المؤسسة الدفاعية الجديدة ضمانة اليمن لولوج مرحلة التنمية من أوسع أبوابها !!
بقلم/ د.طارق عبدالله الحروي
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 8 أيام
الأربعاء 12 ديسمبر-كانون الأول 2012 03:07 م

  -يمكن إعادة بلورة بعض أهم المعالم الرئيسة لهذا الموضوع في اتجاهين رئيسين على أقل تقدير، يدور الاتجاه الأول حول جملة من الاعتبارات الموضوعية وثيقة الصلة بهذا الشأن، تتمحور حول إن طبيعة مدى قدرة المؤسسة العسكرية على استعادة دورها الوطني كمؤسسة دفاعية قوية تبسط نفوذها على كل أرجاء البلاد ومناطقها الحدودية البحرية والبرية منها- بوجه خاص- يعد محور الارتكاز الأساسي في إمكانية قيام الدولة البحرية المدنية الحديثة دولة النظام والقانون من عدمه ليس هذا فحسب.

-لا بل والعامل الأساسي في إمكانية ولوج اليمن مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة من أوسع أبوابها، سيما مع بروز متغير إعادة هيكلة القوات المسلحة على أسس وطنية ومهنية طموحة جدا فرضتها أولويات المصلحة الوطنية العليا ومصالح الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، التي جاءت به الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية، بصورة توفر أمام اليمن وشركائها فرصة ذهبية نادرة لإمكانية إحداث هذه النقلة النوعية في الواقع اليمني بأقل وقت وجهد وتكلفة ممكنة.

-على أساس أن قدرة المؤسسة الدفاعية والأمنية الجديدة على ضمان تأمين الحدود البحرية والبرية وإيقاف كافة أشكال الجريمة المنظمة وغير المنظمة العابرة للحدود، وصولا إلى فرض قوة النظام والقانون؛ هو المدخل الأساسي والوحيد لإمكانية استعادة البلاد والعملية التنموية منها- بوجه خاص- توازنها النسبي المفقود منذ خمسة عقود ماضية، في ضوء ما يمكن أن يفضي إليه هذا الأمر من استتباب نسبي للأمن والاستقرار.

-بصورة يمكن لها أن تسهم في تفعيل البيئة الداخلية الحاضنة والمحفزة لولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة بفاعلية متعاظمة ومن أوسع أبوابها؛ من خلال ما سوف تلعبه من أدوار في جذب وحشد ومن ثم تركيز فرص الاستثمارات المنشودة بكافة صورها وأشكالها، الكفيلة بإشعال شرارة الثورة الرابعة القادمة المتوقعة في أوساط المجتمعات المحلية ليس هذا فحسب، لا بل وفي ضمان تطورها واستمرارها كي تبلغ مراميها المنشودة.

-في حين يدور الاتجاه الثاني حول جملة من الاعتبارات الذاتية وثيقة الصلة بهذا الشأن، تتمحور حول إمكانية تحول اليمن إلى دولة بحرية عظيمة قادرة على تأدية كافة المهام الحيوية المناطة بها في حماية وضمان تأمين حدودها البحرية وثرواتها البحرية الطبيعية والصناعية والمعدنية والحربية...الخ، ومدخلا محوريا لفتح آفاق الاستثمار إلى أبعد مدى في البحر والبر فوق الأرض والبحر وتحتهما، وصولا إلى تحولها إلى أهم رافد من روافد التنمية الشاملة والمستدامة بكل أبعادها، على خلفية ما أصبحت تمليه أولويات المصلحة الوطنية العليا ومصالح الأطراف الدولية والإقليمية المعنية من ضرورة تحول الجزء الأكبر والمهم من اهتماماتنا الرسمية وغير الرسمية في المرحلة القادمة إلى إقليمي الشريط الساحلي والجزر اللذان يجسدان جوهر هذا التحول من الأساس.

-باعتبار أن هذا التحول الجذري في واقع اليمن ومؤسستها الدفاعية هو الضمانة الأساسية لاستمرار تنامي طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الاستفادة المنشودة التي وفرها متغيري الموقع الاستراتيجي والحدود البحرية إلى حدودها القصوى- أولا- وحماية وضمان تأمين خطوط الملاحة البحرية الدولية الأكثر أهمية وحساسية في العالم، وصولا إلى تلبية كافة احتياجات السفن الحربية والتجارية وطواقمها العابرة لمياه خليج عدن والبحر الأحمر وما يجاورها، في ضوء ما تمليه أولويات المصلحة الحيوية للدول المعنية صاحبة المصلحة المشتركة بهذا الشأن- ثانيا

-أما عن الشاهد في هذا الأمر برمته فيمكن إعادة بلورة بعض أهم معالمه الرئيسة في أكثر من محور- على أقل تقدير- يتعلق المحور الأول بأن تحول الجزء الأكبر والمهم من وحدات الجيش اليمني (القوات البرية) إلى قوات ضاربة بحرية وقوات للدفاع الساحلي وخفر للسواحل تتمركز مقراته ومعسكراته الرئيسة على طول الشريط الساحلي والجزري ضمن إطار إستراتيجية وطنية أمنية متكاملة الأبعاد كما سوف نشير إليها في مقالات لاحقة بهذا الشأن.

-يعني في أحد أهم جوانبه الرئيسة إن اليمن يصبح بمقدورها فرض سيطرتها شبه الكاملة على حدودها البحرية وبالتالي ضمان تأمين مياهها الإقليمية وثرواتها البحرية وحماية مقومات أمنها القومي، وصولا إلى حماية خطوط الملاحة البحرية الدولية على طول الـ2500 كم2، وبالتالي رفع العبء الأمني والمالي (الذي تقدره بعض المصادر بمليارات الدولارات سنويا تصرف لحماية السفن العابرة لها) بصورة شبه كاملة عن كاهل كافة القوى الدولية والإقليمية صاحبة المصلحة الحيوية منذ بروز ظاهرة القرصنة البحرية في العام2007م على أقل تقدير.

-وهو الأمر الذي سوف يمكن القوات المسلحة اليمنية من تغطية الجزء الأكبر والمهم من احتياجاتها وبالتالي رفع عبء كبير جدا عن موازنة الدولة - وفقا- لطبيعة وحجم الضرائب التي سوف تقوم بتحصيلها من كل السفن العابرة ورفد خزانة الدولة بنسب مهمة منها (وهي مبالغ محدودة لا تساوي شيء بالمقارنة بما كانت تتحمله الخزانة الدولية لحماية سفنها، سيما في حال علمنا أن الضرائب التي تتحصل عليها الحكومة المصرية من قناة السويس تغطي ما يقارب ثلثي الميزانية السنوية بحسب المصادر).

-في حين يدور المحور الثاني حول ما يمكن أن يمثله هذا التحول من إيقاف نسبي شبه كلي لحالات الاستنزاف الحادة الحاصلة في موارد وإمكانات البلاد في اتجاه بناء وتطوير قواتها البرية وترسانتها التقليدية بدون أية جدوى تذكر كما أشرنا إلى بعض أهم مؤشراتها الرئيسة في مقالاتنا المنشورة تباعا، وإعادة توجيهها صوب بناء قدراتها العسكرية البحرية، التي سوف تستوعب الجزء الأكبر والمهم من قدراتها البرية الحالية بما يضمن لها مرونة وانسيابية في التحول الكامل نحو دولة مدنية حديثة لها كيان بحري متكامل.

-يغطي كافة المهام الوطنية بهذا الشأن على حساب صنف القوات البرية؛ من خلال إعادة هيكلة وتوزيع القوات المسلحة اليمنية والبرية الحالية منها- بوجه خاص- (أفرادا، أسلحة، عتادا،...) إلى قوات ضاربة بحرية ودفاع ساحلي- بالدرجة الأساس- ضمن استراتيجية عسكرية وطنية طموحة جدا معدة لمثل هذا الغرض سلفا تفتح أبواب الاستثمار على مصراعيها أمام ولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها، فضلا عما سوف يترتب على ذلك من تغييرات جذرية في مضمون وشكل الاتفاقيات ومن ثم مجرى الصفقات العسكرية الماضية والحالية والمقبلة

-وبالاستناد إلى ذلك نصل إلى المحور الثالث الذي يدور حول أهمية لا بل وضرورة أن تتحول المؤسسة العسكرية اليمنية إلى رافد محوري وأساسي من روافد التنمية بكل أبعادها، بدلا من بقائها مجرد عبء ثقيل جدا على كاهل البلاد، سيما أن هذا الأمر سوف تتضح معالمه الرئيسة أكثر عند خوض مضمار الصناعات البحرية سواء أكانت العسكرية التي تؤهلها لتلبية احتياجاتها ابتداء من سفن ومعدات وعتاد...الخ وصولا إلى منشات ومعامل لإصلاحها وإدامتها.

-ومرورا ببناء أحواض عسكرية عملاقة لإصلاح وإدامة السفن العسكرية والتجارية العابرة وبناء استراحات للسفن وطواقمها على كافة الأصعدة، وانتهاء بخوض غمار المشاريع الإستراتيجية (الاقتصادية، السياحية، والإنشائية، الصناعية، الزراعية، الغذائية، التجارية،...)، على خلفية أن اليمن تمتلك تجربة مهمة بهذا الشأن تجسدت أبرز معالمها الرئيسة في عقد الثمانينيات من القرن الماضي.

d.tat2010@gmail.com