أزاح الطيران العربي الطيران الإيراني عن أجواء اليمن. وسيطرت البحرية العربية على الشواطئ اليمنية مزيحة البحرية الإيرانية. وبدلاً عن غرفتي العمليات الإيرانية في صنعاء وصعدة حلّت غرفتا عمليات عربية في الرياض والقاهرة. وبينما كانت قوات الجيش العربي حديث الولادة تقصف معسكرات الحوثيين والمدرّبين الإيرانيين كان الحوثيون يخوضون حرب شوارع في عدن ضد سكان عدن.
وإذا انتقلت من صعدة في اتجاه عدن ستجد هذه الصورة:
يرفض سكان صعدة بصورة كبيرة عملية عاصفة الحزم. وكلما هبطت قليلاً، وصعدة توجد في أقصى الشمال، تتغير النسبة. وعندما تصل إلى عدن تجد أهل عدن يؤيدون بنسبة جارفة تلك العملية، ويهتفون للجيش العربي. وبإعادة تحليل هذه الخريطة ستجد نفسك أمام استنتاج يبث الرعب في العظام، وستبدو صعدة أرض الغزاة، بينما تظهر عدن في الصورة آخر الأراضي المهزومة. ويتناسب رفض المجتمع المحلّي لعملية عاصفة الحزم مع مدى إحساس السكان بكونهم مهزومين أو منتصرين. وفي تعز تبلغ نسبة رفض عملية عاصفة الحزم مستوى ضئيلاً مقارنة بحجّة، على سبيل المثال. لو أردنا تحويل هذه المشاهدات إلى قاعدة رياضية فسنجد أنفسنا أمام علاقة رياضية مبدئية تقول: يؤيد المهزومون العملية، يرفض المنتصرون العملية. لقد دمر الحوثيون الوحدة الوطنية، وأشعلوا حريقاً في نسيج اجتماعي حافظ على تنوّعه الخلاق لآلاف السنين. وهذه جناية دونها التاريخ بالفعل، وهو الآن يدوّن ما الذي حدث للحوثيين بعد ذلك.
الفاشية، كما لاحظنا أعلاه، قسمت المجتمع إلى منتصرين ومهزومين. وهذه القِسمة اختارتها الفاشية الحوثية بدلاً عن دالّة المواطنة المتساوية. يعرف الحوثيون أنهم أقليّه وأن فكرة المواطنة المتساوية وصدارة “الجدارة والكفاءة” ستقضي على أوهام القوة والتفوّق لديهم. فقد جاؤوا بقائد عسكري، عبد الملك الحوثي، لم يعرف الطريق إلى الجامعة وقرروا تنصيبه إمبراطوراً. ولأنها مسألة يرفض بيعها لمجتمع جديد 75% منه تحت الثلاثين عاماً اختار الحوثيون الحل الأسهل: الصدمة والرّعب، والهيمنة عبر البنادق. وليس أمراً مستغرباً أن تنتصر جماعة مسلّحة على مجتمع تخلى عن السلاح منذ عشرات السنين وذهب يحفِر في المستقبل بحثاً عن دولة أفضل، وعالم لكل الناس. والمجتمعات لا تعيش مهزومة، ولا مقهورة. فإحساس الناس بالقهر يتناسب طرديّاً مع اللا استقرار. وكمحاولة من الحوثي لتجاوز هذه الورطة التاريخية قدّم خطاباً رعوياً لمجتمع متقدّم عليه في فهمه للعالم وفي اندماجه معه، فأثار خوفاً مضاعفاً ومهّد لكل خيارات الممانعة الممكنة.
ولا يوجد عدوّ بالنسبة للأقليات المسكونة بعقيدة الهيمنة والاصطفاء كالديموقراطية ومبادئ عالم ما بعد الثورة الفرنسية. وعندما قالت اللجنة الرئاسية التي زارت الحوثي وهو يحاصر صنعاء “أعلن عن نفسك حزباً سياسياً” أغمض الحوثي عينيه وتخيل جماعته الصغيرة المسلّحة، ثم رأى مكانه في البرلمان وهو يمثّل 7% كجماعة الخضر وأحزاب الهامش، وداهمه فزع. آنذاك قال الحوثي للجنة “الأحزاب مشكلة وكلام فارغ”. واختار الكلام المليان، وخلق المشكلة الأعظم. وكان واضحاً من البداية أنه ضد التنوّع الخلاق، ومع الهيمنة الثقافية والأمنية لجماعته، أي مع حالة اللااستقرار “راجع تصريحات محمد عبد السلام”. وجرى رهانه، في الأساس، استناداً إلى تجارب سادت فيها الأقلية عبر نشر الخوف. وتعلّم من التجربة السورية ما اعتقد أنها حقيقة تاريخية، وهي أن بمقدور جماعة صغيرة متفوقة أن تخلق رابطة مصالح مشتركة مع مفاتيح المجتمع وأن تضرب الجزء المتبقي بالبراميل المتفجّرة. وبدا أن تلك العقيدة الحوثية أتت أكلها، وظهر على الشاشات وبشّر اليمنيين بأنه سيفعل الكثير. وتحدّث كرئيس، وذكر السيادة عشرات المرّت ولم يتحدث قط عن الشرعية، وأخرج لسانه ل 75% من المجتمع تحت سن الثلاثين عاماً.
بلغة أخرى:
لقد أنهت الحوثية وجود المجتمع المتجانس وخلقت نتيجة شاملة تماثل التي تخلفها الحروب الكُبرى: منكسرين ومنتصرين/ سبايا وسادة/ أسرى وقادة/ أهالي ضحايا وأهالي منتصرين .. إلخ. وبالتوازي استندت الحوثية إلى قيم الهيمنة بدلاً عن الشرعية، وحوّلت السيادة إلى مادة رخوة قابلة للطرْق والسحب بحسب رغبة الفاشية الحوثية. وفي أول اختبار، كما سنشير أدناه، فشلت الحوثية في الاندماج مع العالم وجرّت خلفها الأرض والسكان والجغرافيا في حربٍ ضد الكُل. إذ لا يمكن القول إن إجماعاً عربيّاً منقطع النظير، هو الأول من نوعه منذ الحرب العربية الإسرائيلية، كان رغبة عربية في الاعتداء على بلد يعلم العرب جيّداً أن آخر ما يحتاجه مقاتلات الأشقاء.
كان السلفيون في دماج يقولون إنهم بقعة النور في العالم. حاصرتهم الحوثية وهزمتهم. ومن تلك البقعة نظرت الحوثية إلى العالم فرأته قرية صغيرة خائفة تشبه دماج وذهبت تخوض حرباً ضدّه. وسيقف التاريخ محتاراً وهو يقول إن الحوثية صعدت بادئ الأمر على مرتفعات دماج ومن هناك هددت أميركا أولاً، ثم توعدت بقية العالم. وكتبت مذكّرات أسطورية عن المسيرة التي سيعم نورها الأرض وقرأتها على السجناء والمقاتلين.
منذ بودون، قبل أربعة قرون، جرى تعديل فكرة الدولة إلى “سكان/ إقليم/ سيادة”. ثم عولجت فكرة السيادة بالشرعية والمشروعية. وقد ضرب الحوثي أول عناصر الدولة في مقتل عندما قضى على السكّان وحوّلهم إلى منتصرين ومهزومين، حد وصوله إلى عملية تفريغ كلّية لدور العبادة ممن يختلفون معه “سياسياً”. وفي صعدة يعتقد الناس أن الحوثي هو أعظم ما وهبهم القدر، وأن رجاله هم أهل الله. وفي عدن يعتقد الناس أن الحوثي هو اللعنة المعاصرة وأن رجاله هم الرياح السوداء. وليس لهذا من معنى سوى أن الحوثي دمّر السكان، وقضى على المواطنة، وفكك البشرية في صورتها اليمنية إلى قطع متحاربة يصعب لحمُها من جديد. ونظر المرء من عدن إلى الأعلى، إلى أقصى الشمال، فرأى القادم من صعدة قاتلاً. ونظر المرء من صعدة إلى الأسفل، إلى عدن، فلم يرَ سوى الميناء. الميناء لا الناس.
الضربة القاسية التي وجهها الحوثي للسكّان قضت بالضرورة على الإقليم، العنصر الثاني للدولة. فالحروب الواسعة التي يخوضها على طول جبهة الجنوب تقول إن الحوثي كسر الإقليم، أي الجغرافيا. وعندما يبصر المرء حروبه في الشمال والشرق، ضد شبوة والجوف والبيضاء ومأرب وتعز، فليس لذلك من معنى سوى إن الحوثي يغزو ويفكّك وينظر محافظات يمنية واسعة باعتبارها “دار حرب”. ومع سيطرة إيران على البر والبحر والجو كان الحوثي قد قضى على العنصر الثالث من الدولة وهو “السيادة”. فاتحاً الباب الكلّي لقوات التحالف العربي للهجوم عليه وعلى البنية التحتية التي حصل عليها كغنيمة بعد سقوط الدولة، عسكرياً وأمنياً وبيروقراطيّاً.
ويعلم التحالف العربي، الجيش العربي حديث الولادة، أنه وهو يقصف يحلق فوق اليمن بطائرات كان اليمن قد فقد صفته كدولة وتحول إلى جغرافيا يحارب فيه الحوثي، مستعيناً بالأغراب، سكّان اليمن الأصليين.
تعالوا إلى التاريخ القريب، نبحث عن المكان المناسب للحركة الحوثية..
في العام 1929 حاز توماس مان جائزة نوبل للآداب. وقف الألماني الأشهر أمام اللجنة التي منحته الجائزة وقرأ “أهدي هذه الجائزة إلى شعبي وبلدي”. ومع نهاية العام 1939 كان توماس مان يتحدث إلى شعبه وبلده عبر إذاعات أميركا قائلاً “اصمدوا، دعوا قوّات التحالف تقصف النازية، عمّا قليل سنكون بخير وستكون ألمانيا بخير”. حتى عندما كانت قوّات التحالف تهاجم هامبورغ وتقتل، عن طريق الخطأ، 100 ألف ألمانيّ لم يتوقف توماس مان عن الكلام، ظل يخاطب شعبه “عمّا قريب سينتهي أمر النازية وستعود ألمانيا”. ومنذ انتهت الحرب، وحتى هذه الساعة، يكنّ الشعب الألماني لمان عرفاناً عظيماً. فقد عادت ألمانيا، بالفعل، وذهبت النازية أدراج الرياح. والرجل الذي أهدى أمّته جائزة نوبل كانت أمّته تشعر بحبّه وبولائه لها، غير أن النازية كانت شيئاً طارئاً، وكانت ورطة تاريخية، وكلّفت عملية هزيمة النازية نصف قرنٍ من الآلام.
والنازية نشأت كعقيدة عرقية بيولوجية تمنح التفوق لجنس من الناس، الولاية والسيادة، وتقضي على المواطنة لمصلحة ذلك النوع من السيادة، ثم تقوض السيادة لمصلحة الأمن القومي، ثم تبدد الأمن القومي لمصلحة الأمة العظيمة، ثم تسحق الأمة العظيمة قائلة إنها تواجه الأعداء. وكانت تلك هي قصّة النازية الألمانية، والنازية في كل العصور. وقصة الصورة الأخرى منها، الفاشية. ولم تكن النازية الألمانية سوى الصورة الكبرى لتوحش الأوهام، لكيف تصبح الخرافات العِرقية السلالية سموماً وطنية وباباً إلى الجحيم، ومصدراً للا استقرار الدولي. بقيت النازية صورة قابلة للتكرار، وبقيت الصورة التي انتهت بها النازية الألمانية نذيراً مروّعاً. والظواهر المتشابهة تأخذ نتائج متشابهة.
لم يكن توماس مان وحيداً، فقد وقفت طائفة واسعة من كبار المثقفين الألمان مساندة لأوروبا في مواجهة سرطانها الخطِر، وفرّت حنّا آرندت منفصلة عن صديقها ومعلمها مارتن هايدغر الذي وقف، بادئ الأمر، إلى جوار هتلر معتقداً إن النازية باستطاعتها أن تغزو العالم لما وهبتها الطبيعة من تفوق خالص. شنّت حنّا آرندت حرباً لا هوادة فيها ضد النازية الهتلريّة بالتزامن مع تدمير الحلفاء لجيش هتلر وقدراته، وكان أكثر من 600 ألف ألماني يسقطون قتلى في قصف برلين. وبقي المثقفون الألمان متماسكين، وكان على النازية أن تغادر.
وقبل أربعة أعوام صنعت ألمانيا فيلماً وثائقياً عن حنّا آرندت قائلين إنها من أبطال ألمانيا على مرّ العصور. تقول ألمانيا إن النازية كانت سرطاناً اختلط بأحشاء ألمانيا زاعماً أنه هي، وإنه الشعب الألماني. وليست عملية إزالة السرطان سهلة، لكنها على المدى الطويل تعطي نتائج جيّدة.
في حرائق الشرق الأوسط حالياً يمكن مشاهدة ثلاثة نماذج مشابهة للنازية/
الفاشية، وكلها كالعادة جرّت مجتمعها إلى صراع ضد كل العالم. فالنازية تسحق إنسانها المحلي أولاً ثم تفشل في الاندماج مع العالم. وهي ظاهرة معقّدة تقوم مركزيّاً على الاصطفاء والتفوّق ثم تجري عملية تطويع إجبارية لمجتمعها المحلّي خالقة “جمهورية خوف” ضاربة، ثم تصدر منطقها المتفوّق إلى العالم. والعالم ليس جزيرة غير مأهولة كما تعتقد النازيات والفاشيات الإيديولوجية. فقد دخلنا منذ زمن في فيزياء نيوتن بلا رجعة، حيث العالم مشبكة مترابطة يؤدي انهيار جزءٍ منها إلى تقويضها بالكامل.
• نموذج بشار الأسد. وهو النموذج الأكثر وحشية وسواداً منذ الحرب العالمية الثانية، وهو حليف للحوثيين. فتح النظام السوري أجواءه وبحاره لدول تشاركه المصالح والأوهام وتلك قامت بقتل شعبه بعد أن خفض درجتهم من مواطنين إلى مجرمين. ولم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية أن اشتركت دولاً في حرب ضمن جغرافيا دولة أخرى كما يجري في سوريا.
وقف الحوثيون اليمنيّون مؤيدين للتدخل العراقي واللبناني والإيراني في سوريا، أي الخارجي. ثم حدث أن تحوّل الحوثيون إلى واحدة من القوى/ الدول التي تقاتل السوريين في سوريا منذ معركة جسر الشغور قبل ثلاثة أعوام وحتى القلمون حالياً. وفي سوريا كان الأمر متعلقاً، في البدء، بإصلاح النظام الانتخابي. أمام الصورة المروّعة، أسوأ صور القرن الحديث، سيصعب على البشرية أن تصدّق أن كل ذلك حدث على هامش نداء الشباب السوري قبل أربعة أعوام بإصلاح النظام الانتخابي أو تعديل بعض مواد الدستور. بالنسبة للنازية الأسدية كان ذلك سبباً كافياً، فإصلاح النظام الانتخابي موضوعه من شأنه إقصاء شبكة المصالح ومحاكمتها دستورياً. وذهبت تحرق كل سوريا قائلة إنها تحارب الأعداء.
• الفاشية البعثيّة. وهي حالة معقّدة قامت في الأساس على أوهام القوة والتفوّق متطابقة مع الفاشية الموسولينية كما يذهب هيكل في مقاربته لحزب البعث السوري، على سبيل المثال. ولم يكن مستبعداً أن تنهار الوحدة المصرية السورية/ البعثية بتلك الطريقة المدويّة والسريعة. فالقومية الناصرية كانت خطاباً عاطفياً بلا مرجعية واضحة بينما كان النظام البعثي السوري، ونظيره العراقي، إيديولوجيا شاملة بلا عاطفة. خاض البعث العراقي حربه ضد شعبه أولاً منتجاً مهورية خوف “راجع كنعان مكيّة” ثم تحرك بخطى هتلريّة جليّة وقوّض حدوده مردّداً عبارة هتلر “ما عليك سوى أن تدفع الأبواب المهترئة وسيركعون كلّهم”.
وبالضرورة كانت النتيجة أن خاضت تلك الفاشية/ النازية حرباً ضد كل العالم بعد أن فشلت في الاندماج معه. وأصدر السيستاني، المرجع الشيعي العراقي الأشهر وحليف الحوثيين، فتوى بعدم مساندة قوّات النظام العراقي ضد التحالف الدولي والسماح لهم باحتلال المُدن والبلدات. ثم أصدر فتاوى متلاحقة بمساندة الأميركان ضد فلول الفاشية البعثية “راجع مذكرات بريمر”. قبل أن يعود من جديد، وبعد سنين طويلة، ليؤكد بصورة عملية تبعية العِراق للأمة الفارسية.
• الحوثيون/ اليمن. وهي حركة دينية تقوم في جوهرها على اعتبار مؤسسها قائداً حصريّاً لكل اليمنيين “راجع الملازم، وخطابات الغدير”. تعتقد تلك الحركة أن كل السبل التي من شأنها أن تحقق تلك النتيجة شرعية.
انطلقت الحركة الحوثية من الكهوف، وهي أول مكان حل فيه الكائن البشري قبل 2.8 مليون سنة، ودخلت المُدن بقوة السلاح غير مكترثة بوجود أمّة كبيرة أمامها. فمن يمكن تطويعه بالسلاح فهو غير موجود عمليّاً. وفي محافظة واحدة، حجّة، ارتكبت الحوثيّة 14 ألف جريمة في عام واحد. كما فعلت البربريات في كل التاريخ: سيطرت الحوثية أولاً على أطراف المدن ثم اكتسحت المُدن وقوّضت الدولة. حلّت في الفراغ الذي تركته الدولة واستخدمت أدواتها. وكعادة كل البربريات تستخدم القوى القادمة من خارج المدينة الجهاز البيروقراطي للدولة وبنيتها التحتية ثم تبني دولتها الخاصة مردّدة إنها دولة لكل الناس.
وغالباً ما صارت البربريات في الأزمنة القديمة إمبراطوريات، ذلك أنها بسبب عدم فهمها للعالم فإنها تخوض حروبها ضد كل الناس باحثة عن مزيد من الماء والأرض Erde und Wasser كما فعلت البربرية الفارسية القديمة، التي صارت إمبراطورية، وكما حدث مع المغول أمام بكين “راجع العولمة والإرهاب، هوبزباوم”. وهو أمر صار متعذّراً الآن بسبب بروز العالم الحديث الديموقراطي المستند إلى العلم والتكنولوجيا.
ولم يمض سوى وقت قصير حتى كانت الحوثية تجري مناورات عسكرية على الحدود السعودية، وتبني موانئ بحرية للسفن الإيرانية، ثم تطلب من الإيرانيين السيطرة على أجواء اليمن كلّياً. وخلال ثلاثة أشهر ذهب معتقلو الجماعة يدونون قائلين إنهم لم يفهموا اللغة ولا اللكنة التي حدثهم بها المحقّقون فاكتفوا بهزّ رؤوسهم.
وتلك الظاهرة الفاشية/ النازية كما رأينها في كل العصور تقود دائماً إلى نفس النتائج. لا بد من ملاحظة أن حركات نازية/ فاشية كثيرة انقرضت بشكل مبكّر في عديد من المجتمعات عندما استطاعت الأمم المحلية التغلب عليها قبل أن تصير دولة، أي قبل أن تنتقل من طور الصراع إلى الهيمنة. وأن المجتمعات التي لا تزال تعيش ضمن دولة جنينية، كاليمن، تمثّل أرضية مناسبة لنشوء مثل تلك الظاهرة. أما الحركات الفاشية التي انتصرت على المجتمعات المحلّية فسرعان ما ذهبت تحارب العالم الخارجي بنفس طريقة حربها مع مجتمعها. وكانت النتيجة دائماً انهيار الفاشية/ النازية ومعها انهيار للمجتمع المحلّي وتقويض كلّي للوطن.
وحالياً تخوض الفاشية/ النازية الحوثية في اليمن حرباً ضد كل العالم، وضد مجتمعها المحلّي. وهي معركة تمتلك كل شروط خسارتها، بالنسبة للحوثيين. ولم يأتِ الحوثيون عبر احتفالات شعبية بل عن طريق المعسكرات. وعندما تتلاشى معسكرات الحوثيين من الوجود سيختفي الحوثي. ومنذ عشر سنوات حتى الآن كنّا ننظر إلى الحوثي فلا نرى سوى بندقيته. أما هو فكان على الدوام يرى إلينا من خلال ناظور تلك البندقية.
يتبع …
م. غ.