دولة عربية تعلن أنها أكثر البلدان تضررا من هجمات الحوثيين مجموعة الدول السبع تعلن موقفا موحدا بخصوص اعتداءات الحوثيين الإدارة الأمريكية تبحث مع قادة ست دول عربية خطط ردع الحوثيين مصادر سعودية تكشف عن جهود إقليمية ودولية لتحريك عملية السلام الشامل في اليمن برعاية أممية الحوثيون يعممون على التجار مرسوما جديدا لجباية الأموال بإسم دعم المعلم والتعليم في صنعاء. زراعة الحياة والأمل .. مشاريع إنسانية لمؤسسة توكل كرمان تزاحم الانجازات الحكومية والمنظمات الدولية .. ومن أحياها قصة الإنسان والحياة محمد بن سلمان يتوقع أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي مقتل بائع متجول من أبناء محافظة إب على يد موظفين حوثيين في الضالع صورتان للضحية والقاتل.. مسلح حوثي يقتل أحد أقاربه بدم بارد وسط مدينة إب ويلوذ بالفرار الرئاسي اليمني يؤكد على ضرورة التسريع في إقرار خطة الإنقاذ الإقتصادي
مأرب برس - خاص
إنها ديمقراطية ذات خصوصية يمنية فريدة، ولعمري بعد أكثر من عقد ونصف من الديمقراطية هل وقفنا لنقّيم ونقوّم مسيرتنا الديمقراطية، وإلى أين وصلنا وإلى أي مستوى ودرجة من الحريات بلغنا، مقارنة بدول العالم الحر، وهل الهامش الديمقراطي يتسع أم يضيق؟، وهل آمن شعبنا بالديمقراطية، ثقافة وسلوكاً، أم أنها لا تزال غريبة عليه، أو أنّ مثله كمثل من لبس ثوبا ليس عليه ولا له؟؟ .
إن ثمة آراء وجيهة يطرحها البعض عن العملية الديمقراطية وما آلت إليه في اليمن، فمع التسليم بها كمنهج ممكن للتغيير، إلا أن البعض يرى أن ممارستها في اليمن باتت من الصعوبة والاستحالة بمكان، ويزداد العمل السياسي اليمني تعقدا وتعقيدا يوماً عن يوم، فقبل عام 1990م ونشأة التعددية السياسية والحزبية، كان الوضع أكثر خيرية وحرية، وأحسن انتعاشا اقتصاديا وتعليميا وثقافياً، واستطاع الإسلاميون بشكل أخص التقدم كثيراً على مستوى الانتخابات والمقاعد البرلمانية، ولم يكن هناك قويّ توجه من جهة السلطة لتصفية الإسلاميين من كل المواقع باستثناء المؤسسة العسكرية، فسمح بالمعاهد العلمية والمدارس والجمعيات الخيرية، آنذاك، ووجد الإسلاميون كثيراً من المتنفسات، بخلاف الحال والوضع الجديد بعد الديمقراطية وإعلان التعددية السياسية، حيث سعى النظام إلى تصفية الإسلاميين من كل المواقع تقريباً، فألغيت المعاهد العلمية، وضيّق على الجمعيات الخيرية، وتمت تصفية الإسلاميين حتى من إمامة بعض المساجد والمصليات، وفُصل حتى بعض عقّال الحارات ممن يشك في انتمائهم للتجمع اليمني للإصلاح، فهل السبب في هذا الوضع اليمني الجديد هو الديمقراطية؟ أم زيادة تصلب الحاكم واستبداده، لا سيما مع شدة خوفه على كرسيه غير المستقر، ولا سيما أيضا وأن الإسلاميين يصرّحون علانية وبلا حياء من السلطان بحق التداول السلمي للسلطة، كأبجدية من أبجديات العمل السياسي والحزبي؟؟ وهو الأمر الذي لم يستطع الحاكم بعد تقبّله، كما أنه يقلقه ويزعجه كثيرا مجرد سماعه فيما يبدوا؟؟ .
أيضاً لقد كلفت الشعب اليمني هذه الديمقراطية كثيراً من الأموال واستنزفت كل الموارد تقريبا، وتكاد تتوقف عجلة التنمية والبناء، لأن الصراع السياسي استهلك كل الطاقات والموارد والثروات؟ .
أمر آخر يطرحه البعض وهو طرح وجيه جداً، وهو أن ما يطرحه الإسلاميون من المراهنة على الشعب، يعد مراهنة خاسرة، فالشعب اليمني شعب أمي، تجذّر الاستبداد فيه وبلغ منه كل مفصل عبر قرون طويلة، ويضرب هذا الرأي المثل بشعب محافظة الحديدة فكلما اشتدت ضوائقهم الاقتصادية، كلما ازدادوا خنوعا وذلا لتسلط الحاكم واستبداده، وما مثلهم إلا كمثل الذئب الذي يحمل فريسته ثم يلقي بها بقوة أرضاً، فتفيق الفريسة لا لتفر منه بل لتتبعه حيث يريد، ليقوم بافتراسها في نهاية المطاف، في أجواء أكثر أمناً له وسلامة ورومانسية .
إنّ أكثر المحافظات اليمنية المطحونة بالغلاء والتدهور الاقتصادي والتعليمي هي نفسها المحافظات التي صوتت للاستبداد والفساد في الانتخابات السابقة، وبالتالي فالديمقراطية اليمنية وصلت إلى طريق مسدود .
هذه مجمل الآراء التي يطرحها البعض في وجه مستقبل الديمقراطية اليمنية، ويرى هذا البعض أن البديل للديمقراطية، هو عدم منازعة الحاكم كرسيّه المقدس لديه، بل الواجب - فيما يرى - هو السعي للمحافظة على هذا الكرسي على ما فيه من فساد واستبداد، لأنه لا يجوز الخروج على الحاكم، وعلى الجميع الاكتفاء بالمناصحة المؤدبة والهادئة والرشيدة، فالمناصحة هذه بين الحاكم والمحكوم بضوابطها أثبتت جدواها، في بعض دول المنطقة التي تنعم بالهدوء والاستقرار، ورغد العيش، لأن الديمقراطية على الطريقة المعتادة هي الفوضى والضوضاء والصخب والتهريج بلا فائدة، كما أن الديمقراطية هي الأكذوبة الكبرى التي يمارسها المستبدون لتضليل وابتزاز الشعوب، حيث تبقى مسألة التداول السلمي للسلطة مجرد شعار، فيما الكرسي أو العرش لا يمكن التنازل عنه بحال من الأحوال .
ويرى هذا الرأي أن الإسلاميين وقعوا في فخ الحكّام، واستخفّهم المبطلون واستجابوا من حيث لا يشعرن للاستبداد المقنن .
ومع أن هذه القضية التي أطرحها أجد في نفسي قبولاً – عاطفيا - لها في بعض الجوانب، ومع تسليمي المطلق بمقدمات هذا الطرح، إلا أن النتائج والأسباب والمسببات التي يراها هذا الرأي – في تقديري- غير صحيحة، بل مصادمة إلى حد كبير للواقع اليمني ومصادمة لفقه المصالح الذي قامت عليه الشريعة الغراء، وذلك لما يلي:
1) صحيح أن اليمن تعيش أبأس تاريخها الاقتصادي، لكن السبب ليس هو الديمقراطية، فالكويت دولة أكثر حرية وديمقراطية وهي أكثر دول المنطقة انتعاشاً اقتصاديا ومالياً، بل السبب في التدهور الاقتصادي اليمني إنما هو الاستبداد السياسي والاقتصادي، والعقلية المتخلفة التي تدير البلد، لقد كانت تتدثر قبل الوحدة وقبل التعددية السياسية بالدعم الخليجي، وسر الانتعاش الاقتصادي اليمني آنذاك تلك الموارد التي كان يجنيها النظام من المغتربين اليمنيين، قبل الوحدة وقبل حرب الخليج، وانكشفت فيما بعد عورة النظام واستبداده وعجزه المنقطع النظير عن استغلال موارد البلاد، وتصريفها بشكل عادل وعلمي وصحيح وسليم، وعجزه بعد الوحدة اليمنية المباركة عن استيعاب الجهاز الإداري الكبير، وإزاء هذا الوضع فالواجب إنما هو مزيد من الجهاد السياسي والفكري، وكشف أوراق النظام التي تحترق يوما بعد يوم، وليس التراجع عن هذا النهج العالمي في التغيير، أو منح المستبد شهادة العدالة والمساواة، أو منحه الشرعية المطلقة في الظلم والاستبداد والعبث بمقدرات الأمة وثرواتها، وليس سراً الزعم أن هذا الرأي الآنف الذكر هو منتهى ومبلغ ما يرجوه النظام .
2) صحيح أن دول الجوار تنعم بالاستقرار ورغد العيش، وهذا أمر لا ينكره عاقل، لكن ليس السبب هو عدم وجود تعددية سياسية وحزبية، بل العمل السياسي في الجزيرة والخليج على أشده، وفي أعنف عنفوانه، فلكل التيارات الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية رموزها المعلومة والواضحة والمعروفة كمكة والمدينة، وهي تمارس نشاطها، بشكل أو بآخر، بل تصدر العمل السياسي والحزبي إلى الخارج، فليس صحيحا البتة أن سبب الاستقرار في الخليج هو لعدم وجود أحزاب وتعددية سياسية وانتخابات...بل من أسباب الاستقرار والأمن النسبي في الخليج هو قدرة الحكومات هناك على قراءة الخريطة الوطنية والاجتماعية والسياسية قراءة إلى حد ما سليمة، نسبياً، حيث نجد كل التيارات السياسية تقريباً ممثلة في أجهزة هذه الدول بدءً بمجالس الشورى والوزارات، وانتهاءً بالمؤسسات والإدارات، صحيح أيضا أن هناك ثمة إقصاءً لهذا التيار، أو ذاك، لكن ليس بالصورة الإقصائية الفجة التي يمارسها النظام في اليمن، لا سيما في الفترة الأخيرة، حيث تدخل النظام فمنع علانية حتى بعض الشخصيات ذات الشعبية الكاسحة من الترشح في الانتخابات، ومارس أفظع أنواع الإقصاء والإلغاء حتى على أبسط وأصغر المستويات، كالأعمال الوظيفية والإدارية الصغيرة، فضلا عن عمليات التزوير الواسعة، على أننا هنا لسنا بصدد تقييم الأنظمة السياسية في الخليج، لأن لها أيضا طوامها في جوانب أخرى، وإنما نقصد هنا الإشارة إلى عجز النظام اليمني عن التعامل مع العملية السياسية، ومع شرائح وأحزاب وقيادات المجتمع اليمني، بشكل سليم وصحيح، يضمن الاستقرار الاجتماعي والسياسي ولو في حده الأدنى .
فغياب الاستقرار في اليمن إذن ليس بسبب العملية الديمقراطية، بل بسبب الفوضى التي ينهجها النظام لتصفية خصومه السياسيين، ونتيجة عمليات الصراع التي يديرها النظام العاجز عن إدارة العملية السياسية والاقتصادية والخدمية في البلد .
3) قضية الوعي الشعبي، أمر صحيح ولا ينكره أحد أن هناك أمية مطبقة يعانيها الشعب اليمني، ولعل هذا أمر يسعى له النظام جاهداً، لضمان عمر أطول له، حيث أن أعتى مهددات العمل السياسي هي الأمية بأشكالها المختلفة، كما هو معلوم، وهذا أمر مسلّم به، غير أن الذي لا نسلّم به، لا من قريب ولا من بعيد، أن العلاج هو استبدال أو إلغاء العمل السياسي والحزبي برمته، وذلك أن هذه الأميّة وما يرافقها من عمليات التزوير والتضليل، نجزم أن الزمن كفيل بالتوعية والتعليم والعلاج، وإبراز مواطن الخلل والفشل، وهنا يأتي دور الصبر والمصابرة كمطلب أساسي في العمل السياسي، ذو الأمد البعيد، لقد ظل الإسلاميون في تركيا، يواجهون الجهل والتضليل عقوداً من الزمان، لكن النتيجة الآن يقرؤها الجميع، وهي فوز الإسلاميين الكاسح بحمد الله، على أن الباطل لن يكشف عواره إلا بوجود البديل الأصدق والأقوى والأخلص، نعترف أن الأميّة عقبة كبرى في طريق التغيير، لكنها تزول وتتلاشى، بوجود البرنامج العملي الإسلامي الرائد والمتميز والشامل والواضح والصادق الذي يتحدث عن نفسه بلغات الأرقام المختلفة في شتى ميادين الحياة، في لغة لا لكْنة فيها، كما هو الوضع في تركيا الإسلامية، حيث رأينا المظاهرات تعم شوارع أنقرة، في المساء، ورأينا هؤلاء هم أنفسهم الذين يصوتون لحزب العدالة والتنمية في الصباح، لأنه الحزب الأصدق والأخلص للدين، ولإرادة الجماهير المسلمة.
4) صحيح أن العملية السياسية استنزفت كثيراً من موارد الوطن، لكن ليس العلاج هو هجران العمل السياسي، لأن هذه الأموال الطائلة ستنفق وستهدر بشكل أو بآخر، لأن النظام العربي عموما نظام فاسد، عبثي، فوضوي، فردي، غير رقابي، فلَأن تنفق هذه الأموال في توعية الجماهير بحقها الدستوري، والشرعي، أولى من أن ينفقها الزعامات المستبدة والفاسدة على فنادقهم وتجاراتهم وشركاتهم .
5) أحسب أن الذين يثبطون من العمل السياسي، إنما هو لعدم صبرهم على طول الطريق ومعاناته وصعوباته، وأحسب أنهم أيضاً ينظرون إلى المستقبل بشيء من اليأس والقنوط وعدم التفاؤل، أو لقصور معرفتهم بما أنجزه العمل السياسي الإسلامي في اليمن خصوصاً، من صحوة إسلامية كبيرة وواسعة، تشمل مئات الآلاف من الشباب والشابات، لا سيما في مستوى النخب والجامعات والمراكز العلمية والثقافية، فيما يزداد العمل الإسلامي في اليمن توسعاً وتزداد قاعدته الشعبية وعياً وإدراكاً، يوما عن يوم، وحقق الإسلاميون مكاسب دستورية وقانونية كبيرة على مستوى الصحافة والتعليم والاقتصاد الإسلامي وترسيخ الحريات، ما كان هذا ليقع لولا الجهاد المرير الذي خاضه الإسلاميون في الانتخابات الماضية نيابية ورئاسية ومحلية .
6) يبقى القول أن ثمة إشكالات وإخفاقات يواجهها العمل السياسي الوطني، جعلت العمل السياسي في اليمن غير ناضج بدرجة كافية، كما أن المعارضة اليمنية- بمختلف توجهاتها- فيما يبدوا غير قادرة على عمل خطوة إلى الأمام أكثر قوة، في سبيل ترسيخ الحريات وتعزيز الأمن والسلام والوحدة، على طريق استغلال الحقوق الدستورية والقانونية التي منحها الدستور والقانون، لكل الأحزاب والمنظمات السياسية، وهو وإن كان إخفاقا، لكن من يقرأ الخارطة الاجتماعية اليمنية يدرك جيداً سر حفاظ المعارضة، أو قل الإسلاميون بشكل أخص على شعرة معاوية، بعد أن قطعتها كل الأحزاب القومية والليبرالية، مع النظام، أعني مع فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، والواجب في هذا الخضم من العملية الديمقراطية اليمنية المعقدة، هو مزيد من الإصرار على خوضها، مع الحرص الكبير على إيجاد ضمانات وأسس شرعية صحيحة وسليمة لاستمرارها.
والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل ،،،