روبن مدريد : امرأة جملت وجه أمريكا في اليمن 1/2
بقلم/ علوي الباشا بن زبع
نشر منذ: 16 سنة و 11 شهراً
الخميس 27 ديسمبر-كانون الأول 2007 07:49 ص

مأرب برس – خاص 

في أول لقاء جمعنا بالسيدة روبن ، دخلت معنا ' المرأة الفولاذية ' - كما يلقبونها - في رهان ، وقبلنا التحدي. وفي اللقاء الأخير ودعنا الجدة العنيدة على وعد بأن تكتب في مذكراتها أن القبائل كسبوا الرهان وخسرته أمريكا.!!

في أمريكا كما في كل دول العالم السياسة الحديثة قذرة لاعتمادها على قاعدة فن الممكن ، والممكن غالباً تضيع معه الحقيقة والقيم النبيلة في دهاليز المصالح وكواليس الصفقات الآنيه حسب متطلبات هيمنة الدول ولوازم بقاء الدول الأدنى من ذلك 0

لم يكن يوماً مشهوداً حينما وصلت السيدة ذات العقود الستة إلى مقر عملها المتواضع في صنعاء وفي مهمة متوسطة الاهميه كمديرة لفرع صغير للمعهد الديمقراطي الأمريكي ( NDI ) ، وهو منظمه ديمقراطيه طوعيه تعني بشؤون الديمقراطيات الناشئة ، فكل مافي الآمر أن هناك دبلوماسي أخر انضم إلى طاقم أمريكي كبير ويتولى مسائل العلاقات اليمنية الأمريكية بشقيها الرسمي والمدني ، وهذا الطاقم ينظر الناس إليه كطاقم محكوم باتفاقات وتفاهمات ومصالح رسميه لا يعلم الرأي العام عنها شيء ولا يعلق عليها أمالا تذكر على خلاف الاعتقاد السائد في دوائر صناعة القرار في البلدين 00 أما بالنسبة للشريحة الأكثر أهميه في اليمن ( شريحة القبائل ) وتحديداً منهم أبناء المثلث الشرقي ( مأرب والجوف وشبوة فما كان يعنيهم أمر هذه السيدة ولا غيرها في شيء لامن قريب ولامن بعيد, شأنها شأن عشرات السفراء والدبلوماسيين الأمريكان والأوروبيين الذين يقضون فترات ابتعاثهم في صنعاء ثم يعودوا إلى بلادهم دون أن يتذكر خمسة قبائل أسمائهم أو صورهم ولم يخرج عن هذا العرف السائد قبل مجيء هذه السيدة إلا السفير الأمريكي قبل الأخير 'أدموند هول' الذي كسر القاعدة على استحياء وقام بزيارات متقطعة لبعض مناطق الأرياف ومنها مناطق في شرق اليمن وفي غربه قبيل انتها فترة عمله وتتبع خطاء السفير ( كراجسكي ) بالتزام صارم وتردد ملفت بعض عاملي الوكالة الأمريكية للتنمية, فيما بداء وكأنه إسقاط واجب أو مجاملة للسفير المنتهية خدمته أكثر منها سياسة هادفة للوكالة لمعايشة التنمية المحلية على أرض الواقع في اليمن مع الاعتراف بان هذه الوكالة وصلت إلى قرى نائية وقدمت مشاريع وان كانت صغيرة لكنها أوصلت على الأقل العلم الأمريكي إلى أماكن مجهولة وهو يتصدر اللوحات الصفراء المعلنة عن مشاريع الوكالة أو ما أسموها هدايا الشعب الأمريكي 0

صورة أمريكا في الذهنية المحلية في اليمن وفي أغلبية محلية كبيرة في الوطن العربي صورة قاتمة بل صورة سوداء نتيجة الاعتقاد السائد عن مسئولية أمريكا الكبيرة حول اغتصاب الحقوق الفلسطينية وتعثر عملية السلام في الشرق الأوسط نتيجة التعصب الأمريكي مع الحكومة الإسرائيلية الضارب في أعماق التاريخ. ما فشلت فيه الدبلوماسية الأمريكية والمساعدات الدولية حول تغيير هذه الصورة إلى ابعد حد ممكن نجحت فيه السيدة روبن مدريد بتفوق كبير وبدون عبء على دافع الضرائب الأمريكي 0

المرأة الفولاذية كما قدمها لنا مساعدها الأول في اللقاء الأول 00 دخلت معترك العمل في الساحة اليمنية بقوة الإرادة التي تمنح أصحابها صلاحيات واسعة ليستمدونها من هذه القوة الكامنة في الذات الشخصية وليس من الصلاحيات المخولة لهم .

وهكذا كانت روبن مع القوى السياسية والمدنية وقبل ذلك مع الدولة اليمنية على مختلف المستويات فأصبحت رمزا للديمقراطية في اليمن 0

وكما بدا لي من تتبع شخصي لعمل هذه السيدة قبل أن نشترك معها في مشروع عملي مدني في الوسط القبلي شرق اليمن لاحظت بجلاء أنها طورت من صلاحياتها وصلاحيات منظمتها بشكل متسارع وهجومي حاد مسنود بقوة الإرادة تلك المتكئة على الحصانة الأمريكية بالطبع 0

ذهبت روبن بعيداً عن مهمتها الأصلية لتحجز لنفسها مكان في تاريخ العلاقات الامريكيه مع الشعوب الأخرى فمن مسؤولية عن تشجيع الانتخابات البرلمانية وتنمية مهارات النواب توسعت في مهماتها لترعى الانتخابات المحلية والرئاسية ، وانكبت على مهمة نزاهة الانتخابات ومساواة الملعب الانتخابي ثم انتقلت لخلق مجتمع مدني متعدد وواسع يصعب احتواءه ثم إلى فرض مشاركة حقيقية وفاعلة للمرءاة اليمنية وذهبت إلى مالم يكن متوقعاً فعملت بجهد كبير وإصرار عجيب من أجل خلق اصطفاف للمعارضة اليمنية يعيد التوازن إلى الشارع السياسي تمثل فيما بعد بتكتل أحزاب اللقاء المشترك الذي ساهمت بجهد كبير في ترسيخ قواعد استمراره وان كان في الأصل فكرة وطنية بادرت لها أحزاب المعارضة الأكثر فاعلية في الساحة الوطنية
.

ومن العمل السياسي والبرلماني والمدني خطت تلك السيدة خطوة جريئة تجاه خوض غمار العمل مع القبائل في مخاطرة كبيرة وقفزت إلى المجهول وكانت تكرر دائماً في بدايات العمل أنها تلقت تحذيرات كثيرة من الداخل والخارج تؤكد لها انه لايمكن تصور نجاح مثل هذه الخطوة ورغم ذلك قفزت المرأة العتيدة ووصلت إلى الحقيقة وليس إلى المجهول كما كانت تعتقد ومع أن النتائج التي أنتهينا إليها في مشروعنا المدني مع السيدة روين والمعهد الديمقراطي لم تكن بنفس التطلعات التي كانت لدى كلينا إلا أنها كانت نتائج مرضيه وفاقت توقعات الآخرين والأهم أن ذلك المشروع أو ما اصطلحنا عليه بمشروع 'مدريد' ضل ولازال قابلاً للحياة والاستمرار وغدا علامة مضيئة في سجل العلاقات الشعبيية أو مايسمونه الدبلوماسيه المباشرة ( مصالح الشعوب أولا ) 0

على غير المتوقع أطلق الرئيس صالح في محافظة مأرب أطلق مبادرة لإجراء صلح عام بين القبائل معبرا عن نية رسمية لمعالجة ظاهرة الثأر.

قبل هذه المبادرة كنا متوترين قليلا من محاولات بعض وسائل الإعلام المحلية والدولية تضخيم الحديث عن الإرهاب في اليمن وتوجيه أصابع الإتهام إلى محافظات (مأرب, الجوف وشبوة) وكأنها بؤرة الإرهاب أو ما حاولوا تسميته بـ ' مثلث الإرهاب' . ويومها جاءت المبادرة التي استبقناها بمواقف عدة من حملة التحريض تلك الموجهة ضد محافظاتنا متوقعين سوء النية من تلك الحملة والتي تستهدف جر أبنا هذه المحافظات في مواجهات مع الجيش وربما إلى ضربات جوية أمريكية ..كما كان يلوح البعض ممن بدأوا وكأنهم دعاة تحريض ضد المواطنين والسيادة الوطنية في آن واحد. 

علملنا على مواجهة حملة التحريض المشبوهة تلك بمواقف معلنة منطلقين فيها من حقنا في إيضاح الصورة على حقيقتها ومحذرين من مغبة التحريض ضد الوطن ومن عدم وجود مصلحة للأمريكان للدخول في تصفية حسابات داخلية قد تعرض مصالح أمريكا للخطر في اليمن بإعتبار المحافظات الثلاث هي الأهم في سلم المصالح الأمريكية والغربية في البلاد ومعها حضرموت وعدن. ربما كان صوتنا مسموعا إلى حد جيد إلى جانب أننا عملنا بصمت وبعيد عن المزايدات وتسجيل النقاط في إتجاه الاتفاق فيما بيننا كقبائل لأخلاء مناطقنا ممن يشتبه بوجود علاقة لهم بالجماعات المتطرفة تحت أي مسمى ونجحنا بذلك في إفشال تلك الحملة غير المبررة.