تفاصيل لقاء رئيس مجلس القيادة بالمبعوث الأمريكي لليمن المليشيات الحوثية تجبر طلاب المدارس على زيارة روضة الشهداء بمحافظة الضالع مباحثات سعودية أمريكية بخصوص السودان وتداعيات المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتحاد الادباء وصف رحيلها بالفاجعة .. اليمنيون يودعون الكاتبة اليمنية المتخصصة بأدب الطفل مها صلاح بعثة النادي الأهلي بصنعاء تصل مدينة صلالة بسلطنة عمان بن وهيط يناقش مع رئيس المنطقة الحرة بعدن استيراد المعدات والآلات الخاصة بتوزيع الغاز المنزلي وفق المعايير العالمية خبراء: تعنت الحوثيين أوصل السلام في اليمن إلى المجهول المليشيات الحوثية تعتدي على مسؤول محلي بمحافظة إب رفض جبايات مالية الموت يفجع الديوان الملكي السعودي القوات المشتركة تفشل تحركاً غادرا للمليشيات الحوثية بمحافظة الضالع
الحواجز الخرسانية والنقاط الجوية
كنت أعتقد أن ليس لدينا دولة ، وهذا الاعتقاد جعلني أكتب مقال سابق تحت عنوان ((وطن بلا دولة)) ولكن مع مرور الزمن تبيّن أنه يتوجب عليّ أن أصحح هذا الاعتقاد وأن أتيقّن بأن هناك دولة -شئت أم أبيت ((واسترشاداً بمقولة الدكتور طارق السويدان التي يؤكد فيها على ضرورة أن يستخدم الإنسان عقله وأن لا يصادر تفكيره لحساب تفكير الآخرين وتنفيذ كل ما يطرحونه بدون أي عناء في التفكير)) وبما أن العقل في الإسلام مناط التكليف ومصدر الفكر السليم فقد أدركت أهمية إعمال العقل والتفكير فوجدت أن لدينا دولة ، ولكنها ليست دولة النظام والقانون التي يطمح في وجودها كل مواطن يمني ، ويعلق عليها آمالاً كبيرة نحو تحقيق مزيد من التطور في حياة الناس ، بل هي دولة ضعيفة في أداء واجباتها تجاه الوطن والمواطن قياساً بما تحصل عليه من الحقوق من كليهما.
وعلى هذا الأساس كان اختيارنا لهذا الموضوع تحت الاسم الافتراضي ((دولة النقاط والحواجز)) وسنقدم ما يمكن اعتبارها أدلة لإثبات هذا الاسم على دولة بلادنا الحالية وذلك من خلال استعراض عدد من الشواهد التي تمارس على صعيد الواقع وعلى حلقات متتالية إن شاء الله ، ...
وهذه الحلقة الخامسة تحت عنوان : ((الحواجز الخرسانية والنقاط الجوية)) لأن هذه الدولة تمتاز بكثرة النقاط على طول الطرق المؤدية من وإلى العاصمة صنعاء ، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن طول الطريق الذي يربط العاصمة صنعاء بعتق يبلغ حوالي خمسمائة كيلو متر تقريباً ويوجد على هذا الطريق حوالي ثلاث وأربعون نقطة البعض منها نقاط مراقبة جوية ، أعني أنها لا تتواجد على الخط الإسفلت مباشرة ولكنها تراقبه عن كثب من خلال تواجدها على التلال والمرتفعات المحيطة بجانبي الطريق ، وقد زُوّدت هذه النقاط بمختلف الأسلحة الفتاكة والتي من أشدها فتكاً تلك المطبات المجهزة بالأحجار المسننة ومن مختلف الأحجام مع تواجد الكتل الخرسانية المسلحة والصخور الصلبة المانعة للقاطرات ، يتوسطها برميل ملئ بالأحجار حاملاً الراية (( الجمهورية)) وتسانده لوحة قديمة كتب عليها (قف للتفتيش) مع وجود هياكل آدمية ترتدي (الميري) في بعض النقاط ، ومع كثرة هذه النقاط فإنها لا توفر الحد الأدنى من الأمان والاطمئنان لمستخدمي الطريق ، بل ربما تكون عامل مساعد في زيادة نهم المتقطعين وطمعهم في اصطياد المزيد الضحايا الأبرياء الذين يركنون إلى الكثرة العددية لتلك النقاط عند ما يشاهدون امتدادها على طول الطريق الذي يسلكونه ، وما أن يغادروا أحدها إلاّ وقد وقعوا فريسة سهلة لمثل هؤلأ المتقطعين فيجردونهم من ممتلكاتهم وكل ما يجدونه لديهم وربما يجهزون على أرواحهم في بعض الأحيان ، وذلك على مرأى ومسمع من تلك النقاط المبجلة الرابضة خلف الآكام والمتاريس ولكنها لا تحرك ساكن و لا توفر الأمن لأي مواطن ، لأن الهدف من وجودها عكس ذلك تماماً ، وهذا ليس تهويناً لقدر ومكانة ودور قواتنا المسلحة والأمن ، فمكانتها عالية في قلوب كل اليمنيين ودورها عظيم في حماية الوطن والمواطن وذلك ما يؤكده الدستور والقانون ، ولكن العيب واللوم والعتاب للمنهجية التربوية التي تسلكها دولة النقاط والحواجز في خلق العقيدة القتالية لدى منتسبي هذه القوات من خلال التعبئة الخاطئة وغرس مفاهيم الولاء المطلق للحاكم الفرد من خلال تعظيم دوره ومكانته في أوساط منتسبيها حتى نسوا أن هناك وطن ومواطن يتوجب حمايته والسهر من أجل توفير أمنه واستقراره وطمأنينته ورخاؤه.
إن غرس مثل هذه المفاهيم والقيم أداء ويؤدي إلى التهاون بحق الوطن والمواطن وخلق حالات من اللا مبالاة بتنفيذ الواجبات الوطنية لهذه المؤسسات الهامة التي ينفق عليها من قوت المواطنين ومن كدهم وجهدهم في سبيل توفير الحد الأعلى من الاستقرار والطمأنينة للمواطنين.
إن احترام وتقدير هذه النقاط واجب مقدس يستمد وجوبه وقدسيته من احترام وتقدير القائمين فيها من الجنود وصف الضباط والضباط الذين يقفون الساعات والليالي والأيام أداءً لواجب مقدس ((خدمة الوطن والمواطن)) إلاّ أنهم لا يملكون ما يجعل لهم المهابة والقدرة على تأمين الطريق ، لأن دولة النقاط والحواجز لا توفر لهم المقومات اللازمة لتنفيذ الواجبات الوطنية والتي من أهمها التربية على مفاهيم الولاء الوطني المطلق غير المرتهن بالأفراد مهما علت رتبهم وبالهيئات مهما سادت وتحكمت ، بالإضافة إلى عوامل الدفع والتحفيز لتنفيذ تلك الواجبات المتمثلة في الحماية التامة والرعاية الدائمة لكل من يتضرر جراء تنفيذه لواجب حماية المواطنين ، ولذلك ثبطت العزائم وهانت تلك الواجبات ولم تؤدى بالوجه المطلوب ، حتى صارت هذه الأعداد الهائلة من النقاط دون جدوى تذكر فيما يخص حماية المواطنين السالكين لهذه الطرق.
ومما يجب الإشارة إليه أن ظاهرة النقاط لم تعد حكراً للدولة فقط ولكنها أصبحت في متناول الجميع ولأبسط الأسباب تجدها قائمة وعلى مقربة من تلك النقاط الحكومية وعلى نفس التشكيلة تقريباً ، إلاّ أن النقاط الأهلية تفتقر لوجود متخصصين في مجال البحث والتدقيق في هويات المارة ممن لديهم الخبرة والدراية في تفحص الصور ومطابقتها مع الواقع أثناء التفتيش عن هويات المقصودين من عملية نقاط المقاطعة ، وكل هذا من مزايا دولة النقاط والحواجز .
وفي الاتجاه الآخر فإن الحواجز الخرسانية من كثرتها لم تعد تحصر سواءً من حيث العدد أو أماكن تواجدها ، ولم تعد ذات نفع عام لتسهم في تسهيل حركة السير وتنظم طريق المارة ، ولكنها تحولت إلى أعباء ثقيلة على حركة سير الآليات التي تستخدم الشوارع والحارات في المدن الرئيسية ذات الكثافة السكانية والحركة المرورية المستمرة ، فنراها جاثمة في مداخل الشوارع وتقاطعات الطرق متسببة في تحويل اتجاهات السير إلى أماكن أخرى وهكذا حتى تلتقي أعداد كبيرة من السيارات تتنافس على مدخل أو مخرج واحد فتتراكم الأعداد ويزداد الازدحام وهكذا ويا الله سلم سلم ، وعلى جوانب الطرق حيث تتواجد البيوت المهمة والإدارات الأهم التي يحمي جدرانها الخارجية كم هائل من تلك الحواجز الخرسانية متربعة على أكثر من نصف مساحة الطرق والشوارع وبدون ضرورة تستلزم ذلك الازدحام والتواجد لهذه الكتل الصخرية المسلحة.
ومما أنتجته الحكمة اليمانية في هذا الباب هو تطبيق سياسة ((كل الحواجز يجب أن تؤدي إلى ميدان السبعين)) وهذه الطريقة يستخدمها الحزب الحاكم عند ما يريد تنفيذ فعالية عامة يتطلب لحضورها حشد كثير من الناس ولأنه غير قادر على عملية الحشد بصورة مقنعة للجمهور وبصورة طوعية فقد استفاد من هذه الحواجز واستخدمها ويستخدمها في إغلاق الطرق والشوارع وجعلها تلتقي جميعاً في ميدان السبعين حيث سيقيم فعالياته وهناك محطة الوقوف الأخيرة (الإجبارية) لكل من يصل إلى ذلك المكان ، لأنه لم يعد بإمكانه الرجوع نظراً للزحام وحركة السير ذات الاتجاه الواحد ، وهذا أعظم منجز قد تفخر به دولة النقاط والحواجز ، أما في دول النظام والقانون فإن قطعة معدنية رقيقة لا يزيد قطرها عن خمسون سنتيمترا منتصبة على عمود من الحديد بقطر بوصتين وارتفاع مترين كافية لتوجيه مئات الآلاف بل وملايين من البشر من حيث الأمر والنهي .. تلكم المواد القليلة الكلفة السهلة الاستخدام كفيلة بالقيام بواجبات هذا الكم الهائل من الحواجز ألا وهي إشارات المرور التي لا يستطيع أن يخالفها أياً كان لأن وراءها نظام وقانون ، أما في دولتنا فهذا معدوم ولا يمكن أن يطبق إلاّ على حافلات نقل الركاب الصغيرة والمتوسطة والكبيرة فقط فلماذا لا يطبق على البقية الباقية من السيارات .