27 ابريل بين التبرير والتضليل
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و يوم واحد
الثلاثاء 30 إبريل-نيسان 2013 04:22 م

كثر الخلط في تشخيص أسباب حرب صيف 1994م وملامح هذه الصفحة السوداء في التاريخ اليمني وفقاً للأيدلوجية السياسية لكل شخص او حزب يخوض في تحديد المسئول عن تلك الحرب وما أنتجته من تراكمات وتداعيات خطيرة شوهت كثير من مفاهيم ومبادئ البنية الاجتماعية والسياسية اليمنية التي خاضتها الحركات الوطنية من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية اليمنية في ظل احتدام الصراعات السياسية في اليمن .

لكن تظل الخطوط العريضة لواقعنا اليمني التي رسمها تجار الحروب وأمراء القتل والدمار هي من تفرض نفسها بغض النظر عن من يحاول ان يسوق او يسوف حماقة من ارتكبوها ... وبالرجوع إلى العليان (الأبيض والأحمر) مع اندماج لونيهما لنخرج بلون ثالث وهو اللون الأسود المعبر عن ما وصل إليه الشعب اليمني لتكتمل لوحة فنية تمتزج بألوان العلم اليمني (الأحمر-الأبيض-الأسود) .

يتحمل علي صالح و البيض جزء كبير من ما وصلنا له اليوم من حال صعبه داخل اليمن وخارجه نتيجة لما ارتكباه في حق الشعب اليمني خصوصا المخلوع علي صالح الذي يحمل تاريخا وأرشيف اسود مليء بانتهازيته وفساده وإضعافه لليمن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا .

يغلب عند الكثيرين عند ذكر 27 ابريل والخوض في مسبباتها ونتائجها مصطلح حرب الشمال ضد الجنوب وهنا يكون لنا نقطة نظام لا بد من توضيحها وإزالة اللبس الحاصل بسبب التسويق الإعلامي والحزبي للبعض متجاهلين صراع المصالح وحرب الأيدلوجيات السياسية والإقصاء الفكري بين مدرستين طرفها الأول المؤتمر الشعبي المتمترس خلف القبيلة وعسكرتها وتخلفها المحاطة بتيارات دينيه أصوليه جعلت من الدين مخرجا سياسيا لتحقيق مكاسب النخبة الحاكمة .. وطرفها الثاني الحزب الاشتراكي الذي ظل متقوقعاً خلف أبجديات العقدية الماركسية والتطرف الفكري الإشتراكي الإقتصادي الذي خالف حقيقة وواقع بنية وتركيب المجتمع اليمني وكان سببا في مشاريع التفكيك السياسي والاجتماعي حتى فقد السيطرة على حكم الدولة بسبب سياسية الرؤية الواحدة التي كلفته الكثير وأفقدته توازنه وحتى وصلنا إلى صراع النخب داخل أجنحة الحزب من اجل السيطرة و مجزرة 13 يناير 1986م جزء منها .

حملت حرب يناير 86م تبعاتها واستخدمها العليان الأبيض والأحمر...... فبعد وحده طوعيه في 22 مايو 1990م كان حلم الاستفراد والسيطرة ملازما لنظام صالح وكان الجو السياسي ملائما لعملية استمرار الإقصاء السياسي وتصارع الأفكار وكل هذا كان ضد استقرار الشعب اليمني الذي ظل دوما وقوداً لإشعال الحروب تحت سلطة تجار الحروب .

يحلو للبعض وصف 27 ابريل وجعله صراع شمالي جنوبي ولكنه ليس بالمفهوم الصحيح والمقبول فمن حسم المعركة على الميدان في اقل من 60 يوما هم من تيار علي ناصر الذين نزحوا بعد حرب 86م إلى شمال الوطن... كيف يكون مفهوم حرب الشمال والجنوب صحيحا ومقنعا و علي صالح كان يقاتل بقادة جنوبيين سياسيين وعسكريين ومنهم الرئيس السابق علي ناصر محمد والرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي و عبدالقادر باجمال وغيرهم .

فلا يوجد مبررا مقنعا لتسويق الصراع السياسي تحت منطلق مناطقي بين الشمال والجنوب... فأين المصداقية في تصوير الحرب التي تزعمها حزبيين شموليين ومعسكرين مختلفين سياسيا وجعلها حربا بين الشمال والجنوب . فعند الوقوف عند مثل هذه المحطة التاريخية يجب الإخلاص المطلق في توضيح كثير من القضايا والملفات السياسية المرتبطة بها ليفهما ويدركها الجيل الحالي والقادم والتي تكشف وتعكس حقائق من تربعوا على حكم اليمن من اجل الاستفادة من تلك التجارب والحرص على عدم تجريب المجرب في المستقبل .

أخيرا .......نقول لا يصح إلا الصحيح وبعيدا عن العصبية وتداركا لأخطاء الماضي وعدم تكراراها وتتبع خطوات من كانوا سبب فيها ... لابد من استمرار المطالبة بالحقوق بعيدا عن شرار العنصرية والمناطقية والكراهية والعداء حتى لا ندخل جميعا في نفق مظلم يحجب عنا الحصول على حقوقنا ومعالجة جروح الماضي.

فإستمرار صناعة الأزمات والتقليل من مخاطرها سيدمر الجميع فلا استقرار في اليمن حتى تكون ثقافة الشراكة هي السائدة على سياسية الحروب المتكررة واسترخاص دماء اليمنيين واستدرار عواطف الناس المظلومة والمكلومة من هيمنة نظام صالح الطغياني بعد حرب 1994 والتي أسهمت في تفريغ الشعب اليمني من مفاهيم العدل والمساواة والشراكة الى مفهوم جديد يوفر المناخ السياسي لمشروع التوريث وتكريس نهج تصفية خصومه بالطرد والابعاد من الوظائف والعزل عن المناصب وتسخيرها حسب مبدأ الولاء لمشروع التوريث .

وحتى نستعيد معنى الوحدة اليمنية لابد من تنفيذ النقاط العشرين وإعادة الحقوق المسلوبة إلى أهلها لمعالجة الجراح ومعافاة الأرواح وجعل الوطن يعيش بإرتياح في ظل عدالة يحلم بها الجميع .