قانون لحماية الرئيس وتدمير الوطن
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 4 أيام
الخميس 23 أغسطس-آب 2007 09:11 م

مأرب برس - خاص

أحسن الزميل فيصل مكرم ناشر صحيفة الغد صنعا بإماطة اللثام عن مشروع القانون المسمى بـ" قانون حماية الوحدة الوطنية" الذي يجرم المساس بشخص الرئيس، وهو المشروع الذي يمكن أن يحمي سمعة الرئيس ولكنه في الوقت ذاته بلا مبالغة يمكن أن يشعل حربا أهلية ويزعزع استقرار الوطن، لأنه يسد كل منافذ التعبير عن الرأي ويفتح الباب على مصراعيه للفاسدين أن يعبثوا بالبلاد والعباد كما يشاؤون بعيدا عن رقابة الصحافة، وبعيدا عن النهي عن المنكر الواجب شرعا بالقلم واللسان.

ومن الغريب أن تقر الحكومة مشروع قانون في الخفاء دون الإعلان عنه رسميا وربما تحيله إلى مجلس النواب في غفلة من المعنيين به، وقد تطلب من المجلس أن يناقش القانون في جلسة مغلقة طارئة وإرساله على الفور للرئيس للمصادقة عليه إلى أن نعلم به بعد أن يبدأ القضاء في تنفيذ العقوبات التي تنص عليها مواد القانون.

ووفقا لما نشرته صحيفة الغد فإن المشروع يتضمن 14 مادة ويفرض عقوبات لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن 15 سنة وعقوبة الإعدام في حال تسبب مرتكبو الجرائم التي يحددها في قتل إنسان بالإضافة إلى فرض عقوبات بحق من يساعد أو يحرض على ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في القانون بعقوبة تتناسب مع نتائج الجريمة، بما في ذلك قيادات الأحزاب التي تصدر توجيهات تخالف القانون

كما ينص في مادته الحادية عشرة على عقوبة الحبس لمدة سنتين بحق كل من يتعرض لشخص رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال وبما لا يليق أو يدعو للتهكم أو السخرية أو التشهير أو التجريح على اعتبار أن الرئيس هو رئيس الدولة ويعمل على تجسيد إرادة الشعب ويمثل الجمهورية في الداخل والخارج ولا يجوز مطلقاً التعرض لشخصه.

هذا القانون في ظاهره يحمي رئيس الجمهورية ولكن إذا جرى تطبيقه بتجرد فإنه يعرض رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الأعلام ووزير الشؤون القانونية وغيرهم من كبار المسؤولين للحبس للأسباب التالية:

أولا: مشروع القانون يجرم الإخلال بالوحدة الوطنية أو الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي، ونحن نعرف من الذي يمارس سياسات تدمير السلام الإجتماعي وإشعال الثأرات والحروب.

ثانيا: يجرم المساس بالحقوق والحريات الممنوحة للمواطنين، والجميع يعرف جيدا من الذي ينتهك هذه الحقوق.

ثالثا: يجرم الخروج عن الثوابت الوطنية أو أهداف ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر أو خرق الدستور، والجميع يعرف من الذي يسعى لتوريث الحكم لأبنائه، ومن الذي خرج عن مبادئ الثورة والجمهورية بإعادة نظام الحكم الفردي الأسري المطلق الذي قامت الثورة ضده.

رابعا: القانون المشار إليه يجرم الخروج عن النظام الجمهوري أو وحدة اليمن أرضاً وشعباً، والجميع يعرف من الذي يولي الأقارب والأصهار في مختلف المناصب العليا للدولة، ويحيل الآلاف من أبناء جنوب الوطن إلى التقاعد ويوزع الأراضي على القادة العسكريين، ويوحد البلاد أرض ثم يمزقها شعبا.

خامسا: القانون يجرم الدعوة إلى المناطقية أو السلالية أو المذهبية أو تكفير الأخرين أو التراجع عن الديمقراطية، والجميع يعرف من الذي يوزع صكوك الخيانة والعمالة على شرفاء اليمن، ويفرغ الديمقراطية من مضمونها، ومن الذي يمارس المناطقية والسلالية ممارسة فعلية مهما نبذها في خطاباته وشعاراته.

سادسا: القانون يجرم عدم احترام الأديان السماوية والإساءة للأنبياء والرسل ، ونحن نعرف من الذي يحاول أن يعتبر الرئيس معصوما من الخطأ لا يجوز انتقاده، ويرفعه بذلك إلى منزلة الأنبياء والمرسلين في إساءة واضحة للأنبياء والمرسلين، كما نعرف جيدا من الذي يتحدث عن الرئيس كأنه على كل شئ قدير، يحيي ويميت، ينزل المطر ويسقي الشجر، يصنع المشترك ويربي الإصلاح وينعش الإشتراكي، ويوحد الوطن ويمزق البلاد، وهي صفات نصف إله ولا نقول من صفات الله الكاملة والعياذ بالله.

سابعا: القانون يعتبر التداول السلمي للسلطة من الثوابت الوطنية التي لا يجوز المساس بها ومن المكاسب الوطنية التي يجب الدفاع عنها، ونحن نعرف من هو المتشبث بالكرسي منذ 29 عاما ولا يريد أن يؤسس لآلية واضحة تحفظ البلاد من من التمزق بعد رحيله، والجميع يعرف من الذي يعدل الدستور في كل حين على مزاجه كي يمد من فترة بقائه في السلطة إلى أبعد حد.

ثامنا: القانون يتضمن ألفاظا وعبارات مطاطة عفى عليها الزمن ولا يمكن الاستناد إليها في تجريم الآخرين لأنها عبارات غير محددة وغير دقيقة، من قبيل المساس بالثوابت الوطنية وإثارة النعرات الطائفية والقبلية أو السلالية أو المذهبية أو الدعوة إلى تجزئة الوطن أو تشطيره أو تقسيمه، أو الإخلال بالأمن القومي أو الداخلي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، وبموجب العبارات المطاطة الآنفة الذكر يمكن تجريم من يشرح مذهب الإمام الشافعي، أو من يشيد بقبيلة حاشد، أو من يدعو للحكم المحلي وانتخاب المحافظين، أو من ينتقد الأوضاع الإقتصادية المهترئة، ويحارب الفساد. أما من يحول أرض بلاده لمدفن للنفايات الأجنبية الخطيرة فإنه في مأمن عن التجريم.

تاسعا: القانون المقترح يجرم القيام بأعمال الشغب والتخريب أو التحريض عليهما أو التستر على مرتكبيهما أو مناصرتهما بالقول أو الكتابة، وبالتالي فإن من يكتب مؤيدا مطالب المتظاهرين ضد غلاء الأسعار يغامر بدخول السجن لفترة قد تصل إلى 15 عاما.

عاشرا: مشروع القانون يجرم حرق العلم الوطني أو دهسه أمام جمع من الناس أو أمام وسائل الإعلام، وهذه المادة بالتحديد تشجع معامل الخياطة على صنع الأعلام الأميركية والإسرائيلية لأنها فقط المسموح بحرقها، ولاندري لماذا تفتق ذهن من صاغ مشروع القانون بمثل هذا التوقع الخطير أن العلم اليمني سيتم حرقه، وهل هناك من يتحسب لمثل هذه الوقائع لتجريم مرتكبيها مسبقا. ويحق لنا أن نتساءل هل هناك من يحاول أن يدفع مناطق ومحافظات معينة في اليمن إلى حرق علم الوحدة كي يبدأ المشرع بزجهم في السجون؟! وهل هناك من يتوقع أعمال شغب كي يسن قوانين لمواجهة المتظاهرين عن طريق الضربات الإستباقية.

حادي عشر: ينص مشروع القانون أن تكون العقوبة هي الإعدام في الحالات التي يؤدي فيها ارتكاب الفعل المجرم المنصوص عليه في القانون إلى إزهاق الأرواح، وبالتالي فإن أي صحفي يدعو للتظاهر ضد غلاء الأسعار يمكن أن يعدم إذا أسفرت المظاهرة عن مقتل أحد المتظاهرين بأيدي رجال الأمن المركزي.

ثاني عشر: إذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها في القانون من قبل حزب أو تنظيم سياسي يعاقب في هذه الحالة الشخص متخذ القرار بارتكاب الفعل ، وهذه المادة تعني رفع سوط التجريم ضد قادة الأحزاب السياسية وجعلهم فريسة للخوف من اتخاذ أي قرار أو الإنحياز إلى صف الوطن.

ثالث عشر: يتيح مشروع القانون للجنة الأحزاب إتخاذ إجراءات غير دستورية من بينها وقف نشاط الحزب المستهدف أوحرمانه من المشاركة في دورة أو دورتين انتخابيتين.

رابع عشر: يعاقب القانون المقترح أي صحفي بتهمة إشعال روح الهزيمة ، ولكنه لا يعاقب الرئيس أو القادة العسكريين إذا ما تسبب في الهزيمة.

خامس عشر: يعاقب القانون المقترح كل من يضايق الشركات الأجنبية العاملة في اليمن والمشاريع الاستثمارية والرعايا الأجانب العاملين فيهما، ووكالات التنمية والمؤسسات والمنظمات الأهلية الأجنبية الخيرية والاجتماعية والعاملين فيها وأفراد أسرهم، وبالتالي فإن القانون سيؤدي إلى إدخال الحكومة بجميع أعضائها وغالبية موظفيها وكبار مشائخ البلاد إلى السجن وهو الأمر الذي سيؤدي إلى فراغ حكومي شامل، وإلى حرمان الرعية ممن يرعاهم.

سادس عشر: القانون يعاقب من يقوم بشكل مباشر أو غير مباشر بجمع أو تدبير أو تقديم الأموال بقصد تمويل أنشطة تخريبية أو شن هجمات على مبان مسكونة أو أماكن آهلة بالناس أو منشآت أو مرافق ذات نفع عام أو معدة للمصلحة العامة، وبموجب هذا النص فإن سكان صعدة وأنصار الحوثثين يمكن أن يستندوا إلى هذه المادة للزج بكبار القادة العسكريين في السجن عندما يوجد القضاء المستقل، كما أن قادة القوات الجوية والبرية سوف يكونون في خطر محقق بسبب إصدارهم الأوامر بقصف منازل المواطنين في بعض مديريات محافظة صعدة.

سابع عشر: القانون يجرم وضع مواد سامة أو ضارة من شأنها تعريض حياة الناس وسلامتهم لخطر يؤدي إلى الإضرار بالصحة العامة أو البيئة سواء تم ذلك عبر الهواء أو الأرض أو في المياه الإقليمية أو في بئر أو خزانات عامة أو أي شيء أخر معد لاستعمال الجمهور، وهذه المادة تشكل خطرا كبيرا على بائعي القات وعلى جهازا التصفيات الخاصة الذي يلجأ لتسميم المعارضين، وسوف يهدد أيضا منتجي العسل لأن الحاكم أحيانا يكون له جنود من عسل يتخلص به عن بعض معارضيه.

ثامن عشر: ينص القانون على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة الذي يعمل على تجسيد إرادة الشعب ويمثل الجمهورية في الداخل والخارج ولا يجوز مطلقاً التعرض لشخص الرئيس بأي شكل من الأشكال بما لا يليق أو يدعو للتهكم أو السخرية أو التشهير أو التجريح ويعاقب كل من يخالف أحكام هذه المادة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولكن القانون لا يوضح أي عقوبة على رئيس الجمهورية عندما يهزأ من نفسه أو من الأخرين أو عندما يمزح أو يلعب بالقوى السياسية ويحولها إلى كروت، ولا يعاقبه عندما لا يحترم هيبة المنصب ويحول نفسه إلى مهرج وهو يمثل أمة، ولا ينص القانون على أي عقوبة على رئيس الجمهورية عندما يكذب على الشعب أو يخلف وعوده، ولكنه يعاقب منتقديه على هذه الممارسات.

تاسع عشر: القانون المقترح يعاقب على الشروع في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بما لا يزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر للجريمة التامة، وبموجب هذه المادة يمكن أن تحاسب الحكومة الناس على نياتهم فعندما ينوي الصحفي انتقاد رئيس الجمهورية فإنه يحاسب بنصف العقوبة أما إذا انتقده فعلا فإنه يحاسب بعقوبة تترواح بين الحبس سنتين و 15 سنة.

عشرون: يلغى القانون المقترح كل حكم منصوص عليه في القوانين النافذة يتعارض مع أحكامه، وبالتالي فإن قانون الصحافة أو أي قانو آخر سابق أو لاحق لا مكان له من الإعراب.

إن هذه المواد الكارثية فيما لو أقرتها أغلبية الإرياني المريحة فإنها ستدمر سمعة الرئيس نهائيا، ولكنها ستمثل نجاحا لرئيس الوزراء ووزير الإعلام وزير الشؤون القانونية الذين لن يتمكنوا من سحق الماوري وفكري قاسم ومن على شاكلتهما فقط بل أيضا فيصل مكرم ونصر طه مصطفى، وكل المعتدلين في هذا الوطن ، ولن يبق في اليمن أي إعلامي سوى حسن اللوزي قدس الله سره, وأطال بقاءه لأنه يدمر النظام المهترئ من الداخل ويحقق للمعارضة مبتغاها دون أن يدري.