أحد الجنود المفرج عنهم من قبل «انصار الشريعة» يكشف تفاصيل مجزرة دوفس
بقلم/ مأرب برس - خاص
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 19 يوماً
الأربعاء 09 مايو 2012 12:49 ص
 
 

لا تزال الأحزان والآلام تطارد بقية جنود اللواء 39 مدرع بزنجبار أبين، والذين تم أسرهم لدى انصار الشريعة لأكثر من شهرين.. لم ينسوا زملائهم (200 ضابطاً وجندي) قضوا حتفهم إثر هجوم مباغت على معسكرهم دون أدنى إنقاذ أو إغاثة لهم، رغم تواصلهم مع المنطقة العسكرية الجنوبية وغيرهم لإنقاذهم..

 الجندي محمد صالح صالح عبد الله احد الجنود الـ73 المفرج عنهم مؤخراً من قبل انصار القاعدة بأبين بعد حجز دام شهرين، يتحدث بأسى وحزن عن ما وصفها بالمؤامرة و"بيعة" لهم من قبل قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية السابقة..ويؤكد أنهم لن ينسوا دماء زملاءهم، وما لحق بهم من أضرار جراء أسرهم..

الجندي محمد صالح ينتمي لبني بهلول محافظة صنعاء وكان خطيب مسجد اللواء 39 مدرع بدوفس يكشف تفاصيل الحادثة منذ الهجوم عليهم وأسرهم وحتى الإفراج عنهم..

حاوره بصنعاء / جـبر صـبر

* بدايةً حدثنا عن تفاصيل الحادثة حتى أسركم؟

-كنا في حزام امني على محافظة عدن من نقطة العلم إلى زنجبار، أكثر من خمسة ألوية متمركزة في الشريط الساحلي، هذه القوة خرجت من اجل قتال القاعدة.. مرت الأيام وكان هناك هجوم متواصل والمعركة مستمرة..و قبل قرار إقالة قائد المنطقة الجنوبية سابقا مهدي مقوله بيومين تم توجيه أوامر للجنود في وادي دوفس ان لايضربوا الى البحر او وسط الأشجار، وان لا يدخلوا الى وسط الأشجار للتمشيط ان كان هناك عناصر من القاعدة، وصدرت تلك الأوامر من قبل قائد المنقطة مقوله ونفذها قادة الألوية وتحتهم قادة كتائب وسرايا..وكنا بدوفس باللواء 39 مدرع متمركزين آمنين لان المقدمة تقع على مشارف زنجبار والمؤخرة في وادي دوفس وفيها أسلحة ثقيلة منها مدافع 24 وأكثر من 80 مدفع هوزر، وأربع عربات كاتوشيا راجمات صواريخ وأربع دبابات وأكثر من 300 قطعة سلاح وذخيرة، فضلاً عن 350 فرداً.. وبعد إقالة مقولة بيومين كانت تأتي زوارق من البحر ونبلغ وزارة الدفاع والمنطقة العسكرية ويردون علينا" اتركوها هذه صديقة"، حتى قبل الهجوم بأسبوع أتت باخرة كبيرة محملة بالذخائر الى البحر، وكنا نضربها الا ان مدى المدافع لا تصل إليها لبعد المسافة، وذهبت هذه الباخرة ومولت القاعدة في حدود شبوة على الشريط الساحلي، وعندما بلغنا المنطقة العسكرية الجنوبية قالوا:" اتركوها هذه صديقتنا".

وبعد إقالة مقوله بيومين هجمت علينا القاعدة من البحر والصحراء ومن خلفنا على طريق عدن، هجموا علينا بعد فجر يوم الأحد، ذات اليوم قطعوا الخط العام، وأعطوا للدبابات ذخائر فاسدة لا تضرب..واشتبكنا مع القاعدة من الفجر حتى الساعة العاشرة صباحاً.

*كم عدد الذين هجموا عليكم؟

 -كان عدد الذين هجموا علينا قرابة 300 مسلح مدني.. واستغثنا لإنقاذنا ولم ينقذنا احد، اتصلنا باللواء 39 مدرع والعند وقائد الكتيبة الرابعة لإنقاذنا لكن للأسف لم نجد أي تفاعل منهم، ولم يسارعوا لإنقاذنا، مع انه كان لدينا في المقدمة قوة في ملعب 22 مايو بزنجبار، وكان لديهم أسلحة كثيرة متوفرة وكان بإمكانهم إنقاذنا.

وفي ذات اليوم كنا متعودين على سماع أصوات الطيران لكن للأسف ذاك اليوم لم نسمع أي شيء، ولم يجبنا أي احد، كما لم نرى أي مواطن يسير، وسدوا الطرق، وعرفنا وقتها أنها (بيعة).

وأثناء الهجوم والاشتباكات التي استمرت لمدة ست ساعات أسفرت عن مقتل 200 ضابط وجندي من زملاءنا وأسر73 جندياً.

- هل الاشتباك داخل المعسكر، وما الأسلحة التي استخدموها أثناء الهجوم؟

- كان يضربوا علينا من خارج المعسكر بواسطة قناصات وقذائف آر بي جي ورشاشات..

- ما تفاصيل عملية أسركم؟

-بعد ان رأينا زملاءنا سقطوا، ونفدت ذخائرنا المحدودة حيث البعض منا يمتلك 60 طلقة وبعضهم 30 وبعضهم والله ليس لديه أي طلقة، أما بالنسبة للأسلحة الثقيلة أعطونا ذخائر صيني كان يطلق الرشاش "فيلصص"، وبعد أن فقدت الذخيرة مننا تركنا الأسلحة وقمنا بالتوجه الى حفرة كبيرة بساحة المعسكر ونزلنا فيها الـ73 جندي، أثناءها رمى أنصار القاعدة قنبلتين الى وسطنا ومن حكمة الله انها لم تنفجر والا كانت ستقضي علينا، ليطل علينا احد قادة القاعدة وقال: "سلموا أنفسكم ولكم الأمان".. فسلمنا أنفسنا وقاموا بنقلنا الى جعار واخذوا المعدات والأسلحة التي تقدر بملايين من المعسكر، ذهبت هباءً منثورا في عشية وضحاها.لينقلونا إلى مصنع القطن تحت جبل الفخ في هنجر لمدة خمسة أيام، وبعد خروجنا من ذات الهنجر بأوقات قليلة جاءت طائرة أمريكية وقصفت ذات الهنجر الذي كنا فيه وقتل أربعة من انصار القاعدة، لذلك كانت تريد الطائرة الامريكية تصفيتنا قصدهم ان القاعدة قد أثرت علينا، وكانوا يخبروننا انها حصلت لنا بيعة. بعدها نقلونا بواسطة سيارات عاكس وربطوا على أعيننا الى خارج المدينة مباني حكومية لا ندري ماهيتها..وبعد جلوسنا في السجن لشهرين وجهنا خطاب لرئيس الجمهورية للافراج عنا.

-كيف كان تعاملهم معكم بالسجن؟

-كانت معاملتهم أخوية لانهم كانوا يريدون ان يكسبونا، أعطونا الملابس والفراش والمكيفات وكانوا يعطونا وجبات لم نحصل عليها حتى في المعسكر.

-ما الذي كنتم تتلقونه منهم؟

-كنا نتلقى محاضرات باستمرار من قبل يمنيين ومصريين ركزت حول تحكيم شرع الله وإقامة خلافة إسلامية لانهم يعملون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم" اخرجوا المشركين من جزيرة العرب"، وكانوا يخبروننا ان الحكومة تتعامل مع اليهود والنصارى، وكفروا الجيش وقالوا انه مرتد، سألناهم كيف ذلك ونحن مسلمون ..قالوا نظامكم يوالي اليهود والأمريكان، وكيف تأتي تقاتلني والطائرة الأمريكية تحوم فوقي 24 ساعة تريد ان تقصفني وأنت تسمح لها بذلك، هذا الكلام لأحد قادتهم .

- ما الجنسيات التي وجدتموها ؟

- وجدنا جنسيات من مصر والسعودية وأفغانستان والسودان، ومن اليمن وجدنا من اغلب المحافظات.

- ما نوعية الأسلحة التي وجدتموها لديهم؟

- لديهم أسلحة خفيفة، والجيش لديه أسلحة ثقيلة لكن مهمة الجيش قتال جيوش وليس عصابات وهم يتنقلون من مكان لآخر، والدولة أخطأت عندما أخرجت للقاعدة جيش باسلحة ثقيلة فأصبحت كلها غنيمة لهم، في هذه الحالة كان المفترض مواجهتهم بأسلحة ثقيلة لان حربهم كحرب عصابات.

- ما الذي كان تخشون منه وانتم في السجن؟

- السجن مر علينا شهرين لكنه كان كسنتين كانوا يعاملوننا بطيبة، لكن للأسف ما كنا نخشاه ان تقصفنا الطائرات الأمريكية، حيث كانت تبحث عننا عبر الجواسيس والاستخبارات الامريكية، وكانت تبحث عنا يومياً تريد ان تقصفنا وذلك ربما خوفاً ان تكون القاعده قد أثرت علينا، او نكون قد أخرجنا معلومات للقاعدة عن مخازن الأسلحة وغيرها، إلا انهم وضعونا في مكان آمن.

-هل كنتم تتوقعون الإفراج عنكم؟

-طبعا هم أول ما أسرونا كانوا اعطوننا الأمان، وكان بإمكانهم الإفراج عنا بنفس اليوم، إلا انهم أرادوا ان يضغطوا للإفراج عن معتقليهم، كنا قد ناشدنا المنظمات والدولة، فتدخلت المنظمات وعلى رأسها منظمة هود التي سعت مشكورة بجهد كبير للإفراج عنا.

- كيف وصلكم نبأ التهديد بإعدامكم؟

-قبل خروجنا بقرابة أربعة أيام قالوا لنا: ان الدولة لم تستجب لكم، ولم ينزلوا مشائخ يفاوضون لإطلاقكم، فاخرجوا قرار من محكمة (وقار) بجعار أنهم سيعدمون 25 فرداً كمرحلة أولى..وقبلها كنا قد استمعنا لمحاضرة لأحد مشائخ صعدة وصف لنا كيف ان النظام يلعب بأبناء المسلمين وكيف ان النظام يوالي أمريكا، وكيف ان الرئيس يوالي أمريكا أعداء الله..بعد المحاضرة دخل الينا شابان من أنصار القاعدة يحملون "جعب" وعليها "خناجر"، وتحدثوا الينا: "مع ان الدولة لم تستجب لكم ولم تعبركم وانتم 73 أسير، وقد أسرت سويسرية وفاوضوا عليها وأعطوا انصار الشريعة 250 مليون للإفراج عنها ولم يفرج عنها، وكذلك القنصل السعودي ومنحوهم ملايين ولم يوافقوا، وانتم لم يفاوضوا من اجلكم ولم يدفعوا من اجلكم أي فدية... وقالوا: انهم يريدون ان يبدأوا بإعدام 25 فرد منا عل الدولة تستجيب، وإذا لم تستجب فسيعدمون البقية..تلك الليلة عشنا بحزن ومعاناة ونحن نذرف الدموع على مصيرنا...وكنا قد استعدنا للموت، وكل واحد منا قد صلى ركعتين وفوض امره الى الله..وكنا بحالة لا يعلم بها الا الله..

*وقتها لم يطرحوا عليكم مبرر إعدامهم لكم؟

عقبها اتصلوا بقائدهم "قائد القاعدة بجزيرة العرب" قاسم الريمي " وقالوا له : ان احد الأمراء أتى إلينا وقال انهم سيعدمون منا 25 فردا..فجاء الريمي الى عندنا في السجن وقال لنا: " يا إخواني لا تخافوا أنا قد أعطيتكم الامان ولن نخلف وعدنا..وهؤلاء لا يدرون.. كان كل واحد منهم لديه رأي مختلف.

-وعلى أساس تم الإفراج عنكم؟

- قالوا: ان قراراً قد صدر من محكمة إمارة وقار بإعدامنا، إلا ان هناك منظمات ومشائخ ومن العلماء قد نزلوا، وجاء علماء من حضرموت وعلى رأسهم الشيخ علي باعوض النجار، وألقى علينا محاضرة، وقال ان واجب العلماء ان يتحدثوا عن هذه القضية، وبأي وجه حق يزهق دم الجندي.

-هل من إجراءات اتخذوها قبل الإفراج عنكم؟

- أخرجونا الى الجامع وألقيت فينا محاضرة وطلبوا منا ان نتعهد أن لا نعود لمعسكراتنا ولا نشارك مرة ثانية مع الجيش، وقالوا: ان لديهم خلايا نائمة بكل محافظة سيعرفوننا وسيبلغون عنا لو نحن عدنا للمعسكر لقتالهم، وإذا رأوا أي واحد منا سيذبحونه ..لأنهم قالوا ان هناك أشخاصاً عادوا الى معسكراتهم بعد تعهدهم.

- وما مضمون هذا التعهد؟

- ان لا نعود الى المعسكر ولا نوالي النظام، ولا نقاتل أنصار الشريعة، ولا نخالف شرع الله، ولا نحارب دين الله ..

-مقابل ماذا تم الإفراج عنكم؟

-حسب ما حدثنا بعض انصار القاعدة ان تجاراً دفعوا لهم مبلغ 50 مليون ريالاً، إلا انهم كما قالوا لم يأخذوها وإنما أطلقونا لوجه الله ...وعلمنا من آخرين ان الدولة دفعت لهم أكثر من 30 مليون ريالاً.

- بعد كل ما حصل لكم ما مطالبكم؟

- نطالب المنظمات الحقوقية ان تبحث في هذه القضية، والسبب في قتل200 ضابطاً وجندي أبرياء، ومن المسئول عن هذه الكارثة والمأساة، ونشدد مطالبنا بسرعة التحقيق العاجل في هذه المجزرة وتقديمه للمحاكمة،كما نطالب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء بالتحقيق في هذه المجزرة ومحاسبة كل من تواطأ أو دبر أو نفذ أو تساهل حتى وصل الأمر ان يقتل 200 من اعز زملاءنا ونؤسر لشهرين.

- هل من إجراءات ستتخذونها في حال لم يتم الاستجابة لطلبكم؟

-لقد سبق واجتمعنا كل الأسرى الـ73 قبل إطلاق سراحنا، واتفقنا انه في حال لم يتم التحقيق في القضية، فسنطالب بحق إنساني وحق دموي، وسنقوم برفع دعوى قضائية ودعوى عسكرية، كما اتفقنا على ان نقوم بمسيرات احتجاجية نكشف فيها للرأي العام حقيقة كل ما حصل .

-كلمة أخيرة.

-ادعوا العلماء ان يلتفتوا لهذه القضية، التي أزهقت فيها أرواح المئات، وجريمة العلماء انهم صمتوا إزاء هذه القضية، وندعوا لأن تشكل لجنة من العلماء والمثقفين للنزول الى أنصار القاعدة ويحاورونهم حتى يتضح الحق..والعلماء آثمون على صمتهم فكل يوم تحدث مجازر وهم صامتون.