جوانتناموا .. عندما تصنع أخطر أعداء أمريكا
بقلم/ أحمد الزرقة
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و 8 أيام
الثلاثاء 16 فبراير-شباط 2010 05:43 م

سعيد الشهري السجين رقم 372 في جوانتناموا ..رقم 2 في تنظيم القاعدة

في ظهوره العلني الثالث منذ توليه منصب نائب زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وجه سعيد الشهري الملقب بابو "سفيان الازدي" رسالة مفادها عدم صحة الانباء التي روجت لمقتله هو زعيم التنظيم ناصر الوحيشي في غارة شنته طائرة عسكرية يمنية في محافظة شبوة في 24-ديسمبر الماضي ،ظهور الشهري بدلا عن الوحيشي جعل العديد من التحليلات تقول ان الوحيشي قتل ونجا الشهري وتسلم قيادة التنظيم في اليمن ،وهي اراء مبنية على التخمين وليس على المعلومات ،فظهور الرجل الثاني والمطلوب رقم 31 على قائمة ال 85 للأجهزة الأمنية السعودية التي اعلن عنها في فبراير 2008م والتي كان من ضمن المطلوبين فيها يمنيان هما ناصر الوحيشي وقاسم الريمي ، من شأنه ان يبعث برسالة مفادها أن التنظيم تجاوز المحلية وانه تنظيم دولي تتشارك قيادته اليمنية والسعودية مسئولية اتخاذ القرار وتوجيه الرسائل ،وانه لا يخضع لاي نوع من انواع البيروقراطية والمركزية بقدر ما تحكمه علاقات التنسيق بين قياداته،وهي في نفس الوقت رسالة موجهه لأعضاء التنظيم في السعودية كون الشهري هو المسئول عن التجنيد والتمويل.

التسجيل الصوتي للشهري لم يحمل الجديد في طياته فقد أعاد تكرار تهديدات بتنفيذ عمليات تستهدف السيطرة على باب المندب ،والتأكيد على وقوف القاعدة وراء محاولة النيجيري عمر فاروق لتفجيرطائرة أمريكية عشية رأس السنة الميلادية ، واعلان نجاته وقيادات التنظيم من العمليات التي نفذت ضدهم في أبين وأرحب وشبوة والأشاجر ومأرب ، والاشارة لدور مصر والسعودية في الحرب ضد القاعدة في اليمن ، تلك التصريحات وردت اكثر من مرة في خطابات بن لادن والظواهري وناصر الوحيشي.

الجديد في تسحيل السعودي سعيد الشهري المطلوب رقم 31 على لائحة ال 85 مطلوبا للاستخبارات السعودية هو الاشارة لوجود خطة امريكية لملاحقة اعضاء القاعدة في اليمن اسماها خطة بتراوس نسبة لقائد القوات المركزية الامريكية الجنرال ديفيد بترايوس صاحب كتاب الدليل العملي للحرب ضد القاعدة الذي وزع على المقاتلين الامريكيين في العراق وافغانستان ، وبحسب الشهري ترتكز خطة بتراوس التي نفذت في العراق " على ثلاثة محاور، الأول: تجييش المسلمين ضد بعضهم - وهو ما يسمى بالصحوات – فيجعل الحرب بين المسلمين. ثانياً تشويه سمعة المجاهدين بالأعمال التخريبية كتفجير المساجد والأسواق واغتيال بعض الشخصيات الإسلامية ثم إلصاق التهمة بالمجاهدين. الثالث بث الجواسيس والإغراء المالي لعوام المسلمين عن طريق استخبارات الدولة".

الشهري البالغ من العمر 35 عاما لم يكمل تعليمه الثانوي وعمل في التجارة قبل ان يلتحق بتنظيم القاعدة تتهمه السلطات اليمنية بالوقوف وراء عملية استهداف السفارة الأمريكية في صنعاء ،لم يغفل في تسجيله محاولة تجييش القبائل اليمنية خلف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حيث قال ان الضربات الجوية التي استهدفت التنظيم كانت تستهدف قتل المدنيين والأبرياء وان طائرات التجسس الأمريكية تحدد أماكن المجازر القادمة التي سيسقط فيها المدنيين من الأبرياء بحسب تعبيره.

وكما وجه بن لادن والظواهري وأبو مصعب السوري وإبراهيم ناجي وناصر الوحيشي وغيرهم من زعماء القاعدة خطابهم للقبائل اليمنية في محاولة لاستثارتهم عاطفيا للوقوف خلف تنظيم القاعدة ومناصرته جدد الشهري خطابه لهم وان خص هذه المرة قبائل العوالق وأرحب وعبيدة ومشايخ الحوطة (شبوة) بالاسم كونهم عرضة للملاحقة لانتمائهم للتنظيم.

سعيد بن علي بن جابر الشهري الذي ألقي القبض عليه قرب الحدود الباكستانية - الأفغانية نهاية 2001،تدرب على أساليب القتال داخل المدن في معسكر يقع شمال كابول بأفغانستان،(كما ذكرت الوثائق التي كشف عنها البنتاغون باعتبارها جزءا من ملفه في غوانتانامو).

وصل الى أفغانستان بعد أسبوعين من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001م، عبر البحرين وباكستان، وأخبر محققين أميركيين لاحقا أنه سعى للمشاركة في جهود الإغاثة،. وأصيب الشهري خلال غارة جوية وقضى شهرا ونصف الشهر داخل أحد المستشفيات بباكستان.

قبل ان يرحل لمعتقل قاعدة غوانتانامو الذي قضى في ست سنوات حمل رقم 372 في سجن قاعدة جوانتاناموا ، وتسلمته المملكة العربية السعودية مع 11 اخرين بعد الإفراج عنهم من معتقل جوانتناموا في 2007م ضمن الدفعة الحادية عشر ومعه القيادي السابق في القاعدة محمد العوفي وقد خضعا سويا لبرنامج المناصحة التابع للاستخبارات السعودية لمدة عام قبل ان يختفي ليظهر بعدها في اليمن منتصف 2008م.

عقب ظهور التسجيل الصوتي الاخير للشهري بادر مسئول امني يمني للقول ان ظهور الشهري دليل على صحة ما اعلنته وزارة الدفاع اليمنية بعد الضربة الجوية لاعضاء التنظيم في شبوة في ديسمبر من العام الماضي بأن ناصر الوحيشي زعيم تنظيم قاعدة جزيرة العرب قد قتل في الغارة الجوية ،وان ظهور الشهري دليل على ان اصبح يتولى فعليا قيادة التنظيم خلفا للوحيشي ، وهو قول يحتمل الخطأ نظرا لان الحكومة اليمنية أعلنت مرارا عن مقتل عدد من قيادات القاعدة الذين كانوا يظهرون للعلن مرة أخرى بعد تلك الإعلانات.

وقد تكون الرواية الاقرب هي ان ظهور الشهري هي رغبة التنظيم إعطاء انطباع بمستوى الشراكة في اتخاذ القرار بين القيادات المحلية اليمنية والقيادات السعودية باعتبار ان التنظيم تجاوز مستوى المحلية وبات تنظيما اقليميا ودوليا وهو تكتيك استخدمه تنظيم القاعدة الام حيث غاليا ما تناوب اسأمه بن لادن ونائبه أيمن الظواهري بث رسائل وتسجيلات باسم التنظيم في كثير من الحالات.

كما ان الشهري الذي اصبح على قائمة المطلوبين للرياض بعد نجاحه في تهريب زوجته وفاء الشهري لليمن بمعية أطفالها الثلاثة اثنين من زوجين سابقين من أعضاء التنظيم،وبحسب معلومات بثتها الأجهزة الأمنية السعودية أن أعمار الأطفال الثلاثة أبناء وفاء الشهري تترواح بين تسعة أعوام وستة أشهر، ويدعى الطفل الاول يوسف عمره 9 أعوام من زوجها الأول سعود آل شايع القحطاني،وأخته من والدته "وصايف" البالغة خمسة أعوام من زوج سابق أيضا هو عبدالرحمن الغامدي، وأخته الأخرى ابنة سعيد الشهري.

وتضيف تلك المعلومات أن صلة وفاء الشهري (الملقبة بام هاجر) بالقاعدة تعمقت بعد زواجها من اثنين من المنتمين للقاعدة بعد طلاقها من زوجها الأول سعود آل شايع القحطاني، لتتزوج من عبدالرحمن الغامدي الذي قتل في مواجهة مع قوات الأمن السعودية عام 2004 في مدينة الطائف، ثم بعد ذلك من الرجل الثاني في التنظيم سعيد الشهري،وتولى بن شقيقها عبدالاله الشهري البالغ 19 عاما الذي يعد اصغر المطلوبين على القائمة السعودية مرافقتها لليمن.

وكان موضوع وفاء الشهري واطفالها التي تصنف رسميا كأول إمرأة تدرجها الاجهزة الامنية كعضوه في تنظيم القاعدة احد الأسباب التي كادت ان تؤدي لاغتيال نائب وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف أثناء مقابلته عبد الله عسيري له، حيث قال عسيري في مكالمة هاتفيه اثناء تواجده في اليمن مع محمد بن نايف أن من بين المواضيع التي يريد مقابلتها بخصوصها هو موضوع الترتيب لعودة وفاء وأطفالها للمملكة.

وتزوج سعيد الشهري وفاء الشهري بعد عودته من معتقل جوانتناموا عبر شقيقها يوسف الشهري المطلوب رقم 85 للسلطات السعودية ورفيق سعيد في معتقل جوانتناموا وقد قتل يوسف الشهري في اكتوبر 2009م في اشتباك مع الامن السعودي بعد نجاحه ورفيقة رائد الحربي في التسلل للاراضي السعودية حيث كانا ينويان تنفيذ عملية انتحارية في السعودية قبل ان يقتلا في مواجهة مع الامن السعودي الذي كان يرصدهما منذ دخولهما الاراضي السعودية.

واعلنت الاستخبارات السعودية انها وجدت في هاتف يوسف الشهري على تسجيل بالصوت والصورة لسعيد الشهري يوجه فيه رسالة يطلب فيها الدعم المالي وظهر إلى جواره أحد المطلوبين اليمنيين.

طالب فيها الشهري انصار تنظيم القاعدة في السعودية جمع التبرعات المالية لمساندة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب جاء فيها "إن ما يقوم به إخوانكم في أرض اليمن، من جهاد مبارك ضد أعداء الدين والملّة من اليهود والنصارى يحتاج إلى عصب الحياة وعصب الجهاد، وهو المال، والله قد أمر بذلك فقال (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم)".

وكشفت تلك الرسالة التي ظهر فيها سعيد الشهري والى جانبه أحد اعضاء التنظيم ويدعى محمد عبدالكريم الغزالي، (الذي تم إضافته إلى قائمة المطلوبين للسلطات السعودية في اليمن)

طريقة قيام التنظيم بجمع التبرعات عبر اشخاص مرسلين بتوصيات مسجلة من الشهري حيث حاول الغزالي استخدام تلك الرسالة لجمع تبرعات من المواطنين لصالح القاعدة،باعتباره ثقة وجاء من قبل الشهري، وبحسب وزارة الداخلية السعودية فان تلك طريقة يتبعها التنظيم لجمع التيرعات وخلال موسم الحج الماضي، ضبطت القوات السعودية أشخاصاً يحملون رسائل مرئية على جوالاتهم من أيمن الظواهري، تدعو إلى التبرع للتنظيم.

واضاف الشهري في رسالته "قال صلى الله عليه وسلّم: قاتلوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم. وهذا أخانا حامل هذه الرسالة هو من الثقاة لدينا، ذهب إليكم يدعوكم لما أمركم الله به بالإنفاق في سبيله والجهاد بأموالكم".

هذا ما يدعو للقول أن الشهري الى جانب مسئوليته كنائب لزعيم التنظيم هو المسئول عن عملية التمويل والتجنيد داخل التنظيم ، وأن التمويل الاكبر لتنظيم القاعدة في اليمن مازال يأتي من مؤيدي ومناصري القاعدة في المملكة العربية السعودية.

وياتي حديث الشهري عن تنسيق الجهود مع تنظيم الشباب المجاهدين في الصومال ربما كخطوة أولى نحو الاندماج معهم في تشكيل موحد ،ولتشتيت تركيز الأجهزة الاستخباراتية الغربية والأجهزة الأمنية اليمنية وتحويلها باتجاه الصومال كي يتمكن التنظيم من التقاط أنفاسه والتخطيط لعملية انتقامية في مكان يبعد كثيرا عن مضيق المندب ، وهو ما قد يؤدي لحدوث ارباك وزيادة الجاهزية الامنية الذي من شأنه زيادة نفقات حماية وتأمين السفن هناك ، كجزء من استراتيجة الاستنزاف التي يتبعها التنظيم .

ويرتكز تهديد الشهري بالاستيلاء على المضيق الدولي على أساس أن التنظيم لديه خبرة سابقة في العمل على البحر في إشارة للعملية التي استهدفت المدمرة الامريكية كول قبالة سواحل مدينة عدن جنوب اليمن في سبتمبر 2000م والتي راح ضحيتها 17 جنديا امريكا من مشاة البحرية ، وعملية تفجير حاملة النفط الفرنسية ليمبورج قبالة ميناء الضبه في 2002م.

تصريحات الشهري تلقي بعبء إضافي على اليمن يتعلق بمصداقية التصريحات الرسمية حول تحقيقها انتصارات في حربها ضد القاعدة على الميدان ، حيث مازال معظم قيادات القاعدة في اليمن يتمتعون بالقدرة على التخطيط لتنفيذ هجمات ضد المصالح اليمنية والاجنبية.

ويشكل المقاتلون من ذوي الجنسية السعودية خطرا كبيرا ليس ضد اليمن بل ضد السعودية حيث أعلن التنظيم في اكثر من مرة رغبته في شن هجمات ضد المملكة العربية السعودية إنطلاقا من الاراضي اليمنية .

Alzorqa11@hotmail.com