إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء'' الآلاف من قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا تستعد ''قريباً'' لخوض القتال ضد أوكرانيا
لم نرغم الرئيس على إعلانه عدم الترشح، فلماذا يرغموننا على استجداءه عدم الوفاء.
جعلوه منذ البدء إعلان عقوبة ولم يرضهم منا كل ظنٍ حسن، ذموا مدحنا، كذبوا تصديقنا، حقروا إكبارنا، ارتابوا، خونوا، شككوا، وأوسعونا سباً لكي يودوا بالرئيس.
تقدم الرئيس بإعلانه وخذله حزبه، إذ لم يوفر له التغطية اللازمة لتراجع مشرف بعد إنجازه لنصر دعائي حاسم.
كل ما فعلوه: أنهم أساءوا إلى الرئيس وفضحونا بين العوالم.
بدا الأمر مجزرة عامة لـ22مليون إنسان يمني على مذبح فرد، قرباناً جماعياً لكرسي حكم، نفياً لوطنٍ وإثباتاً محموماً لواحد، تكريساً لمعلوم أوحد وإلغاءً لشعبٍ يراد له أن يظل مجهولاً في بلد مجهولٍ.
ما لاح على أنه موقفٌ مشرفٌ للرئيس وللوطن تحول إلى إهانة جماعية كثيفة مسوقة رسمياً بابتهاج وأريحية وبيانات بالنيابة.
لم تستطع قيادات المؤتمر إنجاز مسوغات قوية تدعم بقاء الرئيس في موقعه ظافر غير خاسر.
بدا خطابها العام مرتبكاً مشوشاً قلقاً مضطرباً يكشف عن اهتزاز القناعات بصورة عامة.
كلهم أبدى حماسة مرغم مكره على تقمص الجزع وأداء دور المفجوع والمحصلة: تمثيلية غاية في البشاعة لنوائح مستأجرة.
«...الرئيس هو الماء والهواء...» هذه لتاجر لا يعرف قيمة نفسه... «لاطعم للحياة بدون الرئيس...» ملق أكاديمي الطعم.. «لو معك أربعة أولاد ما تقدر تحكمهم فكيف تحكم 22مليون...» لطخة من رئيس جامعة لا يصلح تاجر ماشية؛ نسى أنه ينفي نفسه ويلغي أهليته كمسئول عن أهم مؤسسة تعمل على صناعة العقول.
أفٍ للعِلم «الرسمي» وأكاديمي السلطة ولقلاع المعرفة وقد اعتلاها المدجنون وكتاب التقارير المنتمون زورا إلى العلم والتعليم، وثمة بشاعات مقرفة كهذه: «.. لايشرفني أن أشغل أي منصب حكومي إذا لم يترشح الرئيس..» لمحافظٍ تنقصه المحافظة على القدر، وأصوات ذهبت نحو الماضي بحثاً عن كرامات صالحة للتأبيد.
مواقف ضاجة تستند على قناعات رخوة وعواطف كسولة فاترة تحاول إخفاء برودها ومصداقيتها المعطوبة في جلبة مثارة.
هم معذورون، فالمهمة ليست سهلة، إنها شاقة وعسيرة ربما أيسر ما فيها بالنسبة لهم إقناع الرئيس بالتراجع لكن الأصعب إقناع 22 مليوناً أن ليس فيهم صالحٌ أو رشيد، وأن اليمن باقية ما بقي الرئيس وأن الجمهورية، يمن الوحدة والحرية والتعدية، دولة النظام والقانون وكل ما يقال لنا بأنه الوطن: ليس إلا سراباً بقيعة، مجرد وهمٍ حضوره مشروطٌ ببقاء فرد.
فشل مهندسو الخرافة في بناء صرحٍ من حجج وبراهين يقوى على حمل شعب أريد منه أن يطلع على الأفق دونه فلا يرى غير الرئيس.
لكأن اليمن كفت عن إنجاب رؤساء وقادة وانحصر دورها في إنتاج نسل صالحٍ للمؤتمر الشعبي العام فقط. نسلٍ من خدم و«تنابلة» و«طناجر» ولائم، كائنات مسخرة تعيش لتصوت للمؤتمر.
الخطاب البائس لمزامير الحكم ومجاذيب السلطة نسي في الزحام المنافق المُفتدِي بالروح والدم أنه يهدر كرامة وطن ويلغي شعباً من خارطة الوجود، نسي أنه يحكم على نفسه بالكذب، نسيَ أنه يعلن فشل الحاكم في بناء دولة المؤسسات، نسي أنه يصم عهده بالاستبداد والشخصنة.
كل مجتمع يرهن وجوده بوجود الزعيم إنما يعلن انتحاره وفناءه وعدم أحقيته بكرامة الوجود.
بدا خطاب المؤتمر في هذا الشأن خالياً من الرصانة والكياسة ولاتزان مجتراً كل الخطابات البدائية مرجّعاً أصداء: «أتته الرئاسة منقادةً إليه تجرجر أذيالها// فلم تكُ تصلح الا له ولم يكُ يصلح الا لها»، بدا خطابا غرائزياً للوبي المنافع المرتبطة بمائدة الفساد، خطاب ضاع فيه الوطن وحضرت المصلحة وبدا فيه الرئيس مجرد حائط مبكى يحول بينهم وبين الانكشاف المريع.
الان وكلما تعالى الهياج الرسمي النادب خلف الرئيس.
الان وكلما اشتد اللطم وارتفعت النداءات المتوسلة لا أرى الامر أكثر من دعاية انتخابية استباقية الهدف منها إحداث صدمة نفسية مبكرة لأحزاب المعارضة والتغطية على استحقاقات هذه المرحلة الحساسة.
لدينا قضايا مركزية وعلى أساسها تتحدد ملامح العملية الديمقراطية، لدينا (هيئة تزوير) تسمى زورا بـ(اللجنة العليا للانتخابات)، لدينا سجلٌ انتخابيٌ فيه 2 مليون اسم متطابق و(64 ألف مكرر) و(126 ألف من صغار السن) ودواهي أخرى كبار كافية لجعل الفساد خيارنا إلى الأبد..
لدينا قضايا الفصل بين السلطات، تحييد الوظيفة العامة، المؤسسة العسكرية والأمنية، المال العام، الإعلام، حرية الصحافة والتعبير، تعدد وسائل الإعلام، لدينا فقر كثير وفساد أكبر وحكم مصرٌ على ممارسة الوعظ والإفساد.
كان يكفي الرئيس أن يعلن تنازله عن صلاحياته المطلقة التي جمدت الحياة وشلت المؤسسات وحولت الوطن إلى مزاج فرد، إلى مشروع شخصيٍ محض.
مع ذلك كله لدي من الحماسة ما يدفعني لدعوة الرئيس -وبطواعية دونما إكراه أو إرغامٍ من حزبه- إلى الترشح مادامت أمامه فرصة مواتية داعيا المشترك لمنافسة جادة وحقيقية تعزز الممارسة الديمقراطية وتنظر إلى مجمل التحديات التي تقف في الطريق آخذةً في الحسبان أن أمام الرئيس سبع سنوات وأن العقبات دونه أكبر.
فإن أراد الرئيس إعلانه من حزبه اختبار ولاء فليكن بالنسبة لنا اختبار وجود وولاء للوطن والشعب ودولة المؤسسات والقانون، وأن ينافس مرشح المشترك الرئيس ويسقط أمامه خيرٌ من أن ينافس مرشح الرئيس، فأي شعبية يحصدها مرشح المشترك مضافٌ اليها حجم التجاوزات والخروقات ستحدد موقعنا من القمة والأمر مرهونٌ بضمان لجنة انتخابية محايدة نخرج منها بأقل تزوير ممكن إذ أن الدخول في انتخابات رئاسية مشروطة بقبول التزوير كشر لا بد منه يجعل مهمتنا صعبة وأي طعنٍ يعقب فوز الرئيس سيعد طعناً في الرئيس وفي مصداقية الطاعن ذاته ومشروعية مشاركته.. وعلينا أن نوقن أن مكاسبنا في الشارع ومع الناس، وأن كل مكسب يأتي من سدة الحكم عارضٌ لايعول عليه ولا يزيدنا إلا خسارا..
الخطاب المؤتمري المدشن للحملة الرئاسية لا يخلو من فوائد يمكن استثمارها وبنزاهة مفرطة في حملة المشترك بالإضافة إلى مخزون الإحباط الشعبي العام في ظل هذا الخراب.
وليعلم الشعب أن من يزعمون بأن الديمقراطية: حكم الشعب. هم أول من يسلبونه أهلية الحكم ولا يعترفون به إلا محكوماً لا يملك سوى أهلية اختيار الحاكم.. وهذه من التناقضات الفاضحة التي يسقط فيها الخطاب المؤتمري كلما جاء ذكر الرئيس.
لقد عمد الحزب الحاكم إلى تحويل إعلان الرئيس عدم الترشح إلى قضية سيادية تحتل صدارة الاهتمامات الوطنية، أرادوه استفتاء عاماً على شعبية غير متحققة، مهرجاناً ممتداً يجعل من الانتخابات مجرد نفخ في الصندوق، تحصيل حاصل، شهادة سهلة لشعبية كاسحة لا تعوزها القرائن.
أضحى لزاماً علينا هذه الأيام -إزاء حمى التوسل المؤتمرية وبيانات الشفقة- لزوم الحيطة والحذر وتدبر عواقب حضور أي تجمع عام أو احتفال حتى لو كان مباراة كرة قدم، حفل زواج، ختان، مراسيم تشييع، عزاء، ندوات علمية، حلقات نقاش حول الترصد الوبائي وإنفلونزا الطيور، فعاليات أدبية داخل اتحاد الأدباء أو خارجه، حفلات التخرج في الجامعات ونخشى أن يصل الامر مع كتائب الوعظ الرسمي حتى المساجد في الجُمع والصلوات الخمس، علينا أن نحذر ونحن نغشى كل تجمع عام من شياطين البيانات المباغتة، علينا الحذر من أن نجد أنفسنا منهوبين في بكائيات تتشبث بإهاب الرئيس مسكوبين في دموع مستعارة: «يا أبانا من لنا بعدك؟».. «من يحكمنا غيرك؟».. «لاحاكم إلا أنت»..!
لكم شق علينا الرئيس بإعلانه ولكم عاقبنا حزبه إذ حمّلنا هذا العبء.. نحن مطاريد الحكم.. نحن الكثرة التي لا تُرى، ولا يراد لها أن تَرى غير واحد ووحيد..