الحقد ومحاولة إحراق الأمل
بقلم/ د.صلاح ياسين المقطري
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 28 يوماً
الأحد 27 مايو 2012 08:07 م

عندما خرج الشباب والتحقت بهم "الجموع" الى الشارع مطالبين برحيل "علي صالح" ورموز حكمه الفاسدين، لم تثنيهم أو ترهبهم الفزاعات التي أطلقها "اللانظام"، مثل: الصوملة والعرقنة، وتفكك اليمن الى دويلات، وسيطرة القاعدة وانهيار البلد..كما لم يعيروا اهتماما للترغيب والترهيب، المباشرة وغير المباشرة من قبل "حاشيته"، فقد خرج "الشباب" وكل فئات المجتمع وهم مستعدون لدفع حياتهم ثمن للحرية والتغيير مصرين على استعادة القيم ووضع اسس الدولة المدنية الحديثة التي حلموا بها طويلا. ولم يتورع "اللانظام" في استخدام كل الأساليب والوسائل القذرة من اعتقال وتنكيل وقتل في سبيل بقائه مستوليا بالسلطة ومستاثرا بالثروة.

ولم يتبارد الى أذهان الكثيرين، ان "اللانظام" وأزلامه يحملون كل هذا الحقد والكراهية لمدينة تعز وأبنائها، الذين انتفضوا ضده في 11 فبراير، وخرجوا في اكبر تظاهرة عرفتها المدينة في 22 مايو 2011، والتي تجلت بارتكابهم جريمة العصر "محرقة ساحة الحرية" يوم الحقد الأسود "الهلوكست" بتاريخ 29 مايو2011، حيث تم تدمير كل مافي الساحة، بل وقتل كل من يعترض طريق من اقتحمها، وهم يعلمون جيدا ان شباب الساحة لايحملون "اي سلاح" وان نضالهم كان سلميا، رافضين استخدام السلاح كما هي عادة ابناء تعز التواقين دائما الى الدولة المدنية الحديثة. أرادوا حرق الأمل وإطفاء نور الحرية والتغيير لأنهم يعلمون بان "تعز" هي الرئة التي تتنفس منها الثورة وحاضنتها.

وخاب ظن "اللانظام"، ان هذه المدينة وأبنائها سينكسرون ويعزفون عن المضي في الثورة وعن تحقيق حلمهم "وان تظل المدينة حالمة" للأبد، ولم يدرك ان المدينة لم ولن تصبح "حالمة" بل "حاسمة" بحسمها قرارها باستمرار الثورة وتحقيق حلمها بغد افضل، فلملموا أشلائهم وجراحهم، لتشتعل الثورة أكثر وازداد وهجها لتتكاثر الساحات، وتصبح تعز كلها ساحة للحرية والتغيير والثورة.

والان وبعد مرور سنة، استطاعت الثورة، ان تزيح "رأس النظام" من على هرم السلطة، لتجرده من صفته، وأصبح نكره، يحاول جاهدا ان يستعيد الماضي بكل ما "نهبه" من اموال الشعب وثرواته، مستخدما "اذكاء العنصرية" في صفوف مواليه في الجيش والأمن، واهما نفسه بقدرته على إعادة عجلة التاريخ للوراء، وان لم يتم االتدافع لحماية الثورة والالتفاف حولها، فانه سيعمل وكل من يشعر بان التغيير سيأتي ضد مصالحهم، لامحالة في إبطاء حركة التغيير وليدفع "الشعب" ثمنا ووقتا اكبر لانجاز دولتهم المدنية.

فذكرى "المحرقة" ستظل حاضرة في الأذهان، وفي ذاكرة الاجيال المتعاقبة، لمعرفة وحشية وحقد "اللانظام"، وهنا لانريد زرع الحقد والكراهية، فالثورة بذورها الحب والإخاء، بل للتذكير ولاستحضار روح التغيير وان تظل أهداف الثورة نصب أعين الشباب، خاصة بمرور الوقت وطوله، حيث فقدوا قدرتهم على تحديد اولوياتهم والاليات والأدوات لتحقيقها، وتشتت جهودهم في كيانات صغيرة لا تستطيع ان تفي بمفردها تنظيم تظاهرة يعتد بها، واتجه الكثيرين منهم لممارسة العمل السياسي، ليغفل الفعل الثوري "الجنون" نقطة ومصدر قوة "الشباب" واداة الضغط الرئيسة لتستجيب لمطالبهم كل القوى السياسية والمجتمع الإقليمي والدولي.

كما يتوجب على الشباب عدم نسيان "المحرقة" ومافعله الحاقدون وان يظلوا اوفياء للثورة وللشهداء ولتعز، ومتابعة وملاحقة مرتكبيها وكل من مارس القتل والتنكيل امثال: قيران والعوبلي وضبعان ..حيث لم ينالوا عقابهم جراء جرائمهم، بالإضافة الى ان الجرحى لايزالوا يعانون التمييز في المعاملة ولم يلقوا الاهتمام والعناية المناسبين.

وأتمنى ان تكون هذه الذكرى مناسبة لإعادة التفكير والتأمل وتقييم مسار الثورة، وما الت اليه، لنستطيع تحديد بوصلتها، لإعادة زخمها وترتيب أولوياتها والياتها وادواتها، والاستفادة من الماضي وعدم تكرار أخطاءه، وان نحد من الآثار السلبية للتدخل الخارجي، الذي ادى الى ابطاء الثورة وحرفها عن مسارها، ليقرر الشباب اي نوع الأدوات "الجديدة" التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم.

وفي الأخير، فان الرد العملي لدحر هذه القوى الرجعية ووقف مشاريعها التأمريه، والتي تسعى لإعادة عقارب الساعة للوراء، ان يعى ويتنبه كافة الثوار وابناء "الشعب" والعمل على دفع عجلة التغيير وإعلاء صوت الثورة، وعلى أبناء تعز عقد لقاء تشاوري لأبنائها يحدد خلاله أولويات "المدينة" للمرحلة القادمة، لتكون تعز النواة الصلبة للثورة والتغيير ولبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة.