هادي بين خياري الوحدة أو الإنفصال من مأزق الى مخنق
بقلم/ علي بن ياسين البيضاني
نشر منذ: 10 سنوات و أسبوع و 6 أيام
الثلاثاء 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 11:02 ص
يبدو للمتتبع البسيط لما يدور فى المشهد السياسي اليمني أن خيارات هادي بدأت تضيق إلى أبعد ما يمكن تصوره ، فقد خربت الطبخة على صانعها ، ولم يعد ينفع معها تعديل أو حتى إعادة طباختها مرة أخرى ، ولذلك لو استطعنا أن نحدد خيارات هادي المتاحة في هذه المرحلة الصعبة عليه وعلى اليمن ، بعد فشل مخطط ضرب الإصلاح بالحوثيين ، نجد أن خيارات هادي بالنسبة للوحدة أو الإنفصال خيارات خطيرة ، ولذلك فخيار بقائه ضمن الوحدة ، أي أن يكون رئيسًا لليمن الموحد فهذا الأمر من سابع المستحيلات أن يتحقق ، ويقف ضده أطراف عدة ، وكل طرف له ثأرات سياسية ومناطقية وعسكرية معه ، وكل ألاعيبه السابقة مع هذه الأطراف لم تنطل ِعلى أحد منهم ، والأهم من ذلك فكل مواطني أبناء المناطق الشمالية مجمعةً على كراهية بقائه ، فكيف بإعادة انتخابه مرةً أخرى ، أما المؤتمر الشعبي العام فقد حسم المسألة مبكرًا ، وأظهر عداءه لهادي بصورة قاطعة ، وقام بفصله من الأمانة العامة للمؤتمر ، مما يؤكد أنه لن يكون مرشحها القادم فى الإنتخابات الرئاسية ، والحوثيون نجدهم بين خياري إبقاء التحالف مع صالح أو الإستمرار مع هادي لإكمال المخطط ، فالذي يمكن له أن يحقق لهم السيطرة على اليمن كاملة من الطرفين فسيكونون حتمًا معه ، وسيدعمونه بقوة ، ولن يحسم مسألتهم من أي التحالفات حتى يكونوا معه إلا ما قررته أمهم إيران ، إذن فمطلوب من هادي تقديم الكثير من التنازلات كي يحظى بقبول الحوثيين له ولو أصبح رئيسًا شكليًا لليمن ، وهذا الخيار خطير جدًا حيث قد يؤدي بهادي إلى مواجهة مباشرة مع المؤتمر كحزب ( عفاش ونظامه ) ودول الخليج وبالأخص السعودية ، وقيام حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس ، وإن لم يسر مع الحوثيين لاستكمال المخطط السابق في إسقاط الشمال ثم الجنوب معناه الدخول مع الحوثيين وعفاش ومن ورائهم إيران في مواجهة مباشرة ، وهذا الخيار أخطر من سابقه ، أما الأطراف الأخرى أقصد الأحزاب السياسية وعلى وجه الخصوص الإصلاح ، وقبائل اليمن وغيرها من المتضررين سيشاهدون ما يحصل وبصمت لأنهم غير معنيين بعصيدة هادي لأنه أوقع نفسه في حفرة أرادها لغيره ، ولن يشمتوا به لأنهم يعلمون أن الخراب سيعم اليمن بأكملها ..
بقي خيار هادي وهو الإستئثار بالجنوب والسعي للإنفصال ، ومن وجهة نظره أنه ابن الجنوب وقد نقل الألوية العسكرية ، وسيحقق لهم تطلعهم نحو الإنفصال ، كما يروج لذلك بعض الأطراف الجنوبية المؤيدة له ، وأنه أفضل خيار له في ظل اختناقه بالوضع فى الشمال ، وعدم قدرته على السيطرة عليه ، لكن هناك ما يجعل هذا الخيار ليس سهلاً _ كما يعتقد هادي _ يمكن البناء عليه من ناحية منطقية ومناطقية بغيضة ، فهادي في نظر الجنوبيين خائن قاد معركة احتلال الجنوب في 94م ، بل هو من جناح الزمرة ، وثأرات يناير لم تزل ماثلة أمام أبناء الضالع ويافع وردفان وغيرها .. إذن القبول الشعبي فى الجنوب رغم تطلعهم للإنفصال لن يكون هادي هو الشخص المقبول بتاتًا ، كما لن يقبل به جناحا الصراع الخليجي والإيراني ، فهو لن يمثل أحدهما ، فالخليجيون ما زالوا متأثرين من قيام هادي بخداعهم في إسقاط الشمال بيد الحوثيين ، وإيران لن تقبل به كبديل ليحكم الجنوب وكل الجنوبيين ترفضه ، كما أن إيران لم تقتنع إلى الآن بمساعدة البيض لإسقاط الجنوب ، باعتباره شخصية غير مُجمع عليها ، فاختارت ضمن مخططها إسقاط الشمال والجنوب معًا ليكون بيد حليفها الأقوى ( عبد الملك الحوثي ) باعتباره شخصية مجمع عليها ، وقادرة على تنفيذ اجنداتها بدقة ... ولذلك فخيار أن يفر هادي إلى الجنوب لن توافقه كذلك أمريكا وبريطانيا ودول الغرب باعتباره شخصيـــــــــة - رغم وقوفها إلى جانبه – غير مقبولة شعبيًا ، وليس لديه القدرة على القيادة السياسية والشعبية وتلبية مصالحهم السياسية والإستراتيجية واقعيًا بعد سقوط شعبيته ، ونحن نعلم أن السياسة لا تعرف المحبة والتعلق بالأشخاص لكن تعرف مصالحها فقط ، وقد يؤدي هذا الخيار إن حصل إلى حدوث حرب أهلية مناطقية تعيد صراعات يناير من جديد ، كما أن التعويل على قيام اللجان الشعبية التي تم استقدامها من أبين ولحج وشبوة غير مجدية ، ولن تحقق النجاحات المرجوة لها باعتبار أن الحوثيين ونظام عفاش لن يسمحوا لهادي بالسيطرة على الجنوب ، وعناصرهم المسلحة موجودة في عدن وخارجها ، وسينضم إليها كثير من المتضررين من هادي ونظامه ، بل يمكن أن يتم اكتساح الجنوب مرة أخرى كما حصل في عام 94م لاعتبارات كثيرة أهمها أن الإستثمارات الشمالية فى الجنوب بمليارات الريالات ، منها مدن سكنية ومصانع وشركات لا تحصى ولا تعد ، وهذا الأمر سيجعل كل الفئات المتضررة من الإنفصال تقف صفًا واحدًا ضد مشروع الإنفصال ، ولن يفعل ألف أو ألفين مسلح أو أكثر من اللجان الشعبية أمام قوة عسكرية ضاربة ، خصوصًا إذا ما علمنا أن غالبية من تم تجنيدهم من اللجان الشعبية رواتبهم قد لا تتعدى ثلاثين ألف ريال ، وفي غالبية الأحيان لا يستلمون مرتباتهم ، وأغلبية الأسماء المسجلة وهمية وغير حقيقية ( أي أنها أموال منهوبة من الذي قام بتجنيدهم ) ، أما الألوية التي يمكن الإستناد عليها فهي ليست جنوبية خالصة ، كما أنها مكلومة مما حصل لزملائهم في كثير من المحافظات من مؤامرة استهدفت حياتهم ومعنوياتهم وآلاتهم ومعداتهم العسكرية ، ولذلك لا يركن هادي أن يقوموا بأي دور معه لاحقًا ، كما أن هادي بالنسبة للأفراد الجنوبيين فى القوات المسلحة ليس بالشخصية الكارزمية الذي يمكن الوقوف إلى جانبه كمحرر للجنوب ، فهو لن يكون مثل علي البيض أو علي ناصر أو غيرهما .. ولذلك فمتوقع أن يقوم بالسماح للحوثيين وتمكينهم من السيطرة على الجنوب كاملاً ، مقابل أن تقف إيران معه ضد عفاش وعصابته ، ومساعدته في أن يكون رئيسًا لليمن ولو بصورة شكلية ، وما تعيين اللواء / محمود الصبيحي كوزير للدفاع إلا مؤشرًا واضحًا لإسقاط الجنوب بيد الحوثيين باعتبار أن اللواء / الصبيحي وقف وبرجولة أمام مشروع الحوثي التوسعي ، وهذا الخيار الأخير إن تم اتخاذه من هادي سيساهم بصورة مروعة في إذكاء صراع مذهبي بين أبناء المناطق السنية والتمدد الشيعي فيها ، مما يعني إدخال الجنوب في صراع حامي الوطيس ، ستضطر حينها السعودية من التدخل بحجة القضاء على التمدد الشيعي ، وكذلك قيام القاعدة وبقية الأطراف الجنوبية المعارضة للحوثيين بالمشاركة في هكذا معركة ، وإن لم تكن مرتبة ، وسيلقى هذا الحلف دعمًا خليجيًا واسعًا ، وكذلك دعم بعض الدول الأوروبية ، وعلى وجه الخصوص بريطانيا وفرنسا باعتبار أن السيطرة على الجنوب معناها السيطرة على باب المندب ، وهذا أمر مستحيل لا يمكن السماح به ، وربما تتوسع تلكم المعارك المحلية إلى صراع إقليمي على الممرات الدولية ..
ولذلك تجد أن خيار البقاء لهادي كرئيس سواء لليمن الموحد أو فى الجنوب لوحده أصبح مستحيلاً ، وفيه خطورة عليه شخصيًا ، والبلد يسير في صراعات إقليمية تهدد البلد بالتقسيم والتجزئة ، وأما ما يسير هادي عليه الآن ، وهو أن تقوم الحكومة الحالية بتسيير أمور البلاد ، وكأن البلاد لم تسقط من يديه ، فهذا أيضًا لن يتم والمؤتمر والحوثيون رفضوا هذه الحكومة ، ومعنى ذلك أن خيارات التعطيل والعرقلة ، إن لم نقل إنقلاب وهو ( وارد حتمًا في ظل المتغيرات الجديدة والعقوبات المفروضة على عفاش ) ، فلن يكتب لهذه الحكومة النجاح البتة ، وستظل منغمسة بصراعات مسلحة تأكل الأخضر واليابس ، ولعل الدعوات المؤتمرية الحالية لصناعة تحالفات جديدة يقصد بها التصريح بالتحالف مع الحوثيين ، يؤكد أن هناك ترتيبًا إيرانيًا خطيرًا يجمع عفاش والحوثي في بوتقة واحدة يتم فيه توحيد اليمن كاملة ، لتكون كلها تحت السيطرة الإيرانية ، ربما غير مهم لدى الحوثي أن يكون أحمد علي صالح رئيسًا للبلاد ، ويبقى عبد الملك مرشدًا للثورة بيده السلطة الدينية والسياسية ، وربما يحظى هذا الخيار بتأييد أمريكي وأوروبي مقابل أن يتم ضمان مصالحهم فى اليمن ، وخصوصًا أن ذلك ممكن حدوثه كما حصل فى العراق ، وطالما تم الإلتزام من قبلهم بتنفيذ متطلبات المشروع الإيراني الأمريكي العالمي بالقضاء على الإسلام السياسي السني المعتدل ، لنعلم كذلك حينها أن هادي وعفاش تم استخدامهما كورقة لتشكيل خارطة جديدة لليمن اقتضت المصلحة التخلص منهما جميعًا ، وهذا المشروع رغم الخيارات الممكن اللجوء إليها من قبل صانعي الأزمة اليمنية الخارجية ، أيضًا لن يكتب له النجاح باعتباره خيار يضر بالجيران ( السعودية ) ولن تسكت عليه ، بل ستقوم بتمزيق أطراف البلاد لإعلان الإستقلال ، وستدعم قيام هذه الأقاليم ، إقليم حضــــــــــــرموت ( حضرموت ، شبوة ، المهرة ، سقطرى ) وإقليم سبــــــــأ ( مأرب والجوف ، البيضاء ) ، وستدعم انفصال اقليم عدن ( عدن ، لحج ، أبين ، الضالع ) لتكون دويلات مستقلة خاضعة للسيطرة السعودية ، لئلا تستأثر إيران باليمن كاملاً ، ولن تجعلها تنعم بالأمان والسيطرة وتتفرغ للسعودية وتهددها ، بل ستعمل على جعلها تغرق في بحر من الصراعات المناطقية والمذهبية داخل اليمن كي لا تصل إليها ، وهذا يؤكد أن اليمن تمر بأبشع مؤامرة في تأريخه وهو تمزيقه إلى دويلات ضعيفة ، ليذكرنا ذلك بالقسم الذي أقسمه الرئيس المزعــــــــــوم ( عبد ربه ) ذات يوم أنه لن يسمح لليمن أن تتمزق في عهده .. لكنه للأسف لم يكن مخلصًا لا لليمن ولا للجنوب ، بل لم تشهد اليمن تشرذم وفوضى وسقوط أسس الدولة فيها كما حصلت في عهده ، ولذلك فالأولى له ثم أولى له أن يعيد حساباته مرة أخرى مع الشعب الذي انتخبه ، ويخرج من السلطة بسلام وأمان ، ويسعى إلى أمرين فقط هما تطبيق مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة وإقامة انتخابات رئاسية حرة ونزيهة لا يكون هو فيها ، وليختار الشعب من يختار ، رغم قناعتنا أن ذلك لن يتم من قبله فلكل مبتدأ خبر .. والمبتدأ هنا ليس مرفوعًا كما نعلم ، لكنه مجرورًا فالخبر يكون أيضًا مجرورًا للأسف ..

 


عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
  أحمد الجعيدي
حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
أحمد الجعيدي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
  أحمد الجعيدي
الحروب الباردة الجديدة بين التكنولوجيا والاقتصاد..
أحمد الجعيدي
كتابات
عبدالرحمن الراشدمعاقبة صالح والحوثيين
عبدالرحمن الراشد
صدام الشميريالكارثة الثانية
صدام الشميري
احمد موسى العامريمفارقات الحوثي
احمد موسى العامري
دكتور / إسماعيل ناصر علي الجنداعيدوا الأمل للشعب
دكتور / إسماعيل ناصر علي الجند
عبدالرحمن الراشدإلى أين تقودنا مسقط؟
عبدالرحمن الراشد
مشاهدة المزيد