يا حكومة الوفاق.. حضرموت الخير برجالها
بقلم/ جمال المترب
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 9 أيام
الإثنين 13 فبراير-شباط 2012 12:18 ص

طالما كنت مؤمنا بأن خير حضرموت في رجالها ونسائها شبابا وشيوخا وليس بغيرهم سواء بما يتوفر لها من إنتاج النفط الذي لا أعتقد أنه يساوى شيئاً مقارنة بأولئك الرجال والنساء الذين يشهد لهم التاريخ بنجاحاتهم التجارية وبعلمهم وخيرهم الذي جلبوه للبلدان التي استوطنوا فيها وغيروا واقعها إلى الأبد.

في الثمانينات كنت مديرا عاما للغرفة التجارية بصنعاء.. بالإضافة إلى الذين كانوا مقيمين في ما كان يسمى باليمن الشمالي، وكنت أقابل البعض منهم من الذي يأتون متحمسين من المملكة كمندوبين لكبار البيوت التجارية الحضرمية هناك لدراسة إمكانية الاستثمار والعمل في اليمن وطنهم الأصلي.

وفي التسعينات توحدت اليمن وأعلنت انفتاحها اقتصاديا واستبشرت بتدفق الأموال والاستثمارات "الحضرمية" لتنتعش البلاد وتقيم قاعدة اقتصادية تعوض بلادنا شحة الموارد وارتفاع معدل النمو السكاني العالي.. ولكن صار ما صار.. ثم قامت حرب 94 صيف المشئومة لتقضي على التفاؤل وتحول الجنوب إلى "فيد" للمنتصرين.

ما أود الإشارة إليه هنا هو خيبة الأمل التي عاشها الاقتصاد اليمني نتيجة لما تعرض له أصحاب رؤوس الأموال من تجار الجنوب عموما وحضرموت خصوصا من المقيمين منهم والمهاجرين معا من المضايقة والتهميش والتطفيش والإهمال والإقصاء مع سبق الإصرار والترصد عندما بدأ البعض منهم يظهر رغبة جادة في الاستثمار في مشاريع حيوية صناعية أو استخراجية أو خدمية ذات شأن اقتصادي خصوصا أولئك الذين رفضوا أن يأتوا "بسلطان مبين" من علم الشروط والمواصفات.

هذا الإقصاء والتهميش مورس من قبل أصحاب القرار في صنعاء بنعرة "انفصالية" جشعة في إطار التحالف غير المقدس من الأفراد والشركات والكيانات المستحدثة التي استفادت منه بالاستحواذ على بعض الفرص وبتقويض المنافسة والتمرغ في الفساد والكسب السهل والاحتكار أحيانا.. وأحيانا لإحباط قيام أي مشاريع أصلا عملا بمبدأ شمشون الجبار: علي وعلى أعدائي!!

هذا الإقصاء لم يقوض التنمية في اليمن وحرم البلاد والعباد من فرص عمل كثيرة فحسب، ولكنه خلق شعورا بالمرارة وغصة في قلوب رجال المال من حضرموت الخير والجنوب عامة في اليمن والمهجر الذين كان الأحرى بهم -ولا يزال المستقبل أمامنا- أن يكونوا رافدا اقتصاديا لتحويل الجمهورية اليمنية إلى "نمر" آسيوي جديد في شبه الجزيرة العربية وهم يعرفون أن اليمن بشعبها العظيم وموقعها الرائع قادرة على ذلك إذا ما توفرت الظروف الملائمة.

إن ما نسمع عنه اليوم من تحرك لرجال الأعمال الحضارم لتأسيس جبهة لاستقلال حضرموت -بالرغم من اعتقادي بوجود مبالغة في الحديث عنه- إلا أنه لم يأت من فراغ.

إن تجار وعلماء ومثقفي حضرموت ليسوا من أولئك المتشنجين المتعصبين الذين يطلقون الشعارات الانفصالية والنظريات الخرافية عن الرخاء الوهمي الذي سيوفره الانفصال دون أن يحسبوا تبعاتها بدقة وواقعية.

إلا أنه الكيل الذي فاض بهم.. الأمر الذي دفع بهم للحديث عن مشاريع "الاستقلال" المزعوم علانية رغم علمهم اليقين باستحالة إحداث أي تغيير للتركيبة السياسية في اليمن والمنطقة حتى تحت أي مسمى، كان وقف المد الشيعي الإيراني أو تحصين الجزيرة من رياح التغيير، إلا أنه لا يمنع التلويح والتهديد لرغبة الحصول على موقف تفاوضي أفضل ربما عملا بنصيحة المهندس أبو معتز رعاه الله، بالإضافة إلى لفت انتباه العالم وأصحاب المبادرة والحكام الجدد في صنعاء إلى هموم ومعاناة ذلك الجزء من اليمن الذي استبشر بالوحدة ليجد نفسه ضحية التهور والفساد من جديد..

على كل حال.. ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو الأمانة بقول الشهادة بكلمة الحق أمام الله وأمام المجتمع أن رأس المال الحضرمي والجنوبي عموما المقيم والمهاجر قد تعرض للمضايقة والتطفيش خلال العقدين الماضيين بما يكفي ليجعل من أهم البرامج والخطط للحكومة التوافقية والرئيس التوافقي للسنتين القادمتين أن يعملوا بالإضافة إلى معالجة القضية الجنوبية بتعريفها الشائع يجب أن يعملوا على تعويض رؤوس الأموال الجنوبية عموما عن الظلم والتهميش الاقتصادي التنموي عن العقود والصفقات والامتيازات التي حرمت منها ومنحت لغيرها.. بالإضافة إلى تأسيس وتوفير العدالة في فرص العمل والاستثمار والتنمية وتوفير المنافسة المشروعة والعادلة والشريفة في العمل ومحاربة جيوب الفساد في المؤسسات الحكومية المعنية التي تعمل لصالح أطراف معينة ضد مصالح الوطن كالقوارض تنخره من البنيان..

ويكفي الاستماع إلى معاناة بعض هؤلاء المستثمرين لمعرفة كافة التفاصيل من أجل تنمية الوطن ومن أجل العدالة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية..

 والتوفيق من الله سبحانه وتعالى

*مدير عام وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أمانة العاصمة صنعاء 1986-2010م.