شوقي هائل .بين الحلم بالحالمة، والواقع الصعب!!
بقلم/ د.محمد السامعي
نشر منذ: 12 سنة و أسبوعين و يوم واحد
الخميس 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 03:42 م

كثير ما يدور الجدل خلال هذه الفترة حول الشخصية الكاريزمية التعزية التي جمعت بين وجهي السلطة \"المال والنفوذ\" والمتمثلة بالمحافظ الشاب شوقي أحمد هائل سعيد الذي ساقته الأقدار في أتون الظروف الانتقالية ليكون محافظا لمحافظة تعز.

هذه المحافظة لأول مرة في تأريخ محافظيها تبتسم متفائلة بتنصيب أحد أنحج أبنائها واليا عليها بدليل تلك الزغاريد والهتافات والألعاب النارية التي أضاءت منعطفات جبل صبر وأزقة المدينة يوم قرار تعينه محافظا للمحافظة خلفا للصوفي، وقد كان نبأ تعينه عنون لفرحة عمت كل أرجاء المحافظة بمديراتها المختلفة بسبب الإرث العائلي المشرف لسمعة أل سعيد أنعم الذين عرفوا بوطنيتهم وبأفعالهم الخيرية الممتدة من شرق اليمن إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، والذين سخروا جزء من أرباحهم في تجارتهم لعمل الخيرات ولمساعدة المحتاجين والفقراء وعلى رأسهم أبناء الحالمة نفسها.

ولقد ساعد نجاح هذا الشاب في إدارة المجموعة التجارية العريقة على اتساع مساحة التفاؤل لدى أبناء الحالمة جميعا، حيث أصبح الكثير منهم يحلم بتعز مدينة فاضلة كمدينة أفلاطون، وليست حالمة فقط بشربة ماء أو بإنارة شارع، كما كان حلمها من قبل في عهد القيادات السابقة.

شوقي هائل ذاته بدء عمله الجديد بحماسة عالية، وأختار الشفافية في التعامل مع المواطنين شعارا لمرحلة جديدة في ضل نظام جديد وعهد جديد، فترك أبواب مكتبه مفتوحة أمام الجميع، ووسع أبواب قلبه لكي يتمكن من استيعاب كافة أطياف المجتمع بفئاته المناطقية والحزبية والعشائرية والقبيلة، وأقفل أبواب عقله بإحكام وأعطى مفاتيحها للحالمة، نعم للحالمة وحدها كونها صارت الهاجس الأكبر لديه، والتحدي الأعظم في حياته، والحبيبة التي يرى في إخلاصه ووفائه لها بداية الطريق الصحيح للوصول إلى ما هو أكبر وأفضل من حكم محافظة واحدة.

وفي ضل هكذا تفاؤل، وهكذا طموحات يخالني أن المحافظ الشاب بدء يرسم في ذهنه خرائط متطورة لـ\\"دبي\\" جديدة في محافظة تعز، ذات الأغلبية المثقفة، وذات الكثافة السكانية الأكبر، وذات المعالم الطبيعة والسياحية الخلابة، والتأريخ العريق، يزجي مثل هذا الطموح لديه حجم المساعدات الخارجية المرتقبة سواء من دول الجوار والتي كان بعضها قد تكفل بعمل محطة تحلية في ميناء المخا، والقضاء على مشكلة أزمة المياه ولو تحت غطاء استثماري، والبعض الأخر منها تكفل ببناء محطة كهربائية لتغذية المدينة وضواحيها، ناهيك عن الوعود الأخرى التي قطعت بشأن إنشاء مدن سكنية وطبية متطورة تحول الحالمة إلى قبلة يؤمها الزائرون من كل أنحاء اليمن.

والحقيقة أن كل هذه الأمور كانت مبعث تفاؤل ليس للمحافظ الشاب وحده ولكن لكل أبناء المحافظة الذين رأوا أن شوقي هائل سيوفر الكثير من أموال ميزانية التنمية في المحافظة، خصوصا وأنه ليس بحاجة إلى أن يستغلها في بناء مشاريعه الخاصة أو في سبيل ترفيه معيشته لأنه ليس بحاجة إليها بالأساس، بقدر ما هو بحاجة إلى أن يبني صورة سياسية ذهنية ناجحة له في أذهان المجتمع اليمني عن ذاته، شريطة أن يكون قادر على اتخاذ قرارات جريئة وسريعة في إحلال كادر إداري مؤهل بالكفاءة والخبرة بدلا من الكادر المتنفذ في مختلف إدارات المحافظة من المشائخ واللصوص وذوي المحسوبيات الذين كانوا ولا يزالون في معظمهم دباببيس صلبة مغروسة في العجلات التي يفترض أن تسير عليها التنمية إن كانت ثمة نية صادقة للبناء.

الأمر الأخر والأهم أن عدم قدرة بعض الأطراف على استيعاب ما تتطلبه المرحلة الانتقالية من تسامح ومصافحة وصبر، خصوصا من قبل أولئك الذين ينادون بالتغير ويغرسون خناجرهم أمام عجلاته، قد يحيل كل هذه التفاؤلات وتلك الطموحات إلى أحلام يقضه، خصوصا إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه ( مظاهرات، اعتصامات، نصب نقط في كل شارع، تقطع للطرقات، وتعطيل حركة السير، مطالبات بتنفيذ ما هو أبعد مدى من المساحة الزمنية التي تولي فيها المحافظ الشاب المسؤولية، .....الخ\\\"

وخلاصة القول أن شوقي هائل لا يمتلك عصى سحرية لكي يصنع التغير بعدة أشهر، كما أنه لا يمتلك أكثر من وجه لكي يكون مضطرا لنفاق الجميع، ولكنه يمتلك سلطة وقوة شخصية، يفترض أن نكون جميعنا عونا له لا عائقا أمامه، ويفترض أن يعينه جميع أبناء الحالمة على تحقيق الأمن الاجتماعي قبل كل شئ، فيفي بوعده ويحقق مطامحه في إخراج المعسكرات من المدينة لا أن نضطره لعمل معكسر في كل حارة، لأن الأمن والأمان هما أساس التنمية مع وجود الحاكم المخلص، وكفانا تحزبا وعصبية وتخريب، فالمصلحة العامة إذا تعارضت مع المصلحة الخاصة في السياسية الشرعية تطغي على المصلحة الخاصة ، و لا بارك الله بقوم لا يعرفون ما يضرهم وما ينفعهم!!!