مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
القبيلة هي مجموعة او مجموعات من الأفراد يربطهم ببعضهم الدم والنسب والمصالح و تجمعهم ثقافة وقيادة واحدة, قيادة القبيلة حددت في فرد يسمى الشيخ وهو الذي يحفظ مصالح القبيلة ونفوذها مقابل تبعيت أفراد القبيلة له, هذه القيادة ميزت اجتماعيا وسياسيا في الشيخ وأبناءه يتوارثوها اباً عن جد. تاريخيا القبيلة كيان أوجدته الحاجة - من منطق الغاب - من اجل البقاء في شحة موارد العيش وكذلك الجفاظ على الهوية. عوامل توازن القوى بين القبائل حددت مجموعة البقاء وحجم النفوذ (عدد المقاتلين وحجم الولاء للشيخ).
حاليا القبيلة كيان اجتماعي موجود في كل مناطق اليمن يتباين فيه نفوذ القبيلة السياسي (المشائخ) من منطقة لأخرى ويحكم هذا التفاوت حجم الولاء والتبعية لشيخ القبيلة, ففي مناطق شمال اليمن المشائخ ذات نفوذ قوي جدا بينما ضعيف بالمقارنة في المناطق الوسطى والجنوبية , ويعود ذلك الضعف في تلك المناطق لان المضمون الوظيفي للقبيلة في توفير لقمة العيش والحماية لأفرادها قد تغير وأصبح الفرد والمجتمع ذات رؤية وثقافة مغايرة في افق الهوية وفي خلق فرص العيش والتواصل مع الآخرين , بعيداً عن ثقافة القبيلة وقنواتها بالتالي حجم الولاء للشيخ أصبح ضعيف.
الشائع عند الحديث عن القبيلة والثورة, ان القبيلة كانت ومازالت تقع على خط واحد مع الثورة وأصبحت القبيلة توصف انها حامية حمى الثورة وصمام أمانها, طبعا هذا الكلام مغلوط ومبالغ فيه كثيرا, فعند استعرض حدث الثورات مع القبيلة, مقابل القبائل الثائرة كان هناك عدد اكبر من القبائل مع الأنظمة وشكلت سند قوي في الدفاع عنها, بالإضافة الى وجود فصيل متذبذب المواقف متنظر لنتيجة التصارع ليعيد صياغة حاضر ومستقبل مصالحه. هناك حقيقة لا مراء فيها , ان الموقفان الصريحان للقبيلة سوء كان ضد او مع الثورة تميزا بوجود نفوذ سياسي قوي للقبيلة وان الموقفان حكما برؤية راس القبيلة الشيخ, والذي حدد الرؤية - وقتها – مصلحة وتوجهات الشيخ من النظام, وقد يتساءل البعض وأين أفراد القبيلة من هذا؟ بكل بساطة هي نفس موقف الشيخ, ولماذا؟ لان مصلحة الشيخ ونفوذه هي ضمنا مصلحة القبيلة وأفرادها, وكيف ذلك؟ لان الشيخ وأبناءه متخذي القرار ذات قدسية اجتماعية وتاريخية عند افراد القبيلة لما لديهم من بصيرة أعمق واشمل في صياغة مصلحة القبيلة ولديهم كرزمات ورجاحة عقل وراثية سائدة, لا يتناظر معهم احد من ابناء القبيلة, وبناء على هذا الموروث الفكري فلا يمكن للشيخ ان يتخذ قرار خاطئ يمكن ان يضر بذاته ومصلحة قبيلته.
اذاً موقف القبيلة من الثورات حددته مصالح المشائخ من الأنظمة وليست فكر و رؤى التغيير بهدف بناء وطن وإنسان, لان الركيزة الثقافية للقبيلة ذات بعد فكري ضيق تسيطر عليه نزعات الأنا والقوة والمصلحة.
لو فرضنا جدلا ان ماورد على المشائخ وقبائلهم زيف وتضليل وأنهم أصحاب مشاريع بناء الحريات والعدالة والمساواة والمواطنة الحقة في إطار الدولة, اذا لماذا الأمية والجهل هي عنوان عريض لأبناء مجتمعهم و جلدتهم, ولماذا سبل رزق المجتمع منهجت في التبعية والاحتشاد وراء الشيخ وابناءه, ولماذا عوامل الفكر والإرادة نحو تمدن المجتمع معطلة , ولماذا عواطف وتوجهات أفراد القبيلة تصاغ في فلك رضاء وسخط الشيخ.
طبعا هذه هي مجتمعات مشائخ القبائل التي ناصرت وناهضت الثورة , فماهو المشروع الحضاري المقدم في الثورة لبناء وطن وشعب من منطلق القبيلة, وهل فكر القبيلة مناخ ملائم لقيام دولة مدنية عليه ؟ الجواب الحاسم الغير مدلس بمحسوبية او زيف هو لا, لان فكر وثقافة الدولة المدنية اكبر وأعمق من ان يحتوى في فكر القبيلة.
المشائخ كفصيل ثوري اجتماعي لابد ان يشارك في صياغة أهداف ورؤى وفكر دولة المستقبل على أسس فكر الثورة المتجاوز للمتغير السياسي الى بناء دولة مدنية عنوانها العدل والمساواة والمواطنة الحقة, لكن ثقافة الثورة يقتضي فيها طرح جملة من المحاور الثقافية في إطار ديناميكية التغيير الاجتماعية وصولا لتوحيد الرؤى والفكر. ان النفوذ السياسي للقبيلة (المشيخ) مضمونا وفكرا يتعارض مع نفوذ الدولة المدنية وان التمييز الاجتماعي العرقي الملازم للمشائخ يتناقض مع روح المساواة وان الكيان الثقافي الاجتماعي للقبيلة لابد ان ينفتح على المدنية ليساهم بايجابية في دفع عجلة البناء والتنمية.
على ضوء ثقافة وأهداف الثورة المعلنة يتم وضع القوانين والتشريعات والآليات المؤسسية والاستراتيجيات التنفيذية المستمرة لتحويل مجتمع القبيلة من حضيرة الشيخ الى حضيرة وثقافة الدولة المدنية من اجل بناء إنسان يحمل هوية واحدة قادر على العطاء والتميز , لكي نبدأ في التحول الثقافي المتدرج البطيء لابد من طرح البدائل الموضوعية الوظيفية والخدمية والتنموية لخدمة مجتمع القبيلة بغطاء توعوي منظم ومنسق .
في إطار الإصلاحات المدنية لمجتمع القبيلة يمكن سرد الأتي:
• المجالس المحلية وثقافتها في خلق و تعزيز المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية يمكن ان تحل محل سلطة الشيخ الوراثية في القبيلة.
• هيئة شئون القبائل يتم إلغاءها وتحويل ميزانيتها الى برامج موجهة لتنمية المجتمع القبلي فكريا وثقافيا واقتصاديا
• وقف حصص التجنيد(المرافقين) للمشائخ المقررة سنويا او حديثا وكذلك الاعتمادات مالية المصاحبة وتحويل ذلك الى منح دراسية او وظائف مدنية عبر مشاريع التنمية.
• إعادة النظر في ماهية المرافقين للمشائخ وحجمهم ووصفهم الوظيفي وعلاقتهم بالدولة ومعالجة ذلك في إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية.
اذا كان هدف مشاركة المشائخ عند صياغة روئ وفكر الدولة الجديدة هو التواجد في قنوات صناعة القرار للضغط على النخبة عند تشكيل الدولة باملاءات القبيلة وثقافتها مستنسخين بذلك تاريخ آباءهم وأجدادهم, فعندها يجب تحديد موقف تاريخي من الثورة ودماء الشهداء مقابل السرطان الاجتماعي السلالي العنصري المشيخ الواقف حجرة عثرة أمام الإنسان اليمني وحقوقه المسلوبة, والمشيخ هو الرديف التاريخي للحكم الامامي الذي امتلك الناس وحكمهم من قاعدة التميز السلالي العنصري على الآخرين.
ناهيك ان هناك تجربة مريرة عاشت بها البلاد عند ما تزاوجت الدولة والقبيلة, فبعد التحالف الحصصي لعلى عبدالله صالح الأسري المناطقي لحكم البلاد والذي أعقبه تحالف قبلي مع مشايخ القبائل (المناطق الشمالية) للدخول في ولاء المصالح مقابل إعطاءهم سلطات ونفوذ الدولة وتوفير الغطاء الشرعي والمؤسساتي والثقافي والتاريخي لنفوذهم الاجتماعي, والذي افرز ذلك التقاسم تلك منظومة الفساد والظلم والتخلف عن ركب الحضارة الإنسانية , والذي خرجنا على أثرها للقضاء عليها. فتجريب المجرب خطيئة, توافق معانا من اتفق واختلف معانا من اختلف, فهل خروج مشائخ في الثورة يستوجب تشكيل الدولة بما يتناسب مع نفوذهم ويثري شرعيتهم؟ فإذا تم تشكيل الدولة المدنية على حسب توازن القوى والمصالح فإننا تعيد تشكيل دولة الفساد والتخلف لكن بأوجه مختلفة بنفس القوى السياسية والقبلية الاجتماعية, وهنا نستطيع القول ان الثورة في أهدافها الإنسانية لم تتجاوز معتقدات المجتمع واقتصرت على استبعاد أشخاص, وستظل مكينة الموروث الفكري البالية للإنسان اليمني مسيطرة والمعاناة ستكون رديفها المستمر.