مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
مشكلتنا في البلدان العربية أننا نتعامل بنظرة دونية مع العديد من المهن الشريفة وتتوسع قائمة هذه المهن في اليمن فتشمل تقريبا كل المهن ما عدا التبطل والنهب والسرقة والفساد فهذه إن جاز لنا أن نسميها مهن هي المؤهل الحقيقي للارتقاء في السلم الاجتماعي والوظيفي في بلادنا التي أخذت أسوأ ما في ماضينا وعملت على تكريسه .
البعض لا زال يرى في مهنة عامل النظافة عيب اجتماعي أو حتى لعنة عرقية مختصة ببعض الفئات الاجتماعية ( المهمشين السود , وان كان الجميع في بلادنا مهمشين إلا قلة) ويرى في هذا العمل ما يهين الكرامة وحتى مطالبته بمجرد السلوك الحضاري السوي بإلقاء القمامة في أماكنها المناسبة هو أيضا تعدي على كرامته المزعومة , كنتيجة لثقافتنا التي تمجد الوسخ وتحتقر النظيف على المستويين الواقعي والمعنوي والبعض يمارس هذه النظرة الدونية بطريقة أكثر حداثة ولطافة عن طريق تنازله وتكرمه للقيام بهذا العمل الذي يحتقره من داخله ليبين كم هو متواضع ورائع (مع احترامي للمخلصين ).
ومع تدشين هذه الحملة تراءت لي عدة مشاهد مهينة للكرامة فعلا ولكننا نتقبلها بصدر رحب :-
الإهانة الأولى في خضم الحديث عن رفع القمامة والقضاء على المزابل يضع الناس على بصرهم غشاوة كي لا يروا هذه الأعداد المتزايدة لمن أصبحوا يقتاتون من القمامة في بلادنا هذه الظاهرة التي بدئت على استحياء قبل عدة سنوات وعلى طريق البحث عن المخلفات التي يمكن بيعها ثم تطورت للبحث عن الطعام وكانت تجرح كرامتنا وقتها وتشعرنا بالإهانة الجماعية أصبحنا الآن أكثر تكيفا معها برغم انتشارها ولم تعد تؤثر فينا بل ربما اعتقد بعض أهل الغنى الفاحش ( من أموال الدولة طبعا ) أنها تمثل مشاركة ايجابية في المجتمع بان يلقوا بواقي ترفهم وإسرافهم ليقتات منه أولئك المعدمون وربما احتسبوا فيهم الآجر والصدقة من مزابلهم ,,ولكنا يجب أن نشعر بالاهانة من هكذا منظر ولا ادعي أن اعرف شعور أولئك اليوم وهل يقولون ليتهم ما نظفوا .
الإهانة الثانية : لازالت دماء المحامي حسن الدولة ساخنة لم تجف وهي تلطخ غرفة نومه كما لطخت دماء الشهداء شوارع العاصمة التي يراد تنظيفها فهل تستطيع هذه الحملة أن تمحي أثار الجرائم وهل ستشمل حملة التنظيف صور المخفيين والشهداء التي تزعج جمال الجدران , ألا يشعرون بالاهانة عندما يتم صرف أنظارهم عن هذه الفضائع لتتم عملية كنس العقول (على وزن غسيل العقول ) خدمة لأغراض دعائية تلميعية وما هو شعور أهالي الضحايا الذين فقدوا أحبتهم ودمرت بيوتهم لتوسخ أثارها الشوارع أمام سيارات الأثرياء فتزعجهم ألا يقولون أيضا ليتهم ما نظفوا وصرفوا جهدهم ليقفوا معنا في اخذ حقوقنا وحقوقهم .
الاهانة الثالثة : في ظل أكوام القمامة التي تزكم برائحتها الأنوف هناك أكوام من الفساد تتفوق عليها وكيف يمر تصريح وجود الآلاف المجندين الوهميين ومئات المليارات من الفساد في المؤسسات العسكرية ناهيك عن المدنية والنفط والشركات التي تنهب هذا الوطن بشكل منظم ومنهجي لصالح مجموعات معينة ولا يستدعي ذلك الشعور بالحماسة لعمل حملة نظافة لكنسهم الطغاة وأذنابهم الفاسدين بدل التلميع الزائف الذي يشبه كنس الغبار تحت السجادة لإخفائه عن العين دون أن يعني ذلك نظافة حقيقية .
الاهانة الرابعة : وهي إهانة لذكاء المجتمع وللعقول والفكر مع ما يتسرب من أرقام عن تكلفة حملة النظافة ( التلميع ) ومرافقتها الحملة الإعلامية , وهل هكذا تكون الطريق لنظافة العاصمة فالأجدى ان يتم صرف هذه الملايين على جهاز النظافة في الأمانة بشكل سليم وتم حل مشكلات عمال النظافة مع التثبيت التي دفعت عمال النظافة للإضراب أكثر من مرة وكذلك زيادة عدد العمال والسيارات وإذا زاد الفائض ليتم صرفه على المشاركة المجتمعية والدعاية الإعلامية والتوعية فليكن عن طريق دعم الفئات الأكثر فقرا وتوزيع كتب مدرسية وشنط وحتى وجبات على المدارس الحكومية ولا يمنع أن يكون عليها ملصقات وتعليمات للحفاظ على النظافة .
فالدور الحقيقي للمواطنين في عملية النظافة هو أن يقوموا بإلقاء القمامة في أماكنها المخصصة التي توفرها الدولة بواسطة الخدمات البلدية وتقوم الدولة بتنظيم وتحسين جهاز النظافة لتجميع ورفع تلك المخلفات بكفائة وفي أوقاتها وليس دور المواطنين القيام بدور السلطة المحلية والخدمات البلدية في جمع المخلفات وهذه الأجهزة وإدارتها يقبضون رواتبهم للقيام بذلك( في دولة مؤسسات ) .
وهناك مخالفة أدارية أخرى وبينما الحملة محمومة أيضا للحديث عن أضرار القات وقوانين مكافحته في ظل الاستقرار غير المسبوق الذي نعيشه وانه السبب في ضياع ساعات العمل ألا يعتبر القيام بحملة نظافة في أوقات الدوام الرسمي ضياع لأوقات العمل والدراسة لمجرد القيام بذلك في تاريخ 12\12\12 حيث أن الخدمة المجتمعية تكون في الإجازات وأوقات الفراغ خارج الدوام الرسمي .
- كل ذلك جائز في اليمن التي تكون فيها لجان مكافحة الفساد مدخل لنهب المال العام وزيادة الإفساد .
- لا شك أن تفعيل المشاركة المجتمعية وجهود خدمة المجتمع والعمل التطوعي هي خطوة في الاتجاه الصحيح ولكن يجب الابتعاد عن الاستغلال السيئ والتشويه للتجارب والنماذج الناجحة حتى لا يفقد الناس ثقتهم بها كما فقدوا ثقتهم بالعديد من القيم والمفاهيم الايجابية الأخرى بسبب سوء الاستخدام والتوجيه .
تحياتي واحترامي ليس لأولئك المشاركين في حملة التلميع أمام الكاميرات وليس للسماسرة الذين قاموا بحملة توضيب وتنظيف الفواتير الخاصة بحملة النظافة , ولكن للكادحين من عمال النظافة بزيهم النظيف من الفساد رغم الغبار والأتربة العالقة علية وقبعاتهم البسيطة التي لا تكلفنا الشيء الكثير عكس قبعات العسكريين الوهمية التي يمتص دمائنا باسمها , تحياتي لمن فقدناهم عندما مارسوا حقهم بالإضراب وعرفنا كم ندين لهم .
ألف شكر لكم واصلوا عملكم ولا تفرطوا في حقوقكم ولا تنزعجوا منا إذا بدئنا منذ الغد بإلقاء القمامة في الطرقات ففي الغد لن تكون هناك كاميرات لنتباهى أمامها وستكونون لوحدكم.