صحافيون للبيع .. وسياسيون أيضا!
نشر منذ: 18 سنة و 6 أشهر و 3 أيام
السبت 20 مايو 2006 11:16 م

الإهداء إلى الأستاذين ناصر يحيى ونبيلة الزبير..

 

إلتقاه صدفة في أحد الشوارع بعد غياب طويل .. قال له بشغف أريدك الليلة ضروووري، مر عليّ إلى المنزل وهذا العنوان .. ذهب صاحبنا إلى منزل الزميل، وعندما هم بالخروج بعد حديث طويل عن قضايا الأمة(!!) دس الزميل المضيف في جيبه مبلغ ألفين ريال، واقترب من أذنه قائلا له بهمس خفيف : أريدك أن تكتب لصالح إحدى الشركتين المتقدمة للمنطقة الحرة بعدن ضد أخرى! قلت لصاحبي : كنت أتمنى أن لا تأخذ المبلغ، لكنه كان له نظرية أخرى .. أن يأخذ المبلغ ثم يكتب ما يملي عليه ضميره أو لا يكتب شيئا وهو بالفعل ماقام به زميلنا النزيه إذ لم يكتب شيئاً تحت رغبة ذاك الزميل الذي باع قلمه مؤخراً وأصبح "سمساراً" يسعى لشراء أقلام أخرى لحساب الشلة!.

ذلك مشهد من عدة مشاهد مخجلة نسمع ببعضها وأخرى تظل طي الكتمان بحسب بنود عقد "البيع"، فأحيانا يشترط البائع أن يظل الامر سراً وأحيانا يشترط العكس. ليس المهم أن تكون شركة دبي أم الكويت هي الأحق بالفوز بتشغيل المنطقة الحرة بعدن، وهو أمر بصراحة لم أهتم به منذ بداية "الضجة" حوله لا قراءة ولا كتابة، لكنني فقط أردت الإشارة إلى مايجري في سوق الصحافة اليوم .. إلى قضية خطيرة مضمونها أنه مثلما هنالك "طماط للبيع" و"بطاط للبيع" و"ملابس واكسسوارات للبيع" و"صحف للبيع" هنالك أيضا "صحافيون للبيع" وكل له سعر!.

ثمة معلومات تتحدث عن قيام الشركتين أو الأطراف التي لها مصالح معهما كشخصيات في السلطة تريد إثبات صحة قرارها بتسليم المنطقة لشركة دبي، وشخصيات أخرى تقول بأحقية شركة الكويت .. تقوم بالدفع لصحفيين مقابل الكتابة لصالح طرف ضد آخر، طبعاً دون أن يعني ذلك أنه لايوجد من كتب مع هذا أو ذاك بناءً على قناعته الشخصية.

وهي معلومات إن صحت تثير الدهشة والخجل في آن .. الدهشة لأن من غير المعقول أن يتحول "الصحفي" المفترض به أن يكون في طليعة قوى التغيير إلى سلعة للبيع شأنه شأن أي سلعة أخرى تباع في الأسواق، والخجل لانتمائنا لهذه الفئة التي طالما فاخرنا بها، بل وبعضنا يعاير كثير من الساسة بأن الصحفيين تقدموا كثيراً عليهم وفعلوا ما لم يستطيعوا فعله رغم أن الشارع بأيديهم.

الحديث هنا ليس عن صحافيين يعملون في مؤسسات رسمية أو في صحافة الحزب الحاكم فغالبية هؤلاء تحتوي عقود عملهم على شروط ضمنية تقضي بالانسلاخ من قيم المهنة ووضعها جانبا وبالتالي كتابة ما يطلب منهم، بل وصل الانحدار ببعضهم حد أن يقوم بتأجير اسمه .. بمعنى أن يقوم احد أبواق النظام بالكتابة تحت إسم أحد الصحفيين مقابل مبلغ معلوم. الحديث عن صحافيين بعضهم محسوبون على المعارضة وآخرين يصنفون أنفسهم كمستقلين لا يتبعون أحزابا ولا سلطة. للأسف استطاع "سي عبده" وغيره ممن يقومون بنفس المهام ضبط الإيقاع كما يريدون .. حوّلوا الصحفيين من فئة يعول عليها قيادة التغيير في البلد إلى سلعة تباع وتشترى بالمزاد العلني وأحيانا في المقايل السرية ! يتساءل المرء أحيانا أين اختفوا ؟ .. يجيب الواقع : تم التضييق على بعضهم في وظيفتهم وبالتالي معيشتهم .. حوصر أحدهم في زاوية إلكترونية لا تأثير لها، وآخر بسياسات "حزب" ثبت أنها غير مجدية مع نظام لا يحترم نفسه، وقيادات حزب حاكم تفهم وتمارس "التهريج" و"الددوشنة" أكثر من السياسة! يتساءل المرء .. أين فلان؟ قالوا تبدل حاله بعد "تخزينة" مع أحد السماسرة .. وأين فلان ؟ قالوا ذهب لاستلام مبلغ معلوم من مكتب الرئاسة(بدل ضمير بتعبير أحد الزملاء)، وأين فلان ؟ قالوا خلاص انتهى ، وآخر طفش، وآخر أحبط ... إلخ!.

أحدهم ـ وهو صديق عزيز ـ كان يكتب بشكل ناري ضد النظام وتحديداً رأسه الأكبر، الآن لم يعد يكتب أي شيء من تلك الكتابات النارية ولو بشكل أخف، بل صار يكتب عن ذكاء الرئيس وخطاباته التي تشدد على ضرورة بث روح الحوار والتسامح! أدرك أنني قد أخسر هذا الصديق وغيره بهذه السطور لكن خطورة الأمر تجعل من السهل التضحية بصديق مقابل التنبيه لخطورته، ودق الأجراس لبروز هذه الحالة الخطيرة التي تكاد تتحول إلى ظاهرة تضرب قيم المهنة في الصميم! ومثلما قلت له ذات يوم في حديث "ماسنجري" بكل تقدير أنتما (هو وزميل آخر) عنوان مرحلة جديدة في الصحافة، أقول له الآن وبكل أسف أخشى أن تكون وآخرون كثر عنوان هذا المقال !.

تراجع مؤسف في قيم المهنة بعد أن كان أصحابها استطاعوا لفت الأنظار إليها بقوة .. وجعلوا الرجل الذي صار له 28 عاماً "يبتل" بهذا الشعب(ويريدون له سبع أخرى) يعيش في حالة هيستيرية أزعم أنها كانت السبب الرئيس وربما الوحيد لإعلان قراره "الورطة" بعدم ترشيح نفسه للرئاسة مجدداً. الآن يريدون له الخروج من هذه "الورطة التاريخية" .. بدأوا زفة "الرئيس الضرورة" .. بدأوا تدبيج المناشدات باسم المعلمين والمعلمات والفلاحين والفلاحات والأحياء والأموات .. تدعو "الرئيس الفلتة" للعدول عن قراره الظالم. حتى مؤسسة "العجين" للصحافة ناشدت القائد الرمز العدول عن القرار.

وقبل ذلك كان عبده باجمال يعلن من فضائية الكويت أن لا بديل عن علي عبد الله صالح أراد ذلك أم لم يرد، وفيما هدد القيادي المؤتمري طارق الشامي الذي كان يوما ما ناطقاً باسم المعارضة(هزلت!)، بعدم دخول المؤتمر الانتخابات الرئاسية إذا ما أصر الرئيس على عدم الترشح، قال ياسر العواضي الذي يحاول دون جدوى الظهور بوجه آخر غير ما ألفناه عن قيادات المؤتمر انهم مستعدون لتنفيذ أي شروط يضعها الرئيس مقابل ترشحه (عاد الراجل يشتي بسباس وفلافل لأجل العودة للحكم). ومن المقرر أن تنتهي هذه "الهيصة" بإعلان فخامته الأسبوع القادم من الحديدة رضوخه لمطالب الشعب والعودة لحمل الأمانة وإكمال مسيرة بناء اليمن الحديث (كما يقولوها دائما بكل بجاحة)، وليثبت لنا الرئيس مقولة الكاتب اللبناني سمير عطا الله : ان من الصعب على الرئيس اليمني الخروج على القواعد والأصول الجمهورية في العالم العربي، حيث يقتضي ان يخلف الرئيس نفسه، لكي يجنب البلاد خطر ان يخلفه سواه!

ولأنهم يدركون عواقب ذلك إعلامياً فقد خصصوا بحسب بعض الأنباء عشرات الملايين (قيل ستين مليون وقيل مائة) لشراء ذمم الصحفيين في الفترة القادمة، وهي معلومات إن صحت فسيكون من اللازم على نقابة الصحفيين تجهيز "سوق" يتم فيه عرض الصحفيين(الراغبين طبعاً وليس الكل) للبيع ويحدد في جبهة كل زميل السعر المناسب!!، وسيكون منظر أعضاء مجلس النقابة رائعا وهم يعرضون ويحرجون بالصحفيين: يا حراجاه يا بلاشاه على عشرة ألف ريال، على مائة ألف ... إلخ. ثم بعد ذلك يتقاسمون النسب التي سيحصلون عليها! الصورة ليست هكذا تماماً .. هناك الكثيرون لا يزالون عصيين على البيع قابضون على جمر قيم المهنة رغم المعاناة والبؤس, وفي حين يشد المرء على أيدي وقلوب هؤلاء فإننا نتمنى على الذين تورطوا بعقد صفقات من أي نوع نسيان الماضي وندعوهم للعودة إلى خط المواجهة .. مواجهة نظام أصبح خطراً على عشرين مليون بني آدم! وإلى الذين استمرأوا "العملية" بتشجيع من أوضاعنا البائسة .. كفوا أيديكم ولا تتعبوا أنفسكم، فمهما فعلتم فلن توقفوا الزحف نحوا استرداد الحقوق المغتصبة منذ عقود بل قرون .. وإن استطعتم الضغط على فلان فإن آخرين عصيون على ذلك .. وإن استطعتم إسكات "فلان" فستظهر نبيلة الزبير وألف من أمثالها !.

سياسيون أيضا

عملية الشراء والبيع لم تقتصر فقط على الصحافيين بل شملت السياسيين أيضاً، وليس جديداً أن يكون الأخيرون سلعة للبيع، إذ أنهم كذلك منذ عقود ولولا أنهم كذلك ما تحولت الفئات الأخرى أصلاً إلى سلعة تباع وتشترى كما يحدث حالياً مع الصحفيين وغيرهم. الرفيق قاسم سلام نموذج طازج خرج للتو "مقرطساً" من معرض يحمل اسم (سياسيون للبيع).

منذ عاد الرجل من أم المعارك وهو يدلي بتصريحات غير مفهومة ولا معقولة إن فهمت، ترافق ذلك مع سياسة ترغيب وترهيب مارستها السلطة ضده وضد حزبه حتى سقط. في أول تصريحاته بعد هروبه من المعركة التي هرب فيها كل رفاق صدام وتركوه لوحده مع أبنائه يواجه المصير الذي لولاه وأمثاله من صناع الطغاة لما واجهه .. قال ان صدام يقود ثلاثة مليون مقاتل تحت الأرض، سخر البعض وقال الآخر "ربما يكون ذلك صحيحاً" إلى أن وجد الرجل وحيداً وليس معه مقاتل، ناهيك عن ثلاثة مليون، وخرجت علينا الكذبة التي أتحفنا بها قاسم عارية بلا ملابس تتمخطر وتقول "ها أنذا".

كذبة أخرى في مقيل الشيخ عبد الله الأحمر .. قال الرفيق للشيخ "سمعت يا شيخ عبد الله آخر خبر" قال الأخير ما هوو؟ أجاب: "المقاومة اليوم قتلت 20 ألف جندي أمريكي.. إنا صدق يا قاسم! نعم يا شيخ.. ولأن الشيخ عبد الله صاحب فطرة وميال لبطولات المقاومة فقد استنفر من في المجلس .. هاتوا التلفزيون افتحوا الجزيرة" طلع ما فيش حاجة.. العربية اليمنية الـ ccn روتانا سينما (مش حتغمض عين يا شيخ) mbc2 .. لا حس ولا خبر .. هاتوا الراديه .. مونتكارلو، لندن، حتى إذاعة حجة برضه ما فيش خبر. التفت الشيخ عبد الله قائلاً له: هيا ما هو يا قاسم، مقترحا عليه أن يتصل فوراً بالجزيرة لإعطائهم الخبر .. لم يجد الأخير ما يقوله سوى اتهامه للإعلام العربي بالعمالة لأمريكا لأنها تكتمت على الخبر. ذات مقيل قال لسياسيين مبرراً تأخره عليهم انه كان يتواصل مع صدام حسين .. كيف؟ قال عبر الأرواح والأشباح التي لا ترى .. لا أتذكر هل قال لي راوي القصة أنه قال أن تلك الأشباح جن أم شيء آخر!

بعد أسابيع من عودته من العراق صار سلام كأن لم يكن، وعندما لم يجد من يلتفت إليه بحديثه عن الجن وحركات المجنانة هذه بدأ باللعب في آخر ورقة يمتلكها وهي ورقة رابحة في هذا الظرف الذي تكون السلطة فيه أحوج ما تكون لأمثاله وزيد صلاح وغيرهما.. قاطع الرجل وحزبه اجتماعات المشترك، ورفض التوقيع على مشروع الإصلاح السياسي الذي أعدته أحزاب المشترك(في أخر تصريح له قال انه رفض التوقيع على المشروع لأن من كتب مقدمته هي الكاتبة الأمريكية جين نوفاك.. شوفوا إلى أين وصلت خفة الدم).

وبدأ يطلق تصريحات ضد المشترك هو ونائبه هواش، وبعد أن أصبح صدام في القفص بلا وزارة مالية ولا كوبونات نفط اكتشف سلام ونائبه أن المعارضة غير موضوعية، وأن الرئيس صالح صاحب المنجزات والأصلح للرئاسة والمصلح الحقيقي، وأن هناك صحفيون يستلمون من السفارات الأمريكية والبريطانية والصومالية والمفوضية الأوروبية للكتابة ضد الوطن! أرسلت قيادة المشترك رسالة للرفيق تقول له فيها أن اعتدل أو "الله يفتح عليك"، وفي حين كان نائبه هواش يبحث عن غطاء لعملية البيع بحديثه عن ضغوط أمريكية لإخراج البعث من المشترك قالها سلام بكل صراحة وبجاحة: نعم الرئيس اشترى ذمتي. المسألة إلى جانب كونها عملية "بيع" بحسب اعترافه، لها بعد آخر كما يقول أحد السياسيين البارزين .. فالرجل لم يتعود على العيش بدون "صنم"، وعندما ألقي القبض على "صنمه" السابق بحث عن صنم جديد فكان علي عبد الله صالح هو الأقرب والأنسب!

ليس قاسم سلام وحده، سبقه الكثير وثمة أشخاص في المعارضة من هو مستعد للحاق به، فقط لم يطلب منهم ذاك الدور، أحد المحسوبين على المعارضة يستعد حالياً لتأسيس حزب بحجة أن اخوانه ورفاقه في حزبه الذي ينتمي إليه انحرفوا عن الدرب والمنهج الذي رسمه! الرجل كان قبل فترة يحاول الوصول إلى أحد رموز الدولة في محاولة منه لتحسين وضعه الوظيفي والعام، والله أعلم مالذي دار خلف الكواليس حتى طلع علينا بهذه الاكتشافات الجديدة التي ستضطره إلى تأسيس حزب أو على الأقل إعلان استقالته وانضمامه للحزب الحاكم الذي مايزال يسير على النهج القويم لم يتبدل ولم ينحرف! من السياسيين أيضاً من هو عصيّ على الاحتواء ..

هذا الأسبوع طلب من أحدهم بوضوح وهو قيادي في أحزاب اللقاء المشترك، أن يقوم برفع تقارير عما يدور في كواليس اجتماعات أحزاب اللقاء مقابل إغراءات متعددة لكن رده كان قويا ويبعث على الاحترام .. قبل ذلك قدم القصر لنظير له في حزب آخر من أحزاب المعارضة خمسة ملايين ريال لإخراجه من أزمة مادية كان يقع فيها لكنه تجاهل ذلك ورفض استلام المبلغ!

زعيم السحل الآن

أصبح قاسم سلام ضيفاً دائماً على وسائل الإعلام الرسمية والتابعة للحزب الحاكم بعد أن باع ذمته –حسب قوله-.. في مقابل ذلك إرهاب يمارس ضد قيادات المعارضة وصلت حد أن يهددهم رجل الحوار والتسامح كما يصفونه بالسحل فقط لمجرد أنهم رفضوا مقترحاته حول اللجنة العليا وعملية القيد!

سحل إيه اللي أنت جاي تقول عليه في القرن الحادي والعشرين .. فوق ياراجل .. انتهى زمن السحل وبدأ زمن الثورات الشعبية الملونة .. وبعدين يا أخي تعال، تعال، أيش من سحل ؟ أنت رئيس دولة وإلا زعيم عصابة؟!

بدلاً من البحث عن أماكن بيوت قادة المعارضة والتفكير في كيفية سحلهم .. ابحث في كيفية تجنيب البلاد النفق المظلم الذي تقودها إليه .. فكر في إيقاف الأسباب الانهيار القريب لهذا البلد التعيس. إسأل نفسك لماذا مواطنك مهان في الخارج؟! في السعودية مطارد لأنه إما نشال او متسول أو متسلل، وفي الإمارات ممنوع من الدخول، وفي الأردن كذلك إلا بعد فحوصات، وفي الولايات المتحدة مسجون وفي مصر أمام التحقيق في مباحث أمن الدولة بين الحين والآخر. وفي الداخل وصل به الحال حد أن يلجأ إلى براميل القمامة كي يسد رمق جوعه ! بدلا من التفكير في سحل معارضيك الذين لا يجد بعضهم قوت يومه .. إسحل المفسدين ولا تنس كبراءهم عشيرتك المقربين

حماس وتهريب الاموال
العسل الإرياني الصافي
حماس !! وديمقراطيه التجويع والحصار !!
2090م.. احتفالات الوحدة في مأرب !!
زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون *
مشاهدة المزيد