مصادر سعودية تكشف عن جهود إقليمية ودولية لتحريك عملية السلام الشامل في اليمن برعاية أممية الحوثيون يعممون على التجار مرسوما جديدا لجباية الأموال بإسم دعم المعلم والتعليم في صنعاء. زراعة الحياة والأمل .. مشاريع إنسانية لمؤسسة توكل كرمان تزاحم الانجازات الحكومية والمنظمات الدولية .. ومن أحياها قصة الإنسان والحياة محمد بن سلمان يتوقع أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي مقتل بائع متجول من أبناء محافظة إب على يد موظفين حوثيين في الضالع صورتان للضحية والقاتل.. مسلح حوثي يقتل أحد أقاربه بدم بارد وسط مدينة إب ويلوذ بالفرار الرئاسي اليمني يؤكد على ضرورة التسريع في إقرار خطة الإنقاذ الإقتصادي اليمن ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان شركة صافر بمأرب تعلن إعادة آباراً نفطية لخط الإنتاج مترو الرياض.. مشروع عملاق سيغير وجه العاصمة
الاتفاقات حين تغدوا كبوابة حرب ومنفذ هروب عادل أمين تدرك السلطة من خلال الخبرة والتجربة أن الحوار يمثل خياراً استراتيجياً بالنسبة لأحزاب المشترك لا تحيد عنه ولا يمكنها تصور العمل خارجه، ولكونها تعي جيداً مثل هذه الحقيقة وتعلم يقيناً محدودية خيارات المشترك التي تكاد تكون مغلقة على الحوار، فإنها تعمد إلى استغلال هذا الأمر وتوظفه في تعزيز مكانتها وتوسيع مصالحها وزيادة مكاسبها على حساب المصالح الوطنية ومصالح السواد الأعظم من الشعب وفي مقدمتهم شركاؤها في الحوار.
في اتفاقاتها الموقعة مع أحزاب المعارضة (المشترك) تجيد السلطة اللعب مع شركائها في الوقت الضائع، بينما تكون قد استنفدت الوقت الأصلي خارج سياق الاتفاقات، وما تؤيده الوقائع أن السلطة لا تذهب مباشرة إلى حيث تحدده الاتفاقات ويتفق عليه الطرفان، بل تتعمد السير في دروب ملتوية ومتشعبة بقصد تتويه المشترك وإنهاكه واستنزاف طاقته وإضعاف قدرته على بلوغ غاياته، وهي تتفنن في عدم إعطاء معارضيها ما يناضلون لأجله دفعة واحدة، بل تعطيهم بالتقسيط وعلى فترات زمنية متباعدة تكون قد تمكنت في أثنائها من تعويض ما خسرته وبأقل كلفه. علاوة على ذلك فالسلطة تضع في كل اتفاق لها مع المشترك أكثر من خط رجعة بما يمكنها من التملص منه، ويسمح لها بإعطاء تأويلات مختلفة حول مضمونه بما يتلاءم وطبيعة أهدافها ويتيح لها اللعب مجدداً على هامش الاتفاق لتفكيكه وإعادة تركيبه وإفراغه من مضمونه وصولاً إلى التحلل منه، ما يؤدي بالنتيجة إلى الانتقال بالاتفاق ذاته إلى مرحلة جديدة عبر إبرام اتفاق جديد لا يعمل على تقريب المسافات بقدر ما يباعد بينها، ولا يبتكر آليات واضحة لتنفيذ الاتفاق الأصلي بقدر ما يزيده تعقيداً ويقلل من فرص الوصول إلى حل.
• اتفاق يوليو ومخاوف الغرب
يمكن القول أن الاتفاق الأخير( اتفاق 17يوليو2010م) بين السلطة والمشترك جاء في أحد مظاهره كاستجابة ملحة لضغوط خارجية مورست على السلطة من قبل شركائها الدوليين والإقليميين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ودول الجوار، هذه الضغوط ناجمة في الأساس عن مخاوف متعاظمة لدى هؤلاء من احتمال فشل النظام السياسي وانهياره، وبخاصة في ظل تنبؤاتهم بأن الأوضاع المتردية في اليمن لن تظل محصورة داخلها ولكنها ستمتد إلى كافة الدول بمنطقة الشرق الأوسط بل وحتى الولايات المتحدة نفسها استناداً إلى عملية النيجيري عمر عبد المطلب بمحاولته الفاشلة تفجير طائرة ركاب أمريكية ليلية عيد الميلاد من العام الماضي، إلى جانب تحذيراتهم المتواصلة بأن السلطة في اليمن باتت تعاني من مشكلة حقيقية لطالما لفتوا إليها وهي تآكل مشروعيتها السياسية بفعل استئثار النظام السياسي، وتراجع العملية الديمقراطية، وعدم وثوق المعارضة والشارع اليمني بالنظام الانتخابي الذي تعتوره الكثير من الاختلالات، لذا فإن الفاعلين الدوليين والإقليميين يدفعون باتجاه تعزيز تلك المشروعية المتآكلة من خلال تشجيع المصالحة الوطنية وتوسيع المشاركة السياسية من جهة، وبناء قدرات الحكومة على ممارسة سلطاتها وتحسين علاقتها بمواطنيها عبر تقديم الخدمات من جهة ثانية.
ويذهب الأمريكيون إلى أن الإصلاحات السياسية المحدودة التي قام بها الرئيس صالح لم تعالج الأزمات السياسية التي تواجهها الدولة خلال السنوات الأخيرة، كما أن البرلمان وأحزاب المعارضة لم يتم إشراكهم بصورة فعلية في معالجة الاضطرابات المتزايدة وهو ما ضاعف من حدتها(الصحوة 18/3/2010). فيما يؤكد جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية على \" أن الولايات المتحدة عازمة على العمل مع شركائنا من أجل وضع حد للمشاكل السياسية والاقتصادية المزعجة في اليمن\" (الصحوة 18/2/2010)، في حين تفترض الإستراتيجية البريطانية تجاه اليمن بأن التهديد الإرهابي القادم من اليمن سوف يزداد ما لم يقم المجتمع الدولي بتشجيع الرئيس صالح على معالجة التحديات الأساسية التي تواجه الدولة مثل الاقتصاد والشرعية السياسية(الصحوة 24/6/2010).
• كيف تنتهي اتفاقات السلطة
بناءً على ما تقدم، فإن ثمة رغبة غربية لإجراء الانتخابات النيابية في اليمن، لا لأجل سواد عيون المعارضة ولكن لإنقاذ السلطة، وتعزيز شرعية النظام والحيلولة دون انهياره، على قاعدة الوقاية خير من العلاج، وأنه لا يمكن البدء في الإصلاحات أو على الأقل تحريكها بمعزل عن النظام القائم وفقاً لـ (جيني هيل) الباحثة في المعهد الملكي البريطاني والمتخصصة في الشئون اليمنية. إذاً فأهم المصالح التي يجنيها النظام من اتفاقاته مع المشترك هي تعزيز شرعيته السياسية، واستجلاب المزيد من الدعم الخارجي سياسياً واقتصادياً، لكنه مع كل تلك المكاسب التي تصب في جيبه يرفض في المقابل تقديم أية تنازلات لشركائه في المنظومة السياسية اليمنية، ولو كانت في مصلحة تطوير التجربة الديمقراطية وتعزيز ثقة الناخبين بالعملية الانتخابية وبالنظام السياسي الذي تفرزه الانتخابات، وعوضاً عن ذلك يفضل النظام سياسة الاستحواذ على كل شيء في البلد بما في ذلك الاتفاقات ذاتها التي يوقعها مع معارضيه، والتي يسعى جاهداً إلى احتكار تفسيرها وتوجيهها الوجهة التي تخدم أهدافه، وبفضل تلك الاتفاقات استطاع النظام تمرير مصالحه السياسية دون أن يخسر شيء أو يتنازل عن شيء، فهو يوقن أن كل خطوة تخطوها المعارضة للأمام تعني بداهة خطوة له للوراء، وهو ما يتحاشى وقوعه، ويثابر على عدم تمكين المعارضة منه، لذا عادة ما كان النظام يباشر في تجميد تلك الاتفاقات ويُلقي بها جانباً ليذهب في مشروع آخر هنا أو هناك هروباً من الاستحقاقات السياسية والانتخابية وخلطاً للأوراق، وإثارة للمزيد من المشكلات في إطار سياسة التوازنات والإدارة بالأزمات واللعب على المتناقضات، وعندما يستنفذ أغراضه أو يتورط أكثر في أزماته يعود إليها(الاتفاقات) ثانية، ولكن مع تعديلات وإضافات جديدة تصب غالباً في صالحه برغم انه يبدوا في موقف أضعف!!
• الاتفاقات كبوابة حرب
لا أدري إن كان يحدث هذا في مكان آخر غير اليمن! فالاتفاقات عندنا عادة ما ينتهي بها المطاف إلى حروب طاحنة، وعلى سبيل المثال، اتفاق 18 يونيو2006 الذي أتاح إجراء الانتخابات الرئاسية في سبتمبر من العام نفسه أعقبه حرباً رابعة في صعده اشتعلت نهاية يناير 2007م، واتفاق الدوحة الموقع مطلع فبراير2008م بين السلطة والحوثيين برعاية قطرية والذي أنهى الحرب الرابعة أفضى هو الآخر إلى حرب خامسة في مايو من نفس العام، أما اتفاق 23 فبراير 2009 بين السلطة والمشترك الذي قضى بتأجيل الانتخابات النيابية والتمديد عامين لحكومة المؤتمر فقد أعقبه حرباً سادسة في صعده اندلعت في أغسطس من العام نفسه ولم تتوقف إلاّ في فبراير 2010م، وللتذكير فقط فإن الاتفاق السياسي المعروف بوثيقة العهد والاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في الأردن من كافة الأحزاب السياسية في السلطة والمعارضة لحل الأزمة السياسية آنذاك، انتهى هو الأخر إلى حرب صيف 94م. والسؤال الذي يُلح الآن، ما الذي ينتظرنا اليوم بعد اتفاق 17 يوليو 2010 الموقع بين السلطة والمشترك لتنفيذ اتفاق فبراير2009م؟ ثمة مؤشرات مقلقة على أن التهيئة والإعداد لحرب سابعة في صعده ماضية على قدم وساق برغم نفي طرفي الأزمة وتأكيدهما المضي في تنفيذ اتفاقية الدوحة التي جاء أمير قطر إلى اليمن لإعادة إحيائها، من تلك المؤشرات: زيارة الرئيس صالح لروسيا الشهر المنصرم والتعاقد على شراء صفقة أسلحة روسية بأكثر من مليار دولار، وبالمناسبة فالشيء نفسه حصل عقب توقيع اتفاق فبراير2009 وقبيل نشوب حرب سادسة!! الشيء الآخر المهم هو تواصل المعارك الضارية في صعده بين جماعة الحوثي والقبائل الموالية للدولة، وتبادل الاتهامات بخرق الاتفاقات، إضافة إلى تشكيك الحوثي بجدية السلطة في رغبتها بالسلام والوصول إلى حل نهائي لملف حرب صعده، واتهام بعض الموالين للحوثي المملكة السعودية بالسعي لإشعال حرب سابعة في صعده من خلال نفوذها القوي على السلطة والقبائل في اليمن، ويذهب هؤلاء إلى أن الحضور القطري في اليمن يستفز السعودية ويحفزها للتعجيل بتفجير الأوضاع، ويرى البعض أن تراجع العلاقات اليمنية السعودية وعودة اللعب بالورقة القطرية يعزز من التكهنات بعودة الحرب مجدداً، أضف إلى ذلك، فإن كتلة نواب صعده يعتصمون في البرلمان للضغط على الحكومة لتقوم بواجب حماية أبناء صعده من تصفية الحوثي لأنصار الحكومة كما يقولون، وهو ما قد يُفسر بأنه تحريض على عودة الاقتتال مجدداً، كل هذه المؤشرات يعاضد بعضها بعضاً لتزيد من التكهنات القائلة بان ثمة مشروع حرب سابعة يجري التحضير لها على نار هادئة.
• الهروب مجدداً
وتبقى تصريحات الدكتور الارياني بشان الاتفاق الأخير(اتفاق يوليو) من أنه يخص فقط البند الأول من اتفاق فبراير ذي الصلة بالتعديلات الدستورية، وأنه لا شأن له بما عدا ذلك من القضايا الأخرى المتعلقة بقانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، تبقى هذه التصريحات مثار جدل ولغط كبيرين، إذ تثير تكهنات بعدم جدية السلطة في تنفيذ اتفاق فبراير والمضي نحو التوافق السياسي وحل أزمة الانتخابات التي تأجلت إلى العام 2011م بحسب الاتفاق، وهو ما يعني أن السلطة قد لا تنشغل في الأشهر القليلة القادمة بالتحضير للانتخابات كون اتفاق يوليو لم ينص صراحة على ذلك، وبالتالي فالمرجح أن تعمد السلطة إلى دفع الأحزاب(المؤتمر والمشترك) خلال الفترة القادمة للانشغال بموضوع الحوار الذي لا يعلم أحد متى يبدأ ومتى ينتهي، فيما ستنشغل هي- على ما يبدو- بمشاريع أخرى لا علاقة لها في الأغلب بالانتخابات، وتبعاً لذلك فإن اتفاق يوليو يكون قد منح السلطة فرصة ثمينة للهروب مجدداً من تنفيذ اتفاق فبراير، في الوقت الذي أتاح لها إطلاق تأويلات جديدة بشأن التعديلات الدستورية وإصلاح المنظومة الانتخابية والفصل بينهما في مسارين مختلفين بعدما كانت تلك القضايا مجتمعة قضية واحدة في اتفاق فبراير، لقد عمدت السلطة إلى تجزئة اتفاق فبراير من خلال تلك التأويلات التي أسبغتها على اتفاق يوليو وعدم تضمنه ما يشير إلى القضايا محل النزاع، وهو ما يمنح السلطة مرة أخرى مساحة إضافية للمناورة على هامش اتفاق فبراير، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى عرقلة الاتفاق إن لم يكن تعطيله، لتؤول الشروط التفاوضية فيما بعد إلى يد السلطة بذريعة عدم صلاحية الأوضاع الداخلية التي يجري تسخينها حالياً في شتى الاتجاهات، علاوة على تزايد المخاوف الغربية إزاء التهديدات الماثلة للملفات الثلاث التي جرى فتحها في آن واحد، حينها سيكون أمام الفاعلين الدوليين والإقليميين أحد خيارين، إما أن يضغطوا باتجاه الانتخابات مع موافقة السلطة على تأجيل الإصلاحات التي تطالب بها المعارضة وتقديم وعود بمناقشتها لاحقاً، وهو ما يعني بالضرورة إجراء الانتخابات وفقاً لشروط المؤتمر، والتسويق مجدداً لمشروعه السياسي الذي سيعمل حتماً على تحجيم المشروع السياسي للمشترك والعودة به خطوات للوراء. الخيار الثاني، موافقتهم السلطة على فكرة التأجيل إلى العام 2013 وبخاصة إذا نجحت في إبقاء الأوضاع متأزمة على محوري الجنوب والقاعدة، وعادت لفتح ملف حرب صعده مجدداً، ساعتها ستكون المبررات كافية ليمنحوها فرصة أخرى للتأجيل بذريعة إتاحة الوقت الكافي للإصلاحات لتأتي أوكلها، وفي كلتا الحالتين فالخاسر الأكبر هو المشترك، الذي ربما يقرر حينها التعجيل بعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سيتعين عليه اتخاذ قرارات وطنية مصيرية وحاسمة ، وهو ما سينجم عنه إعادة الأزمة الوطنية إلى نقطة البداية، وحين تستأنف المعارضة آنذاك برنامج النضال السلمي لبلوغ طموحاتها في التغيير المنشود تكون السلطة قطعت شوطاً كبيراً في تعزيز وتمتين مشروعها السياسي الذي ما زالت تحوطه رعاية خارجية تتهمه بالفساد والفشل وتتوقع انهياره لكنها ترفض التخلي عنه بحجة غياب البديل الأنسب وتلك هي المفارقة الأغرب.