مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
يعتقد البعض بأن تناول الفكر السياسي وإشكالية العلاقة بين الدين والسياسة ضربا من الترف الثقافي في خضم همومنا المعاشية والرؤية الضبابية لكل ما حولنا من تناقضات افرزها واقع سياسي مر على مدى عقود مضت ، والحال ان تناول قضايا فكرية كهذه غاية في الأهمية ولاسيما في ظروف وتفاصيل حياتنا اليومية .
وكاتب هذه السطور ليس من أهل الاختصاص في الفكر السياسي ولا المشتغلين بأصوله وأبعاده المعرفية ولا حتى العملية ، لكن بحكم تقاطعات عديدة ومتشابكة مع الدراسات المعرفية والإسلامية التي نعايشها يدفعني الفضول المعرفي إلى مقاربات نظرية في إطار التكامل المعرفي .
إن تحديد طبيعة العلاقة بين الدين والدولة من أشد الإشكالات العصية في الفكر السياسي، بل يمكن الجزم بأن تحديد الموقف من العلاقة كان الأساس في تصنيف عدد من التيارات الفكرية كل بحسب توجهه وميوله في رؤية الإشكالية ، اما بتغليب رؤية على أخرى او بإعادة النظر في طبيعة السؤل او غير ذلك من الإجابات التي قد يعتبرها البعض نهائية ولا تقبل النقاش!
وفي التاريخ الإسلامي بداء هذا الصراع والاصطدام بين الديني والسياسي بعد وفاة الرسول وبدا عصر الخلفاء وما بعده أي منذ تكوين بدايات الدولة كجهاز سياسي وادري منظم ، وكان التبرير الديني يشرعن وجود السياسي ويمنحه مشروعية في حين السياسي مغرق بفساده وبدنيويته ، ومن يتعمق في تاريخ الفكر السياسي في جزئية العلاقة بين الدين والسياسة يتضح له بأن هذه الإشكالية قد تكون جديدة نسبيا في الفكر السياسي العربي المعاصر وتحديدا في نهاية الربع الأول من القرن العشرين عندما نشر الكاتب الازهرى علي عبدالرازق كتابه الشهير ( الإسلام واصول الحكم) وقد اتهم بالعلمانية وتبرير أفكار مستحدثة رغم ان مؤلفه عالم أزهري ، لكنه بنظر النقاد كان كمن يلقى حجره على مياه راكدة بالنسبة للمجتمع العربي في عشرينات القرن الماضي ، وهذا الجدل حدث أيضا في اوروبا بعد ازاحة دور الكنيسة وطبقة النبلاء معلنة ولادة الفكر الليبرالي والنهج العلماني وتنامي الديمقراطية التي أخذت قرون طويلة ، واستمر لزمن طويل اثناء وبعد الثورة الفرنسية ، ففي أدبيات الفكر الغربي فقد شهدت أوروبا جدلا فكريا ودينيا استمر زمنا طويلاً حول إشكالية علاقة الدين بالسياسة والعكس وفي ظل معطيات تاريخية لواقع الكنيسة ودور رجال الدين في حياة شعوب القارة العجوز و نشأت العلمانية كنظرية فكرية تحسم العلاقة بين الدين والسياسة، لتنص على أن السياسة ميدان لا يتدخل فيه الدين، وعلى ان الدين تعبير خاص عن علاقة مع الغيبيات ولا صلة لذلك بالساسة ، ومع قيام الدول العلمانية في العالم الإسلامي والعربي نتيجة سقوط الخلافة العثمانية وتغييب الخطاب الديني عن المشهد السياسي نشأ الجدل عن علاقة الدين بالسياسة، كأحد أهم المعارك الفكرية التي فرضتها عوامل داخلية واستجلاب خارجي. وكان الجدل انذاك يقوم بين طرفين الأول يريد أن يحافظ على موقع الدين وهيمنته على السياسة انطلاقا من التأصيل الشرعي، والثاني يريد محاكاة تجارب أخرى على غرار ما جرى في أوروبا عقب الثورة الفرنسية ، ومجتمعنا العربي اليوم بعد انحسار ثورات الربيع العربي واحتواها من قبل الثورات المضادة سوى الدولة العميقة او الإسلام السياسي بشقيه المذهبي السنى والشيعي وسعى حركات إسلامية للمشاركة في الشأن العام عبر أحزاب وتنظيمات سياسية أصبحت هذه الجدلية حاضرة بقوة فالواقع الذي تشارك فيه الأحزاب والتنظيمات السياسية واقع معقد، وغير خاضع للشريعة الإسلامية بالمطلق.
ونتيجة للاستبداد وسياسة التفرد بالحكم والإقصاء الذي دأب عليه الحكام العرب وتحجيم صوت علماء الدين ، أصبحت أنوار الدين خافتة في ظلام دهاليز السياسة الدنيوية. حتى بات العامة يعتقدون بأنه لا جدوى من نصائح العلماء وحتى المثقفين للسلطة والحاكم، وفي ظل حكم العسكر او القبيلة لا يجدون حاكما متحليا بالعلم والفقه والصلاح. فحُصِر الدِّين في شئون الخاصة ، وضُيِّقَ في شئون العامة، وأصبح خادما للسلطان وحاشيته!
لعل اهم دروس ثورات الربيع العربي أنها عرت الأنظمة الحاكمة وتباينت تكل البلدان في معطيات ثوراتها بين السياسي والاقتصادي ولكن المشهد الأبرز في بدايات تفاعلات الربيع العربي غياب أية صبغة أيديولوجية، أو فكرية، أو حتى دينية ذات إبعاد ديمقراطية ويعزى البعض فشل تلك الثورات لغياب أي لون إيديولوجي والاهتمام بسلمية الحشود والكتل البشرية التي تخرج بالملايين ، اثبت تجربة مصر وبلدان أخرى فشل الخيار الإسلامي الوحيد دون مشاركة قوى أخرى وكان مثال تونس ابرز نموذج عملي ايجابي ينبغي الاستفادة منه ، حيث لامناص من قبول خيار الدولة المدنية والتي هي الخيار الأكثر انسجاماً مع مرحلة التحول الديمقراطي التي تفرض حضورها في الشارع العربي فالدولة المدنية توفر فرصة أكثر لاحتواء حالة الحراك الجمعي للجماهير الراغبة في الخلاص من سلطة الظلم وغياب العدالة ، وبالتالي مشاركة الجميع في المصالحة الوطنية بما فيها القوى التقدمية ، وكذلك الليبرالية واليسارية والسعي لدستور وعقد اجتماعي يرتئية الجميع وهذه الجزئية ما تعنية بعض بلدان الربيع العربي سوئ في ليبيا او بلدان مشرقية ولاسيما تلك التي تتعدد فيها المذاهب والأثينيات العرقية كالعراق وسوريا ، وكانت تجربة اليمن رائعة بعد حوار طويل إلا ان طريقة سقوط صنعاء بيد فصيل مذهبي وميليشيا مسلحة بقوة السلاح قد خلطت الأوراق وأفسدت التجربة اليمنية وأصبح جوهر المبادرة الخليجية تصب في مصلحة الطبقة المطاح بها التي حظيت بحصانة يحلم بها أي دكتاتور عربي .
* كاتب وسياسي يمني