مُخرِّبون يستحقُّون الإعجاب..!!
بقلم/ ياسين الرضوان
نشر منذ: 11 سنة و شهر و 14 يوماً
الخميس 10 أكتوبر-تشرين الأول 2013 04:41 م
قبلَ أشهرٍ قليلةٍ من اليوم، وجهاراً نهاراً دَلَفَتْ قدما سياسيِّنا الكبير ، المُخضرمُ والرَّجل الثَّاني في الدَّولة ، إلى بوَّابة العجز مُعلناً حالةً هي أسوأُ من حالةِ الطَّوارئ، ومُدلياً باعترافٍ ثخينٍ صريحٍ ، ودون أن يُخالطهُ شكٌّ (بأنَّ شوكةَ المُخرِّبين أقوى وأعلى شأناً ومكانةً من شوكةِ الحكومةِ المُبجَّلة )، صاحبةُ الميزانيَّة والإنفاقِ الباذخِ والمهول ، المصحوب بآلةِ العجزِ والخِزي الذي تجرُّ بهِ خُيَلاءَها ،الذي لاتفوحُ منه سِوى رائحةُ المُحَاصَصَة والتَّقسيمِ الأَبلهِ والأبلدْ، والذي من شأنهِ أن جَعَلُ البِلاد على كفِّ عِفريتٍ يُقلِّبها متى وكيف شاء . في هذا البلد الغريب الأطوار ،الذي تعيش فيه كلُّ عفاريت الكون الغريبةِ ، والمقلوبةِ رأساً على عقبْ ، كلُّ شيءٍ يسيرُ على عكس ما يُرام ، والأكثر غرابةً فيها ، هو أنَّ كلَّ فِرقٍ يُمارس المُراهقة أكثر من الفريق الآخر ، بأبهى صورةٍ يَرسُم التَّخلُّف نفسه على هذا النَّحو ، والتِّقدم بطريقة الرَّكض بالبلادِ والعبادِ إلى هاويةِ الهاوية ، وفي الأخير نتيجةٌ مأساويَّةٌ ، لن يدفع ثمن ضريبتها إلَّا ذلك المواطن المعلولُ ، بأطماع مراهقين يتحكَّمون بدفَّة السِّياسةِ وأَقْدَارِها ، غير آبهين بشيءٍ عدى مصالحهم المحصورة ( بينهم وبين ذواتهم ). إذا استمرَّ الحال على ما هو عليه من قطعٍ للكهرباء يُرهق المواطنين ويزهقُ أرواحهم قبل ساعاتٍ طويلةٍ من اللَّأواء والعذاب ، وخاصَّةً في المحافظات السَّاحلية ، كـ"عدن" المُصابة بالتهابات "مُخرِّبي مأرب" الحادَّة ، والتي - أبداً - لا تكفُّ عن تقديم قرابينها وصلواتها اليوميَّة صوب عرشِ المُخرِّبين "الإنطفاءات المتواصلة" ، الذين يتحكَّمون بأقدارها حتى لو كانوا بعيــــــــداً عنها ، فخرابهم لا بدَّ واصِلٌ واصِلْ . إنَّه لِزاماً علينا أن نسمعَ لما يقوله المخرِّبون ،وأن تقوم القبيلة بدور الدولة ، والدولة بالتأكيد تعرف ما الذي يجب عليها فِعْلُه ولا داعي لأن نقول .. ، طالما هي لم تستطِع فرض هيبتها على الأرض ، وطالما هي لم تستطع ضَبْطِ إيقاعاتِ المخرِّبين، عندما يُكسِّرون لها أجنحتها وأنابيب نِفطها ، ودون أن تستطيع توفير أبسط المقوِّمات لمواطنيها المحترقين من بعدها. وإلا أصبحت حينها بتعاملها السَّمجِ حَيَالَ ما يحدُثْ ، تُسِنُّ سُنن الاختطاف والابتزازِ والتَّخريبِ والتَّدميرِ ، وكلَّ ما إلى ذلك ، لتجعل منه أنموذجاً زاهياً يسلُكُه الجميع بِكلِّ أدواته وحيثيَّاتِه ،بعيداً عن طريقة تلقين نصوص القانون المبعثرة وتُرَّهاته التي لا تُطبَّق إلَّا على الضُّعفاء والمساكين، وسنستمِرُّ نحنُ بدورِنا نُغنِّي وإخوانُنَا المواطير ، أنشودة التَّخلُّف بِغِيثارةِ القبيلةِ ودفُّ الدَّولة القديم . يا كم سمعنا عن الأولوية التي تتَّجه للحجِّ صوبَ مأربَ ؛لِتُحْكِم قبضتها على مأرب هذه كما يقولون ، ويا كَم سمعنا التَّهديد والزَّمجرة والوعيد ..!، ولكن في - كلِّ مرَّة -يحدث"الانفجار العظيم"، الذي يُبشِّر بنشوء نظريَّة ارتقاء القبيلة على حساب الدَّولة ، وصار التخريب شيئاً اعتيادياً يوجب التَّعايش معه ، حتَّى أنَّه قد يُصبح ذات يومٍ عملٌ كبقيَّة الأعمال الحرَّة ، التي يُجنى من ورائها الكثير من الأموال ، أو للأسف أنَّه قد أصبح !. بسبب تلك الدولة التي أضحت كاذِبةً أمام صدقِ وعودِ المخرِّبين ، والذي ستعجبك فيهم خِصال الوفاء ، والالتزام بالوقت الدقيق حسب توقيت الخراب ،و للأسف كما تقول رسائلهم: "قطع العادة يورِّث العداوة"!، وهنا كانت ولا زالت الدولة تسعى دوماً لشراء ولاءات القبيلة ومثيلاتها ، حتَّى صار المخرِّبون لا يعرفون لغةً ، غير تلك التي عرفها الآباء والأجداد ، فصاروا لها عابدين ، وعلى آثارهم مقتدين . إنَّ هذا التعاطي البليدٍ مع ما يجري من تخريبٍ همجيٍّ وأرعن ، لا يُفرِّق بين الأشياء ، تخريبٌ يُظهر حجم الدَّولة الحقيقي ، وقوَّة سلطتها في الرَّدع، ممَّا يجعل المُخرِّبين يقيسون - عمليَّاً - مدى مقدرة الحكومة على الفتْكِ واتِّخاذِ القرارِ الخاطِفِ ، الذي يصقع ويُفاجئ أمثال هؤلاء . لإن لم تفعل الدَّولة شيئاً في هكذا وضعٍ ، ستستفحل الأمور أكثر مما هي كائنةٌ عليه الآن ، وتزيد الطِّين بِلَّة وسيحذو حذو المخربين آخرون ، في حالة استقطابٍ رهيبةٍ ، يُشكِّلون فيها بُؤراً يصعُب على الدَّولة التَّخلُّص منها في الأيَّام التي نحنُ عليها مُقدِمين ، وما تزايد "آل التَّخريب" إلا أكبر دليلٍ على ذلك (مجازاً) : آل شبوان ، آل رقيصان ، ودون أن ننسى آل كلفوت المخرِّبُ الشَّهير.. ورغم أنَّ أعمال التَّخريب لأيٍّ من ممتلكات البلد في أيِّ دولةٍ حُكمها الاعدام ، لكنَّ مخربي اليوم بشرٌ مثلُنا ، يأكلون ويتمتعون ويمشون في الأسواق مثلنا تماماً ، وأسماؤهم - إن أردت - موجودةٌ في أقرب وسيلةٍ إعلاميَّة تُطالعها عيناك ، وأخشى ما أخشاه أن يُفْتَن النَّاسُ بِهم ، فَيُسمُّون أولادهم بأسمائهم لكثرة ما يتمُّ تداولها ! في هذه الدَّولة وحدها ، الخاطِفون تُعطى لهم الفدية ، والمبتزِّون يُعطون ما يطلبون ، واللَّصوص يسرقون في وضح النهار ، والقبيلة تهزم الدولة ، والمخرِّبون تتمُّ الاستجابة لنداءاتهم وتُحقَّقُ لهم مطالبهم ، وحينها أُذِنَ لنا وحُقُّ أن نقول عنهم :" مُخرِّبون يستحقُّون الإعجاب" .. بالتَّأكيد يستحقُّون الإعجاب ، عندما يُقيمون الدُّنيا من تحتنا ، ثمَّ يعودون للنَّوم في أسرابهم آمنين مطمئنين ، لله درُّكُم من ثُلَّةِ مخرِّبين ..!!
عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
  أحمد الجعيدي
حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
أحمد الجعيدي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
إحسان الفقيه
نور الدين زنكي.. الهمة المضيئة
إحسان الفقيه
كتابات
تيسير السامعىإبراهيم الحمدي..
تيسير السامعى
صدام أبو عاصمأولمبياد بلقيس
صدام أبو عاصم
عبدالملك العصارحوار أم سوق عكاظ؟!..
عبدالملك العصار
د شوقي الميمونيتركة السيد
د شوقي الميموني
مشاهدة المزيد