 15 بالمائة من المتزوجات لم يؤخذ برأيهن وتم الاكتفاء برأي أولياء أمورهن كما أن 6 بالمائة من المتزوجات تم تزويجهن من قبل أهلهن بالإكراه وأخذوا مهورهن.

تمرد شبابي

الكثير من الشباب في اليمن يعتقدون أن السلطة الأبوية والتقاليد الاجتماعية في قضية الزواج لا يزال مبالغا فيها قياسا إلى الظاهرة في المنطقة العربية ..ولذلك فان المشهد لا يخلو من ملامح تمرد على أنماط الزواج التقليدية التي توصف بطريقة «أهل الكهف» .

وتسيطر القضية على اهتمام الشباب من الجنسين بشكل صامت عادة لكنها تخرج إلى العلن في النشاطات التي تقوم بها بعض منظمات المجتمع المدني التي تحاول تكريس مفاهيم جديدة للزواج تضمن للفتاة الحق في قبول أو رفض شريك العمر.

يقول سعيد الجلال (29 عاما): زواج الأقارب والزواج بالإكراه هو الذي يقرر فيه الأب اختيار أو قبول ورفض زوج الفتاة أو زوجة الشاب طريقة تعود إلى عصر أهل الكهف ويجب على أولياء الأمور أن يغيروا نظرتهم لها لان الحياة لم تعد كما كانت في السابق.

ويشير الجلال إلى أن بعض حالات الزواج التي تتم بين الأقارب أو العائلة الواحدة تنتهي بصورة سريعة خاصة إذا نشبت خلافات بين الأسر التي تنسحب بدورها على المتزوجين وفي أحيان يكون عدم التوافق سببا في إنهاء الزواج بعد أسابيع وربما أيام .. وإن قدر لبعض الحالات النجاح والاستمرار فانها لا تخلو من معاناة وحياة مضطربة واحساس بالرضوخ لواقع مفروض بالقوة.

وتوضح الباحثة إيمان السامعي إن أكثر مظاهر التدخل في حق الفتاة برفض أو قبول الزوج يتجلى في ظاهرة زواج الأقارب. وفي مناطق الريف على سبيل المثال تتولى الأسرة اختيار الزوج للفتاة من دون أي تدخل منها وقد يتطور الأمر إلى تزويج الفتيات بالإكراه عندما يتم الزواج عن طريق زواج» الشغار» أو ما يعرف في اليمن بـ «النسل».

وتلفت الباحثة السامعي إلى العادات السائدة في مناطق الريف اليمني التي يبادر فيها رب الأسرة لاختيار زوج لابنته وهي صغيرة ويتم في ذلك كتابة العقد الشرعي على أن ينتظر الزوج الموعود عدة سنوات حتى تصل فيها الفتاة إلى العمر الذي يؤهلها للزواج وعادة في الخامسة عشرة من دون أن يكون للفتاة الحق في قبول الزوج أو رفضه.

أجواء المدن

التمرد على المظاهر الاجتماعية المتحكمة في الزواج تبدو واضحة كثيرا لدى الشباب عنها لدى الفتيات ..حيث تعتقد أمل .م(ثالثة آداب ) إن من حق الأب أن يكون له قرار في اختيار الزوج المناسب لأنه أكثر شخص يعرف مصلحة ابنته لكن بشرط أن لا يتم تهميش الفتاة التي يجب أن يكون رأيها هو الفيصل في القبول أو الرفض وأن لا يجري استغلال الفتاة لأنها صغيرة.

وتشير أمل إلى أن الفتاة قد تتورط تحت ضغط العاطفة والحب مما قد يؤدي إلى كوارث .. ونحن في اليمن مجتمع متدين والدين الإسلامي يفرض على ولي الأمر آخذ موافقة الفتاة كشرط لصحة الزواج وهو ما يحدث فعلا..!

ويقول أمين أحمد (فني كمبيوتر) إن من حق الأسرة أن تكون مشاركة في اختيار زوج الفتاة والشاب لكن من دون أن يتم فرض الزوج على الفتاة والسائد لدينا أن الأب عندما يجد الفرصة يزوج ابنته لمن يراه مناسبا حتى وإن لم تكن الفتاة تعرفه.

وبعض المهاجرين من المغتربين في دول الخليج يزوجون بناتهم بالهاتف وأحيانا يكتفون بارسال الزوج الذي تم اختياره إلى الفتاة لإتمام الزيجة في غيابه.. وأعتقد أن هذا امر متعارض حتى مع تعليم الدين الإسلامي الحنيف.

وتعتقد سناء العماد (رابعة تجارة ) أن رب الأسرة في المدن لم يعد يتحكم كثيرا في قضية الزواج ومعظم الحالات لا تتم إلا باتفاق وتفاهم مشترك بين الفتاة والأسرة فيما ظاهرة زواج الأقارب والزواج بالاكراه التي كانت سائدة في المجتمع اليمني في طريقها إلى الانحسار.

تأثيرات سلبية

يتفق العديد من الاخصائيين على وجود تأثيرات سلبية في الظاهرة تصل حتى إلى الأطفال من خلال انتقال بعض الأمراض الوراثية .

وتقول إيمان السامعي إن المشاكل غير المرئية في هذا النوع من الزواج تظهر بوضوح بعد الزواج حيث ان اختيار الأسر زوجة الشاب أو زوج الفتاة يكون بناء على سمعة الأسرة وليس الشاب المقبل على الزواج وتختفي تحت هذه الصيغة عيوب الزوج كما تختفي عيوب الزوجة وتنتهي أحيانا الحياة الزوجية بعدم التوافق بين الزوجين وأحيانا بتمرد الفتاة على الأسرة أو بتمرد الشاب والاستقلال عن الأسرة والزواج بأخرى .

وتشير السامعي إلى أن الفتاة عندما تكره على الزواج من شخص آخر فان ذلك الرفض ينعكس على حياتها اليومية مع زوجها كما أن البعض منهن يصبحن عرضة للأمراض النفسية في ظل حياة زوجية مضطربة.