بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟ الكويت تسحب الجنسية عن فنان ومطربة مشهورين النجم الكروي ميسي مدلل الفيفا يثير الجدل في جائزة جديدة أول بيان لجيش النظام السوري: أقر ضمنياً بالهزيمة في حلب وقال أنه انسحب ليعيد الإنتشار الكشف عرض مثير وصفقة من العيار الثقيل من ليفربول لضم نجم جديد بمناسبة عيد الإستقلال: العليمي يتحدث عن السبيل لإسقاط الإنقلاب وعلي محسن يشير إلى علم الحرية الذي رفرف في عدن الحبيبة أكثر من 60 نائباً في بريطانيا يدعون لمعاقبة إسرائيل مظاهرة حاشدة بمدينة مأرب دعما للمقاومة الفلسطينية والمتظاهرون يوجهون رسائل للمجتمع الدولى
من أكثر المصطلحات الإعلامية والسياسية تضليلاً هو مصطلح «العرب» لأنه باختصار يعبر عن شيء لا وجود له إلا في القواميس والكلام الإنشائي والعواطف الشعبية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وغالباً ما يعود هذا المصطلح إلى التداول الإعلامي بكثافة في أوقات الأزمات والحروب والصراعات، كالحرب الحالية بين الفلسطينيين وإسرائيل لشحذ الهمم ورص الصفوف والحصول على الدعم. لكن هل هناك كتلة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو إعلامية «عربية» بين قوسين كي يستنجد بها «الفلسطيني»؟ بالطبع لا، فحتى وسائل الإعلام ليست عربية بالمعنى الشامل، بل محلية حتى عندما كانت الأنظمة العربجية ترفع شعارات قومية، ولا ننسى أن الإذاعة الوحيدة التي كانت تجمع شمل ما يسمى بالعرب وقتها كانت هيئة الإذاعة البريطانية التي كان يتابعها سكان ما يسمى بالمنطقة العربية من المحيط إلى الخليج. واليوم لولا قناة الجزيرة لما كان بإمكان أحد أن يتحدث عن إعلام عربي. وهي القناة اليتيمة التي تجمع الناطقين بالعربية حولها. أما ما يسمى بالجامعة العربية زوراً وبهتاناً لا تعبر عن كيان سياسي أو حتى كتلة واحدة، فهي مجرد مظلة اسميه لما يسمى العرب، لا بل إنها أوهن وأضعف وأقل أهمية بكثير من «الاتحاد الأفريقي» وبالتالي فهي تعطي للسامع أو القارئ انطباعاً خاطئاً تماماً، وتوهمه بوجود «عرب» بينما في الواقع ليس هناك تجمع عربي إلا فقط عندما أرادت الدول المسماة عربية التآمر على بلد «عربي» آخر كالعراق، وذلك عندما اجتمع أعضاؤها على عجل في بداية تسعينيات القرن الماضي لإعطاء الضوء الأخضر للعدوان على العراق وتدميره وتجويعه وإعادته إلى العصر الحجري. لهذا يجب على أي دولة أو مسؤول أو شخص عادي يسمى «عربياً» عليه أن يتوقف عن الاستنجاد بالعرب (بين قوسين طبعاً) في كل مرة يتعرض لأزمة أو يريد مساعدة، لأن العرب وصف هلامي من الناحية السياسية، وهم عبارة عن شراذم متنافرة لا يجمعهم سوى اللغة العربية المستخدمة في بعض وسائل إعلامهم، وحتى هذا الجامع الوحيد بين من يسمون بالعرب يتآكل منذ زمن بعيد بسبب إهمال الناطقين بالعربية للغتهم ولهاثهم وراء تعلم اللغات الأجنبية واستخدامهم اللهجات المحلية التي لا يفهمها إلا سكان المنطقة الناطقين بها.
صحيح أن الكاتب اللبناني حازم صاغية كان قد أعلن موت العروبة في كتابه الشهير «وداع العروبة» قبل أكثر من عقدين من الزمان، وأورد الكثير من الدلائل على انهيار المفهوم «العروبي» وأن المفهوم بحد ذاته مشرقي أصلاً، ولا علاقة له ببقية «العرب» الآخرين في الخليج أو في شمال أفريقيا أو أفريقيا، إلا أن ما كان يسمى بالوضع العربي في أواخر القرن الماضي، كان على علاته الكثيرة التي دفعت بصاغية إلى تأبينه، كان أفضل بكثير مما هو عليه اليوم بعد أن انهارت الدول التي رفعت شعار العروبة كالعراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان.
صحيح أن حازم صاغية كفر بالعروبة بعد الغزو العراقي للكويت، لكن الذي حصل على مدى العقد الماضي ربما يجعل الكاتب يضرب رأسه بالحائط، لأن الوضع العربي بين قوسين الآن أسوأ من أيام الغزو العراقي بمرات ومرات. ولا شك أن الكاتب أدرك لاحقاً أن من يسمون بالعرب غير المشرقيين لعبوا دوراً في تدمير وانهيار بعض البلدان المشرقية. ولا داعي للتذكير بما فعلوه بالعراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، أي أن ألد أعداء ما يسمى بالعرب هم العرب المزعومون أنفسهم. لهذا تقفز هنا إلى الذهن كلمة «الأعراب» الذين وصفهم القرآن الكريم بأنهم «أشد كفراً ونفاقاً». وأعتقد أن الوصف القرآني بات أقرب إلى توصيف ما يسمى بالحالة العربية، فقد كفر هذا الرهط المسمى عرباً ببعضه بعضاً، ومارس أشد أنواع النفاق والدجل والمكايد فيما بينه، وباتت تصح في وصفه العبارة القرآنية التالية: «وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ». وذكر الأعراب في القرآن كان مرتبطًا بالصفات الذميمة إلا قليلامنهم.
وقد وصل الأمر بالذين كفروا بما يسمى العروبة إلى أنهم لم يعودوا يكتفون بالوصف القرآني للنيل من «عرب « اليوم، بل لشدة تمزق ما كان يعرف بالنسيج العربي وانهيار المنطقة التي تسمى عربية، صار البعض يصفهم بالأعاريب، وهو تصغير للكلمة المذمومة قرآنياً أصلاً ألا وهي «الأعراب». وينسحب وصف الأعاريب حتى على الدول التي كانت تنادي بالوحدة العربية وترفع شعارات قومية عريضة. لاحظوا أن الأنظمة التي تشدقت بالشعارات العروبية كالنظام العراقي السابق والسوري والليبي واليمني لم تستطع الحفاظ على وحدتها الداخلية، فما بالك أن تحقق الوحدة العربية المزعومة التي كانت تنادي بها. وقد غدت سورية «العروبة» سوريات ومللاً ونحلاً متناحرة، واليمن يُمناً، وليبيا شراذم، والعراق طوائف وعصابات مذهبية.
لقد فشل ما يسمى بالأنظمة العربية في تكوين الدولة الوطنية العربية الواحدة، فما بالك في أن تجمع شمل العرب تحت لواء عربي واحد، فالسودان انشطر إلى قسمين، ناهيك عن أن السودان الأصل، يعاني من عشرات الحروب الداخلية، مما يهدد القسم الباقي مما كان يعرف بالسودان بالتشظي. وعلى ما يبدو حتى الدول التي لم تتغن بالعروبة وحاربتها باتت هي الأخرى في مهب الريح، وخاصة السعودية. وصار الفلسطيني يخشى على قضيته من أشقائه العرب المزعومين أكثر مما يريد مساعدتهم لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة وأن معظمهم يهرول إلى التطبيع مع إسرائيل والتحالف معها ضد بقية الأنظمة التي تسمى عربية. ولا ننسى أن أكثر من تشدق بالشعارات العروبية كالنظام السوري تحالف مع الفرس في أكثر من مناسبة ضد أشقائه العرب المزعومين، وقد أظهرت الثورة السورية أن هذا النظام القومجي يعادي معظم السوريين من منطلق طائفي أقلوي، فكيف يمكن أن نصدق أنه يريد لم شمل العرب أجمعين.
لهذا نرجوكم يا جماعة الخير اقتصدوا في استخدام كلمة «عرب» و«عربي». واسمحوا لي أن أقول لكم إن الذي مازال يستخدم هذه الكلمة أو كل ما يشير إلى عالم عربي، هو أشبه بذلك الشخص الذي حمل الملك على ظهره لسنوات وسنوات، دون أن يعلم أن الملك قد مات من زمان.
=