هل تسقط اليمن في الفوضى
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 17 يوماً
الخميس 08 مارس - آذار 2007 08:26 ص

مأرب برس – خاص – ريما الشامي

أن تحددك أقدراك لتكون يمنيا وأن يضعك حظك العاثر السيئ لتكون ذات مرة في مواجهة ذوي نفوذ وسلطة من العيار الثقيل جدا فعليك أن تتوقع أسوأ خاتمة لتكون عبرة لغيرك وما عليك الا ان تسلم بمصيرك المرسوم بأبشع الجرائم اللانسانية المتفلتة من أي قيم أو أخلاقيات بني البشر وهذا هو ماحدث بالضبط لطه العواضي الطفل الذي لم يتجاوز ال 12 عاما.... الطفل طه العواضي كان عائدا من مدرسته ولم يزل في طريقه الى البيت ليتلقاه شيخ متنفذ وعصابته و يفرغون رصاصاتهم في صدره البرئ الذي لايستحقها ؛ نعم انها الاستهانة بحياة الناس وعدم الاعتراف بآدميتهم استعلاء بالسلطة والنفوذ التي تحلل دماء الأبرياء و تغتصب حقوقهم بقوة الدولة ومن ثم توفر الحماية والحصانة والمناعة للمجرمين بحجة الولاء والانتماء .

هذه النظرة الاستعلائية الدونية لأبناء الشعب والاحتقار المهين الذي يجعل الإنسان اليمني يموت كالكلب تماما لا قيمة لحياته ودمه على أيدي متنفذي السلطة ليذهب دمه هدرا وحياته عبثا وكان شيئا لم يكن ومن يجرؤ بعد ذلك على الإشارة للقتلة والمطالبة بشرع الله فيهم فهم محميون ومحصنون وفوق البلد ودستورها وكل مافيها

الدولة بقضها وقضيضها وأجهزتها وقبل ذلك بالنظام والدستور والقانون المناط بها تطبيقه وإنفاذه تقف عاجزة ولا حول لها ولا قوة حتى عن مجرد الإشارة او الاقتراب من شيخ نافذ وعصابة قتلة الطفل طه العواضي ‘ وبكل بساطة وكما هي العادة دائما في جرائم هؤلاء المتنفذين اذا عرف السبب يبطل العجب فهم محميون بالسلطة ومحصنون عن العدالة وشرع الله بانتمائهم الى منطقة الرئيس.

هم سادة البلاد ولهم مطلق التصرف في هذا الشعب الذي سقطت عنه درجة الآدمية وحتى الاستعباد فعلى الأقل العبيد لهم حرمة دمائهم التي لا تحلل ولا تستباح هكذا بدم بارد كما هو حالنا ، ولكنها اليمن المزرعة الكبيرة والإقطاع الجديد الذي لم يشهده تأريخ البشرية وهل على ملاك المزرعة من حرج ان هم ذبحوا شاة كبيرة او ابنتها الصغيرة التي لم تبلغ الحلم وسن الذبح بعد !

أي إجرام هذا ؟ وهل توجد عصابات في العالم بمثل هذه الدموية واللا إنسانية ترتكب مثل هذه الجرائم ولا توفر امامها حتى الأطفال ومن ثم تحتمي بالسلطة لتفلت بجرائمها من أي مسألة أو حساب ؟ !

أين هذه الدولة التي ملأ مسئولينا الدنيا ضجيجا بالحديث عن النظام والقانون والدستور فيما تقف الدولة عاجزة إزاء شيخ وعصابته متحصنون بالسلطة وانتمائهم لمنطقة الرئيس ؟

لماذا تقف الدولة اليوم عاجزة عن القيام بأبسط واجباتها ومهامها الدستورية والقانونية في تطبيق النظام وإخضاع مجموعة بسيطة للدستور والقضاء وشرع الله فيما هي على الجانب الأخر تخوض حروبا في مناطق أخرى من الوطن لتثبيت وتطبيق نفس الدستور والقانون والنظام الذي لا يستطيع إخضاع قتلة الطفل العواضي له أو تطبيقه عليهم . . . ! ؟

اذا كان الحوثي وجماعته متمردون وخارجون عن الدستور والنظام والقانون فقتلة الطفل العواضي المحصنون من العدالة ماذا سيكونون ؟ ومراكز السلطة العليا التي تحميهم ماهو توصيفها ؟

هل جرائم هؤلاء المتنفذون ستمر دائما بدون عقاب وهل سيظلون دائما فوق الدستور والقانون وشرع الله ؟

هل مراكز النفوذ ومستويات السلطة العليا ستظل الحصن الحصين لهؤلاء ليرتكبوا المزيد من الجرائم والعبث ؟

هل ستظل دوما بنادق الكلاشينكوف و أثوار الهجر والتي هي أصلا من المال العام هي قيمة دم الإنسان اليمني وحياته ؟

كيف يمكن تفسير حصانة قاتلي الطفل العواضي كشاهد حال لكل الجرائم التي ساحتها دماء اليمنيين و كيف يمكن فهمها ؟

هل هو ضعف وعجز الدولة ؟ أم هو تواطؤ ومساندة للمجرمين ؟

أم هو عدم وجود دولة أصلا ؟

هل صارت الدولة أداة طيعة مسخرة لحماية المجرمين وتحصينهم وتشريع جرائمهم ويتحكمون بها كيفما يشاءون ؟

هل تشرع الدولة بمثل هذا الموقف الفاضح والتهاون إزاء المجرمين الى إلغاء وجودها والى إعادة البلد إلى الفوضى وتحكيم قوانين شرع الغاب ليأخذ كل حقه بيده عوضا عن الدستور المغيب والدولة التي ألغت نفسها وواجباتها في حماية حياة الناس وحقوقهم وصارت أداة بأيدي قوى النفوذ والتسلط ؟!

هل بعد كل هذا من حرج على مظلوم منهوبة حقوقه ومستباح دمه أن يقف مدافعا عن نفسه ودمه وماله وعرضه ويموت دونه كما قال صلى الله عليه وسلم في مواجهة الظلم والطغيان المستقوي بالسلطة ومقدرات الدولة ؟ !

الطفل طه العواضي الذي قتل ظلما وعدوانا واستقواء بالسلطة وقفت الدولة ازاء هذ الجريمة موقف المتفرج الذي لا يعنيه جريمة مثل تلك شيئا وكان من حظ الضحية انه يمتلك قبيلة طالبت الدولة بتطبيق الدستور والقانون والقضاء في هذه الجريمة وكان رد الدولة سلبيا وغير مبال فالمهمة هذه هي أكبر منها ولا تستطيع التصدي لها لتواجه اناس هم اكبر من كل شئ في هذا البلد و محميون بمستويات عليا في السلطة لتخضعهم للقانون والقضاء ليصدر حكمه فيهم ، وإمام عجز الدولة وتخليها عن واجباتها الدستورية والقانونية في حماية المجتمع وصون حياة الناس وردع المجرمين لم يكن هناك من سبيل امام ذوي الضحية الا التحرك خارج الدولة التي لا وجود لها وإحقاق الحق والانتصاف لدم طفلهم الضحية وفق أعراف وقوانين الثأر التي تحكم الوطن ولم يكن إمام رئيس الجمهورية الا ان يعقد لقاء قبليا بين الجناة و ذوي الضحية لتتحول جريمة قتل الطفل العواضي الى مسألة قبلية تحل بالأعراف القبلية برعاية رئيس الجمهورية الذي هو أصلا المسئول الاول في البلد والمناط به حماية الدستور وتطبيق حكم القانون وإنفاذ الشرع ليتخلى بذلك عن مسؤولياته الدستورية التي توجب عليه تطبيق الدستور وحكم القانون وشرع الله في هؤلاء القتلة بدلا عن إلغاء الدولة وتعطيل وجودها في تنفيذ واجباتها ومهامها وكذا الخروج عن الدستور والقانون وتمييع القضية بعيدا عن القضاء لصالح هؤلاء المجرمين بينما في الوقت نفسه نشهد حربا في صعدة لتطبيق الدستور والقانون الذي لا يخضع له قتلة الطفل العواضي !

ولا تعد جريمة قتل الطفل العواضي سابقة في اليمن فبلدنا ساحة قتل لعصابات النفوذ والقتل المجاني المسنود بمراكز السلطة وهذه جريمة قتل المواطن الحامدي مرعليها ما يقارب العام والقتلة يسرحون ويمرحون بكل حرية وطمأنينة مستندين في ذلك الى حماية مراكز السلطة القائمة على أساس الانتماء لمنطقة الرئيس التي وفرت لهم بدءا الاستهتار بحياة الحامدي الذي رأوه أحقر حتى من مجرد عبد ( لغلغي ) ليلقى مصيره المأساوي ذلك غير مأسوف عليه ومن ثم هم يحظون اليوم بكل الحماية والحصانة والمناعة فوق الدستور والقانون وشرع الله وكل مافي الأمر عدة بنادق كلاشينكوف وأثوار هجر مدفوعة من خزينة الدولة وكأن ذاك الحامدي لم يكن الا نعجة تم ذبحها امام طفليها في سوق عام وبحضور حشد من الناس تساوي أعدادهم ذلك الجمع الذي حضر ذبح أثوار الهجر.

الحامدي سفك دمه هدرا وأزهقت روحه عبثا وذهب هباء منثورا كأن أمه لم تلده لأن حظه العاثر أوقعه في أيدي أسياده ولان الرجل من سواد هذا الشعب المطحون فالدولة غير معنية به ولا تضع له وزنا أضف إلى ذلك عدم استناده لقبيلة تطلب دمه ثأرا وعلى ذلك فأنه يستحق هدر دمه وقتله الف مرة واستخدام السلطة والنفوذ بكل راحة بال لتمييع قضيته لأجل ان يعيش قتلته محميين ومحصنين ومدعومين وينالون كذلك المناصب والترقيات والمكافآت في الحرس الجمهوري .

نعم هذا المواطن الحامدي دمه المراق هدرا يشهد على هوان اليمنيين ورخص أرواحهم وحال دولتهم التي كانت يوما في أهداف الثورة حكما جمهوريا يوفر العدالة والمواطنة المتساوية فيما واقعها اليوم تصنفه تقارير المنظمات الدولية بأنها دولة اجرامية ويشهد حالها كيف صارت أوكارا للجريمة لم يوفروا فيها ارتكاب أبشع الجرائم الأخلاقية في أعراض الناس وكرامتهم وهذه انيسة الشعيبي التي تعجز الكلمات عن وصف أولئك المجرمين الذين لا يمتلكون ذرة من حياء او خجل أو إنسانية نعم يكفي أن انيسة الشعيبي تحكي حال وطن مغتصب الحقوق والعرض والشرف امتلكت الشجاعة والإرادة لتعبر عن سادية هؤلاء في تجريد شعب برمته من إنسانيته وإحالته الى مرتعا مغلقا وحصريا لجرائمهم ورغباتهم ومصالحهم ، فماذا بقى لنا في هذه الحياة لنحيأ من أجله ؟

أنيسة الشعيبي و الحامدي والطفل طه العواضي وغيرهم ليسوا الا نماذج لحياة شعب صارت مرتعا للجريمة المنظمة التي لا تؤطرها هوية وانما ينظمها الاستقواء على مجموع الشعب بالسلطة والنفوذ.

الشعب اليمني فرادى وجماعات أصبح ساحة للبطش والتنكيل والإجرام وان كانت لحياة العبودية بقية من قيم وأخلاق وأعراف إنسانية تراعيها فأي وضع واي حياة يعيشها أبناء مملكة الجعاشن تحت جبروت شيخ تجاوز في ظلمه واستبداده كل أخلاقيات بني الإنسان وهل يصح ان تكون حياة أهالي مملكة الجعاشن عبودية واسترقاق ام هي تجاوزتها بكثير و اذا كان مناط التكليف الالهي للإنسان في استخلافه هي الحرية وربط الله سبحانه وتعالى عبودية البشر له بالامن و الرزق ( فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) فأي حياة وأي نظام يعيشون في ظله أهالي مملكة الجعاشن بعد ان نزعت إنسانيتهم واعتبارهم الذي كرمهم الله تعالى به والأسوأ من ذلك تنكر الدولة لمواطنيها ولمهامها وواجباتها الدستورية والقانونية في حماية حياة الناس وحقوقهم وحرياتهم حتى بعد التهجير والتنكيل بأهالي الجعاشن أصرت الدولة على الوقوف الى جانب الطاغية المتنفذ وأفشلت مهمة اللجنة البرلمانية لتجعله يتمادى في طغيانه وظلمه وليقوم بحصار وقصف منازل المواطنين في مملكته في نفس اليوم الذي نزلت فيه اللجنة البرلمانية للتحقق من مظالمه وبكل استهتار واستخفاف بالدولة و بمؤسساتها والمعنى هنا في بطن الشاعر والرئيس الذي يتكئ عليه في ظلم رعيته وفي رفضه الاعتراف بالدولة والبرلمان والدستور ويعلم الله كيف ستكون نهاية اهالي مملكة الجعاشن وكيف سيتفنن ذلك المتنفذ في قهر واذلال عبيده ومماليكه وكم سيكون مقدار ( الفرق ) الذي سيفرضه عليهم تأديبا لهم لرفضهم لظلمه و تمردهم على سلطانه ؟

هل السلطة بوقوفها في صف الظلم والمتنفذين تشرع للجريمة والعبودية واسترقاق الناس ؟

والى أين سيؤدي تخلي الدولة عن مهامه وواجباته الدستورية في حماية حقوق الناس وحرياتهم ؟

ماهو توصيف هؤلاء المتنفذون والمسنودون بمراكز السلطة العليا عندما يرتكبون جرائمهم ثم يحصلون على فيتو سلطوي ضد العدالة والقانون والقضاء ؟

لماذا يمتلكون الحصانة ؟

هل لأنهم مقربون ؟ ام لانهم يدينون بالولاء الشخصي ؟

هل هم متمردون وخارجون عن الدستور والقانون؟

أم أصلا هم فوق الدستور والقانون وبالتالي لاينطبق عليهم ولايعنيهم في شئ وحالهم مثل أهل بدر يعملوا ما شاؤا فقد غفر لهم ! ؟

وماذا بعد ان تصير الدولة إجرامية بحسب تقارير منظمات مهنية دولية وبحسب هذا الظلم الذي ترعاه وتقف بقوة في صف ذوي السطوة والنفوذ ؟

هل ستسقط اليمن في الفوضى وسيحتكم اليمنيون الى قوانين شرع الغاب كما يحصل اليوم في عاصمة ( الدولة )؟