إستمرار لدغات الافاعي
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 5 أيام
السبت 26 مايو 2012 04:00 م

المراقب للمشهد اليمني قد يحتار احيانا للتسارع الدرامتيكي في كثير من مفاصل المشهد السياسي اليمني والأحداث المتلاحقة التي تأبى أن تأخذ حتى فترة استراحة محارب إن جاز التعبير .. لكن الأكيد لمن يتأمل قليلا أنه من الطبيعي أن نتوقع مثل هذه الأحداث استنادا لـ 33 سنة مضت من حياة الشعب اليمني في ظل حكم لم يتواجد وينمو الا في جو من القلاقل وصناعة أحداث العنف واللاستقرار ... وما نراه في المشهد السياسي اليمني هذه الأيام ليس سوى تأكيد لما كانت ومازالت لإستمرار مزاولة مهنة السلطة في صناعة الموت والفتن في اليمن

شاهدنا جميعا بمختلف توجهاتنا السياسية والفكرية لحادثة التفجير الأثم في ميدان السبعين والذي ذهب ضحيته العشرات من أبناء اليمن من منتسبي الأمن المركزي وكيفية الهجوم الغادر وفي توقيت متناغم ومتناسق مع بعض الشفرات الظاهرة والغير ظاهرة لبقايا النظام العائلي.....

سبقني الكثير من الكتاب والمحللين السياسيين في تناول الحدث وشرح ملابسات الحدث وربطه ببعض الاستعراضات السياسية والإعلامية لبقايا النظام ابتداءاً من الإعلان المفاجيء عن دخول الرئيس المخلوع علي صالح للمستشفى وإجراء عملية وترتيبات للرحيل عن اليمن فلم نرى عملية جراحية تمت ولا رحيل ولكن فوجئنا بعملية أخرى من نوع مختلف بميدان السبعين ورحيل مجندي الأمن المركزي عن الحياة ... و كان للحادث الأليم الأثر المفجع لليمنيين ما كان ... وكثيرة تلك التساؤلات التي تدور في أذهاننا فأين هي الإجراءات والإحتياطات الامنية التي كان ينبغي إتخاذها خاصة إن منطقة الحدث تخضع لبعض بقايا النظام .

فهل حدث تساهل او تسهيل بالأصح الذي لولاه لما رأينا تلك الفاجعة والكارثة التي ألمت بمنتسبي الامن المركزي وسقط عشرات الشهداء والجرحى .

ما يزيد الحيرة ما لحقها بأيام قليلة من تفجيرات أخرى في مناطق اخرى ولكن هذه المرة كانت تفجيرات أخذت البعد الطائفي في صعده والجوف ورداع وبشكل متزامن ومتقارب يوحي لنا وكأنه لا يوجد أي تأثير على القاعدة جراء المواجهات العنيفة مع الجيش اليمني في أبين.

الغريب في الأمر لو لاحظنا عمليات التفجير الأخير في مدى و طريقة الانتقال والأعداد والتخطيط لأكثر من عملية في محافظات وأماكن بعيدة وفي زمن متقارب جداً فبينما الحرب تدور رحاها في ابين والتفجيرات تطال شمال الشمال (صعدة – الجوف) وصولا إلى رداع بمحافظة البيضاء ...

هنا نجد أنفسنا في مواجهة تنظيم يملك ادوات وتسهيلات لوجستية تمكنه من تنفيذ مخططاته وهذا النجاح في تنفيذ المخطط لا يمكن أن يحدث ما لم يكن هناك من يمده بالعون الاستخباراتي والمادي وهذا يكشف لنا حقيقة ان القاعدة لم تكن سوى ظل النظام السابق الذي مازال يملك بعض أركانه الفاعلين حتى الآن .

لكن ما يزيدنا في التفكير وتوقع الأسوء وحتى لو تم القضاء على تواجد القاعدة في ابين هو ماذا عن نشاط تنظيم القاعدة في الظل والمتواجدين في أروقة ودهاليز المؤسسة العسكرية والأمنية و هل ما حدث من تفجيرات من هنا وهناك لم يكن سوى بروفة وتحضير لعملية اكبر واقصد هنا وبالتحديد حياة الرئيس عبدربه منصور هادي لإن إختفاء هادي عن المشهد السياسي في اليمن سيرجعنا لمربع الصفر وماقبل فبراير 2011م وهذا ما يتمناه بقايا النظام السابق .

قد يظن البعض ان هذا مبالغ فيه لكن الأمر اخطر مما نتصوره خاصة في ظل وجود بعض اعوان النظام السابق ومساعديه لو تمعنا قليلا لعملية التضليل التي وقعت فيها وزارة الداخلية لشخصية الانتحاري التي قامت بالعمل الإجرامي نستخلص ان أدوات البناء والحماية لدى وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات مازالت دون المستوى المطلوب حتى وإن تم ازاحة بعض الأسماء في جهاز الداخلية اليمنية .. لأن النظام السابق لم يظل اكثر من 3 عقود ليزرع عدد قليل من مواليه فالأمر أكثر تعقيدا فالموالين للنظام السابق قد يتجاوزوا الألاف خاصة انهم قد يخسرون الكثير من الإمتيازات التي كان يوفرها لهم النظام السابق وهنا نجد ان كل محاولات الرئيس هادي يجب ان تكون مدروسة بجانب جهاز استخباراتي مستقل عن سابقه جذريا ويكون له الأولوية في الهيكلة قبل المؤسسة العسكرية .

ولكن لماذا يظل هادي بلا نائب ؟ وماذا عن مصير الحوار الوطني في ظل عدم هيكلة الجيش والذي اظل بنتائجه السلبية على أداء الأمن والاستقرار الاجتماعي داخليا وأصبح يهدد السلم الاجتماعي ....

أخيرا يجب ان نتوقع الاسواء في ظل التأخر في حزم الكثير من الإشكاليات السياسية في اليمن وخاصة ان الرئيس هادي يواجه بعض الاستحقاقات الدولية مثل القضاء على القاعدة و في ظل وجود اذرعة النظام السابق في كثير من مفاصل الدولة وتأثيرها السلبي فهي من تدير الأزمة وتسعى إلى اطالتها وهذا يرمي بظلاله على الشعب اليمني ليبقى في معاناة مستمرة قد تطول في ظل اقتصاد منهار ومحاولات مستمرة لخلط الأوراق وإعاقة تنفيذ المبادرة الخليجية.