ملتقى الموظفين النازحين يتجه لمقاضاة الحكومة في حال عدم إستجابتها لمطالبهم ما الدول التي إذا زارها نتنياهو قد يتعرض فيها للإعتقال بعد قرار الجنائية الدولية؟ خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا
مأرب برس – خاص
"السائق الصغير" هو العنوان الذي سأقترحه على الإدارة العامة للمرور لو طلبت مني الإشراف على إصدار مجلة خاصة بها، وفي هذا بالطبع تسليم ضمني بأمر أصبح واقعاً ولا نعلم حلولا له؛ عنوانه طفل يقود مركبة بمفرده أو تحت إشراف والده وحمايته في خرق مشاهد وواضح لأبسط قواعد المرور وتهديد أوضح لحياة السائق ومن معه ومن يستخدمون الطريق مثله.
وإذا أردنا ترتيب محتويات مجلة "السائق الصغير" هذه فسنجد أنها تحتوي أركاناً ثابتة منذ زمن لم نلحظ بكل أسف أي تغيير فيها، هي أركان الطفل السائق، والأب الحامي، ورجل المرور المغلوب على أمره، والقانون المعطل لا يحكم الانفلات أو التسيب في تطبيقه بل لأمور أعترف بجهلي لها.
"الطفل السائق": هذا الركن بطله الأساسي طفل ربما تجاوز عمره العاشرة بقليل إلى السادسة عشرة في أفضل الحالات، يسلمه أبوه "هدية الموت"، وهى هنا سيارة سخرها الأولياء لتفريغ شحنات المراهقة في نفس طفلهم ولإثبات رجولته - لهم ربما قبل الطفل نفسه- وعلى حساب سلامته الشخصية وأمن من حوله.
إن أي صحفي سيكلف بتحرير هذه الصفحة سننصحه بالرجوع دون عناء إلى عشرات القصص المحزنة والمأساوية التي راح ضحيتها أطفال أبرياء بمفردهم أو مع من يرافقونهم، ولا ذنب لهم سوى أن استجاب الأب لهاجسٍ ما في نفسه، وقد صدّق الطفل هذا الهاجس فراح ضحيته.
"الأب الحامي": يكون عادة رجلاً نافذاً سياسياً أو عسكرياً أو قبلياً والأسوأ أن يكون رجل أمن في سيارة تحمل رقم شرطة (لأنه مكلف أساساً بتطبيق القانون لا خرقه)، أو قد يكون ثرياً أو رجلاً عادياً لديه الاستعداد للقتال وتحمل نتائج يجهلها مقابل أن يجلس جوار ابنه "الطفل السائق" ليدهسان في طريقهما كل قوانين المرور ولوائحه، ويرفعان ضغط الدم لكل سائق في الجوار أو رجل مرور لا يملك سوى أن يعطي بكل أسف إشارة السماح بالمرور للطفل السائق وأبيه "المهنجم".
"رجل المرور المغلوب على أمره": على خلاف الصورة التي يحملها البعض عن بعض تصرفات رجال المرور، أعتقد شخصياً أن رجل المرور يستمد مهابته من مهابة المؤسسة التي ينتمي إليها، وهو هنا ينتمي إلى منظومة كاملة معنية بتطبيق القوانين وفرضها ورسم السياسات ومساءلة المقصرين في تنفيذها، فماذا نقول لرجل مرور سعى يوماً إلى تطبيق القانون بحق أحد السائقين فوجد نفسه بمأزق لينال عوض المكافأة العقوبة مجاملة للسائق الذي له يد طائلة أو وساطة نافذة؟ ثم من يحمي رجل المرور إن أصر على تفعيل القوانين وقد سمعنا فيما سبق عن رجال مرور دفعوا حياتهم ثمناً لإرادتهم في تطبيق اللوائح المرورية بصرف النظر عن الطريقة التي سلكوها؟. باختصار: إن رجل المرور بحاجة بكل بساطة إلى دعم سياسي وأمني من العيار الثقيل يحسن من وضعه الاجتماعي أولا ويتيح له أن يستعيد هيبته المطلوبة ليقوم بواجبه بشكل صارم وآمن.
"قانون المرور": هو وثيقة ثرية ورائعة تضم إلى جملة أفضل القوانين اليمنية التي تعد، دون مبالغة، الأفضل في المنطقة العربية، ولكنه للأسف لا ينفض عنه الغبار كما نلاحظ سوى في الأسابيع المرورية ثم يعود أدراجه إلى السبات من جديد.
وقبل أيام طالعنا خبراً يدمي القلب عن إزهاق حادث سير لحياة عدة أشخاص بسبب " السائق الصغير" وما لفت انتباهي هو مناشدة مدير المرور في المدينة المعنية للآباء ألا يسمحوا لأبنائهم بقيادة سيارتهم! ألم يكن مفترضا أن نفعّل قانون منع سياقة صغار السن وأن يؤدي رجل المرور حينها واجبه بمنع الطفل من السياقة وإيقافه بحزم أيا كان والده نافذا أم مواطنا عادياً فينقذ الأرواح التي ذهبت سدى؟؟
وهنا لابد من الإشارة إلى مسألة الجاهزية أو استباق الحوادث في المسألة المرورية !! فقد شعرت بالارتياح يوماً حين أعلن الأخ وزير الداخلية قبل سنوات قليلة أن الوزارة انتقلت من مرحلة معالجة الجريمة بعد وقوعها إلى مرحلة منع الجريمة قبل وقوعها واستباق حدوثها، فلماذا لا يتم تطبيق هذا المبدأ في المسألة المرورية خاصة أن نسب حصدها للأرواح والممتلكات تزيد من سنة إلى أخرى بصفة مقلقة ولافتة ومحيّرة.
وفي حيرة من أمري شديدة يعنّ لي أيضا أن أطرح على راسمي السياسات الأمنية المرورية خاصة تساؤلاً أجده مهماً: لماذا لا تتوفر الإرادة نفسها التي نجحت في فرض منع السلاح في عواصم المحافظات من أجل التطبيق الصارم لأنظمة المرور ولوائحها والتوعية بها ؟
يجب أن تؤخذ المسألة المروية بعناية قصوى في ظل ارتفاع الأرقام المفزعة عن عدد ضحاياها كل عام، ليس لهذا فحسب؛ فمنذ أن بدأت أقود سيارتي في صنعاء قبل سنتين تقريباً تعلمت ودون أن أطالع أي مراجع طبية أن السياقة في صنعاء أصبحت من الأسباب الرئيسية للإصابة بأمراض القلب والشرايين وضغط الدم والجلطات والسكري، وأنه أصبح من المفروض وضع هذا التحذير على كل سيارة تباع أو رخصة تصرف، فالسياقة في شوارعنا لا تعدو عن كونها بالفعل " عملية دفاع عن النفس " لا تشعر معها بمتعة السياقة المتوقعة بل بالارتياح فقط لأنك عدت إلى بيتك سالماً.
فكم مرة كدنا أن نتعرض إلى مشاكل خطيرة لا حصر لها مع سائقين غيرنا باتوا يؤمنون أن قيادة السيارات لابد أن تستند إلى قاعدة "خالف تعرف"، مما يهدد العلاقات بين السائقين أنفسهم ويولد مع الزمن حالة عداء كامنة تحل محل مقولة كدنا أيضا أن ننساها هي" أن السياقة فن وذوق وأخلاق".
لا شك أن المسألة المرورية هي أعقد مما نتصور ففيها تتضافر مقومات كثيرة من السائق الواعي ورجل المرور الملتزم والطرقات الممهدة حسنة التعبيد والسيارة الخاضعة للفحص الفني والقانون المطبق، والأهم توفر الثقافة المؤمنة بوجوب احترام الجميع للنظام بمساواة وعدل.
وحتى فترة بسيطة كنت من أشد المعارضين لما تقوم به مدارس تعليم سياقة السيارات من إعطاء الراغبين بتجديد رخص قيادتهم ساعات تعليمية إضافية، وها أنا أعلن اعترافي بخطئي وجهلي وأضع نفسي رهنا لمن يعلمني مجدداً أبجديات السياقة قبل تجديد رخصتي.
فاتني أن أشير إلى أن "سائقنا الصغير" عبر قبل قليل بسيارته من أمام شرطي المرور الذي استوقفني فجأة ليطلب مني رخصة قيادتي!! فماذا أجبته؟.
هذا السؤال سيكون سؤال مسابقة العدد الأول من مجلة "السائق الصغير" عندما تصدر وحظاً موفقاً للناجين بل أقصد للفائزين.
* خبير إعلامي ومدرب
n.sumairi@gmail.com