المهنية.. سمة الإعلام الوطني
بقلم/ إبراهيم الشجيفي
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 25 يوماً
الجمعة 29 مارس - آذار 2013 05:51 م

عندما أحاول أن أكتب عن وطني وحاله أي فحوى فإنني على درجة عليا من المخاطرة بنفسي.. هكذا حال كل من أراد أن يكتب عن وطنه فحتما تحفه المخاطر جراء ما تخطه أنامله، وتراوده الأوهام حول قناعة أطراف باتت تكرس ذاتها للانحناء بالوطن والعمل على صياغة سلبية له وللمستقبل والتقدم والنماء، فلا نملك ـ نحن الإعلاميون ـ إلا أن نصم آذاننا ونضغط بزناد أقلامنا لتخط بكل اللغات وعلى اتجاه السطور مجبرة بإيماننا الراسخ وولائنا لله ثم لأوطاننا وعقيدتنا الأدبية لطرح أفكارنا بمدنية راقية ومهنية عالية لأننا نرى أنه من الضروري تسخير الإعلام في خدمة المصلحة العامة للوطن والمواطن كونه مسألة جوهرية باعتباره اليوم يشكل موردا أساسيا من الموارد العامة للبلد وسلاحا فعالا في إنجاح الحوار.
 إن في بلادنا الحبيبة(اليمن) بربوعها فئة لا زالت تتربص بنا الدوائر.. تكره أن ترى صحفيا أو إعلاميا ولو أن يكون حاملا سلاح البندقية على أعتاب المسجد الأقصى.. فئة باتت تكره الحروف على الأسطر بل تخشاها خشية القرد من قسورة.. لا لشيء إنما فقط لمعرفتها بمدى قبح أفعالها تجاه الوطن؛ لأنها تعرف أن الوطن ملك الجميع ولأن الصحافة وحدها من يكشف المستور حين يغيب الأمن وتستشري الفوضى.
الإعلام الصادق والمهني ليس الذي يكتب ما تراه الأعين فقط ويجيب على السؤال(ماذا)، وليس من المهني أن ترى وطنك يُدمر فلا تعمل سوى أن تكتب المنظور، ولا بأن تزين القبيح وتصفق للأخطاء، إنما المهنية هي أن تدرك حقيقة ما ترى فتجيب على أسئلة(ماذا ولماذا) وتكتب ما وصلت إليه بأحرف مضيئة وشجاعة.. المهنية أن تخاطب كلماتك المواطن البسيط وكافة الشرائح الإنسانية بأخبار وطنك وما يدور في شأنه من منافحة الوطنيين وكيد الحاقدين فيجد القارئ حلا لمسألة الوطن التي برهنتها مهنية الإعلام ومصداقيته.. وهذا ما لمسناه أخيرا في وطننا الحبيب(اليمن) خاصة بعد أن تحررت وزارة إعلامنا من قبضة العصابة والإطاحة بترسانة إعلامية ملفقة كان يقف خلفها صاحب الظل الأسود لطالما حاول التستر بلباس الوطنية والولاء الزائف كالحية تأكل أبناءها بتظاهر الحب الشديد لها والخوف عليها من العدو الخارجي.
الشعب اليمني بعد ثورته السلمية أصبح متمرسا بقدرته على الكشف والتمييز بين الغث والسمين وبين الخبر والإشاعة في الإعلام وبات المواطن اليمني يقرأ الخبر من مصادر متعددة إلا أنه يفضي إلى تحليل واحد يتقارب فهمه كثيرا مع فهم الآخرين؛ لأن الوسائل الإعلامية التي أنتجتها الثورة الشبابية يرتكز جل عملها على مبدأ الحياد والمهنية عكس ما كان عليه إعلام السلطة السابقة من تبعية مفرطة لأسرة عاثت في الأرض فسادا وطغى كذبها أقوالا وأفعالا، ومع استقلالية وزارة الإعلام فقد أوجدت سقفا مرتفعا من الحرية تغرد فيه شرائح إعلامية واسعة من كافة الأحزاب والأطياف والمذاهب وكل إناء بالذي فيه ينضح، إلا أن المهنية هي الصفة التي تفردت بها وسائل إعلام الثورة تتجلى في نقلها للمعلومة والحقيقة من رؤية وطنية يرى فيها المواطن المتلقي مسار واتجاه وطنه وتتجلى أيضا في تعايشها بجوار تلك الوسائل التي تتبع أفرادا بعينهم والتي تستعين بجزء من معلومة أو خبر لإيصال هدفها بالصورة التي تريد وبالشكل التي تريد وتجعل من تلك المعلومة أو الخبر وسيلة للقضاء على المهنية بل على الوطن بأكمله بدليل نظرتها للحوار الوطني من منظور تشاؤمي سيء يتمنى لليمن وأهله الفشل والانهيار.
اليوم تبدو اليمن كما وصفت بالإيمان والحكمة مع أن الإعلام مدفوع الأجر لازال مكشرا أنيابه للنيل من سمعة البلد الطيب إلا أن الإعلام النبيل من صحف وقنوات وحسابات ومجموعات وصفحات في مواقع التواصل ـ وإن قل عددها وضعف دعمها ـ فهي ترجح كفة الميزان، فقد أظهرت اليمن متحاورا كأخوة طغى حبهم لبعضهم على كل المصالح ولأول مرة يظهر للعالم فئات اختصمت ردحا من الزمن وبدا الاتفاق يغلب الحوار في بدايته، فقيم المدنية صارت أسس حياتية يحتذي بها الشباب المخلص وعلى ضوئها يصدح بعد أن يكد ويكدح لأن إعلامنا الحر والمحايد هو مجموعة من الأنفس الطيبة والأقلام الواضحة التي أحبت الوطن ولكن بطريقة مختلفة.