ألا يخجل هذا الوزير من نفسه؟
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 15 يوماً
الثلاثاء 09 أكتوبر-تشرين الأول 2007 04:27 ص

مأرب برس – خاص

فوجئت أثناء قراءتي لتصريحات مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء أدلى بها لموقع نيوز يمن أن المصدر يكاد ينفي وجود صفقة لبناء مفاعلات نووية في اليمن بعد أن أتحفنا بأخبار الصفقة الوزير المسؤول نفسه وتناقلت تصريحاته وكالات أنباء عالمية ونشرتها معظم الصحف المحلية الحكومية والمعارضة على حد سواء.

ويقول المصدر المسؤول في تصريحه الأخير لموقع نيوز يمن الأخباري بأن صفقة الـ15 مليار دولار لبناء خمسة مفاعلات نووية من أجل توليد 5 آلاف ميجاوات مجرد "تحرير غير موفق لما تم طرحه من تخمين لحجم الاستثمار المتوقع على المدى الطويل وليس للخمسة آلاف ميجا وات فحسب"، وقال المصدر "ليست هناك صفقة ولم يتم الاتفاق على أي مبالغ تمويلية أو سعرية لأنها ستحدد من خلال دراسة الجدوى".

وحمل تصريح المصدر المسؤول تعريضا بالصحافة والصحفيين الذين تولوا كشف خفايا الصفقة، ولكنه في ذات الوقت تضمن تكذيبا واضحا لتصريحات الوزير المسؤول الذي لم نعرف قيمة الصفقة إلا من خلال تصريحاته. وإني إذ أرحب بتراجع المصدر المسؤول عن حماسه السابق للصفقه واستعداده لتغيير الشركة إذا ثبت عدم أهليتها فإني أدعو الوزير المسؤول أن يقدم استقالته بعد أن ثبت عدم أهليته في التخطيط لمشروعات كبرى تمس حياتنا جميعا كمشروع إقامة خمسة مفاعلات نووية.

وأحب التأكيد مرة أخرى أني كمواطن يمني لا يمكن أن أأتمن شركة تحوم حول رئيسها الشبهات لتنفيذ مشروع بمثل هذه الدرجة من الحساسية والخطورة، ولا يمكن أن أأتمن وزيرا وقع اختياره على هذه الشركة مهما كانت الأسباب والدوافع لتنفيذ مشروع بمثل هذا الحجم وهو لم يتمكن حتى من دراسة وضع الشركة المنفذة للمشروع.

وقبل تصريح المصدر المسؤول لموقع نيوز يمن كان قد نشر تصريحا مشابها في صحيفة 26 سبتمبر لكن الصحيفة سحبت التصريح بعد نصف ساعة من نشره، لأنه تضمن توريطا للسفارة اليمنية في واشنطن في صفقة تؤكد معلوماتي أن السفارة كانت بمنأى عنها، كما تضمن التصريح زعما بأن السفارة الأميركية في صنعاء والحكومة الأميركية نفسها تدعم الشركة المشار إليها وهي معلومة عارية عن الصحة تماما.

وأما عن قول المصدر المسؤول أن الصحافة ركزت على خلفية مالك الشركة كونه من أصل يمني وتجاهلت الشركاء الآخرين الخليجيين والأميركيين، فأحب أن أذكر للوزير المسؤول أن الصحافة ليس من واجبها الحديث عن خصوصيات الأشخاص أو الحديث عن ماضيهم بغرض الإساءة ولهذا تم الإكتفاء بالحديث عن رئيس الشركة بما يتعلق بالموضوع ذاته وما عداه من الأشخاص لن يكون سوى تحصيل حاصل، ومهما توفرت من معلومات عنهم فإنها إن لم تكن مدعمة بالوثائق فلا طائل منها، ولهذا جرى الإمتناع عن الحديث عنها، ويكفي أولئك الأشخاص وصمة تواطئهم بالشراكة مع شخص تحوم حوله الشبهات وفقا لوثائق تجنب المصدر المسؤول الرد عليها.

وأحب تذكير المصدر المسؤول أيضا أن الوزير المسؤول زار أميركا وكندا أواخر العام الماضي في إطار خطته لإيجاد شركة تقبل بمشروعه المثير للجدل، ووفقا لمصادر موثوقة فإنه دأب على الحجز في فندق ما والسكن في آخر، كما كان يحجز للسفر عبر شركة طيران معينة ويشتري تذكرة من شركة أخرى، وأثارت سلوكياته هذه وحساسية المشروع الذي جاء من أجله اشتباه السلطات الأميركية والكندية على حد سواء.

وبسبب هذا الاشتباه ذكرت مصادر مطلعة أن الخارجية الأميركية وجهت رسالة للسفارة اليمنية بواشنطن للاستفسار عن طبيعة المهمة التي جاء من أجلها فلان الفلاني، واتضح أن السفارة لا علم لها بمهمته، كما أن الخارجية اليمنية رفضت منحه مذكرة تشرح طبيعة المهمة بحجة أن مجلس الوزراء لم يوافق بعد على المشروع فما كان من الوزير المسؤول الذي كان وقتها عضوا في لجنة الطاقة إلا أن حرر مذكرة لنفسه لم تعفيه من وضع نفسه موضع الشبهات، فاضطر للعودة الفورية إلى اليمن بعد أن شعر أنه موضوع تحت المراقبة وفقا لما أقر به بنفسه لأحد المصادر.

وهناك تفاصيل أخرى كثيرة ، لا مجال لذكرها، ولا تكشف الغموض السائد عن طبيعة المشروع وأسرار الصفقة، ولكنها تؤكد أن عراب الصفقة يعيش اضطرابا وهوسا، ولا يجب تسليمه مشروعا نوويا في وقت نحن في أمس الحاجة فيه لمصنع للشموع وليس لمفاعلات نووية.

ألا يعرف الوزير المسؤول أنه سافر إلى أميركا وكندا لعقد الصفقة على حساب المواطن اليمني الفقير الذي ينتظر مشروعا معقولا للإنارة، ولكن هذا الوزير جاءنا بأحلام فوق إمكاناتنا وفوق إمكانات الشركة التي تعاقد معها، ومازال مصرا ومكابرا على أنه على حق ولا تجوز مساءلته، ألا يخجل هذا الوزير من نفسه ويستقيل من منصبه.

إنني هنا لا أحمله المسؤولية ولكني أحمل القيادة السياسية التي اختارته وزيرا للتندر عليه في مجالس الرئيس ونجل الرئيس وتحميل الدكتور الإرياني تبعات اختياره. أليس بإمكان الرئيس أن يقف يوما واحدا إلى صف الشعب ويعزل وزيرا واحدا بسبب خطأ واضح للعيان؟!

إن استمرار هذا الوزير في منصبه بعد هذا الخطأ الشنيع لدليل كاف أن الرجل لم يكن إلا منفذا لرغبات قوى أكبر منه وأن الرئيس شخصيا متورط في الدفاع عن المخطئين وحمايتهم من المحاسبة، وعليه في النهاية أن يتحمل أخطاء وزرائه.